عضو برلمان سوري: زيارة الوفود إلى دمشق دليل على عجز الحكومات عن تحقيق أهدافها العدوانية على سوريا


تحدث المحلل السياسي وعضو البرلمان السوري خالد العبود لمراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء في دمشق عن الدوافع الكامنة وراء الزيارات التي تقوم بها وفودٌ تنتمي إلى دول لا تخفي حكوماتها عداءها للدولة السورية، معتبراً أن هذه الحكومات تعيش حالة استدارة بهدف إعادة فتح العلاقات مع دمشق، مفصحاً عن حديث دار بين مسؤولين سوريين وأعضاء الوفد الفرنسي الذي زار دمشق قبل أيام.

وعن الأسباب التي دعت كل هذه الوفود للتوافد إلى العاصمة السورية دمشق اعتبر المحلل السياسي خالد العبود أن: "الفرنسي كما هو الأوروبي كما هو الأمريكي هم في حالة استدارة وهذه الاستدارة لم تبدأ بزيارة الوفد الفرنسي الأخيرة بل بدأت منذ أن بدأ تشكيل رأي عام فرنسي باتجاه أن جزءً من الحاصل في سوريا هو إرهاب وبالتالي فإن هذا الأمر يتطلب جملة من المراحل وأعتقد أن المرحلة الأهم والأخيرة في فعل الاستدارة هي زيارة مثل هذه الوفود"
وعن الرسائل التي حملها الوفد الفرنسي إلى سوريا أوضح "العبود": "أعتقد أنه حمل جملة رسائل إن كانت مادية أو معنوية في سياق إعادة الاصطفاف الفرنسي والأوروبي أخيراً لجهة الحاصل في سوريا إذ أن الحكومة الفرنسية كما هي مؤسسات الدولة الفرنسية أدركت أنها غير قادرة على الوصول إلى جملة أهداف وضعتها في عدوانها على سوريا وبالتالي لابد في هذه اللحظة سياسياً من فعل استدارة، وأعتقد أيضاً أن هناك وفوداً أخرى قادمة أيضاً وهذا سيؤسس لمرحلة قادمة وهي المرحلة الأخيرة إذ أن مؤسسات الدولة ستؤكد فعل الاستدارة" وأضاف العبود: " في العمل السياسي وفي فهمنا لحركة التاريخ نحن تعودنا من الأوروبي والأمريكي أنه عندما يقوم بهذه العملية، فلابد أن يمر بجملة مراحل وبالتالي لا نستطيع إلا أن نقول إلا أن هذه الوفود التي تأتي إلى دمشق، كل عملها وأهدافها السياسية والمعنوية تصب في فعل الاستدارة"
وحول إذا ما كانت زيارة الوفود إلى دمشق عبارة عن مبادرات فردية أو أنها تأخذ طابعاً رسمياً من قبل الحكومات، أوضح العبود: "لا يستطيع الفرنسي والأمريكي أن يقوم بهذه الحركة بشكل انعطافة مطلقة وكلية في لحظة واحدة خاصة عندما نفهم البنية والخارطة الأساسية لآلية الحكم في هذه البلدان، إذ أنها تخسر من رصيدها وتخسر من مواقعها على الخارطة السياسية الحاكمة"
وأفصح العبود عن حديث دار بين مسؤولين سوريين وبين الوفد الفرنسي الذي قدم مؤخراً إلى دمشق قائلاً: "بعد أن أصغيتُ إلى مجموعة من النواب الفرنسيين وهم يتحدثون عن أن مثل هذه الزيارات تصب أخيراً في صالح الفرنسيين، وعندما سئل أحدهم كيف؟ قال بأننا "ندرك بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد سبقتنا إلى التعامل مع الحكومة السورية وبالتالي نحن من خلال هذا الفريق نحاول أن نحجز مكانا لنا على خارطة تسويات قادمة وبالتالي لابد من أن نستفيد"
وتابع العبود : "وعندما سُئل (الفرنسي) ما هي هذه الاستفادة، قال :إن المخابرات السورية تمتلك معلومات كافية للإرهاب على مستوى المنطقة والإقليم وبالتالي على مستوى العالم ونحن بحاجة إلى هذه القاعدة من المعلومات" ويتابع الفرنسي قائلاً: "الأمريكي يحاول أن يعطينا إياها بالقطّارة، ونحن ندرك جيداً أن ما يعطينا إياه الأمريكي إنما حصل عليه من تحت الطاولة بشكل مباشر أو غير مباشر من المخابرات السورية "
