موسى أبو مرزوق لـ تسنيم: مقاومتنا اليوم أشبه بجيش منظم.. ولو شاء أبو مازن لحصلت المصالحة الفلسطينية في أقل من ساعة
أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق أن المقاومة الفلسطينية أصبحت اليوم أشبه بجيش منظّم، فيه آلاف من المقاتلين المقبلين على الشهادة، كاشفاً أن المقاومة بدأت بالتركيز على تطوير ترسانتها من السلاح بتفكير استراتيجي. موضحاً أن العمل يتم بجهود أبناء فلسطين المقاومين وبدعم من الحلفاء والأصدقاء وفي مقدمتهم الجمهورية الإسلامية في إيران.
وأكد موسى أبو مرزوق في حوار خاص مع وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن توحيد جبهات القتال فيه مصلحة راجحة لكل القوى المدافعة عن المقدسات، وفيه تشتيت لقوى جيش الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً بأن المقاومة لا تنتظر ترحابًا من الغرب، فهم أصحاب المشروع الصهيوني، مبيناً أن قرار بريطانيا بوضع حماس على قوائم الإرهاب يهدف إلى تحقيق مجد شخصي لمتخذيها إضافة إلى ضغوطات اللوبيات الصهيونية، وقد حدث ذلك سابقاً مع حزب الله ففقدت دورها في لبنان واليوم نعدها بأن نشطب دورها في الملف الفلسطيني.
وفيما يلي نص الحوار كاملاً :
مراسل تسنيم: الأخ موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أهلا بكم في فضاء وكالة تسنيم الدولية للأنباء..
أبو مرزوق: أهلا بكم وشكرا لهذه الاستضافة الكريمة
مراسل تسنيم: 73 عاما مضت على احتلال فلسطين وزرع المشروع الصهيوني العنصري فيها.. في ضوء الانتفاضة الفلسطينية.. انتفاضة الأقصى.. كيف تقيمون الوضع الفلسطيني بعد عقود حاول خلالها قادة المشروع الصهيوني تصفيةالقضية الفلسطينية؟
أبو مرزوق: مضى أكثر من قرن على بدء تنفيذ المشروع الصهيوني في أرض فلسطين، منذ الهجرات اليهودية، ثم وعد بلفور، وتثبيت الانتداب البريطاني للوجود اليهودي، وتمكين العصابات الصهيونية من السيطرة على بلادنا، إلا أن الشعب الفلسطيني لا يزال يحتفظ بحقه، ويورثه جيلًا بعد جيل، بأن فلسطين من النهر إلى البحر، لا تراجع في ذلك، والحقوق يجب أن تعود بلا تنازلات، وكل ما يقوم به الجيش الاسرائيلي، والعداء الغربي السافر لشعبنا وتعديه على حقوقنا، يزيدنا شعبنا قوة، والشعب اليوم بالكامل وراء المقاومة الفلسطينية.
لهذا فإن الوضع الفلسطيني من الناحية المعنوية لايزال في حالة جيّدة، إلا أن ما يتعرض له شعبنا من أذى فهو كبير، فلا يزال مليوني فلسطيني في قطاع غزة تحت حصار ظالم، لأنهم في طليعة مقاومة المشروع الصهيوني، والاستيطان يستشري في الضفة الغربية، ويفرض العدو معادلات صعبة على الأرض، وأهلنا في لبنان يعيشون في ظل أوضاع انسانية صعبة، وأهلنا في سوريا والعراق تعرضوا لتهجير آخر، ولا تزال قوى شعبنا غير متفقة على برنامج نضالي موحّد، وذهبت جهودنا في معاركنا الداخلية، إلا أنني متفائل بأن استمرار المقاومة يصحح دائمًا البوصلة.
مراسل تسنيم: بالحديث عن حرب الـ11 يوما الأخيرة على قطاع غزة.. كان هناك تنوع كبير في الترسانة الصاروخية.. كيف استطاعت المقاومة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الصواريخ من مختلف الأبعاد والأحجام، وتحقيق معجزة الردع مع أحد أقوى أربع جيوش في العالم.. ما دور إيران في تحقيق معادلة إن عدتم عدنا وإن زدتم زدنا؟
أبو مرزوق: بفضل الله تعالى فإن المقاومة الفلسطينية لم تعجز الوسيلة منذ أن بدأت الثورات الشعبية ضد العصابات اليهودية قبيل النكبة، وقاتلنا وأعددنا بما استطعنا من قوة، والمقاومة في قطاع غزة اليوم، هي وريثة النضال الفلسطيني الممتد منذ عقود، وهي مفخرة للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والاسلامية.
