الدكتور عامر الربيعي لـ"تسنيم": التفاف الشعب العراقي حول المرجعية مبدأ ثابت.. أمريكا اتبعت اساليب عنيفة لاحداث الاختراق في الدولة العراقية
اكد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية العربية – الأوروبية في باريس الدكتور عامر الربيعي أن التفاف الشعب العراقي حول المرجعية مبدأ ثابت.
وأشار رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية العربية – الأوروبية في باريس الدكتور عامر الربيعي في حوار خاص مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء في مايخص الشأن العراقي إلى أن نصف قاعدة عين الاسد في العراق ومعظم القواعد في تلك المنطقة قاعدة هجومية تفرعت على شطري العراق وسوريا لضرب محور المقاومة، لانها تستند الى قاعدة خلفية تم تمهيد ارضيتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
ونوه الى ان الاهداف الابعد من هذه القواعد هو ضرب كل مرتكزات الرفض للنظام العالمي الجديد, ومن هنا تتأتى عملية قصف مطار بغداد واستشهاد القادة اللذين اسسوا نظاما مؤسساتيا مقاوما في العراق.
وأضاف، لا توجد اي فائدة مرجوة من هذه القاعدة بالنسبة للعراق لكنها ذات فائدة لمستقبل التواجد الصهيو –امريكي والاحتماء الصهيوي وعقيدته.
وفي ما يلي نص الحوار:
تسنيم: ماذا يجري في العراق بالتحديد منذ انطلاق الاحتجاجات حتى اليوم؟
الذي يجري في الساحة العراقية هي حالات من اكتمال الصورة واختمارها على صعيد استقلالية القرار العراقي وحالات الاختمار لكل مشاريع المقاومة وتقدمها في الساحة والبيئة الحاضنة لها, ان حالة العراق قبل استشهاد كل من القائدين [قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ] عطلت ما يسمى بالنظام العالمي الجديد بواجهته السياسية والجغرافية من خلال الانتصار على داعش فوق ارض العراق.
ومن ضمن حالات الاختمار ما وصل اليه اركان الفساد السياسي ووصولهم الى مرحلة ضياع البوصلة ونقاط ارتكازهم , فكانت افضل الطرق للتشبث والبقاء هي استمرارية بث الفرقة واللجوء الى العبث بالجوانب الحاضنة والمكون الذي تستند عليه المقاومة , من خلال المنظومة الفدرالية المكونة للنظام الحاكم العراقي , وذلك من خلال عناصر النظام الليبرالي نفسه الذي يعتبر منهجا وجد حيزا له في هيكلية الطبقة الحاكمة بسبب مركزية الاحزاب وتداخل عناصر ذات نفعية متعددة الاطراف من خلالها وقد تكون هذه العناصر لا توالي الدولة العراقية على سبيل المثال العلاقة المصلحية بين مقوم للهيكلية العراقية الحاكمة مثل الاكراد ومركزية احزابهم وعلاقة هذا المكون بالكيان الصهيوني , او مقوم اخر ما زال يمثل حاضنة للتكفيريين فيدخل بعلاقات مصلحية بين جهات عربية داعمة وجهات امبريالية وغيرها من هذه الامور.
وبين النتائج التي افرزت عن حالات الاختمار لكلا الجانبين , العراقي الوطني ومن وراءه محور عراقي متكامل قاوم المحتل الامريكي ومن ثم قاتل ما عرف بالدولة اللاسلامية في العراق والشام وامتدت اطرافه اقليميا , واثبت تواجده في سوريا ايضا من خلال منهج الامن القومي العراقي وتهديد داعش المستمر وضرورة حماية هذا الامن ناهيك عن البعد الدولي الذي اتخذته انتصارات فتوى الجهاد الكفائي في توفير السلم والأمن المعنوي على مستوى العالم.