وقال العبود: "نائب فرنسي هو من قيّم وهو من تحدث عن هذه الزيارة وبالتالي لا نستطيع أن نتحدث عنها باعتبارها بعيدة عن هذا السياق، حتى وإن قامت الحكومة الفرنسية بتصنيف هذه الزيارة أو بالتعليق عليها، نحن نفهم دائما بالسياسة أن هناك شيء ظاهر وأن هناك شيء باطن وبتقديري أنه ليس من صالح الحكومة الفرنسية أن تقول بأن هذا الوفد يعبر عنها شخصياً أو أنها تريد أن تجدد العلاقات مع الحكومة السورية"
وحول موقف الرأي العام الفرنسي من هذه الزيارات وإعادة فتح العلاقات مع سوريا أوضح العبود: "الحاضنة الشعبية تؤخذ من الأخبار العامة وبما يلامسها على أرض الواقع ولا تؤخذ بالتخمينات، وأعتقد أن جملة التفجيرات والاعتداءات التي حصلت في الفترة الماضية في الشارع الفرنسي كانت مؤثرة جداً وبالتالي تَشكّل وعي جديد ورأي جديد لدى الجمهور الفرنسي، وأعتقد أن هناك من قام بالضغط لإعادة هذه العلاقات مع الحكومة السورية وهذا يمكن أن يُفهم جيداً في ظل التصاعد الحاصل في الجسد الشعبي  الفرنسي وإعلانه مواجه هذا الإرهاب الحاصل في بلاده ومن المؤكد أنه سيتشكل رأي جديد وإرادة جديدة تصب أولا وأخيراً في مواجهة الإرهاب، خاصة وأن الدولة السورية سبقت الجميع، وكان هناك تورط من قبل الحكومة الفرنسية لدعم هذا الإرهاب في الداخل السوري."
وحول أبعاد زيارة الوفد التركي برئاسة رئيس حزب الوطن اليساري التركي دوغو برينجيك، إلى دمشق أوضح العبود: " الجسد السياسي التركي يتصدع وهذا التصدع لابد أن يعبر عنه بلحظات معينة من خلال أن جزءً منه سوف ينزاح كي يعبر علانية أنه يقف إلى جانب الحكومة أو الدولة السورية وأعتقد أن هذا في صعود وأنه سيبلور أكثر خلال الشهور القادمة" معتبراً أن "هذا ما سيسقط حكومة أردوغان"
ولفت العبود أنه: "ومنذ فترة زمنية أقول أن حكومة أردوغان هي الآن في نزول باتجاه الهاوية على مستوى الحاضنة ومستوى الشارع ولو أنه في ظاهر الأمور لاتبدو كذلك، لكن في السياسة الأمور أكثر من ذلك، هذا الوفد باعتقادي سوف يساهم مساهمة كبيرة لجهة إنجاز رأي عام على مستوى الداخل التركي، ليضرب إسفين حقيقي بين المجتمع التركي وبين الفريق السياسي الذي يقود هذا المجتمع التركي الآن، وقد لا نجد نتائج هذا الانزياح بشكل مباشر وسريع لكن أعتقد بأنه سوف يتراكم بفعل سياسي على مدى عنصر الزمن وهو الذي سوف يأتي أخيراً على نهاية حكومة أردوغان"
وبالحديث عن العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش السوري وخصوصاً معركة الجنوب وأهدافها أوضح خالد العبود: "منذ اللحظات الأولى كنتُ أقول أن الجيش السوري لم يستعمل بعدُ كامل طاقته النارية ولم يستعمل كامل جسده المقاتل، والجيش السوري أدار المعركة بفرادة عالية جداً وكان يعتمد على مبدأ الانقضاضات السريعة لجهة بعض الرؤوس التي كانت من الممكن أن تؤثر على جغرافيا ما كي يتم صرفها بالسياسة، وبالتالي كان الجيش يعتمد على مبدأ المشاغلة، أما ما نلاحظه في هذه الأيام فهي انقضاضات متتالية لجهة بعض الرؤوس التي يمكن أن تؤثر على خارطة استراتيجية يمكن أن يفرضها الخصم في السياسة وأتحدث خاصة عن جبهة الجنوب"
وأكد الأستاذ العبود أنه: "سنشهد في الساعات القادمة مجموعة من التوغلات ومجموعة من الانقضاضات المختارة والمدروسة بشكل جيد وبنخب عسكرية ولا أعتقد حتى اللحظة أن كامل الجسد المقاتل هو الذي يقاتل وإنما هناك نخب مجمعة بشكل أو بآخر تحاول أن تلجم إمكانية تتمدد أدوات العدو على الأرض ليتم تعطيل عملها وإمكانية تأثيرها على الدولة السورية"