استراتيجية لبنان لإفشال الادعاءات الاستعراضية الإسرائيلية حول وقف إطلاق النار

في ظل محاولات أمريكا والكيان الصهيوني فرض شروط غير منطقية وغير مقبولة بشأن وقف إطلاق النار بهدف تحميل لبنان مسؤولية فشل المفاوضات، تمكنت المواقف التي اتخذها المسؤولون اللبنانيون من إفشال هذه الادعاءات الاستعراضية للعدو.  

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنه على خلفية نشر العديد من المواد الإعلامية في الصحافة العبرية والأميركية حول وقف إطلاق النار في لبنان والشروط غير المنطقية التي وضعتها أمريكا وإسرائيل، أفادت صحيفة "الأخبار" في مقال جديد نُشر اليوم السبت أن أول نتيجة للمسودة التي أعدتها أمريكا بشأن وقف إطلاق النار في لبنان تشير إلى دخول الجهود السياسية مرحلة أكثر جدية مما سبق.  

استراتيجية لبنان لمواجهة مناورة أميركا وإسرائيل في وقف إطلاق النار

هذه التطورات تجلت بشكل واضح في المشهد السياسي، بدءًا من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وصولاً إلى الميدان، حيث لم يتمكن العدو الصهيوني من تحقيق إنجاز عسكري حاسم. ولذلك بدأ الأميركيون والإسرائيليون الترويج لتحميل لبنان مسؤولية عرقلة التوصل إلى اتفاق وإفشال وقف إطلاق النار.  

يدرك المسؤولون اللبنانيون أبعاد الفخ الذي أعدته تل أبيب وواشنطن للبنان. بناءً على ذلك، قرر نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، ونجيب ميقاتي، رئيس الحكومة، تبني استراتيجية "الغموض".  

وأشارت صحيفة "الأخبار" إلى زيارة علي لاريجاني، مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران، إلى لبنان، موضحة أن إيران تدعم هذه الاستراتيجية وتؤيد موقف لبنان. وتزامنت زيارة لاريجاني إلى بيروت مع تسليم السفارة الأميركية مسودة اتفاق وقف إطلاق النار إلى نبيه بري. في هذا السياق، أكد لاريجاني بوضوح أن إيران تدعم أي قرار يتخذه اللبنانيون.  

موقف لبنان الحذر

في الوقت الذي كان متوقعًا أن يرد لبنان على المقترح الأميركي بوقف إطلاق النار بسؤال حول بعض النقاط، تجنب نبيه بري، خلال مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط"، الإفصاح عن موقف لبنان سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا. بل جاءت تصريحاته بطريقة حيادية لتجنب إثارة أجواء سلبية قد يستخدمها الكيان الإسرائيلي لتبرير فشل المفاوضات.  

وشدد بري على أن بند السماح للجيش الإسرائيلي بالتحرك بحرية داخل الأراضي اللبنانية مرفوض تمامًا، مشيرًا إلى أن الأميركيين وغيرهم يدركون أن هذا الطلب غير قابل للنقاش ولا يمكن للبنان أن يقبل أي مساس بسيادته.  

كما رفض رئيس البرلمان اللبناني اقتراح نشر قوات تابعة للناتو أو غيرها داخل لبنان، مؤكدًا أن النقاش حول التفاصيل مستمر ويحرز تقدمًا في أجواء إيجابية.  

لا أفق واضح لوقف إطلاق النار في لبنان

وفقًا لصحيفة "الأخبار"، نقلًا عن مصادر مطلعة، فإن المحادثات بشأن وقف إطلاق النار مستمرة، ولكن التجارب السابقة مع الأميركيين والإسرائيليين تجعل من الصعب تبني تفاؤل كبير. فالشروط التي تضعها أمريكا وإسرائيل غير مقبولة على الإطلاق، ويهدف العدو الإسرائيلي إلى مواصلة الحرب حتى شهر يناير المقبل.  

وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن الأجواء الدولية أيضا غير متفائلة بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، حيث أكد الفرنسيون صراحة أنه لا أفق حاليا للتوصل إلى وقف إطلاق نار قبل نهاية العام الجاري.

إيران تقف إلى جانب الحكومة والشعب والمقاومة في لبنان وتدعم مواقفهم

وأفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية في تقريرها أن زيارة علي لاريجاني إلى بيروت شكّلت علامة بارزة في التحركات الدبلوماسية، حيث أكد بوضوح دعم إيران لأي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية، خاصةً في ما يتعلق بتطبيق القرار 1701. وصرّح لاريجاني، الذي جاء من سوريا إلى لبنان، أن الهدف من زيارته هو التأكيد على تضامن إيران ووقوفها إلى جانب الحكومة والشعب اللبناني تحت أي ظرف.  

وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين حول ما إذا كانت زيارته تهدف إلى إضعاف مسودة اتفاق وقف إطلاق النار المقدمة من أمريكا، شدد لاريجاني على أن إيران لا تسعى لإضعاف أي شيء، بل تعمل على حل المشكلات، مؤكداً أن من يحاول تفجير الأوضاع هو بنيامين نتنياهو وحلفاؤه. ودعا لاريجاني إلى ضرورة التمييز بين الأصدقاء والأعداء.  

