أسيرا لواء "فاطميون" : كنا نعذب كل يوم تحت أنظار كوادر قناتي "الجزيرة" و "العربية"

تفاصيل هامة حول الدعم الكبير الذي تقدمه وسائل الإعلام السعودية والقطرية للحركات الإرهابية في سوريا ومراسل قناة الجزيرة هو الذي كان يترجم استجواب الإرهابيين للأسرى الناطقين بالفارسية.

وكالة تسنيم الدولية للأنباء / تقرير خاص- المجاهدان حيدر وعباس وقعا بأيدي إرهابيي الجيش الحر في محافظة درعا الواقعة جنوبي سوريا في شهر شباط / فبراير 2015 م وكان عدد الأسرى في بادئ الأمر تسعة حيث أعدم خمسة منهم في الحال وحاول اثنان منهم الفرار لكنهما استشهدا في طريق العودة بعد أن ألقي القبض عليهما مرة أخرى ولم يبق سوى حيدر وعباس اللذين ينتميان إلى لواء "فاطميون". (تقرير مصور)

 

وقد بثت قناة بي بي سي الفارسية قبل فترة برنامجاً وثائقياً تحت عنوان "حماة الأسد" تضمن لقاءات لبعض الأسرى من لواء "فاطميون" والذين وقعوا بأيدي الإرهابيين التكفيريين حيث أجبروا على الاعتراف بأن إيران دفعت بهم إلى القتال في سوريا رغم عن أنفسهم، ومن بين هؤلاء الأسرى حيدر وعباس اللذين أجرت معهما وكالة تسنيم الدولية للأنباء هذا اللقاء بعد إطلاق سراحهما حيث أدليا بمعلومات هامة حول المساعدات الإعلامية الكبيرة التي تقدمها وسائل الإعلام السعودية والقطرية للإرهابيين في سوريا وكذلك بعض القنوات الغربية وعلى رأسها قناة "بي بي سي" البريطانية.

 

وفيما يلي الجزء الثاني من هذا اللقاء:

- تسنيم: أين أجري اللقاء معكما وأنتما في الأسر؟ وماذا قيل لكما قبل ذلك؟

* حيدر: قبل اللقاء كنا في صالة كبيرة وأحاط بنا بين 60 إلى 70 إرهابياً وانهالوا علينا بالضرب المبرح أمام مرأى الصحفيين الذين أرادوا إجراء اللقاء معنا وحين تحدثنا أثناء اللقاء بقي هؤلاء خلف الكامرات يراقبوننا، وأما الصحفيون فهم من قناة الجزيرة القطرية الذين شاهدوا ضربنا وتعذيبنا بمرأى أعينهم وكانوا برفقة الإرهابيين الذين يعذبوننا وشاهدوا ما يحملونه بأيديهم من عصي وسكاكين وفؤوس ومختلف أنواع الآلات الحادة المستخدمة للترهيب والتعذيب دون أن يصوروا ذلك.

تم تلقيننا أمام مرأى ومسمع صحفيي قناة الجزيرة بأن نقول (نحن أفغانيون عاطلون عن العمل وقد أجبرونا على المجيء إلى سوريا مقابل المال) ولكن رغم ذلك تمكنا من ذكر بعض العبارات خلال هذه الاعترافات الإجبارية كقولنا إننا جئنا للدفاع عن الأضرحة المقدسة والشعب السوري والتصدي لإرهابيي داعش والقوات الأمريكية والغربية التي تفتك بأرواح المسلمين بمختلف مذاهبهم، لكننا علمنا بعد ذلك أن هذه التصريحات لم تنشر في التلفاز وتم التعتيم عليها.

أحب أن أؤكد هنا على أنهم قد هددونا بأننا إن لم نذكر الكلام الذي تم تلقيننا به سوف يقطعون رؤوسنا كما فعلوا بزملائنا ويدفنوننا في مكان لا يعلم به أحد، فهذا الأسر لم يكن كأسر صدام ولا كسجن أبي غريب ولا غوانتانامو، بل هو أسر لا يحده أي قانون ولا قاعدة لأننا شاهدنا أعتى الهمجيين القساة الذين تقطر من وجوههم الجريمة والإرهاب بحيث كانوا يهتفون ويبتهجون عند قطع رؤوس أسراهم.

وأؤكد للعالم بأننا حينما أجلسنا للقاء الصحفي وقف هؤلاء الإرهابيون خلف الكاميرا وبأيديهم مختلف الآلات الحادة ووسائل التعذيب الوحشية كالعصي والسكاكين والفؤوس وكان عددهم يقارب 70 إرهابياً على رأسهم أحد المشايخ الحمقى الذي لا يفقه من الدين شيئاً وقد علمنا أنه إمام جمعتهم أيضاً والطريف أنه كان يذكر أحاديث النبي (ص) في خطبه حول الرأفة والرحمة والمودة وكان يدعو الله بأن يقضي على روسيا والصين وإيران دون أن يشير إلى اسم «إسرائيل» أو أمريكا أو بريطانيا! لذلك حينما كنا نجبر على سماع خطبته في يوم الجمعة كنت أتساءل عن هذا الأمر وذات مرة قلت لزميلي عباس يبدو أن هذه البلدان («إسرائيل» وأمريكا وبريطانيا) هي صديقة لهم لذلك لا يدعون عليها في مختلف خطبهم.

