هل تستطيع الولايات المتحدة تحقيق مشاريعها في سورية؟
لم تتوقف المحاولات والضغوط الأمريكية منذ بداية الحرب على سورية بالرغم من كل الدمار والتشريد والقتل الذي أصاب هذه البقعة الجغرافية الهامة جدا بالنسبة لمعظم القوى الفاعلة في المنطقة.
دعم مطلق وغير محدود لكل إرهابيي العالم وضغط متواصل سياسي وعسكري وحصار وتجويع وتمويل لأعتى قوى ارهابية عالمية شاركت فيه مكرهة او راضية معظم دول المنطقة لتحقيق حلم راود الأمريكيين والصهاينة لسنوات وهي تفتيت وتمزيق وتقسيم سورية وتحويلها الى كانتونات طائفية ودويلات متناحرة متصارعة محطمة لا تقوم لها قائمة الى قيام الساعة.
لكن بالرغم من كل ما مر على سورية من ويلات وتضحيات منها ومن حلفائها لم تقتنع دول العدوان بأن مشروعهم النهائي لم ولن يرى النور وبالتالي توضحت السياسات النهائية وبلا خجل بأنهم مستمرون في مشروعهم حتى نهايته بالرغم من التعديلات المتلاحقة التي أضيفت الى خططهم العدوانية.
اليوم هناك قرار أمريكي بعزل سورية عن محيطها بالكامل وأفشال كل الجهود الإقليمية والعربية الرامية الى إيجاد حلول تدريجية للأزمة السورية والعمل على عدة مشاريع تدميرية بالاعتماد باقي الأدوات العميلة الفاعلة على الأرض في مناطق سيطرة قوات الاحتلال الأمريكي في التنف وشمال شرق سورية او ان كان في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام.
أولى الخطوات الأمريكية لهذا العام وبعد سن قانون قيصر المشؤوم ولوقف الاندفاعات العربية والإقليمية نحو سورية هو سن قانون يمنع التطبيع مع الحكومة السورية والذي يتم تجهيزه من قبل عدد من المشرعين الأمريكيين وثم يتم التجهيز لمشروع امريكي لأنشاء محكمة خاصة دولية لمحاكمة القيادة او الدولة السورية. هذه المشاريع تترافق مع إجراءات عسكرية وميدانية أمريكية لتعزيز الوجود الأمريكي بالعتاد والسلاح والأسلحة المتطور في سورية وتعزيز القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي السورية.
- تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية على قوات قسد بشكل أساسي في تبرير وجودها على الأراضي السورية تحت ستار محاربة داعش حيث دخلت الى سورية في العام 2015 ضمن تحالف دولي سمي حينها عملية العزم الصلب لكن تواجدها اليوم هو مرتبط بصراعات المنطقة وخاصة بعد ترسيخ الوجود الإيراني والروسي في سورية وبالتالي الوجود الأمريكي اليوم هو أقل كلفة على مستوى العالم مقارنة بالانتشار الأمريكي في العالم حيث تكلفته صفرية ولا خسائر بشرية ولا مالية لان وجود 900 جندي وضابط امريكي في سورية كافي لتحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة.
- الفصيل الثاني الذي تعتمد عليه الولايات المتحدة الأمريكية هو جيش سورية الحرة الذي يرأسه العقيد الفار فريد القاسم ويتكون معظمه من أبناء العشائر العربية وبقايا مقاتلي داعش من قاطني مخيم الركبان ولا يتعدى عدد عناصره ال 300 عنصر وتسعى الولايات المتحدة الى رفع عدد منتسبيه الى 2000 عنصر مهمتهم الأساسية تأمين الحماية لقاعدة التنف وشن هجمات منفردة على قوات الجيش والطرق البرية بين سورية والعراق ومنع عودة تشغيل خطوط النقل والترانزيت بين سورية وجيرانها.
- الفصيل الثالث هو لواء ثوار الرقة وهو تشكيل من عدة فصائل عشائرية تسعى الولايات المتحدة لإعادة احيائها برئاسة احمد علوش الملقب أبو عيسى والذي قامت قسد بحله في العام 2018 وهدف واشنطن من ذلك هو تبديد مخاوف أنقره من تواجد قسد على حدودها وبالتالي يمكن أن يكونوا بدلاء جاهزين للسيطرة على الحدود السورية التركية وقد طلبت الولايات المتحدة من أبو عيسى رفع عدد منتسبيه الى 3000 مقاتل وزيادة مخصصات المقاتلين مع أستعداد الولايات المتحدة لتأمين كل أحتياجاته من رواتب وعتاد.
- القوة الرابعة التي تسعة الولايات المتحدة لانتزاع قرارها وتجييرها لصالح مشاريعها في سورية هي هيئة تحرير الشام والتي يهمها التصدي لعملية التقارب بين سورية وتركيا والتي ستدفع أثمان ضخمة من جراء خسارتها لمواقع أساسية تسيطر عليها وخاصة أن أولى بوادر حسن النية التي ستقدمها تركيا لسورية هي تطبيق أتفاق اذار 2020 الموقع بين الرئيس التركي والروسي.
كل هذه القوى تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتوحيدها وتجميعها وإيجاد قواسم مشتركة فيما بينها لكسر حدة الصراعات فيما بينها ولتوحيدها لتحقيق مشروع أمريكي لم يتحقق وهي السيطرة على كل المناطق الحدودية بين سورية والعراق وتوسيع قاعدة التنف والسيطرة على الحدود السورية الأردنية وإعادة تفعيل المجموعات المسلحة والخلايا النائمة في درعا وتقديم الدعم العسكري والسياسي لها سيما أن الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني يعتقدون أن السويداء في متناول اليد وهم قادرون على قلب الطاولة على الدولة السورية وافتعال انتفاضة شاملة مسلحة تؤدي الى اخراج الدولة السورية من السويداء وتحقيق كل هذه المشاريع او الوصول الى هذه الحالة يتطلب جهودا أمريكية فعالة ودعم إقليمي وعربي وقناعة تركية او موافقة تركية وأيضا موافقة قسد والتي ترفض منح أي مكون عشائري عربي أي امتيازات قيادية او ميدانية على حساب هيمنتها وسيطرتها المطلقة على كل مفاصل القرار في مناطق تواجد قوات الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سورية.
أيضا هل توافق تركيا والأردن والعراق على تطبيق هذا السيناريو في سورية وهل يتوافق مع مصالحها القومية والاستراتيجية سيما أن تركيا بحاجة ماسة الى تهدئة وتطبيع تدريجي مع سورية لأن شريان الاقتصاد التركي مرتبط بعودة العلاقات السورية التركية والتركية العربية والتي ستكون بمثابة خشبة الخلاص للاقتصاد التركي والذي شهدا انتكاسة جديدة بعد الانتخابات التركية بمزيد من الخسائر سجلتها الليرة التركية وتجاوزت ال 25 % خلال شهر واحد.
نعم نستطيع أفشال المشاريع الأمريكية في المنطقة ولا شيء مستحيل.
الدكتور محمد كمال الجفا
الخبير الامني و الاستراتيجي السوري
/انتهى/