ولي أمرالمسلمين : أصابع تآمر الاستكبارالعالمي وراءالأحداث المؤلمة بالمنطقة والاساءة للأقصى قضية المسلمين الأولى

دعا ولي أمر المسلمين سماحة اية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي علماء و نخب العالم الإسلامي إلى اداء رسالتهم ازاء الاحداث الجارية ، وعدم الانشغال بالقضايا الثانوية وعدم النفخ في نار الخلافات المذهبية وقال في ندائه الذي وجهه الى حجاج بيت الله الحرام لهذا العام : ان السياسات الأمريكية الشريرة هي السبب وراء اثارة الحرب و نزيف الدماء و الدمار و اللجوء و الفقر و النزاعات المذهبية مؤكدا ان أصابع تآمر الاستكبار العالمي هي التي تقف وراء الأحداث المؤلمة التي تشهدها المنطقة ومشددا على ان الاساءة للمسجدالأقصى قضية المسلمين الأولى .

و افاد القسم السياسي لوكالة تسنيم الدولية للانباء بأن ولي أمر المسلمين أكد في ندائه الهام لهذا العام ، ان اجتماع الحج العظيم ، يعد افضل فرصة لأداء هذه الرسالة ، مشددا على ضرورة استثمار شعيرة البراءة ، التي تعد اوضح المناسك السياسية .
و اشار الامام الخامنئي الى الحادث المؤسف الذي وقع في المسجد الحرام وأودى بحياة جمع من الحجاج ، و المسؤولية الثقيلة لتوفير الامن الى ضيوف الرحمن ، مؤكدا أن مطالباتنا الأكيدة هي العمل بهذه المسؤولية الكبيرة .

و اعتبر ولي أمر المسلمين ، جرائم الكيان الصهيوني الغاصب للقدس وانتهاكاته المتكررة لحرمة المسجد الاقصى ، بأنها القضية الاولى بالنسبة للمسلمين ، و قال ان السياسات الشريرة لقوى الاستكبار الرامية الى اثارة الازمات و المشاكل في الدول الاسلامية بالمنطقة ، و الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني و انتهاكاته المتكررة لحرمة المسجد الاقصى ، تعد القضية الاولى بالنسبة للمسلمين ، و دعا علماء و نخب العالم الإسلامي إلى اداء رسالتهم ازاء الاحداث الجارية .


و جاء نداء ولي امر المسلمين الى ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام في يوم عرفة ، و هم يستعدون لشعيرة الحج الكبرى وبدء مراسم البراءة من المشركين ، حيث قرأه حجة الاسلام السيد قاضي عسكر ممثل الولي الفقيه و المشرف على بعثة الحج الايرانية . و فيما يلي نص النداء :

