فلسطين بين عرب التطبيع وعرب المقاومة

المستوطنون الصهاينة يسرحون ويمرحون في باحة الاقصى و يمارسون طقوسهم الدينية على اعتاب المسجد الاقصى على مرأى ومسمع السلطة الفلسطينية الممانعة لأي انتفاضة والاهم من هذا وذاك هو تنفيذ اوامر اسرائيل وامريكا بضرب وقمع واخماد كل اشكال الانتفاضة والمقاومة.

العهد: رفعت البدوي

المستوطنون الصهاينة تحدوا مشاعر كل العرب،لانهم يعلمون جيداً ان معظم الحكام العرب لا هم لهم سوى استرضاء اسرائيل وامريكا للحفاظ على حكمهم مع حاشيتهم الفاسدة والمفسدة وعلى مكتسباتهم المالية والشخصية والاهم من هذا وذاك هو تنفيذ اوامر اسرائيل وامريكا بضرب وقمع واخماد كل اشكال الانتفاضة والمقاومة في المنطقة العربية وبفلسطين على وجه الخصوص.

في العام 1969 اقدم المستوطنون الصهاينة على اضرام النار في المسجد الاقصى على مرأى من العالم العربي ،، يومها قالت رئيسة وزراء الكيان الصهيوني  "غولدا مائير":لم انم تلك الليلة لانني اعتقدت ان العرب سينتفضون وسيأتون الينا لاستعادة القدس و لقتلنا قبل بزوغ الفجر لكن شيئاً من هذا لم يحصل تضيف "غولدا مائير" انني مندهشة وفي غاية السعادة لأنني ادركت ان العرب سيبقون نيام .

نسأل أين هي الانتفاضة الفلسطينية المباركة التي اطلقها الشهيد "ابو جهاد" في العام 1987 ؟ أين هي انتفاضة الفلسطينيين بوجه "ارييل شارون"  عندما وطأت قدماه باحة الاقصى في شهر ايلول سبتمبر من العام 2000 ؟ أين الانتفاضة الفلسطينية والعربية دفاعاً عن المقدسات العربية والاسلامية .

لا غلو في القول ان قضية فلسطين قد تراجع الاهتمام العربي بها سياسياً واعلامياً  الى حد التواطؤ على  القضية وعلى حقوق الفلسطينيين في العودة الى ارضهم .
ان معظم الحكام العرب بات يصنّف في خانة المتآمر على فلسطين القضية والشعب في محاولة لا لبس فيها تهدف الى طمس القضية الفلسطينية برمتها من خلال اشاعة جو من امكانية التطبيع المستتر مع الكيان الصهيوني في الاعلام او في الرياضة الاولمبية او عبر لقاءات لشخصيات عربية كانت تشغل مناصب سياسية وعسكرية سابقة في بلادها مثل العميد السعودي المتقاعد انور عشقي والامير تركي الفيصل  تحت عنوان التسويق للمبادرة العربية التي رفضها العدو الاسرائيلي منذ اطلاقها في العام 2002 في مؤتمر القمة العربية في بيروت .    
اللافت ان هؤلاء المتأمرين من الحكام العرب يدركون تمام الادراك ان شيئاً لم يتحقق لصالح فلسطين والفلسطينيين منذ انطلاق مؤتمر مدريد مروراً بمفاوضات واي ريفر  ومحادثات كامب دايفيد الثانية واتفاق كامب دايفيد المشؤوم اضافة الى اتفاق وادي عربة وصولا الى اتفاق السلطة الفلسطينية مع حكومة يهودا باراك في شرم الشيخ.

ومع كل ما ذكر من خيبات وتراجع في الموقف الفلسطيني والعربي تجاه القضية والحقوق الفلسطينية الا ان عرب النفط لا يزالون يمارسون سياسة الاستذلال والطلب من العدو الاسرائيلي القبول بمبادرة لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت فيه ولن تجدي نفعاً اكان للفلسطييين ام للعرب انفسهم سوى حصد المزيد من الخيبات حتى ان قضية احتلال العدو الصهيوني لفلسطين تكاد ان تصبح امراً اعتيادياً ويمكن التعايش معه خصوصاً لدى بعض النخب العربية التي انحرفت عن البوصلة الاساسية فلسطين نحو المذهبية المقيتة .

