لماذا تصاعد عنف العسكر ضد المعارضين في السودان؟

عادت موجة جديدة من أعمال العنف وقمع المعارضين في السودان، خلال الأيام الأخيرة، بعد مرحلة هدوء سياسي قصير الأمد في هذا البلد والتي سادت عقب الوعد الذي قطعه "المجلس العسكري" حول الإنتقال السلمي للسلطة الى المدنيين على خلفية عزل عمر البشير.

وكالة تسنيم الدولية للأنباء؛ حسن رستمي – أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف، في بيان بتاريخ 11 إبريل الماضي نهاية حكم عمر البشير وتعطيل الدستور وبدء مرحلة انتقالية لمدة عامين واعلان حالة الطواريء في البلاد.

عوض بدأ نشاطه في منصب رئيس المجلس العسكري الانتقالي ورئيس اللجنة الأمنية العليا لكنه أُجبر في أعقاب استمرار الاحتجاجات الشعبية السودانية على التنحي عن منصبه وتقديم عبد الفتاح البرهان الذي كان شخصية غير معروفة نسبياً ومقربة من الإمارات، كرئيس للمجلس العسكري الانتقالي في السودان.

 

وفور وصول البرهان الى السلطة و خلال لقاء المعارضين قطع وعداً بنقل السلطة في اطار عملية تستمر عدة سنوات لكن المحتجون السودانيون بقوا مصرين على عزل جميع بقايا النظام السابق وتحقيق مطلبهم في تشكيل حكومة مدنية.

وبعد وصول البرهان الى السلطة جرت مفاوضات بين العسكريين والمعارضين للتوصل الى خطة وتاريخ محدد لنقل السلطة حيث اتفق الجانبان على تشكيل حكومة انتقالية لمدة ثلاث سنوات بمشاركة العسكريين والمدنيين وتمهيد الأرضية لنقل السلطة لحكومة منتخبة من قبل الشعب. الأمر الذي خفف من موجة الاحتجاجات في هذا البلد ولكن الشعب لم يخلي ساحة المظاهرات أبداً بل أكد على مطلبه في تسليم السلطة للمدنيين.

وفي الاثناء، عززت زيارات المسؤولين العسكريين السودانيين الى السعودية والامارات ومصر وإطالة مدة نقل السلطة، الشكوك لدى الشعب السوداني في أن المجلس العسكري يفكر بالحكومة لنفسه و لا ينوي تسليم السلطة الى المدنيين خاصة ولا تزال أحداث التجربة المصرية حاضرة في أذهان الشعب السوداني.

صور المسؤولين العسكريين السودانيين مع الحكام السعوديين والاماراتيين ووعودهم في مواصلة مشاركة القوات السودانية في الحرب على الشعب اليمني، زادت من لهيب الغضب والاحتجاجات الشعبية في السودان، لذلك واصل الشعب مظاهراته و كانت ذروتها يوم أمس حيث سقط خلالها أكثر من 30 شخصاً.

وعلى خلفية أعمال العنف التي قام بها الجيش بحق المدنيين، أوقفت قوى إعلان الحرية والتغيير التي تضم قوى معارضة، أي حوار مع المجلس العسكري.

قوى إعلان الحرية والتغيير دعت إلى الاضراب العام في البلاد وأكدت على ضرورة أن لا يكون للعسكريين مكاناً في المرحلة الإنتقالية وتسليم السلطة الى المدنيين فوراً. حيث يطالب العسكريون بأن يكون هناك مجلس بقيادة الجيش لكن المعارضين يؤكدون على ضرورة أن يشكل المدنيون غالبية أعضاء ذلك المجلس.

يوم أمس وعقب تكثيف موجة قمع الاحتجاجات الشعبية أعلن المجلس العسكري في "تراجع تكتيكي" وبهدف تهدئة الاحتجاجات وامتصاص غضب المحتجين أنه على استعداد لإجراء الانتخابات المقبلة خلال 9 أشهر تحت اشراف إقليمي ودولي، كما أوقف العسكريون التفاوض مع تحالف المعارضة وعلقوا الاتفاقات مع هذا التحالف وذلك بهدف تهميش المعارضين الذين يعتبرونهم مسؤولين عن استمرار الاحتجاجات والوضع الراهن في هذا البلد.

العسكريون بذلوا وسعهم لخفض المرحلة الانتقالية من ثلاث سنوات إلى تسعة أشهر لعلهم يتمكنوا من اخماد نار موجة الاحتجاجات في هذا البلد، الأمر الذي لاقى رفضاً من قبل القوى المعارضة حيث اكدت أنها ستواصل "عصيانها المدني" حتى الاطاحة بالمجلس العسكري.

وبغض النظر عن ذلك، تعتبر التدخلات الخارجية احدى القضايا التي على ما يبدو تلجأ الى تصعيد الأزمة الداخلية، فهي تنوي عبر ركوب موجة الاحداث الراهنة، جر السودان نحو أهدافها التي تتطلع لتحقيقها.

التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية الليبية خير دليل على هذا الأمر، إذ يستدعي هذا الامر من اطراف الصراع في السودان التحلي باليقظة وتفضيل المصالح الوطنية على المصالح الحزبية والمضي بخطوات نحو تحقيق مطالب الشعب الرئيسية والتي تركز على النقل السلمي للسلطة الى المدنيين، ففي حال عدم حدوث هذا الأمر فإن السودان سيواجه خطراً كبيراً ومن الممكن ان يدفع البلاد إلى حرب داخلية.

*خبير في الشؤون السياسية

/انتهى/