كل هذه الامور وغيرها كانت حالات الاختمار من الجانب المعادي كانت ترى ضرورة ان تتوقف , والهدف الى توقف الاختمار الكامل للعقيدة الجديدة المربية للمجتمع العراقي تم عن طريق استخدام احتياجات الشعب الضرورية , ومعضلات الدولة العراقية من الماء والكهرباء والخدمات المختلفة وتأخر مشاريع التنمية الصحية والتعليمية وغيرها والتي هي من افرازات الخطط الفاشلة التي اسسها النظام الجديد وسلطة الاحزاب في تأصيل الافضلية والمحسوبية والدعاية المبطنة القائمة على مصطلحي التهميش من قبل السنة ومصطلح المظلومية من قبل الاكراد ليقع الجنوب العراقي المغذي لحاملي هذين الشعارين ليغرق في معترك انعدام تنمية ممنهج ومتعمد, ورافقه بالطبع سوء تقييم والرضوخ للإرادات الاخرى من قبل بعض القيادات التي تمثلهم في الحكومة العراقية. هذا النقص في الخدمات تم توجيهه نحو ضرب الصف الشيعي, الهدف الابرز والنتيجة التي يراد الوصول اليها , هي الاستيلاء على رئاسة الوزراء العراقية التي هي من حصة المكون الشيعي, لذلك انطلقت المظاهرات في العراق تحت عنوان الاصلاح ومن خلال استغلال احتياجات الشعب الحقيقة , طلت الادوات الليبرالية وعناصرها التي وصلت الى مرحلة الاختمار ايضا تحت شعار حرية الراي وحرية التعبير دخل مختلف التوجهات الى ساحات التظاهرات , فليس مستغربا ان ترى نهجا داعشيا يشنق الابرياء في الساحات تحت ذريعة المطالبة بالاصلاحات , الى جانب شعب ظُلم يطالب بالإصلاح , تحت هذه الليبرالية الجديدة كل شيء جائز , وتحت ضغط هذه الجماهير لم تستقيل الحكومة كاملا , وإنما حملت شخص رئاسة الوزراء فقط , وبعد استشهاد القائدين ايضا تمت عملية التدخل السافر في القرار الدستوري من حق القائمة ذات الاغلبية برئاسة الوزراء وكان هولاء هم المكون الشيعي وبالتالي هو تدخل في القرار الشيعي وتحديدا من قبل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والهدف من كل تلك الخطوات هي ضرب القاعدة الشعبية التي يستند عليها المقاومة العراقية والحشد الشعبي , وهذا يقودنا الى استنتاج ان هناك ارادتين كانت كوجوده في ساحات التظاهر ارادة شعبية مطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي يناسب الانتصار على داعش , وهناك ارادة امبريالية بأدواتها الليبرالية وبغطاء السفارة الامريكية من جهة والدور غير المشرف لبرهم صالح والحلبوسي اللذين حاولا الضغط على العراق وأبناءه من الجنوب ليس فقط بالتنمية والحرمان من الاصلاحات وإنما بمصادرة الحق الذي يمثلهم في الحكومة من خلال سحب البساط من حق هذه المكونات من انتخاب الرؤية السياسية التي تمثلهم كما للآخرين لهم هذا الحق.
كانت عملية تحاول الوصول الى الانقلاب على رئاسة الوزراء , والتي لم يكن مستبعدا من خلال عنف الحراك ان تتطور لقلب نظام الحكم الى رئاسي وفق مطلب الجماهير الغاضبة على رئاسة الوزراء وفشل قياداتها وهذا ما كان يصور اعلاميا. اذن من سيكون البديل؟.
تسنيم: حاول خصوم إيران الاقليميين والدوليين اتهام طهران بانها تتدخل في الشأن العراقي وخاصة تشكيل الحكومة العراقية واختيار رئيس الوزراء وبناء على هذه الاتهامات حاولت أمريكا والسعودية تشويه سمعة إيران بين فئة من الشعب العراقي وضرب النفوذ المعنوي لإيران في العراق، ما الهدف من وراء هذه المساعي وما هي الوسائل التي استخدمت لهذا الغرض؟
سؤال مهم جدا, لأنه عندما قامت الحرب العراقية الايرانية عمد النظام العراقي السابق على خلق ايديولوجية تأسست في المجتمع العراقي قائمة على العداء لإيران , ولنكن منصفين امام التاريخ من ان العراق وإيران لم يشهدوا هجوما بحكم الوحدة العقائدية بمثل ما فعل صدام حسين في تلك الفترة من هجوم نحو الهوية العقائدية , وهي مستمرة الى يومنا هذا ولو على منسوب اقل.
