جورج جرداق عاشق أمير المؤمنين وصاحب موسوعة «الإمام علي صوت العدالة الانسانية» في ذكراه الاولى
تمر علينا في مثل هذه الايام من شهر صفر ، الذكرى الاولى لرحيل المفكر والشاعر و الأديب اللبناني جورج جرداق عاشق أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام المعروف بموسوعته «الإمام علي صوت العدالة الإنسانية» ، التي ألفها في سن مبكرة بعد ان غرق في حب الإمام عليه السلام ، و طبعت أربع مرات ، في ثلاث دور نشر مختلفة خلال سنة واحدة ، وترجمت إلي 4 لغات ، عن عمر يناهز الـ 83 عامًا ، أمضي معظمها ، صحافيًا و شاعرًا و أديبًا و ناقدًا .
وأفاد تقرير وكالة تسنيم الدولية للانباء بأن المفكر جورج سجعان جرداق ، ولد عام 1931، في بلدة جديدة مرجعيون الجنوبية، التي يصفها بأنها "بقعة سكانها عرب حقيقيون ، ينحدرون من أسر عربية عريقة” ، وسط بيئة من جماعة الفكر والعلم والأدب والشعر ، كما كان يعبر عنها .
و تأثر جورج جرداق بشقيقه فؤاد الذي شجعه علي الشعر والكتابة وأهداه نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب (ع) و طلب منه أن يحفظه ، و كان يحامي عنه عندما كان يهرب من المدرسة إلي أحضان الطبيعة للتأمل و حفظ الشعر وقراءة الأدب .
درس جورج جرداق في قريته ثم انتقل إلي بيروت ودرس في الكلية البطريركية وتخرج منها، عمل في تدريس الأدب العربي والفلسفة العربية في عدد من كليات بيروت ، و عمل كاتباً في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية، وقدم برامج إذاعية في عدد من إذاعات لبنان لأكثر من عشرين عاماً .
تأثر جورج جرداق كثيرًا بالإمام علي بن أبي طالب (ع) ، و اشتهر بكتابات حوله حتي غرق في حب الإمام الذي رأي فيه «صوت العدالة الإنسانية» ، فعمد في سن مبكرة إلي كتابة موسوعته الشهيرة «الإمام علي صوت العدالة الإنسانية» من خمسة مجلدات تحت عناوين : «عليّ وحقوق الإنسان»، «بين عليّ والثورة الفرنسية»، «عليّ وسقراط»، «عليّ وعصره»، «عليّ والقومية العربية»، ثم أتبعها بمجلد سادس وملحق كبير بعنوان «روائع نهج البلاغة» .
في موسوعته ، يستشهد جرداق بمقولة للأديب اللبناني الراحل ميخائيل نعيمة : «يقيني أنّ مؤلف هذا السفر النفيس ، بما في قلمه من لباقة ، و ما في قلبه من حرارة، وما في وجدانه من إنصاف، قد نجح إلي حد بعيد في رسم صورة لابن أبي طالب، لا تستطيع أمامها ، إلا أن تشهد بأنّها الصورة الحيّة لأعظم رجل عربي بعد النبي» .
طبعت موسوعة «علي صوت العدالة الإنسانية» أربع مرات ، في ثلاث دور نشر مختلفة خلال سنة واحدة ، وتشير الإحصاءات إلي أنّ أكثر من خمسة ملايين نسخة طبعت منها حتي اليوم. وترجمت هذه الموسوعة إلي الفارسية والفرنسية والإسبانية والأوردية ـ لغة مسلمي القارة الهندية .
إلي جانب عمله الأدبي كتب جورج جرداق عددًا كبيرًا من القصائد الشعرية، وألف الكثير من الكتب منها : فاغنر والمرأة ، عن الفيلسوف الألماني (ريتشارد فاغنر والموسيقي) وهذا الكتاب أدرجه عميد الأدب العربي طه حسين ضمن لائحة الكتب التي يجب علي طلّاب الدكتوراه في الأدب قراءتها بإمعان، ومن كتبه أيضًا قصور وأكواخ، صلاح الدين وريكاردوس قلب الأسد (رواية غرامية تاريخية)، نجوم الظهر، عبقرية العربية، صبايا ومرايا، وجوه من كرتون، حديث الحمار، حكايات ، وله العديد من المؤلفات المسرحية والكتابات النقدية .
و يمكن الاشارة الى اهم سوابق هذا المفكر والاديب اللبناني الراحل ومسؤلياته الادبية والعلمية كما يلي :
*استاذ الادب العربي والفلسفة الاسلامية في جامعة بيروت
* كاتب في الصحف الغربية
* تقديم برامج ادبية اذاعية متعددة في راديو وتلفزيون لبنان
وقدم هذا الكاتب و الشاعر والمفكر المسيحي اللبناني الكبير العديد من الروائع الادبية و الشعرية ومئات المقالات الصحافية وقام بتأليف 30 كتابا كما وضع موسوعته الكاملة عن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام و التي تعتبر من اهم مؤلفاته وسماها "الإمام علي صوت العدالة الإنسانية"، وترجمت لاول مرة عام 1963 من قبل سماحة السيد هادي خسروشاهي الى اللغة الفارسية .
و عن دواعي كتابته عن الامام امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أوضح الراحل "جورج جرداق" لاول مرة ، سر عدم كتابته حول شخصيات اخرى غير الامام علي عليه السلام ، حيث قال : "اقترح بعض سكان دول الخليج (الفارسي) و مصر ان اكتب مثلا عن بقية الخلفاء الاسلاميين او اخرين .. لكنني رفضت ، ليس بسبب اني اريد ان اقول ان البقية سيئين ، لا ليس كذلك ، بل انني لم ار بعد علي (عليه السلام) شخص يستحق الكتابة ، و قررت ان لا اكتب الا عن علي عليه السلام لان ثورة علي عليه السلام كانت ثورة انسانية و اجتماعية وفكرية وثقافية ، وكانت بين جبهتين : جبهة الفسوق والقتل والاتجار بالانسان والعبودية والموت ، والجبهة الاخرى كانت تمثل الدين والرحمة والعدالة والانسانية والحياة ، و شتان بين الجبهتين ، واقررت بأن جبهة علي عليه السلام هي أنقى الجبهات ، و قمت بدراسة و تحليل هذه الجبهة ، التي انارت لي الطريق وأصبحت مصباحا ينير لي الدرب" .
رحل المفكر و الأديب و الشاعر جورج جرداق ، ونقل جثمانه إلي مسقط رأسه في بلدة جديدة مرجعيون الجنوبية حيث ووري الثرى في مدافن العائلة .
تغمده الله برحمته الواسعة .....