تواجد المستشارين الإيرانيين في العراق امر قانوني.. لا بد من إعادة النظر في ميثاق الجامعة العربية
الشعب الإيراني هو شعب صديق وشقيق، ولدينا مشتركات كثيرة مع إخوتنا في الجمهورية الإسلامية، كما تربطنا ثقافة مشتركة وحدود تمتد إلى مئات الكيلومترات؛ وهذه الميزات تقتضي اتخاذ خطوات أساسية وهامة على صعيد توطيد العلاقات بين بغداد وطهران، ولا يمكن لأحد ادعاء أن تواجد المستشارين العسكرين الإيرانيين في العراق غير قانوني وليس لأحد الحق في الاعتراض على ذلك واللواء قاسم سليماني صديق للساسة العراقيين.
أجرى مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء لقاءً خاصاً مع رئيس جمهورية العراق الدكتور فؤاد معصوم وقد تمحورت الأسئلة فيها حول أهم القضايا على الساحة العراقية والإقليمة وواقع العلاقات الثنائية بين بغداد وطهران.
مراسل تسنيم: النظام السياسي في العراق يرتكز على دعامتين أساسيتين، إحداهما الديمقراطية التي تتمثل في مشاركة المواطن العراقي في الانتخابات البرلمانية التي يتمخض عنها أيضاً تعيين رئيسي الجمهورية والوزراء، والأخرى الاشتراك الوطني المتجسد في المكونات الثلاثة الأساسية في المجتمع العراقي وهم الشيعة والسنة والأكراد، حيت تشترك هذه المكونات في تعيين الخطوط العريضة للعملية السياسية في البلاد. هناك من يقول إن النظام الديمقراطي في العراق مزدوج، وسيادتكم بصفتكم أعلى مقام سياسي كيف تقيمون هذا الأمر في الفترة التي تلت المصادقة على الدستور العراقي وحتى الآن، وما هي الإنجازات التي تحققت وكذلك ما هي طبيعة العقبات التي تقتضي إعادة النظر في العملية الديمقراطية؟
الرئيس فؤاد معصوم: أعداد السكان قد تزايدت بشكل ملحوظ إبان السنوات الماضية بحيث تشير بعض الإحصائيات إلى وجود 38 مليون نسمة، وكما تعلمون فالمواطنون ينحدرون من عدة قوميات وقد تجسدت ثمار هذه الأصول العرقية في الانتخابات العامة حيث يبادر كل قوم إلى انتخاب من يمثلهم، ولكن هذا الاتفاق السياسي القومي لا يعني تدنيس حقوق القوميات الأخرى، فنحن لا نروم تهميش أية قومية كانت عن الساحة السياسية، ولكن حسب الإحصائيات السكانية هناك قوميتان هما الأغلبية ومن خلال أعداد الأصوات الانتخابية يكون لهما الحق أكثر من غيرهما لتعيين الكادر الحكومي في البلاد.
مراسل تسنيم: وهل بإمكانكم أن تخبرونا عن الإنجازات التي تحققت من العملية السياسية في العراق، وتوضحوا لنا أهم العقبات الكامنة على صعيد التطبيق.
الرئيس فؤاد معصوم: نحن نعتقد بأنه من الضرور توحيد وجهات النظر بين مختلف التيارات السياسية على الساحة العراقية، وقد اكتشفنا حالياً أيضاً أن هذه الأوضاع تشوبها بعض نقاط الضعف.