ولو تتبعنا تاريخيا المرتكزات التي قامت عليها هذه الاشكالية [العراق وايران] وهي في عمقها وحدوية وتكميلية , نوجز هذه المرتكزات بالاتي:
البناء الاموي في الشام الذي عادى على مر التاريخ البناء العلوي في العراق. وما نتج عن البنائين من الاختلاف في الاسس المنهجية الاسلامية سواء من ناحية طبيعة نظام الحكم الخلافة او الوراثة.
البناء الوهابي من القرن السادس عشر الى الان في السعودية الذي ابرز العامل الطائفي للواجهة وعادى هذا البناء الوهابي في المملكة البناء العلوي في العراق , والتاريخ حافل بغزوات هذه المجاميع نحو مركز التشيع النجف وكربلاء. وما نتج عن هذا العامل من مذهبية اجرامية تستخدم الى يومنا هذا في العصر الواحد والعشرين.
وبالعودة الى تاريخ العراق القريب والانقلاب على نظام احمد حسن البكر والمجيء بصدام حسين كبديل عن نظام الشاه في ايران ليبدأ المرحلة الرابعة من البناء الفكري بابراز الطائفية والمذهبية بكل ثقلها في المجتمع وشعب العراق ليختزل العراق فوق ارضه الثلاثية [ الاموية –الوهابية –الشيعية ] كلها تتحرك فوق ارض العراق الهدف منه كان لإضفاء الضبابية امام العالم, من خلال قيام النظام العراقي بحربه ضد الجارة ايران , لخنق اصل البناء الفكري الموحد للمسلمين , هذا كان بالاطار العام , لكن من الجانب الاخر كيف استطاع صدام حسين من ترسيخ اشكالية الحرب ضد ايران داخليا في المجتمع العراقي وجعلها فتنة ذات استمرارية تغرف منها كوادر الامبريالية المتواجدة في العراق:
1 – اعتماد النظام العراقي على اعادة هيكلية مؤسسات الدولة العراقية وخاصة المؤسسات التربوية والتعليمية , وعمل على تكوين جيل يتغذى بافكار العداء لايران مصحوبا بتطبيقات هذا العداء من خلال الحرب التي استمرت لثماني اعوام .
2- التدرج في اقحام المذهب السلفي الوهابي في في البنية التعليمية العراقية من خلال انشاء جامعة صدام للعلوم الاسلامية , التي تقوم على تدريس المذهب الوهابي السلفي , بالإضافة الى مناهج التكفير التي كانت تدرس في هذه الجامعة مع العديد من الحيثيات الجديدة على المذهب السني في العراق.
3-الاهمال المتعمد لأهل جنوب العراق وجعل من شبابهم وقودا لهذه الحرب ومن خلفهم فرق اعدامات لمن يرفض هذه الحرب.
4-الائتلاف الدولي حول النظام العراقي في هذه الحرب ضد ايران , كانت حرب دولية اكثر مما هي نزوة لقائد ارعن ,حيث التحشيد الاعلامي العالمي جميعها كانت داعمة لصدام حسين , يقابله دعم منقطع النظير من الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية , وبذلك كان الخط الامبريالي واضحا والخط الوهابي واضحا في هذه الحرب ولو مغطى بعباءة القومية العربية لأجل الحفاظ على خطوات النظام العالمي الجديد التي توقفت في المنطقة عند قيام الثورة الاسلامية في ايران.
