يافا في زمن كورونا: العنصرية الإسرائيلية ضد العرب تتفاقم

یافا فی زمن کورونا: العنصریة الإسرائیلیة ضد العرب تتفاقم

تشهد مدينة يافا الفلسطينيّة القابعة تحت الحكم الإسرائيلي منذ نكبة فلسطين عام 1948، في الأيام الأخيرة، حالة طوارئ كما غيرها من بلدان العالم، للحد من انتشار فيروس كورونا.

يافا ــ رامي صايغ

لكن الوضع في المدن الفلسطينيّة العريقة التي تُسمى المدن المختلطة منذ النكبة، يختلف عن باقي المدن الإسرائيليّة من كل النواحي الحياتيّة، ولا سيّما الناحية الأمنيّة، إذ تصبح الشرطة الإسرائيليّة شرطة مليشيات تقمع وتطمس كل تحرّك عربيّ أياً كان، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، وذلك تحت حجة فرض القانون على المواطنين إذا ما خرجوا من المنازل. وما حصل الأربعاء الماضي في شوارع مدينة يافا شكّل انفجاراً آخر من قبل السكّان العرب الذين سئموا عنصريّة رجال الشرطة، والوحشيّة في تعاملهم مع كل شاب ورجل وامرأة عربيّة عند حصول اعتقالات تعسفيّة.

وبدأت وزارة الصحّة الإسرائيليّة بالتعاون مع الحكومة، بفرض إجراءات منذ الثالث عشر من شهر مارس/ آذار الماضي، وذلك لمحاربة تفشّي فيروس كورونا. ولكن كما اعتاد المجتمع الفلسطيني في الداخل الإسرائيليّ، جرى تجاهل المجتمع العربي في أوائل الفترة المذكورة، وكانت التعليمات الصحيّة تُنشر فقط في اللغة العبريّة، ولولا تدخّل أعضاء البرلمان العرب لبقي الوضع على ما هو عليه. وهذا بالطبع أدّى إلى بطء في ردّ الفعل العربي، قبل أن تصدر أوامر جديدة قبل بضعة أيام بعدم الخروج من المنازل إلا للعمل (الأغلبية تعمل من البيت والبقيّة أُعفيَت من العمل حتى انتهاء الأزمة الحالية، والبقية الأخرى طُردَت من العمل، وأصبح عدد العاطلين من العمل أكثر من مليون شخص) أو لقضاء مشتريات ضرورية أو للعلاج.

لكن يوم الأربعاء الأول من إبريل/ نيسان الحالي، شهد تدهوراً للأوضاع الأمنيّة في مدينة يافا، إثر تفتيش شاب قاصر من قبل رجال الشرطة (وحدة خاصة تجوب البلد على الدراجات الناريّة بطريقة استفزازية) الذين لم يتعاملوا مع القاصر بنحو لائق، الأمر الذي أدى إلى حصول مناكفات بين الطرفين وتدخّل أهالي الشاب وجيرانه، ما أدّى إلى استنفار الشرطة التي استدعت قوات إضافية بحجة السيطرة على الوضع. واعتُقل تسعة أشخاص وأُحيلوا على مقر الشرطة، بالإضافة إلى التعدّي بوحشيّة على امرأة ورجل وإصابتهما بجروح. ومع تناقل فيديوهات ما حصل عبر "فيسبوك" و"واتساب" بين سكان يافا، تحوّل الغضب إلى احتجاج عفوي في الشارع الرئيسيّ، على الرغم من التعليمات بعدم الخروج من البيت، ووصل إلى المكان عشرات من شباب يافا الذين أحرقوا إطارات مطاطية وحاوية نفايات وأغلقوا الشارع الرئيسيّ تعبيراً عن غضبهم من سياسة الشرطة المحليّة بشكل عام وتعدّيها الهمجي الأربعاء بشكل خاص. وتتواصل الاستفزازات منذ عشرات السنين ضد كل العرب، وقبل أسبوع انتشر عبر "فيسبوك" فيديو لاعتقال شاب من يافا واشتباك أخيه مع الشرطة. وبعد مرور ساعات من الأحداث استمرت الاشتباكات بين رجال الشرطة وشباب يافا في ساعات الليل، ما أدى إلى اعتقالات إضافيّة تحت حجة التجمهر غير القانوني ومخالفة تعليمات وزارة الصحة بخصوص تفشي فيروس كورونا.

