إدموند غريب لتسنيم: الناتو العربي تحكمه المصالح الأمريكية
تناقلت وسائل الاعلام مؤخراً معلومات مفادها أن إدارة الرئيس ترامب تجري اتصالات مكثفة لتشكيل تحالف أمني عسكري جديد مع دول الخليج الفارسي، تحت مسمى "ناتو عربي"، فماذا تهدف الولايات المتحدة من إقامة هكذا تحالف؟ وأي شكل سيأخذه؟ كذلك ماهو دور مصر والأردن واسرائيل فيه؟.
وكالة تسنيم الدولية للانباء أجرت حواراً مع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن الدكتور "ادموند غريب" الذي رأى أن الولايات المتحدة كانت ولا تزال تحاول دائما بناء تحالفات وعلاقات وثيقة مع بعض دول المنطقة لحماية مصالحها.
ما الهدف من اقامة مثل هكذا تحالف؟ ولماذا تتجه واشنطن لاقامته مع دول الخليج الفارسي؟
الولايات المتحدة لديها مصالح استراتيجية اقتصادية عسكرية دبلوماسية سياسية في المنطقة، وهي مصالح قديمة جديدة الى حد ما ربما أهمها كان دائما موضوع الحصول على الموانئ النفطية ومصادر الطاقة وحماية الارصدة الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، بالاضافة الى عدد من الامور الأخرى، بالتالي فان مانسمع عنه الان هو نوع من القديم الجديد، بمعنى أنه هناك مصالح قديمة ولكن هناك أيضا متغيرات على الأرض، هناك أوضاع مختلفة الى حد ما، ولكن الولايات المتحدة لا تزال مهتمة ببناء هذه التحالفات واقامة هذه العلاقات، لان بعض دول المنطقة لها مصالح ولديها رغبة باقامة علاقات وثيقة مع أمريكا، كما أن أمريكا عندما يكون لها حلفاء فانهم سيلعبون دور لحماية مصالحها ما يقلص من الأعباء عليها ويسمح لها بالتحرك في مناطق مختلفة من العالم، بالتالي فإن حماية النفط هدف مهم ، كذلك فإن اسرائيل من القضايا الاستراتيجية، وحماية القواعد والشركات الأمريكية والمنشآت العسكرية في المنطقة كله جزء من استراتجية قديمة جديدة لا تزال قائمة حتى الان، بالتالي ان الحديث عن اقامة تحالف أمريكي-عربي يعود لان بعض حلفائها يزعمون أن هناك تهيديدات جديدة.
مصر والأردن مطروحتان ضمن التحالف فهل ستقبلان برأيك؟
هذا سؤال مهم جدا ووجيه، لانه من ناحية هناك علاقات وثيقة وقوية بين الولايات المتحدة وهذه الدول، كما أن هناك علاقات قوية بين هذه الدول (مصر-الأردن) ودول الخليج الفارسي، ولكن اجمالا يمكن القول أن هناك بعض المصالح، لا يوجد تطابق في الرؤى والمواقف وبالضرورة المصالح، فعلى سبيل المثال اذا نظرنا الى الوضع في سوريا، مصر لديها رؤية مختلفة تجاهها وعبرت عن مواقفها بدعم بقاء النظام وعارضت التدخل، ربما جزء من موقفها سببه أن مصر تواجه بعض التحديات من منظمات ارهابية لذلك هي قد ترى بعض المصالح المشتركة بينها وبين سوريا، كذلك الاردن في الاونة الاخيرة بدأ يرى أن له مصالحه في فتح المعابر كمعبر نصيب وغيره، هناك مصالح اقتصادية ورغبة في احياء العلاقات التجارية بين سوريا والاردن، بالتالي هناك مصالح بعضها يبقى كما هو وبعضها متغير وهذه المتغيرات يجب أخذها بعين الاعتبار.
أي دور ستلعبه اسرائيل في هذا التحالف؟
أعتقد أن اسرائيل لها رؤيتها ومصالحها، وهي ترى المصلحة بأن يكون هناك خلافات وأزمات على الساحة الاقليمية، ولكن أنه سيتم ابقاء اسرائيل بعيدة عن مثل هذا التحالف على الرغم من أننا سمعنا أكثر من مرة من الادارات الأمركية المختلفة وهذا ليس جديداً، اذا عدنا مثلا الى فترة الرئيس "رونالد ريغان" قبل وبعد كان هناك حديث في الاوساط الامريكية عن ضرورة اقامة تحالف بين بعض الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل لكن كل هذه لم تتم، وفي الحرب الامركية على العراق عرضت اسرائيل المشاركة في الحرب، فإن الادارة الامريكية لم ترحب بأي مشاركة اسرائيلية وأرادت أن تبقيها بعيدة ، لان وجود اسرائيل سيكون له تبعات وأعباء لذلك تفضل واشنطن ودول المنطقة الحليفة لها أن تبقى اسرائيل بعيدة عن أي نوع من الاتفاقيات أو التحالفات بمختلف تسمياتها.
