أبو بكر البغدادي يتربع على عرش التنظيمات الإرهابية في العراق بعد هلاك أبرز قياداتها


طهران / تسنيم // المجرم السفاح أبو بكر البغدادي كان أشبه بالنكرة ولا وزن له ولا قيمة بين الزمر الإرهابية المسلحة في العراق، لكن بشكل غامض مثير للشك أطلق سراحه من سجن أمريكي ليتسلسل شيئاً فشيئاً في سلم قيادة هذه الزمر إلى أن حان الموعد المقرر من قبل أسياده لتولي زمام الأمور بالكامل بعد هلاك سلفيه الإرهابيين أبي عمر البغدادي وأبي أيوب المصري المدعو أبو حمزة المهاجر.

خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء: لقد انهار مشروع داعش في المنطقة دون ان يثمر سوى عن إزهاق أرواح الأبرياء وإهدار ثروات البلدان الإسلامية وتدمير بناها التحتية، ولا سيما في العراق وسوريا؛ وكان قائد فيلق القدس  اللواء قاسم سليماني وعد سابقاً بتحقق هذا النصر المؤزر في مدة قياسية بفضل دماء شهداء أبطال المقاومة والقوات المسلحة العراقية والسورية، ومن هذا المنطلق تنشر وكالة تسنيم الدولية للأنباء عدداً من التقارير الخاصة بهذا الإنجاز العظيم الذي أبهر العالم بأسره وفي الحين ذاته أغاض أعداء الإسلام والإنسانية من صهاينة وأمريكان و وهابية.

 * عام 2010م مرحلة جديدة من عمر الإرهاب في العراق

في التاسع عشر من شهر شباط / أبريل عام 2010م هلك قائد تنظيم القاعدة في العراق وقائد ما يسمى بدولة العراق الإسلامية، حيث شنت القوات المشتركة العراقية والأمريكية هجوماً مباغتاً على منطقة الثرثار واستهدفت منزلاً كان يختبئ فيه هذان الإرهابيان، وبعد اشتباك مسلح في المنطقة الواقع فيها تمّ قصفه جوياً مما أدى إلى مصرع كلّ من فيه، لكن التنظيمات الإرهابية لم تعلن عن ذلك إلا بعد أسبوع، ثمّ بعد ثلاثة أيام من إعلانها هذا أنيطت شؤون القيادة للسفاح "أبو بكر البغدادي" الذي يكتنف شخصيته وكيفية وصوله إلى سلم القيادة الكثير من الغموض لا سيما وأنّه كان معتقلاً لدى القوات الأمريكية لمدة طويلة ثمّ أطلق سراحه بشكل مثير للاستغراب ايضا.

* من هو أبو بكر البغدادي؟

بعد مصرع أبرز قيادات تنظيم القاعدة في العراق وكذلك قيادات ما يسمى بدولة العراق الإسلامية وعلى رأسهم أبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري، سنحت الفرصة لإرهابي سفاك للدماء "ابو بكر البغدادي" بأن يتولى زمام الأمور بدلاً عنهما رغم أنّه أشبه بالنكرة بالنسبة إلى الزمر الإرهابية.

اسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي، واسمه المستعار أبو بكر البغدادي، ويقال أنّه كان يتردد على عدد من مساجد سامراء وبغداد والفلوجة.

وقد كان البغدادي هذا معتقلاً لدى الأمريكان إثر هجوم مسلح قامت به عناصر مسلحة على القوات الأمريكية في مدينة الفلوجة، حيث أمضى مدةً لديهم في سجن "بوكا" لكن بعد مصرع قادة أبرز قيادات التنظيمات الوهابية الإرهابية سرعان ما أطلق سراحه وسط ظروف غامضة مثيرة للشك والترديد حول مدى ارتباطه بالمخابرات الأمريكية؛ ففي أواخر عام 2009م خرج من سجنه ليتزعم فوراً الزمر المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في العراق وتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق.