هذا العداء المبرمج لايران , يذوب شيئا فشيئا , بعد فتوى الجهاد الكفاءي للسيد علي السيستاني ليتم تفتيت كل ما تم بناءه عبر التاريخ بنهضة ضد الارهاب والتكفير –الصهيو-سلفي ومن ورائهم ترسانة المعامل والمصانع فتم حدوث الالتقاء بين العراق وإيران, وما تخلل الحراك من شبهات ما هي الا محاولة لاعادة تعميق الشرخ من خلاله الذي اخذ من الاصلاحات واجهة للامعان في استغلال الارض العراقية واستغلال آلام المواطن العراقي وما آلت اليه الامور اليوم خير دليل.
تسنيم: بات العديد من المراقبون يتحدثون عن أن الاحزاب المحسوبة على الاطراف غير الشيعية (والتي ادعت في فترة ما أنها تتبنى فكرة تشكيل حكومة عراقية بعيدا عن المحاصصات) باتت تطالب اليوم اي من المرشحين لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بمنحها وزارات معيينة، فكيف تفسر هذا اللهف على المحاصصة الجديدة مع دعوات الشارع العراقي الذي طالب بان تشكل حكومة بناء على الكفاءات وليس على المحاصصات؟
اثبتت الدورات الرئاسية التي مرت على نظام الحكم في العراق منذ 2003 الى الان من انه نظام قائم على المحاصصة , ومهما حاولت بعض الكتل الخروج من هذا النمط يحدث تصادم بين الاسس التي قامت عليها الدولة العراقية والدستور وخاصة وان بعض بنود الدستور تحافظ على الهيكلية القائمة على نظام الاقاليم , والا من غير المفهوم ان تفوز كتلة بالاغلبية فيتم تشكيل الحكومة وفق نظام محاصصة , انه عرف وضعه بول بريمر ودولته العميقة كجذر للعملية السياسية العراقية الجديدة , بعد ان رسخه النظام العراقي السابق بالدم من حيث معاداة الاكراد للدولة العراقية وتشبع انفسنا السنة بفكر البعث بالعداء لبعض شرائح المجتمع العراقي ولايران.
ولنذهب بعيدا قليلا من جهة اخرى من طبيعة نظام الحكم العراقي ومرتكزاته ,كما ذكرنا في مقالات عديدة واعيدها اليوم ايضا , ان افرازات العملية السياسية العراقية بعد 2003 هي ربط نظام الحكم بالعراق بالنظام العالمي الجديد, هذا النظام الذي اتخم ارض العراق بليبراليته الجديدة , وبحكم عناصر هذه الليبرالية اصبح العراقيون يختزلون من حيث الطائفة والهوية والطاقة الابداعية ضمن مركزية حزبية , لغرض ديمومة هذه المركزية , والتي عن طريقها ايضا يفسح المجال للعديد من المؤسسات التي تنتمي لعقيدة هادمة للمجتمع والدولة العراقية وشركاتها المتعددة الجنسيات, التي اخذت حركتها بتفعيل سلطة راس مال هذه الاحزاب والشركات على حساب التنمية بصورة عامة , فتم اختيار من قبل هذه العناصر التي ولدت في ظل العراق الفدرالي على حركة راس المال الناتج عن بيع العراق للبترول والتبعية المالية والاقتصادية من خلال عدم وجود اي تخطيط عراقي مستقل سواء زراعي او صناعي او حتى استهلاكي الا بالنادر, ومركزية الاحزاب التي اصبحت عاملا يثقل الدولة العراقية بالفساد من خلال اعتمادهم على ايراد العراق من البترول وعلى خزينة الدولة العراقية وعلى التبعية بالاستعانة بالمشاريع الجاهزة والتي قد تمر بمرحلة طويلة من التعثر في الوزارات المختلفة ليكون نصيبها الاهمال بالاخر.
