الشاعر والفلكي عمر الخيام؛ رمز للثقافة والفكر الإيراني في العالم+صور

يصادف اليوم 17 مايو ذكرى تكريم العالم والشاعر الإيراني عمر الخيام، فبالرغم من شهرته بالرباعيات لكنه كان في الحقيقة فيلسوفاً وعالم رياضيات كبير، قام طيلة حياته باكتشافات مهمة في الرياضيات والنجوم وتعلم الحديث والحكمة وعلم النجوم في العهد السلجوقي.

ولد الخيام عام 440 هـ.ق في نيشابور، كما دفن فيها ايضاً، لقب بالخيام لأن والده كان صانع خيام، عرف بالذكاء وحفظ القرآن الكريم وأتقن علوم اللغة والدين وآنس من نفسه الميل إلى الرياضيات والفلك فأبدع فيهما و عبرهما اشتهر بين البلاد الاسلامية.

اختلف دارسو حياة الخيام في صحة نسبة الرباعيات إليه أو بعضها، فمنهم من قال ليست له بل لشاعر آخر بهذا الاسم، تعمد الكثيرون الى تشويه صورة الخيام غيرةً وحسداً فنظموا شعراً ونسبوه إليه حتى تكرره العامة ويعاقب من قبل الملوك. إلا أن الحقيقة التي يجب قولها هي ان الرباعيات كنزٌ أدبي تستحق العالمية لأن مضامينها إنسانية.

أشار البعض الى رباعية للخيام ذكر فيها رقم 72 على أنها وثيقة يثبت من خلالها أنه عاش اثنين وسبعين سنة:

لم يُحرم قلبي من العلم ابداً

بقي القليل من الأسرار التي لم تفهم

فكرت اثنتين وسبعين سنة ليلاً ونهاراً

إتضح لي بأن لم يتضح شيء ابداً

ترجع شهرته إلى عمله في الرياضيات حيث حلَّ معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية. كما نظم المعادلات التكعيبية وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها. وقد بحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحاً موجباً، ووضع طرقاً لإيجاد الكثافة النوعية. كما برع في الفلك أيضاً، وقد طلب منه السلطان ملكشاه سنة 467 هـ/1074 م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم. ويقول سارطون إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري.

حياة الخيام مليئة بالأسرار والرموز بحيث يظن أي شخص أنه قد بات رفيقاً له، كما أن أشعاره ورباعياته تزيد من حيرة أي قارىء ايضاً. الخمرة والمطرب والشراب والسرور من جهة والاهتمام بالفناء والموت من جهة اخرى وانكار المعاد والاخرة والجنة والنار جميعها جاءت في الرباعيات المنسوبة له.

لا تحسبوا أني أخاف الزمان

أو أرهب الموت اذا الموت حان

الموت حق لست أخشى الردى

وإنما أخشى فوات الأوان

دنياك ساعات سراع الزوال

وإنما العقبى خلود المآل

فهل تبيع الخلد يا غافلاً

وتشترى دنيا المنى والضلال

ولد هذا الرجل في القرن الخامس الهجري وتمكن في ما بعد من ان يصبح احد نوابغ العالم اذ ان النابغة تحمل معان عدة لكن الخيام نابغة بجميع معاني النابغة. شهرة الخيام عالمية وشعبيته فريدة بين جميع شعوب العالم حيث لم تحظ أي شخصية بالشهرة التي حظي بها الخيام في العالم.

معظم من أعطى رأيه برباعيات الخيام اتهمه بالكفر والالحاد بغض النظر عن المصطلحات العرفانية التي جاءت في رباعياته شأنه شأن جميع الشعراء الذين استخدموا المصطلحات في غير مكانها واعطوها معنى اخر كما فعل الشاعر حافظ الشيرازي فشراب العرفاء هو ليس شراب العنب والخمارة ليست مكاناً لشرب الخمر ولكن معظم الشعراء لم ينصفوا الخيام لكن اللافت لم ينكر احد معلومات وعلم الخيام حتى الان لكن خيام الشاعر لايزال مجهولاً.