وحسب وثائق معتبرة، إنّ هذا الإرهابي ومساعده أبا مسلم التركماني والقياديين الموالين له حجي بكر وأبا قاسم، قد كانوا معتقلين معاً لدى الأمريكان في سجن بوكا، لذلك لا صحة لما يقال من أنّهم تعرفوا على بعضهم في سوريا.

كما أنّ أحد العسكريين الأمريكان دوّن مقالة في صحيفة نيويورك تايمز قبل مدة تحدث فيها عن ظاهرة عجيبة بالنسبة إلى الإرهاب التكفيري؛ مؤكدا على أنّ الغالبية العظمى من قيادات "داعش" كانوا معتقلين لدى الأمريكا؛ ومبينا ان أبو بكر البغدادي وسائر المتطرفين قبل اعتقالهم من قبل القوات الأمريكية كانوا يحاولون مواجهتها عسكرياً، ولكنّ تطرفهم هذا تزايد بشكل كبير بعد اعتقالهم وزجهم في السجون التي يشرف عليها الأمريكان في العراق، وهذا الأمر يثبت بضرس قاطع أنّ السجون الأمريكية عبارة عن جامعات افتراضية لتعليم الإرهاب والتطرف للسجناء.

* الزمر الإرهابية الموالية لأبي بكر البغدادي في العراق

بعد أن تصدى السفاح أبو بكر البغدادي زمام أمور الجماعات الوهابية الإرهابية في العراق ومحاولته إعادة هيكلتها في إطار جديد حسبما خطط له سابقاً، حدث أمر أثار دهشة جميع الأوساط الإعلامية والسياسية والعسكرية، حيث بادر الأمريكان في العراق إلى إطلاق سراح أعداد كبيرة من الإرهابيين الذين ارتكبوا فجائع كبيرة بذريعة أنّ فترة حكمهم قد انتهت ولم تسلمهم للحكومة العراقية رغم أنّهم مطلوبون للعدالة، حيث كانوا معتقلين في سجن أبي غريب؛ حتى أن الأمريكان وفروا لهم الغطاء الآمن في الوصول إلى المناطق التي تعتبر حواضن للإرهاب في العراق؛ وبالفعل فقد وصلوا إلى هناك بسلام وسط ظروف غامضة وانضموا مباشرة إلى صفوف التنظيم الإرهابي الجديد الذي يشرف عليه البغدادي وزمرته، ومن المؤسف أنّ غالبية هؤلاء كانوا من المتخصّصين في التفخيخ والتفجير والقنص والذبح وقيادة حروب الشوارع وماضيهم زاخر بالفتك والقتل والذبح مما قوى من شوكة التنظيم الإرهابي الذي يتزعمه البغدادي وكأنّه هذا الرجل كان ينتظر هؤلاء كي يكمل مؤسسته القيادية وكوادره المتخصصة!

* عام 2011م الإعلان الرسمي عن ولادة "داعش"

في ربيع عام 2011م بدأت أعمال الشغب داخل الأراضي السورية بدعم خارجي صريح؛ الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الزمر الوهابية المتطرفة كي تنفث سمومها بحرية وتحرق الحرث والنسل، لذلك سرعان ما بسط تنظيم القاعدة الإرهابي نفوذه على الساحة وتمكنت القوات المدججة بالسلاح والتابعة لأبي بكر البغدادي زعيم ما يسمى بدولة العراق الإسلامية من التغلغل في الأراضي السورية بمعونة زمر إرهابية تمت هيكلتها هناك استعداداً لهذا اليوم المرتقب.

أول عملية إرهابية نفذتها الزمر الوهابية في سوريا كانت في شهر كانون الأول / ديسمبر عام 2011م حيث شنت هجمات انتحارية وفجرت أهدافاً في دمشق العاصمة، حيث أعلن تنظيم وهابي جديد مسؤوليته عن هذه العمليات الفتاكة، وهذا التنظيم هو "جبهة النصرة" التي تكاتفت مع زمرة البغدادي لقتال الجيش السوري وسحق الشيعة في هذا البلد والإطاحة بالنظام الحاكم.