العراق يمتلك عوامل تثبيت الدولة العراقية على اسس مغايرة , وظهر هذا جليا في فتوى الجهاد الكفائي من حيث ان النهج الناتج عن هذه الفتوى حد من مركزية الاحزاب , وأوقف اجندات النظام العالمي من خلال تعبئة الشعب العراقي كعامل مغذي للدولة العراقية وليست الاحزاب فقط. انا برأي ان العراق في تلك الفترة كان عراقا ديمقراطيا قائم على مبدأ فصل السلطات محكوم بالمرجعية الموضوعية التي اخذت خطوات مؤسساتية من مورد بعيد الى حد ما عن خزينة الدولة العراقية المعتمدة على الحركة العالمية للمال سواء على شكل قروض او منح الى غيرها , لذلك فان من المستحسن ان يتم تطوير الخطوات التنموية من قبل المرجعية بنطاق اوسع , لان في حقيقة الدولة العراقية العميقة هو التفاف الشعب حول المرجعية كمبدأ ثابت له القدرة على الاستقطاب.
تسنيم: هل تعتقد ان امريكا تحاول خلق داعش جديد ليكون هذا مبررا لبقاء قواتها في العراق؟
في الحقيقة للتواجد الامريكي في العراق اهداف , وتعود هذه الاهداف الى عاملين مهمين الاول يكمن في دخول العراق ضمن إستراتيجيات ومخططات ذات ارتكاز جغرافي من حيث التحكم بطرق التجارة او من حيث التحكم بالمجال الجوي فيما بين القارات في حالة نشوب الحروب , باعتبار العراق ضمن ما يعرف بقلب العالم. اما الجانب الثاني وهو الاهم وقد يكون الاساس الذي بني عليه العامل الاول , وهو المنبع العقائدي الذي يحكم القرار في الولايات المتحدة , ما هو القرار الذي بموجبه تدخل هذه الدولة حروبا , وتفتك بالشعوب لاجل جني الثروات ؟ ولماذا خصت دول محددة في الشرق الاوسط منذ عصر الاستكشافات الجغرافية والى الان. لذلك فان الولايات المتحدة بتواجدها في العراق اتبعت اساليب عنيفة لاحداث الاختراق في الدولة العراقية من خلال تصفية اعمدة الفكر والعلم فيها مرورا الى نشوب الحرب العراقية الايرانية الى حرب الخليج الثانية وصولا الى حرب الخليج الثالثة , تم اتباع خلال هذه الحروب بعدة مناهج , الاول ارباك الدولة العراقية من خلال الضرب على الهوية الوطنية في حربه ضد ايران , لحسابات تمهد لخلق منهج التحشيد الاقليمي وخاصة العربي المساند لصدام حسين , ليتم بعدها بعد غزو الكويت ظهور الاصلاء ومن وراءهم النظام العالمي الجديد معلنين حربا ذات تحالف دولي ضد العراق. تطرقت الى هذه المقدمة سريعا لاقول ان في خضم هذه الاحداث وتدرجها , يثبت ان الولايات المتحدة كدولة عميقة ومن خلال هذه الحلقات التاريخية في منطقتنا المملؤة بالدماء لم ولن تفكر ان تخرج من العراق , لو كان الامر بيدها لما اضطرت الى استخدام الارهاب التكفيري الذي يبحث عن العلوي الرافضي ليقتله , انها مهزلة دموية ومع الاسف انها جرت على ارض الواقع , فان الولايات المتحدة لم تتوانى عن اعادة الكرة مرة اخرى بمسميات عديدة.