الخطوة الأولى في العملية السياسية أن المواطن العراقي الذي يتوفر فيه النصاب القانوني للمشاركة في الانتخابات، يدلي بصوته في صناديق الاقتراع لانتخاب من يمثله، كما أن الذين تتوفر فيهم شروط إدارة شؤون البلاد لهم القابلية على ترشيح أنفسهم لكي يتم انتخابهم لدخول صالة البرلمان، وهذا الأمر نعتبره من نقاط القوة ومؤشراً إيجابياً في العملية الديمقراطية، ولكن الاتفاق السياسي بين مختلف التيارات على الساحة العراقية يقتضي أولاً تأسيس حكومة وحدة وطنية منبثقة من باطن الحراك السياسي الداخلي بحيث تشمل جميع الحركات والأحزاب بشكل فاعل وحقيقي؛ ولكن طوال الفترة السابقة لم يتحقق هذا الأمر بالشكل المطلوب ولم يتم تشكيل حكومة تتولى هذه المهمة الحساسة.
نحن نعاني من مشاكل عديدة لذلك هناك بعض القضايات التي تتطلب إعادة النظر فيها، وقد تقتضي الضرورة إجراء تغييرات على الدستور مع الحفاظ على الاتفاق الموجود حالياً.
برأيي الشخصي فإن تشكيل الحكومة المقبلة يجب وأن يؤخذ بنظر الاعتبار فيه موضوع الوحدة الوطنية في العراق كأولوية سياسية، ففي الأوضاع الإدارية الحالية في الحكومة يخصص كرسي كل وزارة لفئة سياسية معينة، وهذا الوزير بطبيعة الحال يبادر إلى تعيين مسؤولي وسائر منتسبي وزارته من تياره السياسي وحزبه الذي ينتمي له، وهذا الأمر بطبيعة الحال لا تتمخض عنه نتائج إيجابية.
لا يوجد أي حزب في العراق له القابلية في الحصول على الأغلبية الساحقة للأصوات الانتخابية ومن ثم يبادر إلى تأسيس الطاقم الوزاري دون تدخل الأحزاب الأخرى، فالواقع أن كل حزب وتيار سياسي هو بحاجة إلى سائر الأحزاب والتيارات السياسية، لذا نحن نعتقد بضرورة تأسيس حكومة تشمل أغلبية الأحزاب والتيارات السياسية على الساحة العراقية، كما لا بد من وجود معارضة في خارج هيكل هذه الحكومة بهدف النهوض بواقع النظام الديمقراطي؛ وفي هكذا أجواء سوف نتمكن من تحقيق إنجازات ملحوظة على الساحة السياسية.
مراسل تسنيم: الشيعة والأكراد والسنة هم المكونات الأساسية في المجتمع العراقي، وهناك أعداء يستهدفون هذه المكونات الثلاثة على حد سواء، ولا سيما الزمر التكفيرية وبقايا زمرة حزب البعث المنحل والبلدان التي لا تريد الخير للعراق وتعمل على عرقلة استقلاله ورقيه بحيث تتدخل بشؤونه الخاصة.سيادتكم بصفتكم رئيس جمهورية العراق، ما هي الإجراءات التي اتخذتموها للحفاظ على استقلال بلدكم والحفاظ على وحدة أراضيه؟ وما هي برامجكم المستقبلية على هذا الصعيد؟
الرئيس فؤاد معصوم: الدستور العراقي حظي بتأييد نسبة كبيرة جداً من الشعب العراقي الذي يروم العيش تحت مظلة ركيزتين أساسيتين هما الديمقراطية وحرية العقيدة، وهاتان الركيزتان تعتبران سبباً أساسياً لإيجاد أواصر تعاون بين مختلف التيارات السياسية.
من المؤسف هو وجود أعداء بعضهم في داخل البلاد من أمثال الزمر التكفيرية وبقايا حزب البعث المنحل، وهؤلاء في الحقيقة هم ألد أعداء الإنجازات التي تحققت في العراق؛ كما هناك أعداء في خارج الحدود وهم ساسة تلك البلدان التي تستاء من استقرار العراق وتطوره وتعمل على عرقلة جميع مشاريعه الحيوية والسياسية؛ ولكن رغم كل هذه التحديات الجادة ينبغي لنا العمل على تطوير بلدنا وإقرار مبادئ الحرية والديمقراطية فيه لكي تتمكن جميع القوميات من التعاون مع بعضها للدفاع عن كيان العراق ووحدة أراضيه، وباعتقادي فإن الحرية والديمقراطية يعتبران ركنين أساسيين للحفاظ على وحدة أرض العراق.
