منيني لـ" تسنيم": قمة "كيم ترامب" فلم هوليودي بإخراج أمريكي

ما بين رجل السياسة الذي قلب موازين الساحة السياسية رأساً على عقب، والرجل النووي، تُعقد قمة "ترامب-كيم" لتكوِن وثيقةً مشتركة عنوانها "نزع السلاح النووي" ...

حدث سنغافورة الاستثنائي، انطلق صباح اليوم الثلاثاء 12 يونيو/حزيران2018، ومجرد النظر إلى مكان اجتماع القمة بين الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ونظيره الكوري الشمالي "كيم جونغ أون"، يمنحنا مؤشراً على طبيعة الاجتماع، فلم يتفق الرئيسان على الاجتماع في أرض تخص أحد الطرفين بل اجتمعوا في ارض محايدة.

دخل الرئيس الكوري "كيم جونغ أون" إلى قاعه الاجتماعات كندّ سياسي، بينما هو مثخن بجراح العقوبات الأمريكية والحصار الدولي، متهيئاً لتوقيع مواثيق الاستسلام وتسليم مفاتيح ترسانته النووية، وسط أجواء احتفالية تحفظ له كرامته، وعند الدخول الى تفاصيل تلك القمة نجد ان هناك وثيقة تم الاتفاق عليها تنص على التزام "كيم" بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية مقابل التزام الولايات المتّحدة بأمن كوريا الشمالية بتقديم ترامب ضمانات أمنية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، والتعاون معها من أجل إحلال السلام والرخاء في شبه الجزيرة الكورية .

ويعتبر هذا الاجتماع الأول وجهاً لوجه بين الزعيمين وقد تخلله مصافحة تاريخية، وذلك بعد عقود من التوتر بين البلدين، على خلفية عدد من الملفات أبرزها طموحات "بيونغ يانغ" النووية.

وللوقوف على حيثيات تلك القمة واسقاطاتها على الساحات السياسية المتنوعة حاورت وكالة تسنيم  الدولية للأنباء المحلل السياسي "عبدالله منيني" الذي تحدث عن مستوى جدية كلا الطرفين في تنفيذ الأمور التي مرت في الاتفاقية التي وقعت.

اخراج أمريكي واضح

وقال منيني: " أعتقد أن هناك مشهد غير متوقع تابعناه اليوم وكأننا نشاهد أحد الأفلام الاستعراضية الهوليودية بإخراج أمريكي واضح، فنحن أمام لقاء صحيح أنه وصف على أنه تاريخي لكنه باعتقادي لا يغدو كونه استعراضي بامتياز، فخلاف مستمر منذ سبعين عاماً واستعدادات للحرب لم تفارق المنطقة وعقوبات ظالمة ضد الشعب الكوري من قبل الولايات المتحدة الامريكية كل تلك الحقبة لن تنتهي بلقاء ثنائي جمع الزعيم الكوري والرئيس الأمريكي، خاصة أننا في شهر آب من العام الفائت سمعنا بتهديدات بشن ضربات اطلقها ترامب، وبأن التفاوض مع بيونغ يانغ ليس حلاً وتوعد "بالنار والغضب"، عدا عن التهديد والوعيد في الوقت الذي تعهدت به بيونغ يانغ أنها مستمرة بنشاطها النووي لطالما هناك خطر من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

وتابع منيني: منذ أيام تابعنا إلغاء هذه القمة بقرار من الرئيس ترامب ليعود خاضعاً للمشاركة بها, والجدية لا ترتبط بإعلان النوايا بل بالأفعال وحجم الخلافات القائمة يحتاج إلى عشرات اللقاءات المتسمة بالجدية من كلا الطرفين، وإذ أرى جدية نوعاً ما لدى الطرف الكوري إلا أنني لا ألمس ذلك من إدارة ترامب أو من ترامب ذاته الذي كشف للعالم تهوره وتسرعه ورعونته وعدم التزامه بالعهود والمواثيق والاتفاقيات".

نقض الاتفاقيات والعهود

وأشار منيني ان "ترامب الأحمق ناقض العهود ربما هذا التوصيف يكشف الكثير عن شخصية هذا الرئيس وعنجهيته في العمل، فنحن أمام رئيس وضع في رأس أجندته نقض الاتفاقيات والعهود، وهذا شمل العديد من الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية وهذا  يؤكد عدم جدية الرئيس الأمريكي في أية خطوة لتحقيق السلام العالمي، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني كان اكبر دليل على عدم قدرة هذا النظام الالتزام بالمعاهدات والمواثيق ليتابع العالم مدى قوة وإرادة وصدقية الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتزمها بالاتفاق النووي التاريخي بالمقابل رأينا الهروب الأمريكي ونفضه للعهود وهذا سيبقى حاضراً في اذهان السياسيين والدول والشعوب.

وأضاف منيني: "ان من يريد أن يحقق السلام لا يدعم الكيان الصهيوني بنقل سفارة بلاده إليه وإعلان القدس عاصمة للكيان الغاصب، ولا يدعم المجموعات المسلحة في سورية، ولا يساهم بشكل مباشر في قتل واستهداف الشعب اليمني، فمن يؤمن بالسلام لا يتحالف مع أنظمة إرهابية وهابية كنظام آل سعود.

وختم منيني بالقول: "أعتقد أننا أمام صفقة لن يكتب لها النجاح لتباين واضح في الأهداف لكلا الطرفين ولعدم جدية ترامب في إجراءات تحقيق السلام عموماً وفي الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية خصوصاً".

ويرى المحللون ان تلك القمة لا تبدو مرشحة اليوم لإطلاق تحولات جذرية بل فقط لإطلاق عملية تفاوضية ممتدة، تنطوي على تنازلات متبادلة من نمط إيقاف التجارب النووية والصاروخية، مقابل رفع مساحة من العقوبات الأساسية، وإذا حدث وأطلقت تحولات جذرية، فلن تكون لها في ظل النظام الكوري الشمالي الراهن أي حظ من التطبيق الحقيقي.

/انتهى/