لماذا قطع المغرب علاقاته مع إيران؟
طهران / تسنيم // أعلن المغرب يوم الثلاثاء، 1 مايو، قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية لما سماه دعم ايران لـ"جبهة البوليساريو" في قضية الصحراء الغربية.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء ان الصراع على منطقة الصحراء الغربية بدأ عام 1975 عقب نهاية الاحتلال الاسباني لهذه المنطقة، اذ تحول هذا الخلاف بين المغرب والبوليساريو الى صراع مسلح واستمر الى عام 1991 عندما تم التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار.
تعود هذه القضية الى المشهد خلال اليومين السابقين من زاوية أخرى بعد ان أعلن المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية لما سماه دعم ايران لـ"جبهة البوليساريو" في قضية الصحراء الغربية، كما أعلن ان سفارته ستغلق في طهران.
المغرب اعتبر هذه الخطوة مستقلة وسيادية من قبله ولكن اتخاذ هكذا قرار في ظل الاوضاع الراهنة يطرح العديد من الاسئلة، فما هي أسباب قطع المغرب لعلاقاتها مع إيران في الوقت الراهن؟ هل كان هذا القرار قراراً مستقلاً؟ ولماذا تم اتخاذه في ظل الاوضاع الراهنة؟ هذه اسئلة تشغل بال أي محلل سياسي.
وفي متابعة لتطورات المشهد، كانت السعودية والبحرين والامارت اولى الدول التي دعمت قرار المغرب هذا مما لايدع مجالاً للشك ان بعض الدول الاقليمية ومنها السعودية تسعى وراء زعزعة علاقات ايران بباقي الدول.
فمن جهة يبدو أن المغرب يحاول عبر هكذا قرار استجلاب دعم تلك الدول في نزاع الصحراء الغربية، حيث مدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مؤخراً ، مهمة بعثة المينورسو ستة أشهر وذلك إلى غاية 31 أكتوبر المقبل، في الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، وشدد مجلس الأمن على "أهمية تجديد التزام الأطراف المعنية بالمضي قدما في العملية السياسية، استعدادا للجولة الخامسة من المفاوضات في إطار من الواقعية وروح التسوية"، مبرزا أن الواقعية وروح التسوية "ضروريان" لإحراز تقدم في المفاوضات، و دعا الأطراف إلى التحلي بالإرادة السياسية والعمل في بيئة مواتية للحوار من أجل استئناف المفاوضات للتوصل إلى "حل سياسي عادل، دائم، ومقبول من لدن الأطراف".
لذلك، يبدو أن أحد أسباب اتخاذ هذا القرار هو الدعم الذي يتوقعه المغرب من تلك الدول العربية مستقبلاً، بينما اعتبر البعض هذا القرار محاولة لارضاء الرئيس الامريكي دونالد ترامب لاسيما وبعد ان هدد بعدم مساندة الدول التي لن تدعم ترشح بلاده لاستضافة كأس 2026 في مواجهة المغرب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو لماذا يطلق هذا الاتهام في الوقت الراهن؟، فإذا قبلنا على سبيل الافتراض دعم ايران لجبهة البوليساريو، فلماذا لم تعلق المغرب على هذا الامر في السابق؟ ولماذا لم تقطع علاقتها بالجزائر التي وقفت الى الى جانب الجبهة في هذا الصراع؟ اذن يجب البحث عن أسباب هذا الأمر في مكان آخر.
قطع العلاقات المغربية مع إيران ليس بجديد حيث تم قطع هذه العلاقات في عام 2009 بسبب قضية البحرين وما سمي "أنشطة ايران الدينية ومحاولة ايران لنشر التشيع شمال افريقيا لاسيما في المغرب"، لكن تم استئنافها العلاقات في عام 2014 بشكل تدريجي بينما وبسبب محاولات بعض الانظمة الاقليمية والكيان الصهيوني التخويف من تواجد ايران في افريقيا لم تعد الى طبيعتها.
من الضروري هنا، الاهتمام والانتباه- في مبادىء علاقات الدول العربية مع باقي الدول- الى القضايا الداخلية فقط، لكن في ظل التبعية السياسية والاقتصادية للكثير من هذه الانظمة الى الغرب لايجب تجاهل دور الاسباب الخارجية في هذا الشأن اذ ان المغرب ليس مستثنى من هذه القاعدة العامة.
كما وان توقيت قرار المغرب يحدث في وقت تهرول بعض الانظمة الاقليمية وراء تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتحاول امريكا ايضاً نقل سفارتها في شهر مايو من تل أبيب الى القدس، اذ يبدو ان هذا القرار في الوقت الراهن يهدف الى صرف الرأي العام عن التطورات الخطيرة التي تحدث في المنطقة، كما ولايجب ان ننسى ان هذا القرار يأتي بعد جولة وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو الاقليمية والاستعراض التكراري لنتنياهو في تل أبيب ضد ايران.
وفي الختام لابد من التذكير بأن السعودية ايضا التي وصلت الى طريق مسدود بسبب سياستها العدائية في المنطقة والتدخل العسكري في اليمن وتعتبر ايران احد اسباب هزيمتها في هذه الحرب، هي الاخرى تنوي من خلال تحريض باقي الدول افساد علاقات هذه الدول مع ايران وحزب الله وفي هذا الشأن لم تتوانى وسائل الاعلام التابعة للسعودية عن أي محاولة لتشويه صورة ايران وحزب الله ايضاً، والأيام القادمة كفيلة بالكشف عن هذه الحقائق.
"حسن رستمي" كاتب وخبير دولي
/انتهى/