الأسير المحرر حيدر

عباس: لو أنهم علموا الآن بأننا من قناصي لواء "فاطميون" سوف يجلسون وكأنهم في عزاء ويجهشون بالبكاء ويعضون على الأنامل بسبب إفلاتنا من أيديهم. (وتعلو شفتي عباس ابتسامة). لقد قلنا لهم بأننا تدربنا على حمل بندقية كلاشنكوف فقط ولم نعترف بأننا قناصان لكوننا نعلم بمدى حقدهم على المجاهدين القناصين الذين باستطاعتهم عرقلة هجوم فوج بالكامل.

حيدر: لقد كنا تحت براثنهم القذرة مدة 111 يوماً وعانينا الأمرين من شتى أنواع التعذيب الهمجي، حتى في شهر رمضان المبارك كان يضربوننا ضرباً مبرحاً، فأي دين يدين به هؤلاء وأي إله يعبدون؟! لو أنهم يعرفون الله حقاً لما فعلوا ذلك بنا مطلقاً ولربما لا يفعل ذلك سوى الأمريكان.

- تسنيم: كيف تمكنوا من استجوابكما في أول يوم من أسركما؟ فهل تجيدان الكلام باللغة العربية؟

عباس: أؤكد لك بضرس قاطع إن هؤلاء الإرهابيين على ارتباط وطيد بقناة الجزيرة، ففي أول يوم من أسرنا لم يتمكنوا من التفاهم معنا لذلك استقدموا مترجماً من كادر قناة الجزيرة! فكادر قناة الجزيرة كان في خندق واحد معهم ويشاهدون كل ما يقومون به من أعمال بشعة تجاه الأسرى والناس الأبرياء لكنهم لا يبثون إلا ما يحلو لهم.

في اليوم الأول حققوا معنا تحت أنظار كادر قناة الجزيرة ومترجمهم باللغة الفارسية هو الذي كان يترجم لهم ما نقول ولكنهم فيما بعد أصروا على التعامل معنا باللغة العربية ونحن نعلم القليل من هذه اللغة لذلك كنا نفهم بعض الذي يقولونه لنا، وقبل أن يجروا اللقاء التلفزيوني معنا هددونا أشد تهديد بأننا إن لم نقل ما يلقنوه لنا ولا سيما عبارة (إننا أتينا من أجل المال لكوننا عاطلين عن العمل) سوف يكون مصيرنا أسود وعذابنا شديد.

نحن كنا نخضع للتعذيب والتهديد والإجبار على الاعتراف بأمور لا صحة لها تحت مرأى كادر قناة الجزيرة ومسمعهم لكونهم متواطئين معهم وداعمين لهم.

الأسير المحرر عباس

- تسنيم: لماذا لم يبادر مراسل قناة الجزيرة وسائر أعضاء كادرها بتصوير هذه التهديدات بكاميراتهم؟

عباس: بعض الصحفيين من مختلف وسائل الإعلام كانوا على علم بما يجري علينا وبعضهم كانوا يشاهدون ذلك بأم أعينهم ومن ضمنهم كادر قناة الجزيرة الذين كنا نشاهدهم طوال فترة أسرنا وكأنهم في الحقيقة جزء من الكوادر الإرهابية التي تشرف على تعذيبنا، كما كان كادر قناة العربية متواجد أيضاً وشاهدناهم مراراً يجتمعون مع الإرهابيين وكأنهم زملاء في العمل حيث كان مكتبهم مفتوحاً أمام الإرهابيين ليلاً ونهاراً.

قبل اللقاء المتلفز طلب الإرهابيون منا بأن نقف بهيئة معينة أمام الكاميرا وبشكل يوحي بأننا نتكلم براحتنا ثم طلبوا من الصحفيين بتشغيل كاميراتهم.

أؤكد لكم مرة أخرى بأن كوادر قناتي الجزيرة والعربية لديهم مكاتب آمنة في المناطق السورية المحتلة من قبل الإرهابيين بحيث يتجول أعضاؤها بحرية هناك ولا سيما في درعا فيصورون ما يأمرهم به الإرهابيون ويدونون التقارير التي تخدمهم فقط وكأنهم يعملون تحت إمرة القوى الإرهابية.

- كيف كانت العلاقات بين الإرهابيين وبين كوادر القنوات الفضائية التي أشرتما إليها؟

* عباس: لقد كانت علاقات حميمة جداً وكأنهم زملاء في العمل!

