مكانة الشيعة والمستقبل الذي ينتظرهم في السعودية
يتعرض الشيعة في السعودية بشكل دائم الى شتى انواع الضغوط ولايتمتعون كباقي المواطنين السعوديين بأبسط الحقوق الاساسية كما انهم لايتولون اي مناصب سياسية واقتصادية واجتماعية في البلاد.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للانباء ان تأسيس الحكومة السعودية رافقه منذ البداية قمع وتهميش للشيعة واكتسبت سياسة اضعاف الشخصيات الشيعية صبغة حكومية وتحولت الى سياسة رسمية لنظام آل سعود.
وفي ظل هذه الاجواء، ورغم ان الشيعة يسعون للحفاظ على هويتهم، تبنوا سبلا مختلفة بدءا من الثورة وانتهاء بالحوار والمساومة مع الحكومة، لكنهم لم يحققوا اهدافهم حتى الان، وبالنظر الى التعاطي العنصري من قبل آل سعود مع الاقلية الشيعية سنقوم في هذا الملف بدراسة الحالة والتحديات والسيناريوهات التي تنتظر الشيعة في السعودية.
ستتواصل ممارسات التمييز والعنصرية بحق الشيعة في السعودية وذلك بسبب الارتباط بين هيكلية القوة والايديولوجية الوهابية والاختلاف في النظرة النضالية بين الناشطين الشيعة، كما انه لن يكون الخروج من هذه الحالة مفيدا، لذلك يجب على قيادات ونخب الشيعة القبول بالحالة الموجودة وتبني استراتيجيات سلمية قائمة على الحوار وتعزيز تعاملهم وعلاقاتهم مع باقي المجموعات والشبكات الداخلية.
مقدمة
تعتبر الشيعة في السعودية اقلية مهمة وبارزة حيث يقطن معظمها في المنطقة الشرقية التي تعتبر اكبر منطقة نفطية سعودية، ويتعرض الشيعة في السعودية بشكل مستمر للتمييز السياسي والثقافي والاقتصادي وتتجاهل هويتهم الشيعية، وبوصفهم اقلية صغيرة لايمكنهم بأي شكل التمتع بتأثير سياسي كبير في هذا البلد.
لذلك، كانت ممارسات التمييز المختلفة عبر التاريخ مصداقا لحقيقة ان الشيعة يتعرضون دوما للضغوط ولايمكنهم التمتع كباقي المواطنين السعوديين بأبسط الحقوق الاساسية كما انهم لايتولون اي مناصب سياسية واقتصادية واجتماعية.
وفي ظل هكذا اجواء من التمييز والقمع، حاول الشيعة خلال مراحل مختلفة الرد على القيود المفروضة لأحياء هويتهم الشيعية عبر تأسيس حركات ثورية وتحركات مسلحة، حيث ادت سياسة القمع والرد الحكومي الهمجي من جهة وتغيير الظروف الداخلية والاقليمية الى تغيير سياستهم واستراتيجيتهم نحو السبل السلمية والحوار مع الحكومة.
وفي الحقيقة ان التخلي عن الطريق الثورية مع الحكومة السعودية ادى الى تحسن اوضاع الشيعة في المنطقة الشرقية قليلا، ورغم ذلك ان حكام السعودية يقومون ببعض ممارسات التمييز بين الحين والاخر، وفي ظل هذه الاجواء ان نجاح الاقلية الشيعية مرتبط بإتخاذ استراتيجية المساومة واستغلال الاجواء المتوفرة من اجل الحوار مع الحكومة.
والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه بعد تلك التحليلات هو انه بالنظر الى سياسة آل سعود الرسمية القائمة على تهميش الشيعة، كيف يجب ان تطرح الاستراتيجية المتخذة من قبل الشيعة في ظل هذه الاجواء؟ والفرضية التي سنطرحها ردا على ذلك السؤال هي انه بالنظر الى الارتباط بين القدرة والسياسة في السعودية مع الفكر الوهابي والاختلاف بين اساليب النضال وعدم الانسجام البنيوي والتشكيلاتي بين المجموعات الشيعية، ان الاستراتيجية المتخذة من قبل الشيعة يجب ان تأخذ بعين الاختبار المنطق وحقائق السياسة والمذهب في السعودية من جهة ومن جهة اخرى ماهو مسموح وممنوع للمجتمع الشيعي وامكانية توفير مصالح وهوية الشيعة عبر السبل السلمية ، وللاجابة على ذلك سندرس في البداية حالة ومكانة الشيعة في السعودية ومن ثم التطرق الى سياسات حكومة آل سعود المناهضة للشيعة، ومن ثم تشكيل الحركة الشيعة في السعودية وفي النهاية التطرق الى السيناريوهات المرتقبة لهذه الاقلية وسبل الخروج من هذه الحالة.