وفي مقابلة مع قناة الميادين، أكد لاريجاني أن إيران ستظل إلى جانب المقاومة، مشيراً إلى أن هذا الموقف ثابت وغير قابل للتغيير.  

شروط إسرائيل غير المقبولة لوقف إطلاق النار وانتهاك السيادة اللبنانية

من ناحية أخرى، تجنبت الأوساط المقربة من بنيامين نتنياهو في تل أبيب الحديث عن تفاصيل مسودة اتفاق وقف إطلاق النار، رغم أن وسائل الإعلام الموالية له أشارت إلى أجواء إيجابية قد تؤدي إلى التوصل لاتفاق مع لبنان.  

وقد أظهرت استطلاعات للرأي نشرتها القناة 12 الإسرائيلية أن 67% من الإسرائيليين يرغبون في وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب مع لبنان وغزة، مقابل 20% فقط يدعمون استمرار العمليات العسكرية.  

وفي هذا السياق، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية يوم الجمعة أن إسرائيل تنتظر رد لبنان على المقترح الأميركي بشأن وقف إطلاق النار خلال الأيام القليلة المقبلة.  

ونقلت الجزيرة عن وسائل إعلام إسرائيلية شروط الكيان الصهيوني في مسودة اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تتضمن:  

. اعتراف الطرفين بأهمية القرار 1701.  

. منح الطرفين حق الدفاع عن النفس عند الضرورة.  

. بقاء الجيش اللبناني القوة المسلحة الوحيدة في جنوب لبنان إلى جانب قوات "يونيفيل" التابعة للأمم المتحدة.  

. إشراف الحكومة اللبنانية على تجارة الأسلحة أو إنتاجها داخل البلاد.  

. انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في غضون سبعة أيام.  

. إحلال الجيش اللبناني محل القوات الإسرائيلية المنسحبة تحت إشراف أميركي ودولي.  

. نزع سلاح أي جماعة عسكرية غير رسمية في جنوب لبنان خلال 60 يوما من توقيع الاتفاق.

ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الصهيونية، فإن الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار في لبنان يتضمن انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، ومنع حزب الله من إعادة تمركزه في مواقعه السابقة.

وبحسب هذه التقارير، تسعى إسرائيل أيضا للاحتفاظ بحق مهاجمة حزب الله حتى بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو شرط رفضه لبنان بشدة. وأكد حزب الله أن أي مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار مشروطة بوقف كامل للعدوان الصهيوني على لبنان وضمان حماية سيادة البلاد بشكل كامل.

يوم الخميس، نقلت صحيفة "الأخبار" عن مصادر رسمية ومطلعة لبنانية، في ردها على الشائعات التي نشرتها مصادر عبرية وأمريكية بشأن وقف إطلاق النار، أن الموقف الموحد للبنان هو رفض السماح بفرض شروط العدو، وعدم قبول أي صيغة مثل وقف إطلاق نار مؤقت أو تدريجي.

ووفقا لتقرير "الأخبار" استنادا إلى مصادر رسمية ومطلعة لبنانية، فإن موقف لبنان في أي مفاوضات حول وقف إطلاق النار يتمثل في الآتي:

. لبنان يضع مصالحه فوق كل اعتبار، وليس ما يخدم مصالح وأهداف إسرائيل. كما أن لبنان يرفض الدخول في أي نقاش مع واشنطن طالما أنها تتحدث نيابة عن إسرائيل.

. لبنان يطالب بوقف شامل ونهائي لجميع العمليات العسكرية، ويرفض تماما أي شكل من أشكال وقف إطلاق النار المؤقت أو التدريجي. ويشترط الانسحاب الفوري للقوات المحتلة من كافة الأراضي اللبنانية.

. يرفض لبنان أي اتفاق يتطلب تنفيذه على مراحل، ويشدد على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 دون أي تعديل، مع إلزام إسرائيل بكل بنود هذا القرار. علما أن لبنان التزم بالقرار منذ صدوره عام 2006، بينما انتهكته إسرائيل أكثر من 32 ألف مرة.

. يؤكد لبنان أن النازحين اللبنانيين يجب أن يعودوا إلى قراهم في الجنوب فور إعلان وقف إطلاق النار وانسحاب العدو. كما يرفض أي دور خارجي في إعادة إعمار القرى والمدن الجنوبية.

. يرفض لبنان بشكل قاطع أي شروط تمنح إسرائيل حرية العمل الجوي في الأجواء اللبنانية أو دخول السفن الحربية مياه لبنان الإقليمية، أو السيطرة على القرى والأراضي الحدودية. كما يرفض أي مراقبة أمنية أو عسكرية أمريكية أو إسرائيلية على الإجراءات اللبنانية، ويؤكد أن لجنة مؤقتة تضم ممثلين من الجهات المعنية في الأمم المتحدة هي الإطار الوحيد الذي يشرف على التزام الطرفين بتنفيذ القرار 1701.

/انتهى/