محافظة فارس زاخرة بالمعالم الأثرية العريقة، ومدينة داراب صورة مشرقة لتراثها الأصيل + صور وفيديو


محافظة فارس بمركزية مدينة شيراز الجميلة محفوفة في جميع نواحيها بالمعالم الطبيعية والتراثية التي تضرب بجذورها في شتى العصور التأريخية، ومدينة داراب مثال حي يجسد تراثها الأصيل وعراقة أهلها منذ سالف العهود ومن أبرز معالمها سور مشيد من الطين هو الأقدم من نوعه على وجه البسيطة.  

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.


لا يختلف اثنان في أن إيران بلد الحضارات والتراث العريق ومهما تحدثنا عن معالمها الطبيعية والتأريخية فلا يمكننا أن نفي بالغرض أو نصور جانباً بسيطاً من ماضيها التليد، ومحافظة فارس تعد صورة جلية لهذه الحقيقة بآثارها التي تضرب بجذورها في آلاف السنين، وفي هذا التقرير سنشير إلى جانب من تراثها في مدينة داراب الواقعة في الناحية الجنوبية الشرقية منه والتي كانت تسمى قديماً " داراب گرد " حيث يؤكد علماء الآثار بأن قدمته تعود إلى الألفية الخامسة قبل ميلاد المسيح (عليه السلام).

مدينة داراب هي إحدى ضواحي مدينة شيراز الجميلة وتفيد الوثائق التي دونها علماء الآثار بأن عمر حضارتها آلاف السنين وفيها مبنى قديم اسمه " داراب گرد " يعكس اسمها القديم حيث تم تشييده في العصر الإخميني بشكل مستدير لكن آثاره اندرست في العصر الحاضر ولم يبق منه سوى تل من التراب وخندق كبير محيط بالمدينة الحالية، ونظراً لقدمتها وجمال طبيعتها فهي تستقطب سنوياً الكثير من السائحين الذين يفدون إليها من شتى نواحي الجمهورية الإسلامية ومن بعض البلدان الأجنبية.

وفيما يلي نذكر بعض آثارها القديمة:

* معبد النار " آذرخش " المعروف باسم " مسجد سنگي "

على مسافة سبعة كيلومترات جنوب شرقي مدينة داراب وعلى سفح جبل اسمه " پهنا " يجد السائح مبنى أثرياً يعرفه السكان المحليون اليوم باسم " مسجد سنگي " ويعتقد بعض خبراء الآثار بأنه قبل العصر الإسلامي كان مبعد نار حيث يؤكدون بأنه شيد في العصر الساساني أو قبل ذلك وقد كان أحد أهم معابد النار لأتباع الديانة الزرادشتية، ولكن بعد انتشار الإسلام في إيران تحول إلى مسجد وبني فيه محراب.

في أحد جوانب هذا المعبد القديم هناك مكان مخصص لاستراحة كهنة المعبد قديماً.

* نقش شاپور " نقش رستم "

المعلم الأثري الآخر في مدينة داراب هو " نقش شاپور " الذي يقع على مسافة أربعة كيلومترات وفي الناحية الجنوبية بالتحديد، ويعود تأريخه إلى العهد الساساني ويعرفه أهالي المدينة باسم " نقش رستم " أيضاً، حيث يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار ويتضمن نقوشاً على صخرة جبيلة عظيمة تصور أحد الحروب التي انتصر فيها أحد الملوك الساسانيين على جيوش الرومان.

المساحة الإجمالية لهذا النقش التراثي الرائع تبلغ 63 متراً مربعاً وفي وسطها نقشت صورة للملك الساساني وهو راكب على فرسه وأمامه عدد من أسرى الجيش الروماني وهم عراة الرؤوس مع قادتهم الذن وقعوا في الأسر، وإلى جانب ذلك هناك نقش لعربة مليئة بالغنائم الحربية، وكذلك نقش للملك الروماني وهو يطلب من الملك الساساني أن يعفو عنه وهو واضع يده على رأسه.

* معبد النار " آذر جوي "

أحد المعابد الساسانية في مدينة داراب هو معبد " آذر جوي " الذي يقع على مسافة 10 كم غربي المدينة، وقد وصفه المؤرخ المسلم الشهير المسعودي في كتابه " مروج الذهب " بأنه كان واحداً من أكثر المعابد قدسية لدى أتباع الديانة الزرادشتية وأكثرها أهمية.

هذا المعبد التأريخي يشابه سائر المعابد في تلك الديار، إذ تم تشييده على هيئة أربعة أطواق تعلوها قبة دائرية تستقر على حجر كبير.

* الطاحونة الحجرية " آسياب سنگي "

شمالي مسجد سنگي الذي أشرنا إليه أعلاه هناك طاحونة حجرية كبيرة تقع في قلب الجبل الكامن هذا المسجد على سفحه، ويطلق عليه باللغة الفارسية " آسياب سنگي " حيث يتكون من إسطوانتين حجريتين عظيمتين وقد تم تشييدها فوق الجبل لأجل توفير المياه اللازمة لحركتها.

* المسجد ذو المنارات الأربعة

المسجد الجامع ذو المنارات الأربعة يعد أقدم بناية تأريخية في مدينة داراب الجديدة، ومناراته مزينة بنقوش إسلامية من الآجر والطابوق ودونت عليها آيات قرآنية بالخط الكوفي، وإلى جانب الرواق الأصلي للمسجد يوجد ممر فيه عدة دهاليز ضيقة توصل بينه وبين الرواق وسائر أجزاء المسجد.

يقع هذا المبنى التأريخي في مركز مدينة داراب الجديدة وقرب السوق الكبير، وإبان عهد حكومة الملك الصفوي طهماسب الأول تم ترميمه وإعادة تأهيله للمصلين، والجميل فيه أيضاً أن باحته مليئة بأشجار النخيل الضخمة المعمرة وكذلك أشجار البرتقال والنارنج.

فن العمارة الذي يزين هذا المسجد هو من الطراز الهندي حيث يشابه التقنية المعمارية التي شيدت على أساسها مقبرة اعتماد الدولة الطهراني في مدينة أكرا الهندية وكذلك يناظر المسجد الجامع القديم، وهو بشكل مستطيل مكعب وعلى زواياه الأربعة الأساسية تم تشييد أربع منارات، وأكبر جزء فيه هو رواقه المركزي الذي يحيط به إيوانان واسعان بسقف مرتفع من ناحيتيه الشمالية والجنوبية، كما يحاذيه من الناحية الغربية إيوانان صغيران بسقف منخفض نسبياً وفيهما عدد من الدهاليز الصغيرة والكبيرة التي توصله بالباحة الخارجية.

/ انتهى/