قد تبدر بعض الخلافات السياسية بين مختلف الأحزاب والتيارات على الساحة العراقية، ولكن رغم كل ذلك لا بد من الحفاظ على استقلال العراق ووحدة أراضيه مهما كانت الظروف.
مراسل تسنيم: سيادة رئيس الجمهورية، هل تعتقدون بأن تطبيق الدستور العراقي بكل تفاصيله يضمن الحفاظ على استقلال العراق ووحدة أراضيه؟
الرئيس فؤاد معصوم: العراق لديه دستور متطور، وأعتقد أننا لو تمكنا من تطبيقه بكل تفاصيله سوف تتضاءل مشاكلنا إلى أدنى المستويات، ولكن بطبيعة الحال لا يمكن اجتثاث المشاكل السياسية من جذورها بالكامل مهما كانت الأوضاع.
قد تخضع إحدى فقرات الدستور للبحث والنقاش بين مختلف التيارات السياسية وكل فئة تفسرها حسب مصالحها ورغباتها، لذا لا بد لنا من وضع آلية تضمن وضع تفسير واحد منسجم بعيداً عن المشاحنات السياسية، والمحكمة الفيدرالية لها القول الفصل على هذا الصعيد.
مراسل تسنيم: بعض المدن العراقية ولا سيما مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، شهدت حروباً وصراعات بين مختلف أصناف القوات العراقية من جهة وبين الزمر التكفيرية ولا سيما تنظيم داعش الإرهابي، ونرجو أن يتم تحقيق النصر النهائي عليها في القريب العاجل ليستتب الأمن في البلاد.
ما هو تقييمكم للمرحلة الراهنة على صعيد محاربة الإرهاب، وكيف تتوقعون أن تكون الأوضاع في العراق فيما بعد داعش؟ وهل من الممكن أن يتسع نطاق النشاطات الإرهابية مستقبلاً؟ وما سبب هذا التنامي إن حدث؟ وما هي برامجكم في مرحلة ما بعد داعش للحيلولة دون توسع رقعة الإرهاب واستتباب الأمن في العراق؟
الرئيس فؤاد معصوم: لا شك في أننا بحاجة إلى إقرار برنامج شامل لمرحلة ما بعد داعش الإرهابي لكي نتمكن من الحفاظ على أمن بلادنا مقابل مختلف الحوادث المتوقعة، ولكن هناك واقع لا يمكن إنكاره يتمثل في أن داعش سوف لن يضمحل بالكامل بمجرد هزيمته عسكرياً، بل إن فكره التكفيري البغيض مكنون في فكر التكفير والإرهاب وهو ما سيبقى في العراق بعد هزيمته عسكرياً، لذا فنحن بحاجة إلى وعي أمني في أعلى المستويات ولا بد لنا من السعي لاتخاذ تدابير أمنية للحيلولة دون اتساع رقعة النشاطات الإرهابية مستقبلاً.
الهزائم المتوالية التي تعرض لها الدواعش في العراق مؤخراً بفضل جهود مختلف صنوف القوات المسلحة سوف تحرض أعضاء هذا التنظيم الإرهابي للقيام بعمليات إرهابية انتقامية بقدر استطاعتهم لكي يغطي على خسائره الفادحة.
في المرحلة الأولى نحن بحاجة إلى وضع برنامج أمني مناسب في داخل البلاد مع إيجاد أواصر تعاون مع بلدان المنطقة والعالم لكوننا نعتقد بأن تنظيم داعش يعد خطراً محدقاً يهدد السلام العالمي بأسره، ومجرد هزيمته على الأراضي العراقية لا يعني اجتثاثه من أساسه.