- تسنيم: هل كان كوادر القنوات الفضائية التي أشرتما إليها يشاهدون عمليات التعذيب التي طالتكما في الأسر؟

* حيدر: أؤكد لكم أن كوادر قناتي الجزيرة والعربية كان على علم كامل بالتعذيب الشديد والضرب المبرح الذي تعرضنا له، حتى إنهم شاهدوا ذلك بأم أعينهم إبان شهر رمضان المبارك حيث سخر أحد أعضاء كادر قناة الجزيرة مني ومن زميلي في هذا الشهر الفضيل وقال مستهزءاً: (كيف حالكما؟! هل يعطونكما هنا ماء وخبزاً؟!) لقد شاهد كيف نعذب ورأى ثيابنا المتهرئة وأظافرنا وأوضاعنا البدنية المزرية دون أن يصور ذلك بتاتاً، لذلك تساءلت مع زميلي بأنه لو كان صحفياً حقاً وليس متعاوناً مع الإرهابيين لنشر تقريراً حول هذا السبق الصحفي الهام!

في فترة اعتقالنا جعلونا تحت سلالم إحدى المدارس كسجن وكادر قناة الجزيرة يعلم بالمكان جيداً وبحضورهم تم اعتبارنا على أننا جئنا إلى سوريا من أجل المال فقط، وأحد أعضاء هذا الكادر كان اسمه (إبراهيم) أو (محمد إبراهيم) وهو طويل القامة وقد لاحظ أكثر من شخص آخر مراحل تعذيبنا وضربنا المبرح، كما أنوه على أن سائر أعضاء هذه القناة كان مقيمين هناك مع عوائلهم وحتى إنهم أحياناً كانوا يصورون التعذيب والإهانات اللفظية التي كنا نتعرض لها لأغراض خاصة بطلب من الإرهابيين، وذات مرة كان الأسير (عنايت) الذي هو أحد أعضاء لواء "فاطميون" أيضاً يؤدي إحدى صلواته اليومية خاطبه أحد الإرهابيية قائلاً (إنكم تصلون للحسين وتسجدون للحسين فقط) فأجبناه (كلا، نحن لا نصلي للحسين ولا نسجد للحسين، فما السبب الذي يدعونا لفعل ذلك؟ فهو إمامنا، إنه سبط الرسول (ص) وابن الإمام علي (ع) وابن السيدة فاطمة الزهراء (ع) ونحن نكن له الاحترام بصفته إنساناً نزيهاً وإماماً وعبداً مخلصاً لله تعالى، فنحن نؤمن بالله الواحد الأحد وبنبوة سيدنا محمد (ص) وبقرآنه الكريم ونحترم الأئمة الأطهار).

 

 

- تسنيم: هل كانت هناك قوات أجنبية غير سورية؟

* حيدر: شاهدنا بعض السيارات التي لا تحمل لوحات مرورية سورية وكان زجاجها مظللاً باللون الأسود، كما كانت هناك سيارات تحمل لوحات دبلوماسية ولا سيما في مدينة درعا وقد تساءلت مع زميلي عباس عن تبعيتها والبلد الذي جاءت منه، وذات مرة أجبرنا الإرهابيون على العمل سخرة وكان زجاج إحدى هذه السيارات مفتوحاً فشاهدنا في داخلها أشخاصاً ذوي لحى طويلة، لكنهم حينما شاهدونا نعمل وعلموا بأننا من الأسرى الذي يسخرون للعمل قهراً بادروا مباشرة إلى رفع الزجاج.

- كيف علمتما أن الصحفيين الذين كانوا يراقبون مراحل تعذيبكم وضربكم هم من كوادر قناتي الجزيرة والعربية بالتحديد؟

- حيدر: لقد كانوا ملازمين للإرهابيين طوال فترة أسرنا وأحياناً كانوا يرتدون الثياب الصحفية التي فيها شعار هاتين القناتين، وهناك لقاء تم نشره لنا أنا وزميلي وقد ألبسونا فيه معاطف عسكرية وأجلسونا على كرسيين، وهذا اللقاء كان بحضور العديد من الصحفيين ومن ضمنهم مراسلوا قناة الجزيرة والعربية الذين ارتدوا ثيابهم الصحفية والذين نعرفهم حق المعرفة حينما كانوا موجودين أثناء مراحل تعذيبنا، وبعض الصحفيين الذين صوروا هذا اللقاء كان عرباً والآخرون لا نعلم ما هي جنسياتهم.

في أحد الأيام التي أجبرنا الإرهابيون فيها على العمل سخرة لهم لبناء أحد المباني، كان مراسل قناة الجزيرة يراقبنا وذات مرة اقترب مني فسألته لأي قناة تعمل؟ وبالطبع أنا كنت أعلم بأنه مراسل لقناة الجزيرة القطرية، لذلك قال أنا من كادر قناة الجزيرة.

وللقاء تتمة ...