ماذا ستجني امريكا من تهديدها لايران؟

يؤكد معظم الايرانيين بأن هذا التهويل الاعلامي لن ينال من عزمهم ولن يثنيهم عن الثبات على مواقفهم الثورية والداعمة للشعوب الأخرى في المنطقة في وجه المخططات الامريكية.

ربما ظنت الإدارة الأمريكيين ان الإتيان بمسؤولين "مسعورين" (كما يسمونهم بأنفسهم) ليعاونوا رئيسا مغرما بفتح الجبهات مع الآخرين واطلاق هؤلاء للتهديدات كجوقة واحدة سيخيف الدول الأخرى ويجبرها على الخضوع لمطامع البيت الأبيض والتنازل عن مواقفها، لكن عندما لا يأبه الطرف الآخر بهذا التهويل الامريكي ويعتبره تهريجا فإن ذلك يضع الامريكيين أمام مفترق طريق، فإما تنفيذ تهديداتهم اذا استطاعوا وإما التراجع والقبول بضعفهم.

لعبة التصعيد مع ايران التي بدأها ترامب وفريقه في هذه الأيام والتهديد والوعيد المتسارع له دوافعه التي لا يصعب فهمها اذا تم الامعان في تصريحات ترامب وفريقه وكذلك في تصريحات بعض الحلفاء الدوليين والاقليميين لامريكا، فترامب الذي نسي انه قال في يوم من الايام اثناء حملته الانتخابية ان ايران وروسيا تواجهان الارهاب في سوريا وينبغي التعاون معهما بات الان يتكلم عن منع المواطنين الايرانيين من الدخول الى امريكا وأخذ ملف الاختبار الصاروخي الايراني الأخير الى مجلس الأمن وفرض عقوبات جديدة على طهران وذكّر ايضا بـ "الخيارت الموجودة على الطاولة"، كما قال مايكل فلين (مستشار الأمن القومي الأمريكي) بأن بلاده باتت تراقب ايران وتحذرها رسميا، فالمراقبة والتحذير والتلويح بالعقوبات والخيارت على الطاولة من الواضح انه يهدف الى اخافة ايران في هذه المرحلة واجبارها على التراجع عن مواقفها في المرحلة اللاحقة.

اما التصفيق السعودي وترحيب حلفاء اقليميين آخرين لأمريكا والذين كان من المفترض ان يعتبرهم ترامب "بقرة حلوب" بالتهديدات الامريكية لايران فهو ايضا يصب في خانة تنسيق المواقف مع واشنطن وجعل الأصوات معزوفة واحدة لعل وعسى يحقق ذلك ما هو مرجو منه، ومن يدري لعل ترامب يصعّد ضد ايران لتوتير الاجواء ومن ثم الاستدارة نحو الحلفاء لحلبهم بحجة دفع تكاليف احتواء ايران؟

ان الادارة الامريكية الحالية وضعت سياسة احتواء ايران على راس سلم اولوياتها لعدة اعتبارات منها اتساع النفوذ الايرني في الشرق الاوسط وكذلك خوف الحليف الصهيوني من زيادة القدرات الايرانية العسكرية وغيرها، لكن مدى نجاح الامريكيين يتوقف على طبيعة الرد الايراني على هذه السياسية.

مواقف الايرانيين يبدو انها محسوبة ودقيقة فعلى صعيد الاختبار الصاروخي الأخير يؤكد وزير الدفاع الايراني العميد حسين دهقان انه حق طبيعي لايران وفي اطار السياسة الدفاعية للبلاد مشددا على عدم السماح لأية جهة بفرض ارادتها على الايرانيين، اما قائد قوات الجوفضاء التابعة لحرس الثورة الاسلامية العميد امير علي حاجي زادة فيصف التهديدات الامريكية الاخيرة بأنها تخرصات مهددا بأن صواريخ ايران ستسقط على رؤوس الأعداء في حال ارتكابهم اي خطأ.

امين مجمع تشخيص مصلحة النظام في ايران اللواء محسن رضائي يؤكد بدوره بأن التهديدات الامريكية الاخيرة هي فارغة وخاوية وان الشعب الايراني لن يرتعب منها، كما يشدد مستشار قائد الثورة الاسلامية الدكتور علي اكبر ولايتي ان امريكا لاتستطيع انقاذ نفسها من الافلاس السياسي عبر تهديد ايران مضيفا بان التهديدات الامريكية فارغة ودعائية مؤكدا ان الامريكيين يعلمون بأن ايران لا تهاب هذه التهديدات.

ويستهزئ ابناء الشعب الايراني ايضا في المقابلات التي تجريها وسائل الاعلام الايرانية معهم لاستطلاع مواقفهم، بهذه التهديدات الامريكية ويؤكد معظمهم بأن هذا التهويل الاعلامي لن ينال من عزم الشعب الايراني ولن يثنيه عن الثبات على مواقفه الثورية والداعمة للشعوب الأخرى في المنطقة في وجه المخططات الامريكية.

أيام قليلة تفصل الأمريكيين عن الخيبة الكبيرة في حملتهم الاخيرة ضد ايران وان اكتفائهم بفرض عقوبات أحادية على ايران في داخل الكونغرس يرفضها باقي الدول يعني انهم تراجعوا فعلا وقبلوا بضعفهم أمام ايران.

/انتهى/