خبير عراقي لتسنيم : المحاصصة الحزبية دمرت العراق ...والتكنوقراط هى الحل

جولة مفاوضات جديدة وتحركات مكوكية من الأحزاب العراقية لتشكيل الحكومة بعد دعوة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني الذي دعا الجمعة الماضية، إلى الإسراع في تشكيل «حكومة قوية تستند إلى التكنوقراط»، في وقت تحولت فيه احتجاجات الجنوب إلى اعتصامات مفتوحة أمام مقار شركات النفط ومبانٍ للحكومات المحلية، وهو ما كانت تخشاه الحكومة.

وحول هذه التطورات وما ستؤول اليه الأمور في العراق، أجرت وكالة تسنيم الدولية للأنباء حواراً خاصاً مع الدكتور علي التميمي، القاضي العراقي السابق والمختص بالقانون الدولي

يذهب البعض للقول إن العراق اليوم أمام أزمة بناء دولة ..هل هذا صحيح برأيك وهل طوال السنوات الماضية لم تكن الدولة موجودة ؟

بالتأكيد مسألة بناء الدول بالأخص التي تقوم على النظام البرلماني تعتم على بناء المؤسسات  سواء كان البرلمان أو السلطة التنفيذية, القضائية، بالتالي فإن بناء هذه المؤسسات تحتاج الى قوانين تؤازرها وتقويها حتى نستطيع ان نقول أن الدولة قد بنيت، المشكلة في العراق، هي مشكلة تشريع قوانين، هناك الكثير من القوانين لم يتم تشريعها لتكون أساسا لبناء الدولة القوية، وربما يكون أهم هذه القوانين هو قانون المحكمة الاتحادية الذي يساعد كثيرا على بناء كافة مؤسسات البلد من الاعلى الى الأسفل، كذلك لدينا قانون النفط والغاز وهو يساعد على بناء الجانب الاقتصادي، وخصوصا العلاقة بين المركز والاقليم والمحافظات، وربما تكون قوانين تتعلق بالفقراء والبطالة ومايتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل.

ثانيا عندنا مشكلة الفساد الاداري والمالي الذي لم  تستطع أي حكومة من الحكومات المتلاحقة أن تحلها وهذا كان السبب في عرقلة بناء الدولة وحتى بناء الانسان، لهذا السبب هذه المشاكل المتراكمة هي السبب في ذلك، بالاضافة اليها مسألة التوافقية والمحاصصة التي منعت وصول أي كفاءات الى المراكز وبالنتيجة كانت الدولة مرهونة لدى أشخاص غير كفوئين وجديرين بالقيادة .

في ظل الظروف القائمة هل لا تزال فرص بناء هذه الدولة قائمة أم أنها باتت مهمة مستحيلة  وبالتالي اصبحت الفوضى هي المصير المحتوم للعراق ؟

طبعا بالتأكيد البناء ممكن ويكون ذلك عن طريق تشكيل الحكومة العراقية الجديدة على أساس وطني ، يعني اختيار الكفاءات و شخصيات تكنوقراط وليس على أساس المحاصصة الحزبية التي دمرت البلد هذا أولا، الشيء الثاني أن يعمل مجلس النواب الجديد على بناء مؤسسات الدولة وتشريع القوانين، وثالثا أن تضرب الدولة بيد من حديد على الذين قاموا بالفساد وسرقة أموال الشعب، خصوصاً أن هذه الجرائم ، جرائم الفساد هي لا تسقط بالتقادم ، لهذا يمكن بناء الدولة لكن بتكاتف الجميع ، حيث لا يمكن لشخص واحد أن يفعل ذلك.

لطالما الدستور العراقي يضع مسؤولية بناء الدولة على عاتق  شخصية رئيس الوزراء  ما الذي يعطل انتخاب مثل هذه الشخصية العراقية القيادية والقادرة على بناء العراق ؟

ليس فقط رئيس الوزراء هو من يبني الدولة ، فالدولة في النظام البرلماني تبنى من قبل الجميع من خلال التعاون، واذا لم يكن هناك تعاون ما بين السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية لا يستطيع رئيس الوزراء لوحده أن يبني الدولة، فالدولة عبارة عن مؤسسات مختلفة وعديدة واذا لم تكن هذه المؤسسات كلها تعمل كخلية النحل، لا يمكن أن يتم ذلك، فرئيس الوزراء هو جزء من المجلس(مجلس الوزراء) صحيح أنه الرئيس التنفيذي والقائد العام للجيش والقوات المسلحة ولكن أيضا في النظام البرلماني صلاحياته تكون مقيدة من قبل البرلمان ومن قبل السلطات الاخرى، مثلا اذا أراد هو يحارب الفساد يحتاج الى قضاء قوي ومحاكم قوية تضرب بيد من حديد ، لهذا لا نستطيع الوصول الى هذا الهدف دون التعاون من قبل الجميع.

