أبو مرزوق يكشف سرّ زيارة توني بلير لغزة : مطالبة حماس بالمصالحة وقبول حل الدولتين وترك الاخوان
كشف الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، السبب الحقيقي لزيارة توني بلير مبعوث الرباعية الدولية المفاجئة إلى قطاع غزة قبل عدة أيام ، و ذلك عندما رفض مطالب المبعوث الدولي ، و أبرزها أن تقبل حركة حماس بـ«حل الدولتين» ، و تأكيد الحركة أنها فلسطينية و ليست جزءا من حركة إسلامية ذات أبعاد إقليمية .
وكتب أبو مرزوق في تصريح طويل ، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وهو يتحدث عن «رسائل عبر الأثير» ، أرسلها توني بلير إلى حماس وقال أبو مرزوق إن الرسائل هذه تناولت عدة قضايا «ليس من بينها ما كان يطرحه، أثناء عمله كرئيس وزراء لبريطانيا، واعترافه بخطئه لاحقاً عبر تصريحاته في يناير /كانون الثاني2009 ، التي أوضح من خلالها في حينه اعترافه بمركزية حماس في عملية الصراع والسلام».
وقال ابو مرزوق إنه ، أي بلير، لم يتحدث في حينه عن شروط الرباعية الثلاثة، الاعتراف بـ«إسرائيل»، ونبذ العنف، والاعتراف بما وقع فلسطينياً، وإنما تحدث عما سماها حينها «شروط مناسبة». وأشار أبو مرزوق إلى أن بلير يتحدث مرة ثانية، باسم المجتمع الدولي، «واضعاً سلاح المقاطعة والحصار، وتجفيف المنابع جانباً، ليستخدم المأساة التي اقترفها العدو الصهيوني، بتدمير بيوت أهل غزة، وتركهم وأطفالهم في العراء، بل أصبحت بيوتهم مزارات لأمثال السيد توني بلير»، على اعتبار أن شروط بلير تشير إلى أنه لن تكون هناك إعادة إعمار ولا تحسين لمستوى المعيشة إلا بموافقة حماس على هذه الشروط. وأول هذه الشروط هو المصالحة، وثانيها القبول ببرنامج سياسي فلسطيني قاعدته دولة فلسطينية في حدود 1967، يتبعه تأكيد من حماس أنها «حركة فلسطينية لتحقيق أهداف فلسطينية وليست جزءاً من حركة إسلامية ذات أبعاد إقليمية»، وكذلك قبول الحركة بـ «حل الدولتين نهائي للصراع وليس مؤقتاً».
ومن بين شروط بلير الجديدة التي نقلها لحماس أيضاً أن ترسل الحركة رسالة طمأنة لمصر بأنها «ليست قاعدة للإرهاب في سيناء، وأنه سيكون هناك تفاوض مع الحكومة المصرية لمنعه».
وأضاف أبو مرزوق معلقاً : هذه هي شروط قبول المجتمع الدولي، لحركة حماس، الذي يتحدث نيابة عنه السيد توني بلير، وكذلك شروط الإعمار، وتحسين مستوى معيشة أبناء قطاع غزة، وهذه الشروط ليس معناها أن يتعامل معها العدو الصهيوني، ولذا لم يضع ولو شرطاً واحداً على «إسرائيل». وكان بلير قد وصل قبل ثلاثة أيام إلى قطاع غزة في زيارة مفاجئة، لم يبلغ بها حسب ما علمت «القدس العربي» حتى مكتب الأمم المتحدة في غزة كما جرت العادة، وانتقل بلير فور وصوله من معبر «إيرز»، إلى مقر مجلس الوزراء والتقى وزراء غزة الأربعة، قبل أن يعقد لقاء مع عدد من رجال الأعمال. وأثيرت وقتها العديد من التساؤلات حول هذه الزيارة، خاصة وأنها مفاجئة ولم يكن بجواره أي مسؤول أممي كما جرت العادة، ولم يكشف حتى اللحظة عن كيفية نقل هذه الشروط الجديدة لحركة حماس، بحيث لم يعرف إن كان قد التقى مسؤولين من الحركة في غزة خلال زيارته أم نقلت عبر وسطاء.
وذكّر أبو مرزوق، بشروط الرباعية التي ضغط بلير ورفاقه لتحقيقها، ثم اعترف فيما بعد بخطئه، بفرض تلك الشروط على حركة انتخبها الشعب الفلسطيني "ليس حباً بحماس ولكن لترك حماس تدير شؤون الشعب الفلسطيني دون مساعدته ورفاقه في الرباعية، فتفشل.. ولكن ليس بسبب الرباعية و«إسرائيل»" .
وأضاف «أستطيع أن أقول بأن الشروط التي وضعت، كانت اتفاقية مكة بصورة أو بأخرى كافية لتجاوزها، ولكنهم وضعوا الشروط لاستكمال دفع قضيتنا العادلة ووحدتنا الوطنية للهاوية».