تسنيم: ما هي أهمية بقاء القوات الأمريكية في قاعدة عين الاسد وبقية القواعد بالنسبة لأمريكا وللكيان الصهيوني بعد قرار مجلس النواب العراقي الذي دعا الى خروج هذه القوات؟
اهمية بقاء القوات الامريكية في العراق متأتية من نقاط ارتكاز تقوم عليها الامبريالية , في مثلث انا اعتبره زاوية استراتيجية لاي تحرك امريكي في هذه المنطقة , وهي نقاط متقدمة على قواعدها في الخليج (الفارسي) , المهم في هذه القاعدة انها ذراع حامي [ لكل المشاركين معها من حيث افراغ الاجندات فوق ارض العراق] من تكفييرين وحلقة وصل فيما بينهم في العراق وسوريا , وبين مراكز الامدادات من الاردن او المملكة العربية السعودية, يضاف اليها القاعدة الحاضنة, ونستطيع ان نصف قاعدة الاسد في العراق ومعظم القواعد في تلك المنطقة قاعدة هجومية تفرعت على شطري العراق وسوريا لضرب محور المقاومة , لانها تستند الى قاعدة خلفية تم تمهيد ارضيتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني هذا من جانب ومن جانب اخر , الاهداف الابعد من هذه القواعد هو ضرب كل مرتكزات الرفض للنظام العالمي الجديد , ومن هنا تتاتى عملية قصف مطار بغداد واستشهاد القادة اللذين اسسوا نظاما مؤسساتيا مقاوما في العراق. اذن لا توجد اي فائدة مرجوة من هذه القاعدة بالنسبة للعراق , لكنها ذات فائدة لمستقبل التواجد الصهيو –امريكي والاحتماء الصهيوي.
تسنيم: كيف يمكن لإيران والعراق بناء علاقات تضمن مصالح الطرفين دون ان تتاثر بالضغوط الاجنبية؟
المسالة هنا موضوعية , لان اشكالية تأسيس الدولة العراقية من الاحتلال البريطاني وما خرج به من نتائج حول عمق وتأثير المرجعية وبيئتها الحاضنة ممتدا الى الاحتلال الامريكي للعراق والذي خرج بنفس النتيجة ولكن بإطار اوسع حيث انتقل العراق من بلد ذو قيادة [ متمردة تثير الحروب ] الى بلد جذب الى منطقته كل دول العالم في حروبه المتعددة الجبهات ضد الارهاب التكفيري القادم من مختلف دول العالم وعلى اساسه معادلات دولية دولية تغيرت حول الالتفاف على العداء لداعش.
من هذا الانتصار كان على العراقيين ان يقوموا بتفسيره في منهجية الدستور العراقي وطبيعة نظام الحكم واستثمار ما مر من وقت عصيب كالتحالف بين حواضن بعض المحافظات مع داعش او بتواطؤ الاكراد مع تركيا وادخال مختلف نماذج المرتزقة , ومن هذا الانتصار يتم الحد من مركزية الاحزاب المشبوهة بحكم الامن الوطني والقومي العراقي , وتعديل الدستور , فيتم اقامة علاقات حسن الجوار مع جيران العراق ومنها ايران بارادة عراقية نابعة من هذه الحكومة التي تاخذ على عاتقها احداث عملية تغيير في البناء التربوي للمناهج وفي مختلف المؤسسات وبالخصوص التعليمية.
اليوم و بعد فترة الاحتجاجات , ومحاولة احداث شرخ بين العراق وإيران يكمن في قوة القوائم العراقية التي فازت بالانتخابات وان تقوم بفرض ارادتها رغم الضغوط , وتقديم من يقف حجر عثرة ضد تطبيق الدستور للقضاء كل من تلطخت يديه بإرهاب الدولة العراقية ويعملون تحت عباءة الاحزاب , وتطبيق الحكم به مهما كان منصبه , اسلوب الرده هذا لحفظا لدولة العراقية من الاخلال وتفتيت منصب رئاسة الوزراء القادم من الاغلبية ليربط بموافقة الاكراد والسنة تحت ذريعة [ العراق العربي وأجندات هذا العمق الضاغطة على الساحة العراقية , ايران غير العربية والأجندات الامبريالية الضاغطة على الساحة العراقية] ودوامة التغاضي عن الحل التي يتبعها زعماء بعض الكتل للإخلال بالدولة العراقية بمنصب رئاسة الوزراء.