مراسل تسنيم: سيادة الرئيس، أردنا من السؤال السابق معرفة ما إن كانت لديكم برامج مستقبلية في العراق لمرحلة ما بعد داعش بحيث يتم تنفيذها بشكل عملي؟
الرئيس فؤاد معصوم:من المؤكد أننا أعدنا النظر في الخطط الأمنية كي لا نشهد حوادث إرهابية مؤلمة مستقبلاً، حيث قمنا بإعادة تنظيم شؤون قواتنا العسكرية والأمنية وفق الأصول والقواعد اللازمة.
العراق بحاجة إلى قدرة عسكرية وطنية كبرى لكي يمكنه الاعتماد على قابلياته مستقبلاً في محاربة الإرهاب دون الحاجة إلى طلب العون من البلدان الأخرى، وقد خاضت قواتنا العسكرية والأمنية تجربة مريرة في مرحلة ظهور تنظيم داعش الإرهابي وسيطرته على أجزاء كبيرة من محافظة نينوى وبما فيها مركزها مدينة الموصل وبعض المناطق في المحافظات الأخرى، فقد كانت هذه الأحداث صدمة مفاجأة ومؤلمة، لذا بادرنا إلى إعادة تنظيم شؤوننا ووضع خطط مستقبلية لقواتنا المسلحة والأمنية بغية الحيلولة دون وقوع أحداث مشابهة، وبالفعل فقد اتخذت خطوات إيجابية وهامة في هذا المضمار ونحن على أمل بتحقيق النصر النهائي على إرهابيي داعش لندخل في مرحلة جديدة من الأمن وننشئ منظومة عسكرية مقتدرة.
مراسل تسنيم: الشعب والحكومة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ساندا كفاح الشعب العراقي ضد النظام الدكتاتوري في عهد صدام حسين، وبعد سقوطه أيضاً تواصل هذا الدعم سواء في مرحلة تواجد القوات المحتلة ومرحلة ما بعد مغادرتها الأراضي العراقية، وهذه الجهود متواصلة أيضاً لدعم العراق إنشاء نظامه السياسي المستقل وفي محاربة الزمر الإرهابية التكفيرية. كيف تقيمون واقع العلاقات المستقبلية بين البلدين؟ فهل ستكون هناك علاقات استراتيجية هامة؟ ولو تحققت هذه العلاقات فكيف ستكون نتائجها برأيكم؟
الرئيس فؤاد معصوم: لدينا علاقات تأريخية مع الجمهورية الإسلامية، وهذه العلاقات لم تكن يوماً متعارضة مع مصلحة الشعب العراقي، وإنما قامت دائماً على تحقيق آماله وطموحاته، وكما تعلمون فالتيارات السياسية التي هي على رأس السلطة في بلدنا لديها علاقات وطيدة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحيث تتجاوز نطاق العلاقات السياسية المتعارفة، لذلك نحن نسعى من خلال هذه العلاقات الحميمة تحقيق أهدافنا، وقد استثمرناها في كفاحنا ضد النظام الدكتاتوري المقبور بقيادة صدام حسين، وكذلك في مرحلة ما بعد عام 2003 م، إذ إننا حققنا مصالح من خلال علاقاتنا مع طهران في جميع المراحل التي طويناها في تأريخنا الراهن.
ونحن اليوم نعمل على تنمية هذه العلاقات والنهوض بها إلى أعلى المستويات، فالأواصر القوية بين طهران وبغداد كانت وما زالت تسير في الطريق الصحيح وهي تتنامى أكثر وأكثر خلال كل مرحلة مخاض سياسي يمر بها بلدنا، وهذه العلاقات بطبيعة الحال لا تستهدف العلاقات مع أي بلد آخر وسوف لن تكون كذلك قطعاً، بل الهدف منها تلبية مصالح الشعبين العراقي والإيراني بأمثل شكل.