وأصبحت المقاومة الفلسطينية اليوم أشبه بجيش منظّم، فيه آلاف من المقاتلين المقبلين على الشهادة، والمتدربين على كفاءة عالية، وبروح معنية مرتفعة، وكذلك فإن المقاومة بدأت بالتركيز على تطوير ترسانتها من السلاح بتفكير استراتيجي، فنجد أن أول عمليات لتطوير الصواريخ بدأت عام 2001، قبل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، رغم أن أنواع الأسلحة الأخرى ملائمة في مقاومة المستوطنات المزروعة في القطاع، ولا حاجة عملية للصواريخ، إلا أن النظرة الاستراتيجية للصراع، دفع المجاهدين للتطوير، واعداد العدّة لمرحلة ما بعد مستوطنات غزّة، وكان هنالك تجارب في الضفة الغربية كذلك.
وقد استمر هذا الجهد، ووجد المجاهدون بعد ذلك دعمًا ايرانيًا مهمًا ساهم في نقل السلاح، وفي نقل الخبرات والتكنولوجيا، وتطور سلاح الصاروخية إلى أن غطى جميع فلسطين المحتلة، وكلما أغلق المحاصرون بابًا فتح الله لنا غيره، وحين شحّت موارد الامداد، فتح الله علينا بسفينتين بريطانيتين بهما أطنان من المتفجرات على سواحل غزة، وحين أغلق المحاصرون باب إمداد المواد الأولية لصناعة هيكل الصواريخ، أخرج الله لهم من أرض غزة ما يعينهم على هذه المهمة، مصداقًا لقول الله تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".
مراسل تسنيم: حزب الله دعامة من دعامات محور المقاومة.. سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قال إن المعادلة القادمة ستكون أي مساس بالقدس والمقدسات سيقابلها حرب اقليمية انتم كمقاومة فلسطينية كيف تنظرون لهذا الكلام وهل أنتم جزء من هذه المعادلة؟
أبو مرزوق: إن المقدسات الاسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى هي أمانة في أعناقنا جميعًا، وللفلسطينيين فيها حق كما أي مسلم آخر، وإن القتال عنها شرف وعقيدة، ولهذا فإن أي حرب تتعلق بالمقدسات هي حربنا، ولن نسمح للعدو الصهيوني المساس بها.
وإن توحيد جبهات القتال فيه مصلحة راجحة، وفيه تشتيت لقوى الجيش الاسرائيلي، ونحن كنا دائمًا وأبدًا مع قتال العدو الصهيوني حيث أمكن، ونشدد عليه الطوق.
مراسل تسنيم: بالعودة للحديث عن حرب غزة الأخيرة.. اليس لافتا هذه المرة أن غزاويا واحد لم يخترق الحدود المصرية بحثا عن الأمان والسلامة وهربا من الحرب؟، أليس لافتا أننا لم نسمع هذه المرة فلسطينيا في القدس أو الخليل أو غزة أو الناصرة يستنجد بالجامعة العربية ويستنجد بمساعدات دولها الغنية.. هل يأس الفلسطينيون من العرب وجامعتهم العربية أما ماذا؟
أبو مرزوق: حين اشتدت الهجمات الصهيونية على أحياء القدس، وطرد سكانها منها، وكذلك اشتداد الاقتحامات اليهودية للمسجد الأقصى والصلوات فيه، وتزايد عمليات تهويد المدينة، فإن أهل المدينة المقدّسة عرفوا بمن يستنجدون، فلا يستنجد الحي بالميّت، وإنما يستنجد بمن يظن أنه سينصر، وفي الحقيقة فإن هتافات الجميع بكتائب القسام وبالأخ محمد الضيف كانت دلالة واضحة بثقة الناس بمقاومتهم، وكسرت الكتائب الخطوط الحمر لدى العدو، وضربت القدس، وضربت تل أبيب، ومرّغت كبريائهم في التراب، وهذا عهدنا بالمقاومة، وعهدنا بشعبنا البطل في غزة.
مراسل تسنيم: بالنسبة لسلطة أوسلو لماذا يتمسك الرئيس عباس بالسلطة واتفاقيات أوسلو، ولماذا لا يلغي أو على الأقل يجمد التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وقد جر على فلسطين والفلسطينيين الكثير من الويلات.. وما الذي تبقى مما يسمى من مفاوضات السلام بين الكيان والسلطة الفلسطينية.. وهل بقي لحل الدولتين مكان؟
أبو مرزوق: أضاعت عملية التسوية ثلاثة عقود من عمر شعبنا الفلسطيني، تمكن خلالها العدو من تثبيت وقائع على الأرض، فقد تضاعف الاستيطان في الضفة الغربية إلى 350%، وأصبحوا قرابة مليون مستوطن، ولم يحترم العدو الاتفاقيات المبرمة بينه وبين العدو، ولم يبقى من السلطة سوى دورها الأمني الوظيفي، وأضاعت على شعبنا العديد من الفرص، بل وتعمل على تكسير قدرة شعبنا على المقاومة، ونحن دائمًا نطالب أبو مازن وحركة فتح بأن تعود إلى رشدها، وتعود لشعبها، وأن تدرك بأن ثقتها بالاسرائيلي وبالغرب فلن يزيدها إلى خسارة.
