الاعتقالات الواسعة في السعودية.. اقصاء للمعارضين أم محاربة للفساد؟
طهران / تسنيم // يرى المراقبون للشأن السعودي ان تشكيل "لجنة محاربة الفساد" في هذا البلد في ظل الظروف الراهنة تبدو اكثر من انها تهدف الى اجتثاث جذور الفساد المتفشىي في المملكة، فهي صممت بهدف اقصاء المعارضين عن المشهد السياسي في هذا البلد .
قام سلمان بن عبدالعزيز في خطوة مفاجئة وخاطفة وتحت غطاء محاربة الفساد الاقتصادي، بعزل واعتقال، 11 أميراً و38 وزيراً سعودياً حالياً وسابقاً من بينهم متعب بن عبدالله نجل الملك عبدالله الملك السعودي السابق ورئيس الحرس الوطني والملياردير السعودي الوليد بن طلال.
وشكل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، مؤخرا لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان من أجل كما سموه محاربة الفساد.
تحول الفساد في البلاط السعودي الى ظاهرة طبيعية وامر روتيني وهذه المسألة ليست جديدة ليتعامل معها النظام السعودي على انها غريبة، ان تشكيل هكذا لجنة في ظل الاوضاع الراهنة يطرح السؤال التالي، ما هو هدف الملك السعودي من هذه الاجراءات؟
يرى المراقبون للشأن السعودي ان تشكيل "لجنة محاربة الفساد" في هذا البلد في ظل الظروف الراهنة تبدو اكثر من انها تهدف الى اجتثاث جذور الفساد المتفشىي في المملكة، فهي صممت بهدف اقصاء المعارضين عن المشهد السياسي في هذا البلد؛ لاسيما وأنه يُرى بين هؤلاء اشخاص كانوا يتولون مناصب حساسة ورئيسية، ويعزز هذا الظن عزل متعب بن عبدالله ابن الملك عبدالله ورئيس الحرس الوطني السابق، اذ يتبين أن هدف الملك السعودي من تشكيل هذه اللجنة شىء أكبر من محاربة الفساد.
ويبدو أن هذه الاجراءات تحدث بهدف تهيئة الاوضاع من أجل انتقال السلطة في هذا البلد وتنصيب هادىء لمحمد بن سلمان ملكأ على العرش.
فقد تم عزل متعب بن عبدالله بن عبدالعزبز عن رئاسة الحرس الوطني وتحويل هذه المهمة الى شخص مقرب من محمد بن سلمان تجنباً لوقوع أي تحرك محتمل ضد الاخير مستقبلاً، ومن خلال تلك الخطوة سيكون التحكم الكامل بالاجهزة الامنية في قبضة ولي العهد السعودي، كما تم سابقاً في اخراج بن نابف من وزارة الداخلية وتسليمها لشخص محط ثقة بن سلمان.
وتحدث هذه الاعتقالات بعد أن عزل الملك سلمان ولي العهد محمد بن نايف بهدف ابعاد منافس نجله، فلاخبار داخل السعودية تشير الى ان بن نايف وضع تحت الاقامة الجبرية وممنوع من الخروج.
قام الملك السعودي بعد وفاة الملك عبدالله بتغييرات في السلطة بالسعودية فسلم منصب وزارة الدفاع المهم لأبنه المغمور ومن ثم نصبه ولياً لولي للعهد، وعندما حانت الفرصة المناسبة لعزل ولي العهد لم يتوانى لحظة ونصب محمد بن سلمان ولياً للعهد بعد عزل بن نايف.
واليوم استنتج الملك السعودي بمساعدة مستشاريه أن أبسط واقل الطرق تكلفة لمواجهة معارضي بن سلمان هو فتح ملفات فساد المعارضين لأنه ادرك ان نجله يواجه معارضين شرسين في الداخل فلم يرى حيلة من أجل وصوله للسلطة سوى اقصاء هؤلاء، وفي هذا الصدد يحاول تحت راية محاربة الفساد إزاحة معارضي محمد بن سلمان عن الطريق.
ستعزز هذه الخطوة مكانة محمد بن سلمان كما انها أقل تكلفة للنظام السعودي من جهتين، "الاولى"، حيث سيزيح معارضيه عبر هذه الخطوة وتحت محاربة الفساد و"الثانية" هي ان هذه الخطوة الداخلية سيرافقها تأييد داخلي وستعزز من مكانة الولي العهد السعودي في السلطة اكثر من السابق، لأن الشعب السعودي ليس راض عن الامراء الذين يأخذون اموال النفط ويملكون ثروات طائلة، كما لن يحدث ابعاد الامراء أي ضجة وسيتم اغلاق أي طريق من طرق المعارضة، كما ستجعل هذه الخطوة من محمد بن سلمان ان يمتلك الجرأة الكافية لمحاربة الفساد والاصطدام مع الامراء داخل السلطة الامر الذي لم يقم به شخص قبله.
في واقع الامر، تأتي هذه الخطوات استكمالاً لسياسة "الاصلاحات" التي بدأها ولي العهد في الحكم السعودي والذي يحاول من خلالها تعزيز قدراته في الداخل واكتساب الراي العام الدولي عبر الظهور في حلة "الوسطية"، "المنادية بمحاربة التطرف والساعية وراء الاصلاحات السياسية في البلاد!!!".
بقلم : حسن رستمي كاتب وصحفي
/انتهى/