اسرائيل والناتو العربي..!
دون شك هذه العلاقات هي قائمة، هناك علاقات أكيدة بعضها سري وبعضها علني، ولكن بالمجمل اذا نظرنا الى هذه العلاقات مع دول مثل الأردن ومصر فاننا نجد أنها علاقات سبقت حتى الحديث عن ناتو عربي، بالتالي هذه العلاقات قائمة وموجودة ولها خلفياتها ولكنها تختلف الى حد ما عن مايجري الحديث عنه بخصوص التحالف الذي سيشكل تحت مسمى الناتو، ولكن هناك بعض الأسئلة الهامة، هل مصر ستكون عضواً في مثل هذا التحالف اذا ماتم انشائه؟ أو هل سنرى الأردن ضمن صفوفه؟، أم أننا سنرى خلافات أو مواقف مختلفة أو نوع من المشاركة لكن ليس عضوية كاملة؟ ، كما أنه لا يزال هناك أسئلة تستوجب الاجابة حول طبيعة هذا التحالف وتشكيله وتنظيمه؟، لأننا لو أخذنا بعين الاعتبار أن ماسنراه لن يكون حلف مشابه لحلف شمال الأطلسي بالضبط، بل أننا سنكون أمام المزيد من التحركات لرعاية وحماية المصالح الامريكية، وأيضا قيام واشنطن بتقديم الدعم العسكري والتدريبي والسلاح للدول الأعضاء وهي تجري الان بكل الاحوال.
معظم دول المنطقة الصديقة للولايات المتحدة تعتمد وبصورة أساسية على امريكا لشراء أسلحتها والمعدات العسكرية، وهو ما سيضع العلاقات بينها على مستوى جديد، ولكن هناك الكثير من الأمور التي ترغب أمريكا في رؤية جزء منها قائم، الولايات المتحدة تفضل التعامل بطريقة ثنائية حتى مع دول الخليج الفارسي، تفضل أن يكون بينها وبين كل دولة علاقة ، بدل أن يكون لها علاقة مع الأطراف مجتمعة، وهو أمر له علاقة بالفائدة الأمريكية، لانها أحيانا تفضل بعض المجالات الدفاعية أن يكون هناك تنسيق وتعاون وتنظيم الى حد ما موحد لانه أمر يسهل عملية التحرك العسكري واستخدام الاسلحة خاصة أن هذه الاسلحة أمريكية.
هل سيكون التحالف الأمريكي -العربي مقبوض الثمن؟
الرئيس الامريكي رجل صفقات وأعمال لم يأتي من خلفية سياسية وانما جاء من خلفية عملية "بزنس"، ترامب رجل أعمال يؤمن بالصفقات وهو عبر عن ذلك بالنسبة لكل حلفاءه، وسمعناه عندما كان مرشحا لمنصب الرئاسة ومنذ الايام الاولى لوصوله الى البيت الأبيض كان يتحدث عن أن الحلفاء يطلبون من الولايات المتحدة حمايتهم وهم لا يقدمون الدعم ولا كلفة هذه الحماية، وأشار الى أن ثمن ذلك باهظ، ومن هنا اذا نظرنا الى مواقفه المتعلقة بدول الخليج الفارسي، والسعودية التي تحدث عنها خلال حملته الانتخابية ومابعد ذلك بما أنها تعتمد على الدعم الأمريكي فانها يجب أن تكون مستعدة أن تقدم ثمناً لذلك، اما من خلال صفقات الاسلحة أو الاستثمار في أمريكا، وترامب لم يتحدث عن دول الخليج"الفارسي" فقط، بل تحدث عن حلفائه من الدول الأوروبية ورأينا الخلافات بينهم عندما قال أن معظم الدول الأوروبية لا تدفع حصتها كما ماهو مطلوب بالنسبة لرفع ميزانيتها الدفاعية الى 2%، وان هذا الجزء من عملية العلاقة العسكرية والتحالف بين هذه الدول وحلف شمال الأطلسي كلها تعتمد على الولايات المتحدة ، وهي لن ترضى بذك في المستقبل، بالتالي هذه هي طريقة ترامب وأسلوبه.
أين ستكون قطر من هذا التحالف خاصة بعد المقاطعة الخليجية لها والمشاكل بينها؟
هناك خلافات بالفعل بن قطر ودول الخليج"الفارسي، وفي حال لم نرى تغيير في مواقف هذه الدول فسيكون من الصعب الوصول الى تحالف حقيقي، واذا استمر هذا النوع من العلاقات فانه سيكون له آثار وتبعات، لذلك سننتظر لنرى الى أين تسير الأمور وكيف ستتطور؟ خاصة وأنه اليوم يجري توسيع قاعدة العديد العسكرية الأمريكية في قطر.
/انتهى/