الحكومة الاسرائيلية اليوم لا تتطرق إلى أي حل سياسي للقضية الفلسطينية، ويرأسها شخص يسكن في مستوطنة، ولا يؤمن أصلًا بحل الدولتين، والحكومة ضعيفة وهشة ولا يمكن لها أن تتخذ قرار ببدء الجلوس لمفاوضات سياسية مع السلطة فكيف لها أن تتخذ قرارات كبيرة، وعلى أبو مازن أن يدرك بأن الوقت لا يرحم، وعليه أن يثق بشعبه.
مراسل تسنيم: أين وصلت مباحثات المصالحة الفلسطينية الفلسطينية؟
أبو مرزوق: لا يوجد جهود حقيقية في المصالحة الفلسطينية منذ أن عطل أبو مازن الانتخابات الفلسطينية والتي جاءت كنتيجة لاتفاقيات مبرمة، وألغاها بحجة القدس، في حين أنها هروب من خسارة مستحقة لحركة فتح، واليوم قرار المصالحة كان ولا يزال بيد أبو مازن، وحين تتوفر لديه الإرادة لتشكيل قيادة فلسطينية مشتركة ينتخبها شعبنا، فإن المصالحة ستنجز في ساعة واحدة، ولن يجبر غياب الارادة أي أوراق أو اتفاقيات.
مراسل تسنيم: قبل أشهر فقط، كان "الإسرائيليون" وبعض حلفائهم من المطبعين الجدد يحتفلون باتفاقات سلام أبراهام اعتقادا منهم أن القضية الفلسطينية ماتت، وأن الشعب الفلسطيني استسلم ورفع الرايات البيضاء، وان دولةا لاحتلال ستكون البديل لحماية المطبعين.. هل انقلبت الصورة وتبخرت انجازات التطبيع بعد انتفاضة الأقصى.. وهل تراهنون على سقوط اتفاقات ابراهام أو إسقاطها؟
أبو مرزوق: الشعوب العربية والاسلامية حيّة، وعدوها المركزي هو العدو الصهيوني، وهي تميز الخبيث من الطيب، وسترفض هذه الاتفاقيات المشؤومة، وكما سقطت موجات التطبيع سابقًا فستسقط هذه الموجة أيضًا، ولكن سيسقط معها في القاع من هندسوا هذه الاتفاقيات، التي باعوا فيها ضمائرهم لعدوهم.
مراسل تسنيم: كيف تنظرون لقراري بريطانيا واستراليا المتزامنين بتصنيف كل من حركة حماس وحزب الله منظمتين إرهابيتين وما إجراءات الحركة للرد على قرار مجلس العموم البريطاني؟
أبو مرزوق: نحن لا ننتظر ترحابًا من الغرب، فهم أصحاب المشروع الصهيوني، وهم من يمدوه بالقوة وبالحياة، ونحن لم نقدم على أي فعل يتسبب بضرر في الأمن القومي لأي بلد، ولهذا فإن هذه القرارات لأجل بناء مجد شخصي لمتخذيها، ونتيجة ضغوط اللوبيات الصهيونية، وقد جربت بريطانيا وضع حزب الله على قوائم الارهاب، ففقدت دورها في لبنان، واليوم تضع بريطانيا حركة حماس على قوائم الارهاب، ونحن نعدها بشطب دورها في الملف الفلسطيني، ونحن لم نتضرر من القرار، فلا لنا استثمارات، ولا أنشطة داخل الساحة البريطانية.
مراسل تسنيم: أخيرا ما آخر التطورات في ملف تبادل الأسرى خاصة أن الأخ إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قال أن هناك 4 صهاينة بقبضة حركة حماس؟
أبو مرزوق: الحكومة الاسرائيلية عاجزة عن اتخاذ قرار بالمضي قدمًا في صفقة تبادل مع المقاومة، ونحن قدمنا خارطة طريق كاملة، بثمن كل خطوة، ووفق جميع السيناريوهات المتوقعة، إلا أن عجز الصهاينة هو من يمنعهم.
مراسل تسنيم: الأخ موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" شكرا جزيلا لك
أبو مرزوق: الشكر موصول لكم ومجددا شكرا لوكالتكم المحترمة على هذه الاستضافة الكريمة.
/انتهى/