أكاديمي عماني لـ"تسنيم": الشعوب العربية ليست راضية عن التطبيع العربي الصهيوني

أكد الباحث والأكاديمي العماني الدكتور عبدالله باعبود أن الشعوب العربية ليست راضية عن التطبيع العربي الصهيوني.

وفي حوار مع مراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء قال الخبير العماني في الشؤون الاقليمية والدولية " لا بد ان تعي دول المنطقة وتحاول ان تتعلم الدروس من ايران وتعتمد على نفسها وموردها وشعبها قبل الاعتماد على الاخرين".

وأضاف، حان الوقت للمنطقة ان يكون لها نموذجها الاقتصادي المستقل الذي يعتمد على امكانياتها وعلى مواردها البشرية والطبيعية وتتعاون فيما بينها وتترك الخلافات بحيث تصبح المنطقة منتعشة ويعيش الجميع بسلام.

ونوه الأكاديمي العماني إلى ان دول المنطقة اصبحت في حلقة مفرغة لم تستطع الخروج منها. قائلا، كل دول المنطقة بحاجة الى خطوات بناء الثقة وحوار صريح فيما بين كل الدول حتى نبعد الخوف والتوجس الموجود من قبل الدول العربية وايران.

وأكد الخبير العماني في الشؤون الاقليمية والدولية ان الشعوب العربية ليست راضية عن التطبيع العربي الصهيوني ولكن ليس لديها القوة او الامكانية لتفعل شيئاً.

وأضاف، حان الوقت ليكون هناك تعاون بين كل دول المنطقة للحفاظ على امنها واستقرارها وايران جزء مهم من دول المنطقة من حيث موقعها الجغرافي وسكانها ومقدراتها وخيراتها وشعبها ونموذجها، هي مهمة لكل دول المنطقة فلا يمكن استبعادها. 

وفي ما يلي نص الحوار مع :

س) ما تمتلكه الكثير من دول المنطقة في مجال الموارد البشرية والبترول والأراضي الشاسعة لا يقل عما تمتلكه إيران لكن رغم ذلك إن إيران تحررت من الإرادة الغربية واستطاعت أن تقف على رجلها في الكثير من المجالات بعد انتصار الثورة الإسلامية، الا ان الدول التي بقيت تراهن على الدعم الأمريكي لاتزال تعاني من حالة ضعف في شتى المجالات، كيف تفسر كلا الحالتين؟ 

ج) اولاً نهنىء الشعب الايراني بذكرى ثورته و نتمنى ان نرى ايران دائما متطورة فهي جزء مهم من منطقة الشرق الاوسط ولها دور كبير في المساعدة على حفظ الامن والامان والاستقرار والتنمية في المنطقة.

المنطقة تمر بمشاكل كبيرة لكن النموذج الذي اتخذته ايران نموذج مهم ولا بد ان تعيه دول المنطقة وتحاول ان تتعلم منه الدروس كمثال اعتمادها على نفسها وموردها وشعبها قبل الاعتماد على الاخرين. صحيح انه لا توجد دوله في العالم لا تستطيع العيش بدون الاخرين ولكن في البداية لابد ان تعتمد على شعبها وامكانياتها وتوفر التعليم والتدريب والصناعة وغير ذلك. ايران نجحت نجاحا كبيرا في هذا و اعتقد ان دول المنطقة تحتاج ان تتعلم بعض الدروس لان الاعتماد على الغرب او الشرق في كل شيء في حياتنا له سلبيات واصبح شعب المنطقة شعبا مستهلكا غير منتج ويستورد التكنولوجيا في حين ان ايران طورت التكنولوجيا وطورت العلوم و لا يمكن ان يكون هناك تنمية من دون ان يكون هناك تطوير للعلوم والتكنولوجيا وايران قامت بدور كبير في هذا المجال ، ( ان جعل الشعوب متخلفة )  هو  ارث من الاستعمار القديم  والذي لا زال باقيا وليس هناك ثقة بالذات في بعض هذه الدول للاسف . الغرب اوالشرق يتحكم الان في مستقبلنا كما يريد لاننا بقينا معتمدين عليه في كل شيء ليس فقط بالسلاح وانما بالتكنولوجيا والعلوم والادوية وفي كل شيء حان الوقت للمنطقة ان يكون لها نموذجها الاقتصادي المستقل الذي يعتمد على امكانياتها وعلى مواردها البشرية والطبيعية وايضا تتعاون فيما بينها وتترك الخلافات بحيث تصبح المنطقة منتعشة ويعيش الجميع بسلام هذا ما نتمناه ولكن للاسف هذا ما لا نراه في الوقت الحاضر.

