"فلك الأفلاك".. قلعة الاثني عشر برجاً الأثرية + صور


تعد قلعة فلك الافلاك أو حصن شابورخاست، من القلاع الاثرية والتاريخية لمحافظة لرستان اذ تقع في مركز مدينة خرم آباد، وتعرف ايضا بقلعة الاثني عشر جسرا، حيث شيدت هذه القلعة فوق قمة تلة تشرف على مدينة خرم آباد وقريبة من نهرها المعروف باسم خرم آباد ايضا، وهي من أبرز المعالم الاثرية والسياحية التي تجذب نظر واهتمام السياح في مركز المدينة.

تقع قلعة فلك الأفلاك أعلى قمة تل كبير يحمل الاسم نفسه في مدينة خرم آباد مركز محافظة لرستان في إيران وهي من أبرز المعالم الأثرية والسياحية التي تجذب نظر واهتمام السياح الي مركز المدينة. ان بناء هذه القلعة على قمة التلال الصخرية وإطلالها الكامل على الوادي للمدينة وانسياب الماء الزلال من النبع الغزير في كلستان ومن قمم المرتفعات الشمالية لهي واحدة من أهم النعم الالهية الطبيعية التي تنفرد بها هذه المنطقة بجمال مناظرها الخلابة التي خلقها الله سبحانه فيها. يجري نهر خرم آباد بالجانب الشرقي والغربي الجنوبي لتل قلعة فلك الأفلاك مما يوفر الحماية الطبيعية لذلك الحصن ويحيط الآن بالجانبين الغربي والشمالي للتل الأحياء السكنية لمنطقة خرم آباد.

ومن جانب آخر قرب هذا الصرح من المغارات الكائنة في قلب الجبال منذ عصور ما قبل التأريخ، ووادي خرم آباد الجذاب وبقية الأماكن الأثرية خلال فترات التأريخ بشكل عام، والنقوش الحجرية، والمنارة الآجرية مع الطاحونة، وآثار المجسرات المهدمة، واسورة البحيرات الصخرية المرتفعة نسبياً تجنباً لطغيان مياهها، كل هذه وتلك تحكي الترابط التاريخي للقلعة الأثرية التراثية هذه.

اما تأريخ بناء هذه القلعة فلم يتم الوقوف على التأريخ الدقيق لتشييد هذه القلعة الا ان الدلائل والشواهد التاريخية تحكي ان قدم هذه القلعة يعود إلى العهد الساساني ويرجع البناء الأول لها إلى عهد شابور الأول الساساني في القرن الثالث الميلادي. الساسانيون بنو مدينة باسم شابور خاست التي هدمت بعد ذلك وعلى انقاضها بُنيَت المدينة خرم آباد اليوم وذلك في القرن السابع الهجري تقريباً.

ويتوقع ان تكون قلعة فلك الأفلاك من الآثار المتبقية من حصن شابور خواست في فترة الساسانيين حيث كانت مقر الحكومة عسكرياً. وقد أُطلِق عليها عدد من الأسماء منذ تشييدها ومن هذه الأسماء المُسجَّلة: شابور خاست أو حصن سابر خاست، وديز باز، وقلعة خمر آباد، وأخيراً قلعة فلك الأفلاك. وقد اُستخدِمت هذه القلعة في عصر الدولة البهلوية كسجن. ان مساحة هذا الصرح فتبلغ 5300 متراً مربعاً تقريباً، حيث يشتمل على ثمانية أبراج وحصنين و300 ملجأ. وترتفع أعلى أسواره من سطح التلة 23 متراً وقد بُنيَت هذه الأسوار من الآجر والطوب بلبنة ممزوجة من الجص والكلس، ومدخلها يكون من الجانب الشمالي ومن خلال حائط البرج ليرتبط بممر يصل بأول ساحة من حصن القلعة. وصُمِمَت أبعاد الساحة الاولى للحصن من الجهة الشمالية وحتى الجنوبية بحدود 22/5×31 متراً محاطة بأربعة أبراج مشيدة مع سور الحلقة، اثنان منها في الجهة الشمالية والشمالية الغربية، والبرجان الآخران من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية منها وقد شُيّدَت بطرق فنية عالية.

