تسنيم تبحث مع المحللين السياسيين: هل لدى داعش القدرة على إحياء نفسها في العراق وسوريا؟

أثارت التحركات الأخيرة لخلايا داعش النائمة في العراق وسوريا مخاوف لدى الأوساط السياسية والتساؤل هل هذه التحركات محاولة لإعادة حياة داعش في العراق؟ أم يمكن اعتبارها مخططا سياسيا وأمنيا لإستمرار تواجد الأميركان في العراق؟

في عام 2014 تمكن تنظيم داعش الإرهابي من إحتلال مساحات كبيرة شملت محافظة الرقة وأجزاء من محافظة دير الزور في سوريا والمناطق المجاورة في العراق بما فيها محافظة الموصل وصلاح الدين والانبار وديالى، واقترب كثيرا من العاصمة بغداد وهدد بإحتلالها.

وفي تلك الأيام، لم يكن الجيش العراقي في وضع جيد، ولم يتمكن المقاومة أمام هجمات داعش، واضطر إلى الإنسحاب.

وبعد ان اقترب داعش من بغداد والمدن المقدسة، أصدر المرجع الأعلى للشيعة آية الله السيد علي السيستاني فتوى الجهاد. وإثر هذه الفتوى سارع الآلاف من العراقيين إلى التسجيل في القوات المسماة "الحشد الشعبي" ليلتحقوا بالقوات المسلحة.

وبفتوى "الجهاد الكفائي" هذه انبثقت قوة جديدة في محاربة داعش، والتي امتازت بتماسك مناسب، منطلقة من إتحاد 40 مجموعة عسكرية أغلبها مؤلف من القوات الشعبية لتشكل "الحشد الشعبي". ورغم أن أغلبية عناصر الحشد الشعبي من الشيعة، الا انه توجد ايضا قوات حشد سنية وإيزدية ومسيحية.

وقد أدى الحشد الشعبي دورا كبيرا في تحرير العديد من المناطق المحتلة بالعراق وتحول إلى جزء هام من القوات المسلحة، ففي اواخر عام 2016 أقر البرلمان قانونا يعترف رسميا بأن قوات الحشد الشعبي جزء من القوات المسلحة ويخضع لقيادة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء.

والآن وبعد الهزائم الفادحة التي لحقت بداعش، يبدو أن الخلايا النائمة لهذا التنظيم الإرهابي، تنفذ تحركات في بعض المحافظات العراقية، الأمر الذي أثار مخاوف لدى الأوساط السياسية، بأنه هل يحاول داعش إحياء نفسه في العراق أم أن هذه التحركات مخطط سياسي وأمني لاستمرار تواجد الأميركان في العراق؟

يرى الخبير الإستراتيجي في شؤون المنطقة، سعد الله زارعي، أن داعش غير قابل للإحياء بشكل طبيعي، لأنه عبارة عن تجربة فاشلة ومكلفة، وأن الذين راهنوا عليه تكبدوا هزيمة منكرة.

وأكد زارعي ان مخطط داعش، كان من تخطيط أجهزة المخابرات، وهذه الأجهزة إذا شعرت أن الحكومة المركزية العراقية أصبحت ضعيفة، قد تستغل الخلافات الداخلية لإعادة إحياء داعش.

أما الخبير في الشؤون الإستراتيجية بمنطقة غرب آسيا، هادي محمدي، فإنه يعتقد أن داعش أي القوات الوهابية والسلفية بقيادة بعثية، ولديها تشكيلات صغيرة للغاية في بعض مناطق العراق وسوريا والأردن و... ولا تتوفر لديها أية إمكانية لإعادة حياتها ولا يمكنها ان تشكل خطرا.

وبيّن أنه إذا أرادت أميركا أن تربط القوى السلفية والبعثية العراقية بهذه المجموعات الصغيرة، فعليها أن تتمكن من خلق أزمة كبرى في العراق من خلال إستغلال قابلية التحريض السني – البعثي لإكمال هذه العملية. إلا أن هذا غير ممكن في العراق في الوقت الحاضر، وبالطبع فإن خلايا داعش لديها القدرة على زعزعة الامن بشكل محدود وهذا ما يتم بتوجيه أميركي. وهذا يأتي بهدف إستمرار تواجد القوات الأميركية في العراق.

ويرى الخبير في الشؤون العراقية، الدكتور جعفر جلالي، أن جانبا من هذه التهديدات هي صحيحة، وجانبا منها هو مجرد تهويل من قبل الأحزاب الكردية.

ورأى أن تواجد داعش سيكون ذريعة لتواجد القوات الأميركية في المناطق الكردية. كما أن كرد العراق سيكون بمقدورهم الحصول على الدعم الدولي من خلال تهديدات داعش ومواجهتها. إضافة إلى أن الكرد يأملون بالسيطرة على المناطق التي سيطرت عليها القوات العراقية في كركوك قبل إستفتاء 16 تشرين الأول/اكتوبر 2017.

ويؤكد جلالي أن الجيش وقوات الحشد والقوت الأمنية مسيطرة تماما على الأوضاع في العراق، وهي تحول دون تنفيذ أي نشاط من قبل الخلايا النائمة لهذا التنظيم الإرهاببي في سائر مناطق العراق، وقد بادرت حتى الآن إلى قمعها في محافظتي الأنبار وكركوك. إلا أن خلايا داعش النائمة تحاول إستعادة نشاطها في المناطق التي يسيطر عليها الكرد والمناطق المتنازع عليها بين الكرد والحكومة المركزية.

ويختلف مع هذا الرأي، سفير إيران السابق لدى دول مجلس تعاون الخليج الفارسي، حسن ميربيان، حيث يرى أن الأحزاب الكردية شعرت حقا بخطر داعش، ويستدل على ذلك بتصريح لمسعود بارزاني في هذا المجال بأنه لولا إيران لدخلت داعش إلى أربيل.

وأوضح أن داعش فقط تشكيلاته وسيطرته على الأرض، وإن ما نشهده هو محاولات تنفذها الخلايا النائمة بين الحين والآخر في العراق.

وأشار إلى قرار البرلمان العراقي بخروج القوات الأميركية، واعتبر أن نشر الأخبار بشأن أخطار داعش هو تهويل يقوم به الجيش الأميركي وبعض وسائل الإعلام المرتبطة بأميركا لتبرير إستمرار تواجد القوات الأميركية في العراق.

وعلى أي حال، يتفق المحللون والخبراء السياسيون على نقطتين؛ الأولى: ان داعش ليس لديه القدرة على إعادة إحياء نفسه في العراق، والتحركات الأخيرة مجرد محاولات من الخلايا النائمة لزعزعة الأمن نوعا ما.

والثانية: أن جانبا من أخطار داعش إنما هي مجرد تهويل إعلامي بهدف تبرير إستمرار تواجد القوات الأميركية في العراق، الأمر الذي يعارضه الشعب والمكونات السياسية مؤكدين على ضرورة تنفيذ قرار البرلمان بخروج القوات الأميركية من هذا البلد.

/انتهى/