س) لماذا أبدت دول المنطقة تخوفا من نداء الإمام الخميني (رض) لطرد القوات الأجنبية من المنطقة وبناء تحالف عربي إسلامي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية؟

ج) المشكلة تقع على الطرفين، هناك سوء فهم كبير من الجانبين من الجانب الايراني من جهة ومن الجانب العربي من جهة اخرى والكل لا يفهم الاخر و يخاف منه وهناك صراع بين هاذين الجانبين معلن ومخفي وهو مضر للجميع. بإعتقادي ان ما يأتي من ايران من مبادرات لا تفهم في المنطقة العربية او تقرأ بنوع من الخوف و التوجس من المنطقة العربية و ان لإيران اطماع في المنطقة وان لديها رغبة السيطرة والهيمنة وايران ايضا تخشى من الجانب العربي بدافع تعاونه مع الغرب هم اصبحوا في حلقة الغرب لا يستغنوا عن الغرب ولا يثقوا بايران وايران لا تريد الغرب فدول المنطقة اصبحث في حلقة مفرغة لم يستطيعوا الخروج منها. كل دول المنطقة بحاجة الى خطوات بناء الثقة اولا وايضا بحاجة الى حوار صريح فيما بين كل الدول حتى نبعد الخوف والتوجس الموجود من الجانبين. بحاجة الى التعاون والامن والاستقرار. شعوب المنطقة مقبلة على تحديات كبيرة لديها فئات شابة تحتاج الى فرص عمل والى توجيه والى مستقبل افضل. هذا الصراع والخوف ومحاولة الهيمنة على الاخر لن تجدي نفعاً لأي طرف ولن يستفيد منها إلا الاعداء الذين يستخدموا هذه الدول وهذه الشعوب كحطب لنيرانهم فنحن بحاجة من الجانبين ان نغير النموذج في التعامل بحاجة الى نقلة نوعية في التعامل وهذه النقلة تحتاج الى قادة والى فكر للاسف غير موجود في الوقت الحاضر.

 

 

س) لماذا رغم ان ثورة الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني (رض) أطاحت بنظام الشاه الذي كان حليفا مقربا من الكيان الصهيوني تحاول اليوم بعض الأنظمة العربية ان تجعل من الثورة الإيرانية عدوا خطيرا وعلى العكس من ذلك تعتبر الكيان الصهيوني صديقا حميما لها؟

ج) ما نسمعه من عداء الانظمة  العربية  لاسرائيل ما هو إلا اعلامي وغير حقيقي هذه الدول تعيش في هذه المرحلة من الخوف وعدم الاستقرار وخوفها من جيرانها من الدول العربية الاخرى. كلها تحاول ان تحتمي بامريكا كونها القوة العظمى في المنطقة والكل يعلم ان التقرب من امريكا يأتي من البوابة الاسرائيلية والكل لديه علاقات مع اسرائيل كانت معلنة او غير معلنة فموضوع اسرائيل بالنسبة للانظمة ليس بالشيء المهم في حين ان اسرائيل قامت بمعاداة  الفلسطينيين لكن نجد بالمقابل الانظمة العربية لا تعادي اسرائيل وتتعامل وتتعاون معها الى درجات اكثر مما نتوقع وحتى الان اصبحت بعض الدول العربية تقبل باسرائيل و تشجع على التعاون معها .. واصبحت اسرائيل هي الميزان في المنطقة من اراد امنه وسلامه عليه ان يقيم علاقات قوية مع اسرائيل لحماية نفسه هذا ما نراه في المنطقة ، الشعوب العربية ليست راضية ولكن ليس لديها القوة او الامكانية لتفعل شيئاً.

س) ما هو الدور الذي لعبته الدول الغربية وخاصة أمريكا في تأزيم العلاقات بين إيران وجيرانها وبث روح النزاع بين الطرفين حينما خرجت إيران من دائرة النفوذ الأمريكي وأعلنت انحيازها الكامل للقضايا العادلة والحقة في المنطقة خاصة القضية الفلسطينية؟

ج) لا يخفى على احد ان هذه الدول العظمى على طول التاريخ كان لها مطامع في المنطقة ومصالحها ان تبقى في المنطقة. ففقدانها للنفوذ في ايران جعلها تركز على الدول الاخرى وان تبعد هذه الدول عن محيطها الموجودة فيه بحيث تأججت الصراعات والخلافات وتزايدت  حالة سوء الفهم فيما بينهم .هذا شيء مسلم به وسوف يظل موجوداً مهما تغيرت طبيعة الاوضاع ، ففكرة هذه الدول العظمى هي ببساطة فرق تسد.

لكن نحن بأنفسنا  سواء بعلم ام بدونه ساهمنا في هذا، وهذا يعود بنا الى نتيجة مفادها انه يوجد سوء فهم كبير من الجانبين ويوجد خوف وعدم ثقة، اذا لم نتدارك هذه الامور بأنفسنا ونبقى نلقي اللوم على الغرب في كل مشاكلنا . لكن مالذي يجب ان نفعله نحن حتى نتجاوز هذه الاشياء ؟ ماذا قدمنا كدول لبعضنا البعض ؟ ماهي المنظمات التي انشأنها مع بعضنا البعض ؟ ما هو التعاون المشترك الذي فعلناه مع بعضنا ؟ ما هي العلاقة بين الشعوب والعلاقات الاقتصادية او التجارية ؟ فالكل يجري مسرعاً للذهاب للخارج واستيراد التكنولوجيا بشكل كبير ولكن فيما بيننا هذا التعاون قليل لدرجة الانعدام التعاون الاقتصادي، المشاريع المشتركة غير موجودة بيننا ، هناك قلق بين دولنا من بعضها البعض ومن انظمتها العسكرية.

