المسجد الجامع العتيق في مدينة قزوين + صور وفيديو
طهران/ تسنيم// محافظة قزوين معروفة بمناظرها الطبيعية الجميلة والمتنوعة من جبال وسهول وهضاب خضراء، كما أنها تضم بين أكنافها آثاراً قديمة تضرب بجذورها في شتى الحقب التأريخية ومن جملتها مسجد تراثي يعتبر أقدم مسجد جامع في تأريخ إيران، حيث شيد على أطلال معبد ساساني، لذا فهو واحد من الأماكن السياحية الهامة في المحافظة.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
محافظة قزوين يعرفها القاصي والداني بمعالمها الطبيعية الفذة الفريدة من نوعها والتي تضفي طلاوة وعذوبة للنفوس ولا سيما في فصل الصيف، فالأجواء في جميع أكنافها معتدلة تنعش النفوس، وإلى جانب هذه الخصيصة الطبيعية فهذه المحافظة مليئة بالآثار القديمة التي تضرب بجذورها في شتى الحقب التأريخية وأبرزها المسجد الجامع الكبير (العتيق) الواقع في شارع "سپه" وتعود أهميته إلى أنّه أقدم المساجد الجامعة في إيران، فقد تم تشييده على أطلال أحد المعابد الساسانية القديمة، لذلك فقد أمسى قبلة سياحية حيث يستقطب نحوه في جميع أيام العام سائحين من شتى أرجاء الجمهورية الإسلامية والعالم.
* عمارة المسجد الجامع العتيق
يتكون المسجد الجامع الكبير (العتيق) في مدينة قزوين من أربعة إيوانات كبيرة وتقع بوابته الكبيرة والرئيسة في شارع الشهداء المسمى "سپه" سابقاً، وقد تم تشييده بأمر من هارون الرشيد في سنة 192 هـ على ركام أحد المعابد الساسانية، وبعد الهجمة المغولية على إيران تعرض لدمار في بعض جوانبه لكن تم ترميمه فيما بعد.
يمتاز هذا المسجد التراثي بوجود بوابات ي جهاته الأربعة ومقابل كل بوابة توجد باحة كبيرة وفي هذه الباحات توجد الإيوانات الأربعة الضخمة.
أروع معالم فن العمارة الإسلامي والتقليدي في هذا المسجد وفي العالم الإسلامي بأسره يجدها السائح في قبته الجميلة ومنارتيه وباحاته الأربعة، والصبغة الغالبة عليها أنّها تماثل الفنون المعمارية التي شاعت في العصرين السلجوقي والصفوي.
منارة المسجد زرقاء اللون تقع في ناحيته الجنوبية وهي مشيدة من الطابوق، ومنارتاه مزينتان بنقوش الفسيفساء الرائعة، ونظراً لارتفاعهما فإنها يتجليان للعيان من مسافات شاهقة.
المساحة الإجمالية للمسجد تبلغ أكثر من 3500 متر مربع، وحينما يدخل السائح في صالة المسجد يجد نفسه في مكان روحاني عظيم يعلوه فضاء رحب أسفل القبة الواسعة الشاهقة المزينة بأروع النقوش والزخارف الفريدة من نوعها، في أقصى الجنوب من هذه الصالة الكبيرة يرى أمامه محراباً هو الغاية في الروعة والجمال حيث غطيت جدرانه بحجر الرخام الفاخر وتحيط به زخارف الفسيفساء الملونة الجميلة وإلى جانبه منبر هو الآخر يعتبر تحفة معمارية وفنية حيث صنع من حجر الرخام أيضاً، وجماله حقاً فذ لا نظير له.
تحيط جدران المسجد كتابات ونقوش بارزة من الفسيفساء والكلس، حيث دونت فيها آيات قرآنية من عدة سور ومن جملتها سورة البقرة المباركة، وتتراكم هذه الآيات حول المحراب، ويقول المسؤولون عن المسجد أنّه لم يكن بهذا الحجم قبل العهد الصفوي، بل كان عبارة عن مسجد صغير وقد تعرض لدمار جراء الهجمة المغولية على الأراضي الإيرانية، لذلك بادر الصفويون إلى ترميمه وتوسيع نطاقه كما أن بعض حكام العهد القاجاري بادروا إلى إعادة ترميمه، لذلك نجد فيه آثاراً تدلّ على فنون العمارة المتعارفة في مختلف الحقب الزمنية، لكن أقدم جزء فيه يرجع إلى القرن الثاني الهجري.
إيوانات المسجد أعيد ترميمها أيضاً في العهد الصفوي بينما الإيوان الشرقي بالتحديد رمم في العهد القاجاري، وفي سنة 500 هـ أمر وزير الملك السلجوقي الأمير خمار تاش بن عبد الله العمادي ببناء مقصورة في ناحيته الجنوبية وهي التي يطلق عليها اسم مقصورة خمار تاشي.
* معلومات تأريخية عن المسجد الجامع العتيق
تفيد بعض الوثائق التأريخية بأن هذا المسجد الكبير شيد بأمر من الخليفة العباسي هارون الرشد في سنة 192 هـ وقد تم ترميمه فيما بعد في سنة 393 هـ بأمر من أبي أحمد الكسائي وساوة منادي، وفي سنة 413 هـ بنيت باحته الكبيرة بأمر من سالار إبراهيم مرزبان، وفي سنة 509 هـ بنى الأمير زاهد خمار تاش بن عبد الله العبادي مقصورته الكبيرة وقبته وشيد إلى جانبة مدرسة وخانقاه وأمر بحفر بئر، وفي سنة 548 هـ شيد الملك مظفر الدين ألب أرغون بن تعش ملحقاً إضافياً للمسجد في جهة القبلة حيث خصص آنذاك لحلقات الدروس والحديث وتفسير القرآن الكريم، وفي العهد الصفوي اتسع نطاقه أكثر وأضيفت إليه ملحقات أخرى ونقشت فيه نقوش جميلة وكتابات دينية فريدة من نوعها لتكتمل عمارته الجميلة إبان العهد القاجاري فيما بعد.