تسنيم: هنالك مطالب حقة للشارع العراقي أكدت عليها المرجعية الدينية في العراق مثل محاربة الفساد ومعالجة المشاكل الاقتصادية، فما هي السبل لانجاز هذه المطالب؟
كانت المرجعية في النجف دوما الى جانب مطالب الشعب العراقي في مختلف المراحل التي عصفت بالدولة العراقية , وخاصة بعد 2003 والى الان ,كانت دوما تعطي الارشاد والخطط عندما تتطرق الى مواضيع الفساد الذي اخذ يستشري بشكل يقوض الموسسات الحكومية الرسمية التي تهتم بجوانب تسيير امور الشعب , ناهيك عن الفساد الحكومي الذي اوقف عجله المشاريع التنموية التابعة ملكيتها للدولة من بنية تحتية وصناعية وغيرها.
اليوم في العراق اصبح الفساد يمارس وفق هيكلية تعمل على انتاج الازمات , تتمثل في النظام الفدرالي القائم على تقسيم السلطات الكامل بين الاقليم والسلطة المركزية ومركزية احزاب الاقاليم التي تصل الى درجة سلطات الدولة المستقلة.
وفق النظام العراقي بصورته الفدرالية النابعة من رحم اليبرالية تصبح عملية استخدام مفاهيم الحرية والديمقراطية والحقوق ذات اهداف مزدوجة وسلبية تجاه الدولة العراقية , احدهما تعميق الهوة بين المركز والإقليم, وثانيهما الموقف السلبي على طول الخط مع الحكومة ألمركزية وقراراتها التي تتخذها بحكم المصلحة العراقية العليا.
وهكذا بالنسبة لهيكلية الدولة العراقية وأسلوب المحاصصة في الفصل بين السلطات في المركز وأسلوب الفصل بين المركز والإقليم وهكذا منظومة فساد تجد لها مجالا واسعا من خلال اجندات تتحكم بها تفرعات تنبثق عن هذه السلطات , على الدولة العراقية اتباع خطوات مهمة وسهلة لكن تحتاج ارادة القول والعمل من هذه الخطوات:
ان يتم العمل بالفعل على محاربة الفاسدين ومكافحتهم وعلنا امام الشعب.
التقليص والترشيق للمؤسسات التي تعاني من الترهل التضخم بما فيها الرئاسات الثلاث , مع تخفيض رواتبهم بما يتلائم ووضع الدولة العراقية لا وفق ما سطروه من بنود تخصهم , يستلمون رواتب مثل نظرائهم في دول العالم. باعتبار العراق دولة مؤسسات.
اعادة تفعيل ان الكيان الصهيوني عدو للعراق ولوجود الدولة العراقية , وإضافته كفقرة دستورية تحرم على الاكراد او اي طرف اخر من الاخلال بتوازن الدولة العراقية وما يتفرع عن ذلك من اهدار للثروات وفق مقتضيات المصلحة.
عمل لجان متابعة ورقابة لكل المشاريع التنموية التي تم المصادقة عليها وربطها برئاسة الوزراء. وعقد الاجتماعات الدورية شهريا لمعرفة النتائج لكل خطوات تطور المشروع.
عدم الرضوخ الى الضغوط الدولية , كملف الكهرباء الشركات العالمية التي اخذت على عاتقها توفيرها ولم تصدق في وعودها , وذلك لاعتبارات يكمن ان الكهرباء سلاح موجه , لذلك فان الكهرباء من قبل هذه الشركات العالمية الام لن توفر الكهرباء للعراق ولن تسمح بذلك. لذلك على الحكومة التوجه الى اطراف اخرى غير الدول المرتبطة بالمنظومة العالمية او ذيوله للتزود بالكهرباء ولا تتعرض لضغوط بهذا المجال.
ليدخل العراق البعد الاقليمي والدولي من باب انه دولة لديه إستراتيجية ويجب عليه ان يخلق التوازنات فوق الارض العراقية فليمد خط التواصل مع الصين روسيا ايران وبعده العربي ايضا لأنها مسالة طبيعية , وقبل كل ذلك , على المسؤولين المناط بهم ادارة الدولة العراقية ان يكونوا رجال مرحلة وليس رجال مصلحة لان تاريخ العراق الحاضر وما يتمخض عنه من نتائج مناط بتحركاتهم وسياساتهم.
/انتهى/