ايران تحقق المكاسب الواحد تلو الآخر بينما تتعاظم الخسائر السعودية
قال الاعلامي الفلسطيني البارز عبدالباري عطوان رئيس تحرير صحيفة "راي اليوم" الالكترونية في افتتاحية الخميس ان الحرب على اليمن تقترب من دخول عامها الثالث دون أي مؤشر على وقف قريب لها سلما او حربا، وانضمام تركيا المفاجئ الى المحور الروسي الإيراني، همش الدور الخليجي في الازمة السورية كليا، بعد ست سنوات من الضخ المالي والعسكري، وتنازل الرياض عن سياساتها النفطية.
وافادت وكالة تسنيم الدولية للانباء ان عبدالباري عطوان كتب في افتتاحية أمس في صحيفة "راي اليوم" ان عام 2016 كان عاما سيئا على الصعد كافة بالنسبة الى السعودية، ودول مجلس تعاون الخليج (الفارسي) بشكل عام، ومن يقول غير ذلك فانه مكابر ويدس راسه في الرمال، فالحرب على اليمن تقترب من دخول عامها الثالث دون أي مؤشر على وقف قريب لها سلما او حربا، ونزيفها المالي والبشري والعسكري مستمر ومتسارع، وانضمام تركيا المفاجئ الى المحور الروسي الإيراني، همش الدور الخليجي في الازمة السورية كليا، بعد ست سنوات من الضخ المالي والعسكري، وتنازل الرياض عن سياساتها النفطية، والقبول بتخفيض انتاجها بحوالي 500 الف برميل يوميا، وعدم نجاحها في فرض المبدأ نفسه على خصمها الإيراني، أطاح بها من مقعد القيادة لمنظمة "أوبك" مثلما كان الحال عليه لعدة عقود.
واضاف، العام الجديد ربما يكون اكثر سوءا، لان أصدقاء السعودية يتقلصون، بينما يزداد عدد الأعداء في المقابل، فالعلاقات مع معظم دول الجوار سيئة، ان لم يكن كلها فبعد استعادة النظام السوري لمدينة حلب، وتوصل روسيا وتركيا الى اتفاق وقف لاطلاق النار في سورية، تعقبه اطلاق مفاوضات سلام تضم عشرة فصائل معارضة مسلحة تستظل معظمها بالمظلة التركية، ولم يكن من بينها هيئة المفاوضات العليا برئاسة رياض حجاب ومقرها في العاصمة السعودية، بات الدور السعودي في منطقة الشام (سورية ولبنان) محدودا جدا، حتى لبنان خرج من تحت العباءة السعودية، وبات تحت نظيرتها الإيرانية.
وتابع، العلاقات السعودية المصرية تعيش مرحلة من التوتر رغم ضخ السعودية اكثر من 35 مليار دولار من المساعدات المالية في الاقتصاد المصري، والسياسة الخارجية السعودي في معظم دول الاتحاد المغاربي في اضعف حالاتها، ولولا الوعود بالدعم المالي الذي لم يصل بعد الى السودان، لما انضم الى التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، وان كان هذا الانضمام جاء متأخرا وفي الوقت الضائع.
ونوه عطوان الى ان الفريق ركن محمود فريحات رئيس هيئة اركان الجيش الأردني قدم توصيفا دقيقا للمحنة السعودية في الحديث الذي ادلى به لمحطة تلفزيون "بي بي سي" عندما حذر من الحزام الإيراني الذي بدأ يمتد من مزار شريف في أفغانستان وحتى الشواطيء اللبنانية على البحر المتوسط، وتعزز بالنفوذ المتزايد لطهران في العراق، واستعادة الجيش السوري لزمام المبادرة في سورية.
وقال عبدالباري عطوان، ان ايران تحقق المكاسب الواحد تلو الآخر، بينما تتعاظم الخسائر السعودية، فالتحالف الروسي الذي انخرطت فيه ايران يزداد قوة ونفوذا في المنطقة، بينما الحلف الأمريكي الذي راهنت عليه السعودية ينكمش، وربما يتحول الى عدو لدود لها، اذا طبق الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تهديداته بفرض "الخوة" او "الجزية" على السعودية ودول الخليج (الفارسي) مقابل حمايتها، واستخدام قانون جاستا لجرجرتها امام المحاكم الامريكية لاجبارها على دفع تعويضات لضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، وهي تعويضات قد تصل الى خمسة تريليونات دولار حسب بعض التقديرات الامريكية.
ولفت عطوان الى ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يتهمه كثيرون بعدم الذكاء، اثبت العكس تماما، وعرف كيف يتعاطى مع السعودية ودول الخليج(الفارسي)، وحلب ما يقرب من 50 مليار دولار من بقرتها الحلوب، ولم يقدم في المقابل غير الكلام المعسول، والوعود الكلامية لحمايتها في مواجهة ايران، وفي نهاية المطاف، قرر ركوب الحصان الرابح، وهو التحالف الروسي السوري الإيراني.
وبيّن انه كان لافتا ان يهدد احد قادة الحشد الشعبي بغزو مكة والمدينة، وان يطالب الامام السيد علي الخامئني قائد الثورة الاسلامية في ايران بنزع إدارة مراسم الحج، والأماكن المقدسة من السعودية وتسليمها الى إدارة تتبع الدولة الإسلامية، ممثلة في هيئة يمكن التوافق عليها.
وأضاف، في ظل هذه الصورة القاتمة، وغير الوردية التي وصلت اليها السعودية ومعظم دول المنطقة، كان من المفترض اجراء مراجعات شاملة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتقليص الخسائر اذا لم يتأت منعها، ولكن هذه المراجعات لم تحدث، ولا يبدو ان هناك قناعة بضرورتها.
وتابع، ان تركيا عندما ادركت خطأها في اسقاط الطائرة الروسية، وتأكدت من ان حلف الناتو لن يقف الى جانبها في الازمات التي ترتبت عليها، ادارت ظهرها لو مرحليا للغرب، وانضمت الى المحور الروسي للحفاظ على وحدتيها الترابية والديمغرافية، لماذا لا تفعل السعودية ودول الخليج (الفارسي) الشيء نفسه، ولماذا التمسك بالمكابرة، والعناد، والسياسات العقيمة نفسها دون أي تغيير؟، وخوض حروب لا يمكن كسبها في اليمن وسورية؟، الا يوجد "عقلاء" يعلقون الجرس؟ ويقولون ان الكيل قد طفح؟
/انتهى/