نحن نرغب بإقامة علاقات استراتيجية مع الجمهورية الإسلامية وسوف لن نتوانى عن بذل أي جهد في هذا المضمار لتحقيق هذا الهدف النبيل، ومن المؤكد أن سعي البلدين لتوطيد العلاقات الثنائية يعد نمطاً من العلاقات الاستراتيجية الهامة، ولحسن الحظ فمستوى التبادل التجاري بين الجانبين يسير بشكل متنامٍ وهناك العديد من المشاريع التي ستدخل حيز التنفيذ قريباً لأننا نروم الاستفادة من تجارب الجمهورية الإسلامية في شتى الصعد، ولكن العقبة الوحيدة التي تعرقلنا في هذا المسار هو العجز في الميزانية، لذلك تم تأجيل بعض المشاريع.
القاصي والداني يدرك جيداً أن الجمهورية الإسلامية تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة إبان فترة الحظر الذي فرض عليها وذلك بالاعتماد على قابلياتها المحلية ودون أن تعتمد على أية جهة خارجية، وهذه التجربة هامة بالنسبة لنا، لذلك نحن نسعى للاستفادة منها واستثمارها خير استثمار، ونحن لا نعارض أبداً بأن يصبح بلدنا سوقاً للبضائع الإيرانية.
مراسل تسنيم: لقد أشرتم إلى القابليات التي يمتلكها بلدكم العراق مراراً، ونظراً للظروف الراهنة على الساحة العربية والمشاكل التي تعصف ببلدان المنطقة، فليس من المستبعد أن يصبح بلدكم محوراً أساسياً في الجامعة العربية رغم وجود بعض المعارضين والخصوم للعراق في هذه المنظمة الإقليمية. فيا ترى ما هي القابليات التي أشرتم إليها؟ وكيف يمكن تفعيلها كي تتمكن بغداد من إيفاء دور هام في جامعة الدول العربية والعالم العربي بشكل عام؟ ونرجو أن تتفضلوا ببيان بعض الحقائق حول واقع التعامل بين بلدكم وسائر البلدان العربية؟
الرئيس فؤاد معصوم: صحيح أن بعض وجهات النظر بين العراق وجامعة الدول العربية ليست على نسق واحد، ولكن العراق يعتبر أحد أهم الأعضاء في هذه المنظمة الإقليمية، لذلك نحن نرغب ببقائها ولكن لا بد من إعادة النظر في ميثاقها لكونها تعاني من خلافات محتدمة بين أعضائها في الوقت الراهن ولم تتمكن من إيجاد أواصر وطيدة بين البلدان العربية.
رغم وجود خلافات بيننا وبين بعض البلدان الأعضاء في الجامعة العربية ومع وجود ضعف في العلاقات، ولكن هذا لا يعني هزالة العلاقات مع سائر الأعضاء، ونحن نرغب في إقامة علاقات وثيقة مع جميع البلدان العربية الأعضاء في هذه المنظمة الإقليمية وبما فيها الأردن وبعض بلدان الخليج الفارسي وسوف نعمل على إقامة علاقات حسنة مع السعودية أيضاً لأنه بلد هام في الجامعة العربية.
لقد أكدت مراراً على أن إيران وتركيا والسعودية والعراق إن تمكنت من إقامة علاقات حسنة فيما بينها سوف تنعم المنطقة بخدمات جمة، لأن هذه البلدان الأربعة تحظى بأهمية استراتيجية كبرى.
مراسل تسنيم: هل لديكم اقتراح معين لإيجاد تغييرات في هيكلية الجامعة العربية؟
الرئيس فؤاد معصوم: لحد الآن لم نتخذ أي إجراء عملي على هذا الصعيد، ولكننا نحث الخطى لاتخاذ إجراءات مستقبلية، كما نلاحظ هذا التوجه لدى بعض البلدان العربية أيضاً.
من المؤكد أن إعادة النظر في هيكلية الجامعة العربية يتطلب بعض الوقت.