ان غبار البارود الذي يغطي المنطقة من العراق الى سورية واليمن وليبيا اضافة الى حروب مذهبية مستترة حيناً وعلانية في احيان اخرى حجبت فلسطين عن الذاكرة والرؤية عند الكثير من العرب ما جعل العدو الاسرائيلي يستغل انشغالنا بمحاولات ازالة غبار المعارك الدائرة في بلادنا العربية بقتل واعدام الفلسطينيين ميدانياً وهدم المنازل ومصادرة الاراضي وزيادة عدد المستعمرات تمهيداً لتهويد مدينة القدس واعلانها عاصمة الدولة اليهودية متزامنا مع صمت مطبق من قبل فلسطينيي التفاوض وعرب التآمر .

ان التحول الاستراتيجي الذي احدثه النصر المبين للمقاومة اللبنانية بقهر الجيش الذي لا يقهر يعتبر المحطة الاستراتيجية المضيئة والمشرفة  التي ستبقى ماثلة امامنا وامام اجيالنا القادمة المتمسكة بفلسطين وتعتبر املنا وسلم النجاة الوحيد هو سلوك هذا الدرب المقاوم لأي احتلال لأن كل المفاوضات لم تؤتي أكلها.

اننا اليوم نعيش ونحتفل بذكرى انتصار حرب تموز 2006 لأنها الشعلة الوحيدة المضيئة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، انه الانتصار الذي اعاد الينا الامل بقرب تحرير فلسطين  انه الانتصار الذي اعاد للامة العربية كرامتها انه الانتصار الذي انتصر على كل اشكال التآمر للتخلص من مقاومة اعادت الى ذاكرة الكثير من العرب بفلسطين وبحق الفلسطينيين انه الانتصار الذي زرع فينا لذة اذلال العدو الاسرائيلي وبتنا تواقين للاستمرار باذلاله تماماً كما يفعل العدو بشعبنا الفلسطيني المعذب.

المتآمرون لا يريدون الاعتراف بالانتصار ويصرون على اعتباره مغامرة غير محسوبة على الرغم من اعتراف العدو نفسه بالهزيمة التي لا زالت ارتداداتها تتفاعل داخل مركز القرار الاسرائيلي حتى يومنا هذا بعد مرور عقد من الزمن وسيستمر.

بات الهم الرئيسي لهؤلاء التآمر على مقاومة شريفة تذكرهم بفلسطين وعلى كل من دعم هذه المقاومة التي كشفت عوراتهم وعن مدى التواطؤ الذي اتقنوا ممارسته على فلسطين وعلى محور المقاومة .

هل عرفتم لماذا هذه الحرب الكونية باشتراك وتآمر وتواطؤ بعض الحكام العرب ضد اي تحرك او انتفاضة فلسطينية او ضد اليمن الذي تصدح حناجره الموت لاسرائيل او ضد العراق الرافض للانصياع لاملاءات امريكا واسرائيل او لاسقاط سورية العروبة المتمسكة بالحق العربي المساندة والداعمة للمقاومة بكل اشكالها .

بعد كل ما تقدم نسأل عن سبب استمرار جرأة الصهاينة على استباحة الاقصى بشكل مستمر ؟؟ ابحثوا عن الجواب في ما قالته غولدا مائير.

ان فلسطين اليوم بين عرب التطبيع وبين عرب المقاومة والقدس بين عرب التواطؤ والتهويد وبين عرب رفض التطبيع ومقاومة التهويد  .

نحن من المؤمنين ان خيار المقاومة هو الخيار الوحيد المتبقي لامتنا ولا بديل عنه لان القدس هي قطب الرحى وقلب فلسطين فان ضاعت القدس ضاعت فلسطين وان ضاعت فلسطين ضاعت الامة العربية.....

/انتهى/