مسجد شيخ لطف الله.. جوهرة العمارة الإيرانية والإسلامية + صور


مسجد الشيخ لطف الله هو من المساجد التاريخية المعروفة في مدينة اصفهان ومن روائع الفن المعماري الايراني وفي الزخرفة بالقاشاني خلال القرن الحادي عشر الهجري.

جوهرةٌ ساطعةٌ في تاريخ العمارة الايرانية و الاسلامية؛ مسجد شيخ لطف الله، أحد أمثل معالم اصفهان التاريخية المهيبة و أكثرها تفرّداً ، في الزاوية الشرقية لساحة نقش جهان و مقابل عمارة عالي قابو ترون امامكم مسجداً لطيفاً بُنيت عليه قمّةٌ تخطف قلوبكم بغاية الجمال و الروعة ، تمّ بناء المسجد بأمرٍ من شاه عباس الملك الصفوي الكبير و على يد محمد رضا اصفهاني أحد جهابذة فناني العمارة ، سُمّي بهذا الاسم تكريماً للعالم الفاضل الجليل شيخ لطف الله الميسي الذي كان يشتغل فيه بالصلاة والتدريس.

وحول روعة الفن المعماري المستخدم في مسجد الشيخ لطف الله، قال خبراء علم الآثار الأجانب: «يصعب الإقرار بأن هذا المبنى صنيع يد الانسان».
تجدر بالاشارة الى أن الشيخ لطف الله العاملي كان والد زوجة الشاه عباس الاول ومن كبار علماء الشيعة في لبنان الحالية والذي شدّ رحاله الى اصفهان وأقام فيها بناءً على دعوة وجهها اليه الشاه. وجاء تشييد المسجد تكريماً لمكانة الشيخ والتدريس وأداء فرائض الصلاة فيه.

أزهى زخارف القاشاني بالوانها الزاهية و أروع الارابيسك المتوفّرة داخل القمّة و خارجها الى جانب الكتيبات الباهرة التي تجعلكم مسحورين بالموهبة الفنية لدى خطّاطها الايراني الشهير عليرضا عباسي فضلاً عن محراب المسجد المزيّن بانواع القراميد والمقرنصات الرائعة بإعتباره أحد أجمل المحاريب المتوفّرة في مساجد اصفهان هي التي تجعل مسجد شيخ لطف الله من روائع العمارة الدينية الايرانية مثلما تجعلكم تخوضون تجربة إثارةٍ لا مثيل لها.

مسجد الشيخ لطف الله من أجمل المعالم التاريخية باصفهان والذي يقع في شرق ساحة نقش جهان وأمام قصر عالي قابو.
يفتقر هذا المسجد الى أي منارة ورواق داخلي وساحة، وتوجد أمام مدخله السلالم؛ ما جعل المسجد، وعلى ما يبدو، غير طبيعي. قد يعزى عدم وجود رواق وصحن في هذا المسجد الى ما تقتضيه ساحة نقش جهان من تنسيق وتقارن أي وقوع المسجد أمام قصر عالي قابو، ما قد أسفر أخيراً عن هذه النتيجة وهي عدم التمكن من تصميم وبناء صحن أو ساحة باتجاه القبلة لأداء الصلاة فيه.

بني مدخل المسجد المغطى بالقرميد في عام 1011 الهجري وانتهت أعمال تشييد المسجد وزخرفته عام 1028 الهجري.
قبة مسجد الشيخ لطف الله هي من إحدى القباب ذات الجدار الواحد في العصر الصفوي. يصل ارتفاع القبة الى درجة أنها تبرز الى جانب ساحة نقش جهان وتغلب على المحيط. ويمتد انحناء القبة من نقطة نتوئها الكبير الى الداخل فجأة ويشكل بذلك قمة القبة وتتحمل هذه الضغوط جدران المسجد السميكة. وتم تصميم جدران مسجد الشيخ لطف الله بشكل سميك يجعلها تتحمل ثقل وضغط القبة الكبيرة، فضلاً عن أن سماكة الجدران القريبة من النوافذ تصل الى 70/1 متراً وفي الأجزاء الرئيسة منها تتجاوز المترين.

ان النقوش والألوان المستخدمة في زخرفة قبة هذا المسجد بالقاشاني هي من أجمل وأزهى أنواع القاشاني في الفن المعماري الايراني والتي تم نصبها بشكل ماهر ودقيق على القبة. أما الاضاءة داخل المسجد فتتم من خلال نوافذ مشبكة مركبة على مختلف جدران القبة.

الهندسة المعمارية المنسّقة تماماً و الاجواء الروحانية المليئة بالهدوء لاسيّما الالوان الفاخرة و الجميلة و الاضواء الطبيعيّة الساطعة من النوافذ المشبّكة تعدّ من أهمّ الاسباب التي تفتن انظاركم و تبعث السكينة في نفوسكم تسجّل لكم ذكرياتٍ بذروة السعادة والاحساس و تعطيكم هدوءاً لا نظير له قلّما تجرّبونه طيلة حياتكم ، مثلما عبّر "لوئيس اي كان" المعمار الامريكي الشهير عالميّا عن زيارته لمسجد شيخ لطف الله بهذه العبارة : لا أتمكّن من أن أرسم اثراً كهذا إلّا في عالم الخيال و بحبرٍ من الذهب و الفضّة.

فالاضاءات الساطعة الى داخل المسجد عبر هذه النوافذ توفر نوراً كافياً ملائماً للداخل اضافة الى انها تضفي حالة روحانية هادئة على الفضاء الداخلي. كما تم تزيين جدران القبة بالقاشاني الأزرق ورسومات عن الأزهار والورود وكذلك كتيبة مكسوة بالقرميد نقش عليها عددٌ من قصار السور القرآنية المباركة.

هذا ويعتبر محراب مسجد الشيخ لطف الله من أجمل محاريب المساجد باصفهان ومن أروع ما أبدعه الفن المعماري الايراني الفريد في نوعه. محراب المسجد مزينٌ بأنواع القراميد والمقرنصات البارعة والزاهية الألوان.

/انتهى/