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي سيد الخلق اجمعين محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلي التابعين لهم باحسان الي يوم الدين .
سلام علي الكعبة المشرفة قاعدة التوحيد و مطاف المؤمنين ، و مهبط الملائكة وسلام علي المسجد الحرام وعرفات والمشعر ومني وسلام علي القلوب الخاشعة والالسن الذاكرة و العيون البصيرة و الافكار التي اصبحت درسا للأجيال و سلام عليكم أيها الحجاج السعداء ، يامن وفقتم لتلبية الدعوة الالهية وحظيتم بالجلوس عند هذه المائدة التي تزهو بألوان النعم .
ان المهمة الاولي هي التأمل في هذه التلبية العالمية والتاريخية والدائمة : "ان الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك" .
فكلُّ حمد وثناء يعود له سبحانه ، وكل النعم هي منه ، وكل مُلك وقدرة تعود له ، هذه هي الرؤية التي تُمنح للحاج في اول خطوة يخطوها في هذه الفريضة ذات المغزي والزاخرة بالمضامين ، و تتواصل المناسك منسجمة مع هذه الرؤية ، ثم توضع نصب عينيه باعتبارها تعليما خالدا ودرسا لا يغيب عن الذاكرة ، و يُطلب منه ان يُنظم منهج حياته علي اساسها .
ان استلهام هذا الدرس العظيم و تطبيقه يشكلان ذلك النبع المبارك الذي يستطيع ان يمنح حياة المسلمين طراوة وحيوية ونشاطا ، وينقذهم مما يحيق بهم من محن في هذا العصر وفي كل العصور .
ان كل الاصنام التي تُذل الروح الانسانية الشريفة بما فيها صنم الاهواء والكبر والشهوة ، وصنم فرض الهيمنة و تقبلها ، و صنم الاستكبار العالمي ، و صنم التقاعس وغياب الشعور بالمسؤولية ستتحطم كلها بهذه التلبية الابراهيمية حين تنطلق من أعماق القلب و تتحول الي منهج للحياة ، وستحل الحرية والعزة والسلامة محل التبعية والمحن والمصاعب .
ليتأمل الاخوة والاخوات الحجاج من أي قوم ومن أي بلد هذا الكلام الالهي الحكيم ، وليضعوا نصب أعينهم واجبات ومسؤوليات قائمة علي فهم دقيق لمحن العالم الاسلامي وخاصة في غرب اسيا وشمال افريقيا وان يسعوا الي تحقيقها بما يتناسب وقدراتهم وامكاناتهم الشخصية والاجتماعية .
ان ما تقوم به أمريكا اليوم من ممارسات شريرة في المنطقة و ما تخلفه هذه السياسات من حروب وقتل ودمار وتشريد وفقر وتخلف ونزاعات قومية وطائفية من جهة ، وجرائم الكيان الصهيوني الذي بلغت ممارساته العدوانية في فلسطين ذروة الشقاء و الخبث ، وكذلك اساءته المتكررة لحُرمة المسجد الاقصي ، والاستهانة بأرواح الفلسطينيين المظلومين وممتلكاتهم من جهة اخري ، تشكل كلها القضية الاولي لكم جميعا أيها المسلمون مما يتطلب التفكير بها والتعرف علي واجبكم الاسلامي تجاهها، ويتحمل علماء الدين والنخب السياسية والثقافية أعباء أكبر من ذلك بكثير ، غير انهم وللاسف غالبا ما يغفلون عنها .
فالعلماء بدلا من ان ينشغلوا بتأجيج نار الخلافات الطائفية ، والسياسيون بدلا من التخاذل أمام العدو ، والنخب الثقافية بدلا من الانشغال بالامور الهامشية ، عليهم أن يتفهموا ما يعانيه العالم الاسلامي من معاناة جسيمة ، وان ينهضوا برسالتهم التي سيُسألون عن ادائها في محضر العدل الالهي .
ان الاحداث الأليمة التي تشهدها المنطقة التي تجري في العراق والشام واليمن والبحرين ، وفي الضفة الغربية وغزة ، وفي بعض البلدان الاخري من أسيا وأفريقيا ، تشكل مصائب وابتلاءات كبيرة تعصف بالامة الاسلامية ويجب ان نري فيها اصابع التآمر الاستكباري العالمي ، و ان نفكر في علاجها وعلي الشعوب أن تطالب حكوماتها بذلك ، وعلي الحكومات أن تفي بمسؤولياتها الجسيمة . و ان اجتماع الحج العظيمة وما يحتضنه من حشود عظيمة هو افضل ما يجسد تبلور وتداول هذا التكليف الالهي .
وان مراسم البراءة فرصة مناسبة ينبغي ان يغتنمها الحجاج بمشاركتهم جميعا من كل مكان ، و هي المناسك السياسية الاسمي والاوقع في هذه الفريضة الشاملة . لقد ترك الحادث المؤسف والمؤلم في المسجد الحرام هذا العام مرارته في مشاعر الحجاج وشعوب بلدانهم . صحيح ان ضحايا الحادث الذين التحقوا بالرفيق الاعلي وهم يصلون ويطوفون ويعبدون ، قد نالوا سعادة كبيرة ، وتغمدهم الله برحمته الواسعة وهم في حرمه ، وفي هذا عزاء كبير لذويهم ، لكن هذا لا يمكن أن يقلل من أعباء المسؤولية الملقاة علي عاتق الذين تعهدوا بضمان الامن لضيوف الرحمن ، وإن مطالبتنا الأكيدة و الملحة هي العمل بهذا الإلتزام و أداء هذه المسؤولية .
والسلام على عباد الله الصالحين
السيد علي الخامنئي
الرابع من ذي الحجة الحرام عام 1436 المصادف للثاني والعشرين من أيلول 2015