هذه المنطقة يوجد بها الكثير من المشاكل كما نعلم وهناك مناطق اخرى من العالم تمر بمشاكل لكن اوجدت لنفسها طرق بحيث تستطيع ان تتجاوز هذه المشاكل من خلال العمل الجماعي وتكوين منظمات مشتركة وتقريب المصالح ما بين الدول والشعوب بحيث تصبح حالات الصراع والحرب لا تتبادر الى الاذهان والكل يحاول ان يعيش بأمن واستقرار هذا ما نحتاجه هذا ما فعلته اوروبا  وبعض الدول في أسيا ،فدول منطقة الشرق الاوسط  وسيما  الدول  المطلة على  الخليج الفارسي لديها حالات الصراع والحروب لماذا ؟ لان هناك مشكلتين مشكلة القوى العظمى ورغبتها في المنطقة و مشكلة الانظمة التي ليست قادرة على ان تخرج من حلقة عدم الثقة وان تنتقل الى حلقة التعاون والمصالح المشتركة. هذا الامر يلزمه فكر وقيادة وفكر تنويري في الجانبين وباعتقادي حان الوقت لفعل هذا الامر وان يكون هناك تعاون بين كل دول المنطقة للحفاظ على امنها واستقرارها وايران جزء مهم من دول المنطقة من حيث موقعها الجغرافي وسكانها ومقدراتها وخيراتها وشعبها بحيث تشكل نموذجا مهما لكل دول المنطقة فلا يمكن استبعادها . اييضا يقع على ايران مسؤوليات كما كما هو الحال للدول الاخرى، اذا ما فهمنا هذا الموضوع سوف تتحول المنطقة الى شيء اخر ولكن في الوقت الحاضر هذا هو الحال للاسف  لا يرضى له العدو  ولا الصديق .

س) لماذا بقيت العلاقة بين إيران وسلطنة عمان علاقة صداقة وثقة وتعاون بناء بين الطرفين بعد انتصار الثورة الإسلامية بينما ساءت هذه العلاقات بين إيران والكثير من الدول العربية بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979؟

ج)  اعتقد هناك  علاقات تاريخية  وجغرافية  بين ايران وسلطنة عمان وبين الشعبين ، هناك فكرة  ان  مصيرنا مشترك ونحن نعيش في منطقة واحدة والقيادة العمانية دائما ما تؤمن بهذا الشيء تؤمن ان الخلافات والصراعات هي جزء من السياسة الدولية ولكن من الممكن ان تحد منها عن طريق الحوار والتعاون الانساني والاخلاقي ،وايران فتحت ايضا ابوابها للجميع وقالت بانها ليست هنا لتغيير الانظمة و لتغيير الوضع في المنطقة.  فسلطنة عمان  وايران رأوا ان مستقبلهم مع بعض وانهم يستطيعون التحكم بمضيق هرمز. هذا مهم لهم ومهم ايضا لدول المنطقة ولكل العالم .

رؤية القيادة العلاقات التاريخية والجغرافية والمصالح المشتركة هذه كلها دفعت الجانبين ان يكونوا علاقات مبنية على الثقة والصراحة وحب الخير وعادت الفائدة للجانبين في النهاية كلنا مسلمون في هذه المنطقة ونعيش في هذه المنطقة هذا قدرنا ومصيرنا وتاريخنا وجغرافيتنا لا نستطيع ان نغييرها.  ولا يمكن ان تتغيير ولا يمكن ان نعتمد على الاخرين في كل شيء فلابد ان يكون هناك تعاون و تقارب و محبة بين الجميع حتى نوفر للاجيال القادمة مستقبل ممتاز ونعيش مثل بقية دول العالم لا يمكن ان نستمر في هذه الصراعات والحروب.  والقيادة في ايران لديها هذه الرؤية والقيادة في عمان ايضا لديها هذه الرؤية، واعتقد انه كان هناك محاولات من الجانبين لهذا وصولا الى ما وصلا اليه. ونتمنى ان يحصل هذا الشيء مع بقية الدول العربية وان تكون ايران جزء مهم من امن المنطقة واقتصادها واستقرارها ، لان بدونها لا يمكن ان تستقر المنطقة ومع ايران يمكن  ان تنتقل المنطقة الى مرحلة اخرى من التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري والامني.

الشعب الايراني شعب صديق، ايران دولة صديقة ومسلمة وجارة ولها مع كل دول المنطقة تاريخ مشترك. القيادة في عمان حتى ما بعد موت السلطان قابوس لا زالت على نفس المنوال، والشعب ايضا محب للامن والسلام والتعاون ، فالسياسة لن تتغير ستبقى على ما هي عليه رغم ان هناك ضغوط كثيرة على عمان في هذا المجال لكن هذه من مسلمات الثقافة والسياسة العمانية.

/انتهى/