"المشرق الجديد" .. اهداف وغايات

"الشام الجديد" او "المشرق الجديد" مصطلح اطلقه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لاول مرة عند زيارته للبيت الابيض في العام الماضي وحسب ما اعلن عنه بانه "مشروع اقتصادي يضم العراق ومصر والاردن".

بقلم : المحلل السياسي محمد الياسري
 

"الشام الجديد" تعود جذوره التاريخية للعام 2014 عندما تم الاعداد له من قبل البنك الدولي ويستهدف "العراق ومصر والاردن ولبنان وسوريا وتركيا وفلسطين".

بدء المشروع بدول لها واقع اقتصادي متراجع وعليها ديون متراكمة للبنك الدولي فان مصر تدين للصندوق بـ 19 مليار دولار وهو ثاني اكبر مبلغ بعد الارجنتين ، وايضا تشهد انهيارات في المباني فضلا عن تصادم القطارات وكل هذا يدل على تراجع في البنية التحتية لديها ناهيك عن البطالة والتضخم ، اما الاردن فهو الاخر اقترض من البنك الدولي 1.45 مليار دولار فضلا عن دين سابقا يقدر 1.3 مليار دولار في العام الماضي مع ارتفاع البطالة الى 24% ، والعراق يعاني من ازمة اقتصادية حادة فيما قررت الحكومة رفع سعر صرف الدولار وخلف اضرار على المواطنين فضلا عن الديون المتراكمة وتأرجح اسعار النفط ، وهذا ما يؤدي الى تشكيل تحالف "دول الازمة الاقتصادية" ، ولاجل النهوض بها لابد من دخول دول تتمتع باقتصاديات قوية اقليميا ، ومن الناحية العملية فان الخاسر الاكبر هو العراق والمستفيد بالدرجة الاولى مصر وثانيا الاردن.  

الربط الكهربائي هو الاخر لن ينجح باعتبار ان الوضع الاقتصادي في العراق متراجع كثيرا ولايستطيع تحمل تكلفة الربط عبر الاردن حتى مصر وان كان هناك دافع غربي خليجي لهذا الربط لاجل حصار ايران ، لكن لاتستطيع اي دولة ان تتبنى المشروع من الجانب المالي ، ولايمكن للعراق ان يدفع نقدا حتى ولو بعد حين.  

من الناحية السياسية ، هذا التحالف يتلقى دعما اميركيا واضحا مع دعم حذر من السعودية لان الرياض لاتريد ان تتشكل تحالفات اقليمية عربية بعيدة عنها وايضا تدعم هذا التحالف الثلاثي لابعاد العراق عن حليفه الاستراتيجي - الجمهورية الاسلامية في ايران - وبالتالي تحاول احتواء التحالف عبر العلاقات مع العراق ومصر وعلاقات متذبذبة مع الاردن.

عمليا مصر من الدول العربية التي تجلس في المؤخرة من ناحية التأثير فهي اما لاحضور لها مطلقا في الازمات مثل الازمة السورية وكذلك في العراق او تابعة للقرارات السعودية والاماراتية كما في الحرب على اليمن ، اما الاردن هو الاخر ليس له موقف ايجابي مع العراق منذ 2003 ولغاية الان بل ان السلطات في عمان تعاملت بطائفية مقيتة مع العراقيين فضلا عن ايوائها للبعثيين المجرمين الهاربين وكذلك اندفاع المجموعات الارهابية من اراضيها تجاه العراق في العام 2005 وما تلاه وحتى في الحرب مع داعش فضلا عن عدم تأثيرها حتى في القضية الفلسطينية ، بل يمكن القول ان مصر تريد ان يكون لها حضورا عبر هذا التحالف سياسيا واقتصاديا وكذلك الاردن تروم حل مشاكلها الاقتصادية عبر العراق الذي يبيع لها النفط باجور مخفضة.  

الخطورة الاخرى في المشروع ان كلتا الدولتين - مصر والاردن - لديهن اتفاقيات بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في كامب ديفيد ووادي عربة وهذه محاولة مريبة في زج العراق بالتطبيع كما حدث مؤخرا مع الامارات والبحرين ، وهذا سبب اخر من دعم النظام السعودي لهذا التحالف الثلاثي لاجل ان يحشر العراق ضمن قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني.
 
من الناحية الامنية هناك خطورة كبيرة ايضا حيث ان المنطقة مفككة ويمكن اعادة المجموعات الارهابية وخصوصا بعد التطورات الاخيرة في افغانستان وبالتالي ان اي تحالف سياسي اواقتصادي يكون الامن حاضرا وفق ثلاثية "الامن والسياسة والاقتصاد" فان الاردن غير مستعدة لمساعدة العراق من الجانب الامني ولا مصر باعتبار ان الارن لم تضبط لغاية الان المجموعات التكفيرية التي تنمو بين الحين والاخر على اراضيها فضلا عن مصر هي الاخرى التي تعاني من الارهاب المتصاعد في سيناء ، وكذلك لم نشهد اي تعاون امني بين الدولتين مع العراق منذ 2003 لغاية الان بل كان موقفهما سلبيا.  

العراق بحاجة اتفاقيات مع دول ذات قوة اقتصادية كبيرة مثل الصين من الناحية الدولية وايران من الناحية الاقليمية وتطبيقها عمليا وهذا لايمنع تطوير العلاقات من دول الجوار والدول التي يمكن تحقيق الاستفادة من خلال للشعب العراقي وان كانت نسبية لكن تحويل هذه العلاقات الى اصطفافات اقتصادية مع دول هشة مثل الاردن ومصر فهذا عامل خطر كبير.  

كما يمكن ان نلمس اصابع الكيان الصهيوني في هذا التحالف وطريقة تشكله لتشكيل اصطفاف ضد ايران ومحاولة قطع الصلة بين دول محور المقاومة.

/انتهى/