وأكد أن تجربة الفصائل الفلسطينية مع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة في المواقف السياسية ومآلاتها واضحة، لافتا إلى أنه حتى اللحظة لم ترفع الولايات المتحدة منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة الإرهاب.
وقال أبو مرزوق بالنسبة للشرط الأول وهي المصالحة الفلسطينية، فقد تم إنجازها»، مضيفا «لا أدري ما هو المطلوب أكثر من حركة حماس، ها هي الاتفاقية التي تم التوقيع عليها ونحن مع تنفيذ كل بند تم التوقيع عليه وبدون استثناء».
وبالنسبة للشرط الثاني الذي يتحدث عن دولة فلسطينية في حدود 1967، قال متسائلا : هل المشكلة عند الفلسطينيين في هذه القضية تحديداً، أعتقد أن المشكلة ليست عندنا، ولكن عند الجانب الآخر ويجب أن يوجه توني بلير حديثه لـ«إسرائيل».
وبخصوص تأكيد حماس بأنها حركة فلسطينية، تعمل لتحقيق الأهداف الفلسطينية، وليست جزءاً من حركة إسلامية ذات أبعاد إقليمية، والقصد من ذلك جماعة الإخوان المسلمين العالمية، قال أبو مرزوق «نحن نعلم أن الكثيرين يتخذون من هذه العبارة ذريعة أكثر منها حقيقة للأسباب الآتية»، مؤكدا أن كل حركة إسلامية قياداتها محلية، وبنت بيئتها ومشهدها السياسي، ولذلك تجد سياسة في اليمن غير المغرب، وسياسة في مصر مغايرة لتونس، وليس هناك من جامع يجمع تلك السياسات المتغايرة والمتناقضة.
وبالنسبة لشرط أن تكون حركة حماس فلسطينية، قال إن حركته تعد حركة تحرر فلسطينية بحاجة، إلى كل من يساعدها، من دول وحركات، وأضاف «ليس من مصلحتنا ولا من برنامجنا، معاداة أي طرف مهما كان الاختلاف في الأيديولوجية أو في السياسات، ومساحة عملنا المقاوم فلسطين، ولم نمارس أي عملية خارج فلسطين».
وأكد أن قاعدة برنامج حماس، هي «المقاومة ومواجهة الاحتلال، والحركات الأخرى حركات قاعدتها، وبرنامجها الأساس، برنامج إصلاحي، فلا يمكن أن نقارن بين هذين البرنامجين».
وأكد أن تحالفات حماس وعملها السياسي «مســاحته الساحـــة الفلسطينيـــة، وقواها السياسية»، وأضــاف «دخلنا الانتخابات ملتزمين بالقانون الأساسي الفلسطيني. وتم الاعتراف من قبلنا بمنظمة التحرير، ونعمل على دخولها والاندماج ببرنامج سياسي متفق عليه».
لكن أبو مرزوق قال حين تطرق لشرط قبول حماس بأن حل الدولتين نهاية للصراع وليس شيئاً مؤقتاً، «يعلم توني بلير بأن أي اتفاقيات ظالمة لا يمكن أن يكتب لها الحياة، وأي اتفاقيات تفرضها موازين القوى الحالية لا يمكن أن تبقى عند تغيير موازين القوة، ويعلم أيضاً أن الآمال والطموحات والهوية والارتباط بالأرض والمعتقد لا يمكن أن تُزيلها أو تُغيرها توقيع زعيم أو موافقة فصيل». وأضاف «حركة حماس حركة لن ترضى بالظلم، حتى وإن تعايشت معه في مرحلة من المراحل، ولن تقبل أن توقع على مصادرة آمال شعبنا الفلسطيني». واستغرب من الطلب من حركة حماس فقط وليس فتح والشعبية والديمقراطية والجهاد وباقي الفصائل الفلسطينية، بالتنازل عن حقوق الشعب وبشكل نهائي. وفي رده على الشرط الخاص بمصر، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس «مصر بالنسبة لنا ليست مجرد دولة جارة، وأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها مصلحة فلسطينية مطلقة وقوتها قوة للشعب الفلسطيني، ولا أحد من بين العرب بحاجة لمصر على هذه الصورة، مثل الفلسطينيين، وخاصة سكان قطاع غزة». وأكد أنه لا يمكن أن يكون القطاع مكاناً لإيذاء مصر، أو وقوع ضرر لها.
وأنهى حديثه بالتأكيد أيضا من جديد على أن حماس «حركة فلسطينية عربية إسلامية مقاومة، تسعى لتحقيق آمال شعبها بالعودة والحرية والتحرر، وأهم أولوياتها في هذه المرحلة، المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام، ووحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، والعمل بتوافق وطني لانسحاب الاحتلال الصهيوني من الضفة الغربية والقدس وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، بكافة الوسائل المتاحة، والسعي لعلاقات متميزة مع كل أشقائنا لا سيما مصر العزيزة».