مراسل تسنيم: بعد أن تم تشكيل قوات الحشد الشعبي استجابة لأمر المرجعية الدينية الرشيدة في العراق بهدف محاربة الزمر الإرهابية التكفيرية، وبعد أن صادق البرلمان العراقي على قانون الحشد الشعبي الذي جعله جزءاً من القوات الرسمية المسلحة في البلاد؛ فما هو مصير هذا المكون الهام في مرحلة ما بعد داعش برأيكم؟ وكيف ستكون ردة فعل بعض المكونات في العراق ولا سيما قوات البشمركة الكردية بالنسبة إلى مصير الحشد الشعبي؟
الرئيس فؤاد معصوم: الحشد الشعبي لعب دوراً أساسياً في الدفاع عن أرض العراق وقدم الكثير من التضحيات في هذا المضمار، فالكثير من أعضائه استشهدوا أو جرحوا وأصيب بعضهم بعاهات دائمة خلال تلك المساعي الباسلة في الدفاع عن أرض الوطن ومحاربة الزمر الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، لذا لا بد من الحفاظ على حقوق هذا المكون الهام في المجتمع العراقي وعدم تبديدها.
وأما قانون الحشد الشعبي الذي صادق عليه أعضاء البرلمان فقد صادقنا عليه نحن أيضاً في مكتب رئاسة الجمهورية من منطلق اعتقادنا بضرورة الاهتمام أكثر بهذه القوات المسلحة، ولكن هناك بعض أعضاء الحشد ينتمون إليه بشكل غير قانوني وقلما يلتزمون بمقرراته الخاصة، لذا يجب متابعة هذا الأمر لوضع حل له.
قوات الحشد تعتبر دعامة أساسية في محاربة الإرهاب وقدمت خدمات جمة على هذا الصعيد، ولكن في الحين ذاته يجب العمل على تحقيق انسجام عسكري أفضل بين مختلف قطعاتها للحؤول دون تغلغل أشخاص غير لائقين في مكوناته، لأن هؤلاء يوجهون ضربة للمكون الأصلي الوفي في الحشد الشعبي.
وأما في مرحلة ما بعد تنظيم داعش الإرهابي، هناك العديد من المقترحات المطروحة من قبل مختلف المكونات السياسية والعسكرية في العراق، ولكنها حتى الآن لم تصقل بشكل واضح وتام، فهناك من يدعو إلى أن تكون قوات الحشد رديفة للقوات العسكرية، وهناك من يقترح دمج أعضائه الشباب في مختلف تشكيلات القوات العسكرية وإحالة كبار السن والشبان الذين لا يؤهلون للانخراط في القوات العسكرية بسبب عاهات بدنية على التقاعد.
إذن، لحد الآن لم يتم اتخاذ قرار نهائي حول مستقبل الحشد، ولكن في الوقت الراهن يعتبر وجوده ضرورياً ولا يمكن إنكاره بوجه، فهو دعامة أساسية حالياً في الدفاع عن حياض الوطن، ولولاه لتمكن الدواعش من التغلغل في عمق الأراضي العراقية ولوصلوا إلى كربلاء، بل وحتى بغداد.
مراسل تسنيم: القوات العسكرية التركية اجتاحت الأراضي العراقية وهي الآن تتواجد في بعض المناطق، وباعتباركم رئيساً لجمهورية العراق، هل تشجبون هذا الإجراء وتعتبرونه نقضاً لسيادة العراق؟ وما هي الرسالة التي توجهونها لحكومة أنقرة على هذا الصعيد.
الرئيس فؤاد معصوم: منذ دخول القوات التركية في الأراضي العراقية أعلنا عن استيائنا وأصدرنا بياناً شجبنا فيه هذا الإجراء كما أعربنا عن رفضنا له في لقاءاتنا مع مختلف المسؤولين الأتراك، وقد أكدنا على ذلك لرئيس الوزراء التركي في زيارته الأخيرة لبغداد وأخبرناه بأن هذا الإجراء يعد نقضاً لسيادة بلدنا.