حالة ومكانة الشيعة في السعودية
تحظى دراسة اوضاع الشيعة بالسعودية بأهمية بالغة ويمكن عبر معرفة هذه الاقلية الشيعية الحصول على حقائق ووقائع مفيدة، اولها، ان شيعة المنطقة الشرقية يقطنون في اكثر المناطق الاستراتيجية حيوية في هذه المملكة، هذه المنطقة التي يقع فيها اكثر الحقول النفطية السعودية وابرزها الغوار والقطيف بوصفهما اكبر حقول النفط في العالم، وثانيها، من الناحية الامنية الدولية والتجارة العالمية يقطن شيعة السعودية في منطقة قريبة من ثلاثة دول مطلة على الخليج الفارسي هي ايران والعراق والبحرين وتشكل الشيعة غالبية هذه الدول، وآخرها، ان الشيعة بوصفهم مجموعة متميزة بسبب خصائصها ورؤيتها المذهبية وقدرتها السياسية يشكلون اكبر ركن معارض في السعودية.
في الحقيقة ان حالة ومكانة الشيعة الحالية متأثرة بحركة الاحياء الديني وتطهير الاسلام من شرك وبدعة محمد بن عبدالوهاب، ان اتحاد عبدالوهاب ومحمد بن سعود في عام 1744 منح الشرعية لمشروع تأسيس حكومة في عام 1932، ان الشيعة في السعودية منذ بداية تأسيس حكومة السعودية تعرضوا الى ضغوط سياسية واجتماعية واقصادية شديدة بسبب التوجه الشديد من الحكومة السعودية نحو الوهابية ولم يحظوا باي وسيلة للدخول بسلسلة المناصب في السعودية، واليوم تستولي الوهابية على القضاء والتعليم والقضايا المذهبية في السعودية.
ويظهر بشكل واضح عدم المساواة والتمييز بين الشيعة عن باقي السعوديين، حيث تمتنع الحكومة السعودية بشكل متعمد عن تقديم احصائية رسمية عن الاقليات لاسيما الشيعة، ان احصاء عدد الشيعة في السعودية بشكل دقيق امر مستحيل الى حد ما، لكن نسبتهم تقدر بين 5-15 بالمئة من سكان السعودية و33 بالمئة من سكان المنطقة الشرقية، لكن حسب احصائيات غير رسمية قدر عدد الشيعة في السعودية بأكثر من مليون و700 الف شخص حيث يقطن غالبيتهم في المنطقة الشرقية، ويشكل الشيعة في القطيف 97 بالمئة والاحساء 60 بالمئة والدمام مركز الشرقية 20 بالمئة من سكان هذه المناطق، كما يسكن الاسماعيليون ايضا في المناطق الجبلية جنوب غرب المملكة والمتاخمة للحدود اليمنية حيث يعتبرون من الاقليات ايضا.
ويطوق السكان الشيعة الذين يقطنون في الحدود الشرقية وفي المركز النفطي في السعودية، بحدود المجتمع السني جغرافيا واجتماعيا، حيث يعتبر عدم المواكبة والحرمان المؤسساتي من العوامل الرئيسية لاحتجاج واعتراض المعارضة الشيعية.
ولاقت الاحتجاجات في القطيف والاحساء الرفض والقمع في الماضي عدة مرات لاسيما بعد عام 1979 بسرعة وبشكل وحشي، وكان اخرها عندما شهدت هجوم القوات السعودية في عام 2009 على الحجاج الشيعة في المدينة ومظاهرات مارس 2011 في القطيف، وان شدة العداء للشيعة بين السنة في السعودية قيدت قدرة حركة الاصلاح الشيعية في الحصول على دعم خارجي.
ويفكر شيعة المناطق الشرقية في السعودية بوصفهم احدى المجموعات المعارضة للحكومة السعودية في الوقت الراهن بكيفية قدرتهم على اضعاف المبادىء الاديولوجية ومشروعية النظام السياسي الحاكم في السعودية عبر تقديم تفسير آخر للروايات التاريخية.
/نهاية الجزء الاول/