الْيَوْمَ مَا لَكَ فِي أَمْرِ الْغَدَاةِ يَدٌ وَلَيْسَ فِكْرُ غَدٍ إِلاَّ مِنَ الْخَبْلِ 

فَاغْنَمْ بَقِيَّةَ عُمْرٍ إِنْ تَكُنْ يَقِظاً فَالْعُمْرُ يَفْنَى بِلاَ بُطْءٍ ولاَ مَهَلِ

من خلال النظرة العميقة الى رباعيات الخيام ودراسة حياته ومجتمعه الذي كان يعيش فيه نستنتج أنه شخص متدين ومؤمن وعارف ليس بمعنى ان كان لديه مريدين بل كان لديه ايمان راسخ بالله وكان مستاءً من الشراب والرياء ولم يكن يأمل بالحصول على شيء من الملوك ولم يدر ظهره للدنيا ولم يختار الخرقة والخانقاه ولم يجمع أي ديوان ويهده لأي ملك ولم يتفاخر ابداً في أي شعر كتبه ولم يسعى للحصول على الشهرة فكان شعره سهل وقابل للفهم حيث تضمنت أشعاره مضامين تتحدث عن سر الخلق وألم الحياة والازل و الزمن.

يا قلب تشقى بهذا الوجود وكل يوم لك هم جديد

وانت يا روحي ماذا جنت نفسي واخرك رحيل بعيد

سئمت ياربي حياة الالم وزاد همي الفقر لما ألم

ربي انتشلني من وجودي فقد جعلت وجودي في الدنيا عدم

تلك القصور الشاهقات البناء منازل العز ومجلى السناء

قد نعب البوم على رسمها يصيح اين المجد اين الثراء

كان الكثير من شعراء ايران خاصة بين القرن الرابع الهجري حتى الثامن الهجري يكتبون الشعر باللغتين العربية والفارسية حيث كان الخيام احد هؤلاء الشعراء نتيجة مؤانسته للأدب العربي، نسب للخيام قرابة 40 بيتاً من الشعر العربي نذكر منها هذه الابيات:

أظلت رياح الطارقات رواكدا             أم انطبقت منها جفونا رواقـــــــــــدا

تحللت الأفلاك أم راث دورها              فصرنا حيارى، قد ضللن المراشــــــدا

كأن النجوم السائرات توقفت              عن السير حتى ما بلغن المقاصـــــدا

فمن قلب بهرام وجيب وروعة             وكيوان أعشى ليس يرعى المراصدا

لذلك تمادت دولة اللؤم وانبرت             بنو الترك يبغون السماء مصاعـــــدا

أهم منجزاته:

ألف الكثير من الأثار العلمية والادبية، منها ميزان الحكمة حول الفيزياء  ونوروزنامة حول النوروز وطقوس ملوك ايران وكتاب الجبر ورسالة في البراهين على مسائل الجبر و المقابلة ورسالة في شرح ما اشكل من مصادرات كتاب اقليدس وقسطاس المستقيم ورسالة مسائل الحساب، ورسالة في الموسيقا ورسالة الكون والتكليف ورسالة روضة‌ القلوب ورسالة ضياء العلى وترجمة خطبة ابن سينا ورسالة في الطبيعيات واشعار باللغة العربية ورباعيات باللغة الفارسية (قرابة 200 رباعية).

يشير الخيام في احدى رباعياته الى شيخوخته:

وأحسرتاه فقدت طيت صفحة الشباب وأصبح ربيع السرور هذا أمساً

والطائر الذي كان إسمه الصبا يالهفتاه لا أعرف متى جاء ومتى رحل

تباينت الاراء حول وفاته لكن أقرب تاريخ لوفاة الخيام كان بين 515 و530 هجري قمري. وآخر ما أنشده قبل وفاته:

يارب إن عقلي لا يليق اثباتك وما تفكيري إلا المناجاة لك

وأنى لي أن اعرف ذاتك فليس هناك عالم يعلم ذاتك إلا ذاتك

/انتهى/