يقع مدخل القلعة ناحية الشمال داخل البرج الشمالي الغربي. ويقع بئر مياه الحصن في المنطقة التي تقع خلف الفناء الأول. والجزء الأكبر من البئر منحوت على عمق 40 متراً في الصخور لكي يصل إلى مصدر ينبوع كلستان. ولا يزال البئر قابلاً للإستخدام حتى يومنا هذا. أما المواد المصنوع منها الحصن، فهي طوب طيني، وطوب طيني مشوي، وصخور، أخشاب، والمِلاط. واما العمران والبناء الموجود فيشير إلى اصلاحات وترميمات حصلت على آثار المنطقة على مر السنين، والتي برزت خلال العهد القاجاري.

محتويات القلعة

كما تدل الآثار القديمة هذه على وجود حمام قديم ايضاً يقع في الجهة الشمالية من الساحة الاولى وهي قريبة من بئر القلعة. وكان هذا الحمام قائماً إلى العهد القاجاري صالحاً للاستعمال، واليوم بقيت منه آثار انابيبه وممرات مياهه الفخارية التي تخترق جدرانه، كذلك نقوشه على الكلس وقنوات المياه وتصريفها تحت الأرض. وفي القسم الشمالي الشرقي من الساحة الاولى لهذه القلعة وخلف طاق مرتفع منه، موقع بئر ماء القلعة حيث يصل عمقه الى40 متراً والذي يأتي من خلال شقوق في الصخور تصل من نبع كلستان، اذ كانوا سابقاً يؤمَنون حاجاتهم من الماء من هذا البئر الخازن للمياه، ولا زال هذا البئر حتى يومنا هذا يُستخرَج منه الماء.

اما ابعاد الساحة الثانية من شرقها إلى غربها فهي 21×29 متراً، وكما في الساحة الاولى فلها اربعة حصون، ويستقر بين أطراف الساحة الأربعة مسرح كبير ترتبط منافذه بأطرافه الأربعة، واليوم اجري على هذا المكان الذي أصبح متحفاً بعض التغييرات. ومن الجديرة بالتأمل في هذا الصرح المعماري تشييد الأنفاق الخفية من الضلع الجنوبي وساحة تحت الأرض تمتد من شمالها إلى شرقها.

نظام التهوية

اما نظام التخلص من الرطوبة فيبدو أن قلعة فلك الأفلاك قد زوِدَت بنظام مزيل للرطوبة عند بنائها. كان الخبراء يعتقدون في السابق أن هذه القنوات المزيلة للرطوبة، التي يبلغ ارتفاعها أكثر من متر واحد وتغطي المساحة بأكملها تحت القلعة، كانت عبارة عن مخابئ للمقيمين فيها. لكن حقيقة الأمر هي أن المهندسين الساسانيين كانوا على دراية بتقلب المناخ والمياه الجوفية بالمنطقة، ومن ثم زودوا القلعة بنظام لإزالة الرطوبة. ويدخل في بناء فلك الأفلاك مواد مختلفة، مثل الصخور والأخشاب المقاومة للرطوبة. ولهذا بُنيَت القلعة على أعلى بقعة في مدينة خرم آباد لكي تتخلل الرياح البناء وتجفف أساساتها.

اما ساحات القلعة فالأولى التي تقع في الطرف الشمالي – الجنوبي فتبلغ أبعادها 31*22.5 متر. وتوجد على أطرافها أربعة أبراج اثنان منها في الطرف الشمالي والشمالي الغربي واثنان منها في الطرف الجنوبي والجنوبي الغربي. اما الساحة الثانية والواقعة في الطرف الشرقي – الغربي فتبلغ أبعادها 21*29 وكما في الساحة الاولى يتألف من أربعة ابراج في الاطراف االأربع للساحة، ويوجد في أطراف الساحة أربع صالات كبيرة ومتصلة مع بعضها، تم استخدامها اليوم كمتحف. من الملاحظات المهمة في البناء وجود مخابئ سرية في الضلع الجنوبي وكذلك وجود مساحات كبيرة تحت الأرض في الضلع الشمالي والشرقي.

استخدامات القلعة

اما استخدامات القلعة في الماضي فهي كالتالي " الخزانة الحكومية" في عهد بدر في القرن الرابع، " مقر الحكومة" للحكام والولاة في العهد الصفوي حتى القاجاري، و" معسكر" و " سجن سياسي " في العهد البهلوي الأول والثاني. اما الوضع الحالي لقلعة فلك الأفلاك فهي تخضع لإدارة منظمة التراث الثقافي الإيراني، وهي من المواقع المحمية واليوم نشاهد افتتاح أغنى متحف تراثي مجتمعي فلكلوري شعبي في قلعة فلك الأفلاك.

/انتهى/