* جبهة النصرة

التنظيم الوهابي الأبرز على الساحة السورية هي "جبهة النصرة لأهل الشام"، حيث تأسست في أواخر عام 2011م وتتبنى قادتها وأعضاؤها الفكر السلفي التفكيري المتقوم على فتاوى مشايخ الوهابية في السعودية، وتعد الذراع الأيمن لتنظيم القاعدة في الشام، وكانت تنشط بشكل أساسي في إدلب واحلب ودير الزور بشكل أساسي إلى جانب نشاطاته في بعض المناطق الأخرى.

* الدعم الاستشاري من قبل الحرس الثوري الإيراني

بعد تصاعد وتيرة العنف المسلح والذبح والتفجير على الطريقة الوهابية وبقاء الشعب السوري المغلوب على أمره وحيداً أمام مؤامرة عالمية قذرة تقودها أمريكا و"إسرائيل" والسعودية، وجدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنّ مبادءها الإسلامية والإنسانية تحتم عليها حقن دماء هذا الشعب الجريح والحفاظ على سلامة أراضيه من التقسيم؛ فقدمت دعماً استشارياً للقوات المسلحة السورية بغية الحفاظ على ما تبقى من الأراضي السورية نزيهةً من دنس الإرهاب التكفيري وذلك طبعاً بدعوة رسمية من الحكومة السورية، ثمّ دعمت المقاومة الإسلامية وآزرتهم بقوات فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإسلامية مما أدى إلى عرقلة مساعي التنظيمات الإرهابية المسلحة في الاستحواذ على رقعة أكبر وقتل عدد أكبر من الشعب السوري بجميع طوائفه وأديانه، فقد كان الفضل للضباط الاستشاريين الإيرانيين كبيراً في هذا المضمار.

* عام 2013م الإعلان عن تأسيس "داعش"

في باكورة شهر نيسان / أبريل عام 2013م نشر شريط مسجل للإرهابي الوهابي أبي بكر البغدادي أعلن فيه عن إدغام تنظيمي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق مع بعضهما في إطار تنظيم جديد باسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" Islamic State of Iraq and Levant والتي اختصر اسمها إلى "داعش"، وبعد هذا القرار الذي يشكك الكثير من المراقبين بالظروف التي اكتنفته والجهات الدولية والاستخبارية التي خططت له، استاءت الأوضاع على الساحتين السورية والعراقية إلى حدٍّ كبير ليصبح كالأخطبوط الذي مد أذرعه في كلّ زاوية من أراضيهما.

* توسع رقعة سيطرة داعش في العراق وسوريا

بعد تأسيس تنظيم داعش الإرهابي بدعم دولي واستخباري، احتدمت الحرب الداخلية في سوريا وتزايدت عمليات التفجير والذبح، كما بادر المسلحون الذين كانوا يسيطرون على مدينة الرقة إلى تسليمها للدواعش على طبق من ذهب ليعلن البغدادي بأنّها عاصمة دولته المزعومة، ومنذ تلك الآونة بدأت وتيرة الأحداث تتصاعد بشكل مشهود، واتجه الدواعش نحو الحدود العراقية بكل قوة وتحت أنظار الطائرات الأمريكية التي كانت تحلق فوق رؤوسهم وكأنّها توفر الحماية لهم!

* بداية انهيار حواضن الإرهاب في العراق واستقبالها لدواعش البغدادي

تفيد إحصائيات موثقة أنّ إرهابيي تنظيم داعش حينما اقتحموا العراق دمروا في النصف الأول فقط من عام 2013م أكثر من 1400 منزل تابع للأسر التي لم تبايعهم، حيث فخخوها وفجروها في إطار عمليات ممنهجة أدت إلى سقوط أكثر من 1996 ضحية وجرح أكثر من 3021 شخصاً بين طفل وامرأة وكهل.