نحن نرغب بإقامة علاقات حسنة مع أنقرة، ونسعى إلى عدم حصول هكذا مشاكل مستقبلاً، ومن المؤكد أن ما قامت به القوات العسكرية التركية يعتبر عملاً غير قانوني وسوف نبذل جهوداً ونمارس ضغوطاً سياسياً بغية وضع حل لهذه الأزمة عن طريق السلك الدبلوماسي حتى نرغم الأتراك على مغادرة أراضينا.
مراسل تسنيم: بعض البلدان الغربية ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، تعارض نشاطات بعض الشخصيات التي تقدم دعماً للعراق مثل اللواء قاسم سليماني وسائر المستشارين العسكريين الإيرانيين المتواجدين في العراق والذين يقدمون دعماً للحكومة العراقية في محاربة الإرهاب التكفيري، ولكننا نلاحظ أن رئيس الوزراء العراقي وكذلك وزير الخارجية قد أثنيا على اللواء سليماني وأعلنا بأن حضوره كان بدعوة مباشرة من قبل الحكومة العراقية.
فما هو رأيكم بهذا الموضوع بصفتكم رئيساً لجمهورية العراق؟
الرئيس فؤاد معصوم: لقد أعربنا عن رأينا في هذا الصدد وقلنا مراراً وتكراراً إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد بادرت إلى دعم الشعب والحكومة في العراق منذ أن بدأت الهجمات الإرهابية من قبل تنظيم داعش التكفيري، وأكدنا على أننا بحاجة ماسة إلى هذا الدعم الذي سيمكننا من هزيمة الدواعش وكسر شوكتهم.
تواجد اللواء قاسم سليماني في العراق هو في الحقيقة ضمن برنامج حضور المستشارين الإيرانيين والأجانب لتقديم الدعم الاستشاري اللازم في محاربة الإرهاب، فهناك مستشارون عسكريون من عدة بلدان إضافة إلى مستشاري الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض البلدان الأوروبية، لذا لا يمكن لأحد ادعاء أن تواجد المستشارين العسكرين الإيرانيين في العراق غير قانوني وليس لأحد الحق في الاعتراض على ذلك، فنحن نعتقد أن حضورهم يعد أمراً طبيعياً فالجمهورية الإسلامية لها الحق كسائر البلدان في تقديم الدعم العسكري للعراق.
وكما ذكرت آنفاً، فنحن نرغب في إقامة علاقات حسنة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما أن واقع علاقاتنا يفوق سائر العلاقات مع البلدان الأخرى، فهي علاقات فريدة من نوعها، وعلى الرغم من أن علاقاتنا حسنة مع واشنطن وسائر الحكومات في العالم، ولكن هذه العلاقات لا ينبغي أن تتعارض مع علاقاتنا مع طهران.
طبعاً هناك بلدان تربطها علاقات صداقة معها، ولكن هناك بلدان أخرى لدينا علاقات صداقة وطيدة وحميمة معها، فهي بلدان شقيقة، وأؤكد لكم بأن الكثير من الساسة في العراق لديهم علاقات حسنة مع اللواء قاسم سليماني.
مراسل تسنيم: سيادة الرئيس، هل من كلمة أخيرة توجهونها للقراء الكرام؟
الرئيس فؤاد معصوم: الشعب الإيراني هو شعب صديق وشقيق، ولدينا مشتركات كثيرة مع إخوتنا في الجمهورية الإسلامية، كما تربطنا ثقافة مشتركة وحدود تمتد إلى مئات الكيلومترات؛ وهذه الميزات تقتضي اتخاذ خطوات أساسية وهامة على صعيد توطيد العلاقات بين بغداد وطهران.
ويمكنكم مشاهدة التسجيل المصور لهذا الحوار أدناه:
/انتهى/