العبادي قال أنه يتم العمل مع الكتل السياسية لاعداد برامج موحدة من اجل الاصلاح ماطبيعة هذه البرامج برأيك؟ وهل الكتل السياسية متوافقة بالفعل للوصول الى حل؟

العبادي انتهت صلاحيته كرئيس للوزراء، وهو اليوم في مرحلة تصريف الأعمال وهو لا يستطيع أن يتخذ قرارات، لا يستطيع أن يقترح اجراءات تخص القوانين، وغيره الكثير، وأنا برأيي أن المسؤولية تلقى على عاتق رئيس الوزراء القادم الذي يتحمل العبأ الأكبر والتركة الثقيلة، وفي هذه المرحلة لا أعتقد أن هناك شخص قادر على فعل أي شيء الا اذا شكلت الحكومة وتم انتخاب رئيس وزراء جديد.

بالتالي ان مايوقف التظاهرات هو تشكيل حكومة جديدة ، تقف على متطلباتهم تكون حكومة وطنية مستقلة بعيدة عن المحاصصة، وأقصد الحكومة هنا أن تكون من كافة السلطات ومجالس المحافظات والوزرارات، كذلك يجب تشكيل محكمة متخصصة بمحاكمة المجرمين الفاسدين الذين سرقوا الأموال واعادة كل الحقوق لأصحابها.

هل موضوع محاسبة الفاسدين هي سهلة بالنسبة للحكومة وهل يمكن تحقيقها؟

هناك نقاط لو تتبعها الحكومة لاستطاعت أن تقضي على الفساد الاداري والمالي، كأن يتم تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الفساد وأن يرأس هذا المجلس شخصية وطنية مستقلة، كذلك أن يتم تشكيل محكمة متخصصة وليس خاصة لان الدستور العراقي يمنع انشاء المحاكم الخاصة، وأن نكون أمام مساندة اعلامية لهذه المحكمة.

هل ممكن أن يدخل العراق مرحلة مابعد الطائفية، وأي مصير ينتظره برأيك؟

اذا لم تحل هذه المشاكل، أنا أعتقد أننا سنكون أمام تظاهرات وفوضى لن تتوقف خصوصاً وأنها دخلت مرحلة الاعتصام، بالتالي اذا لم تحل هذه المشاكل وتشكل الحكومة، ويؤمن التوظيف فإن الأمور تتجه الى سيناريو سيء.

ما بين الكتل السياسية من جهة والمرجعية والمتظاهرين من جهة أخرى أيهما بات الأكثر تأثيرا على سير الاحداث الجارية في العراق؟

الأكيد أن المرجعية لها الكلمة الفصل في الموضوع، هي قالت وشجعت المتظاهرين على التظاهر والمطالبة بحقوقهم، لهذا السبب أنا ارى أن المرجعية هي مع المتظاهرين وفي خطابها الأخير رأينا أنها شجعت ذلك وأعطتهم الحق في ذلك، والذي يعطل التوافق بين الكتل السياسية والمرجعية أن المرجعية ترفض دائما مسألة التوافقية والمحاصصة والفساد، بينما هذه الكتل تبحث عن مصالحها.

هل هناك شخص مرشح لاستلام رئاسة الحكومة العراقية؟

لا يمكن القول في هذا الموضوع لانها عادة ماتكون في الجلسة الأولى أو بعدها للبرلمان الجديد، وشهدنا في السنوات السابقة أنه في كثير من الاحيان كانت التوافقية هي من تقول كلمتها، حيث يتم الاتفاق بين الكتل على ترشيح شخصية وتخضع هذه المناطق للمحاصصة وللمساومات، وهذا السبب الرئيسي في تدمير البلد، لا يمكن التكهن من سيكون رئيس الوزراء العراقي الجديد.

العبادي أخفق في محاربة الفساد والمفسدين وهذه النقطة تسجل ضده، حيث قال سأضرب الفاسدين بيد من حديد ولكننا لم نرى ذلك وكل مافعله الضرب بيد من عجين أي أنه لم يفعل أي شيء.

/انتهى/