من المؤسف أنّ تنظيم داعش في هذه الفترة تمكن من الاستحواذ على عدة مناطق استراتيجية في العراق، والمثير للاستغراب أنّ الأسلحة والمعدات العسكرية التي تمكنت القوات العراقية من اغتنامها من الدواعش كانت متطورة للغاية ومصنعة في بلدان يقال أنّ أجهزتها الاستخبارية هي التي دعمت البغدادي وطلبت منه تأسيس ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، كما أثبتت الدعم المالي والتسليحي الكبير الذي كان يتلقاه هذا التنظيم الارهابي المتطرف من جهات أجنبية عديدة، لذلك أعلنت الحكومة العراقية مراراً وتكراراً بأنّ تنظيم داعش مدعوم من قبل السعودية وقطر وتركيا ويشرف عليه جهازا استخبارات "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية، لكن الأوساط السياسية والإعلامية في العالم تجاهلت هذه النداءات والتزمت جانب الصمت إزائها.

* عام 2014م تغلغل داعش في مساحات شاسعة من العراق

في شهر حزيران / يونيو عام 2014م حقق الدواعش أبرز إنجاز في تأريخ تنظيمهم الإرهابي الدموي، حيث تمكنوا من التوسع في جميع مناطق مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق دون مقاومة تذكر، حيث تركت قوات الجيش والشرطة مواقعها وفسحت المجال للدواعش ببسط نفوذهم بكل راحة وحرية مما أدى إلى تأزيم الأوضاع سياسياً في العراق، ثمّ بعد فترة وجيزة تمكنوا من السيطرة على مدينة تكريت مسقط رأس الدكتاتور المقبور صدام، وخلال فترة وجيزة نسبياً استحوذوا على مساحات شاسعة ومناطق عديدة من العراق وسوريا.

* إعلام دولة الخلافة الإسلامية المزعومة

بعد أقل من شهر بعد سقوط مدينتي الموصل وتكريت، نشر تنظيم داعش شريط فيديو يعلن ابا بكر البغدادي "خليفةً على جميع المسلمين في العالم"، كما أعلن فيه عن تغيير اسم التنظيم من "الدولة الإسلامية في العراق والشام" إلى "دولة الخلافة الإسلامية" ليثبت للعالم أجمع أنّ أهدافه تتعدى حدود العراق وسوريا، وهذا الأمر حذر منه المسؤولون العراقيون سابقاً لكن لم يصغ لهم أحد؛ فالبغدادي وزمرته كانوا يطمحون إلى بسط نفوذهم في جميع البلدان الإسلامية دون استثناء، وفي هذا السياق طبع هذا التنظيم الإرهابي نقوداً جديدةً في إطار "دينار" وأصدر جواز سفر وأسس جهاز شرطة وقامت القوات التابعة له بدوريات في المناطق الخاضعة لسيطرته وشيد محاكم شرعية تصدر أحكامها وفق النهج السلفي الوهابي البحت، وبدأ يسرق نفط العراق وسوريا ويبيعه لتركيا و"إسرائيل"، كما دشّن قناة فضائية.

* أول خطبة للبغدادي في مسجد النوري بالموصل

بعد أن سيطرت زمرة أبي بكر البغدادي على الموصل، أو بالأحرى بعد أن قدمت لهم هذه المدينة على طبق من ذهب، فاجأ هذا الإرهابي العالم حينما اعتلا منبر أكبر وأشهر مسجد في المدينة ألا وهو مسجد النوري، وألقى خطبة أثارت الكثير من الجدل آنذاك لما اكتنفها من ملابسات، فقد دعا الناس إلى وجوب طاعته والبيعة لتنظيمه، وهذه الخطبة منحت الدواعش دفعة روحية قوية بما مكنهم من التمدد أكثر في الأراضي العراقية والسورية.

* محاصرة أربيل والدور البارز للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الدفاع عنها

بعد أن وسع الدواعش نفوذهم في المناطق الشمالية والغربية من العراق، عجزوا عن اقتحام المدن والمحافظات التي يقطنها الشيعة، لذلك اتجهوا نحو كردستان وحاصروا محافظة أربيل لدرجة أنّ بعض المراقبين توقعوا سقوطها خلال فترة قصيرة، ولكن قبل ذلك اتجه اللواء قاسم سليماني قائد فليق القدس مع 70 من قواته فقط إلى أربيل وتمكن في عمليات أشرف عليها شخصياً من فك الحصار عنها وهو ما عجز عنه غيره.

وللكلام تتمة ...

/ انتهى/