لكن حجة كورونا واهية في هذا التعامل الأمني، إذ تعامل الشرطة الإسرائيليّة أهالي بني براك اليهود المتزمتين بطريقة أخرى، على الرغم من حصول خلافات بين الطرفين، ولكنها لا تعتدي عليهم بالقوة المبرحة التي تستعملها ضد أهالي يافا العرب.

وتعليقاً على هذه التطورات، قالت سميرة القاضي من سكان حيّ الجبليّة في يافا، إن "الشرطة الإسرائيليّة تستغل أزمة كورونا للتعدّي على شبابنا العرب وكأنهم تجّار مخدرات أو مجرمون، وفي الوقت نفسه نشهد التعامل الرقيق والحنون مع مواطن يهودي مرّ بجانب حارتنا قبل بضعة أيام وكيف استنفر رجال الشرطة ووقفوا إلى جانبه ليدافعوا عنه بسبب عُطل في مركبته". وأضافت القاضي أن "الشرطة الإسرائيليّة تستفز مشاعرنا وتستمر بالعمل الوحشي ضد أبناء بلدنا وبلا خجل، ويجب وضع حد لهذه التصرفات الهمجيّة، لذلك نطالب مندوبينا بأن يعالجوا هذه الأحداث كي لا تتكرر".

واجتمعت قيادات المدينة بحضور النائبين في الكنيست وليد طه وسامي أبو شحادة وعدد من أعضاء المجلس البلدي وممثلين عن المؤسسات اليافاوية، لبحث الوضع الراهن، وأكد المجتمعون في بيان "الرفض القاطع لسلوك الشرطة الاستفزازي والعنيف المتكرر مع شبان المدينة، وأن السكوت عن هذا السلوك لن يستمر وسيُتابَع هذا الملف حتى وضع حد لسلوك الشرطة الهمجي من قِبل المؤسسات المحلية ونواب البرلمان وأعضاء المجلس البلدي".
 

وطالب المجتمعون الشرطة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين من دون قيد أو شرط، وإلغاء الغرامات المحررة بحجة مخالفة أوامر الحجر الصحي المرتبطة بهذا الحدث. كذلك طالبوا الشرطة بعدم القيام بأي خطوة من شأنها أن تزيد من التوتر، وعدم الاحتكاك بشباب المدينة، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها الناس بسبب الجلوس في البيت وفقدان العمل ومصدر الرزق، الذي بدوره يزيد من التوتر والعصبية والاحتقان. وناشدت القيادة المحلية والقطرية بالإجماع أهالي مدينة يافا التزام معايير السلامة والتقيد بتعليمات وزارة الصحة. ووقّع البيان الصادر عن المجتمعين: الحركة الإسلامية، الجبهة، التجمع، النائبان وليد طه وسامي أبو شحادة، وعضوا المجلس البلدي عبد القادر أبو شحادة وأمير بدران.

وتعقيباً على أحداث الأربعاء في يافا، قال الناشط اليافاوي محمد باباي، إن "الشعب الفلسطيني لا يتجزأ، والحاجز الذي صنعته "إسرائيل" وهمي، ويجب على جميعنا استيعاب ذلك، لأننا جميعاً في خندق واحد، لذلك لا يجب أن نستغرب التصرفات الهمجيّة للشرطة الإسرائيليّة التي ترانا كعدو مثلنا مثل أهالينا في الضفة وقطاع غزة"، مضيفاً: "آن الأوان لكي نتّحد تحت سقفٍ واحد، هذا جرس الإنذار لنا نحن الفلسطينيين الذي يرنّ عشرات السنين. نحن أبناء هذا الوطن ولسنا غزاة". وفيما يأمل أهالي يافا الفلسطينيون أن تنتهي أزمة كورونا سريعاً، إلا أنّ من الواضح أن وباء العنصريّة سيستمر بعد انتهاء الوضع الحالي.

المصدر: العربي الجديد

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار الشرق الأوسط
أهم الأخبار الشرق الأوسط
عناوين مختارة