لماذا يخفي العدو الصهيوني عدد قتلاه؟

إخفاء الخسائر، إحدى السياسات العسكرية المتبعة عند جيش العدو الإسرائيلي لإخفاء عدد القتلى في الحروب التي يشنها ضد فلسطين ولبنان، تديرها شبكة سياسية وعسكرية متينة ذات غطاء شرعي يمكّنها من تنفيذ هذه السياسة بنجاح ضمن خصوصية تعتمد على مجموعة من الإجراءات الصامتة وقدرة كبيرة على انتاج نفسها داخل الغرف المظلمة وسط رقابة مشددة.

يخضع إخفاء القتلى او الخسائر داخل الكيان الصهيوني الى منهجية هندسية وفق معايير محددة بعضها مناطقية وأخرى تتعلق بالرتب مع الأخذ بعين الإعتبار الحالة الإجتماعية والمالية للجنود الصهاينة بناء على قاعدة البيانات التي يملكها جيش العدو.

يعتبر قانون منع نشر معلومات عن الضحايا أولى السياسات، وقد تمت الموافقة عليه من قبل الكنيست عام 2022، إذ يحظر هذا القانون نشر الإسم الأول أو اسم عائلة القتيل أو أي معلومات أو صورة قد تؤدي الى التعرّف عليه من قبل عامة الناس بما في ذلك بيئته المباشرة ما لم يؤكد مسؤوله ولم يتم إخطار اي فرد من عائلة القتيل بما يتعلق بإصابته.

 

 

 

أما القانون الثاني فهو التعويضات لعائلات القتلى ضمن منافذ شرعية للجهات العسكرية والأمنية والرقابية للتستر على مقتل جنود او اعتبارهم مفقودين ومنح مبالغ أضافية مقابل شروط خاصة يحددها وزير الأمن وحده.

ومع بداية معركة طوفان الأقصى، ظهر مع هذه الحرب صفقات شراء صمت مختلفة نظراً لتفرّد هذه الحرب عن سابقاتها بمفهومها وأدواتها، إذ يعتمد فيها جيش العدو الإسرائيلي أساليب إخفاء جديدة نظراً لعدد القتلى الكبير والموازنة المنهكة للجيش، فبينما كان الجيش وحده قبل 7 أوكتوبر هو الجهة الوحيدة الموكل إليه مهمة إبلاغ الأهل والتفاوض معهم عند وجود الأرضية الخصبة، فقد تغيرت الإجراءات المتبعة سابقاً وتوسعت جهات الإبلاغ لتشمل ممثل عن جيش وممثل عن مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو وممثل عن منظمة "بيث اسرائيل" الصهيونية التي تستفيد من ضرائب المواطنين في أميركا وكندا وفرنسا وبريطانيا، وتمتلك تحت اسم مبهم كجمعية خيرية المئات من المؤسسات الصحية والتعليمية والإجتماعية والمالية والتكنولوجية العلنية والسرية، بالإضافة إلى كنس العبادة المنتشرة في الولايات المتحدة الأميركية كافة، وتعمل على بناء شبكة علاقات وثيقة مع السياسيين وأصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبرى، وتنخرط في عمليات تبييض اموال لكبار الرأسماليين الصهاينة وتمويل المتسوطنات ودعم الجيش والجمعيات الإستيطانية.

دخلت منظمة"بيث اسرائيل" الصهيونية كطرف أساس في عمليات شراء الصمت بسبب تلقيها ملايين الدولارات كتبرعات دولية وأخرى من أغنياء اليهود حول العالم وأصحاب الشركات العملاقة مما يجعلها مورداً مالياً ومصدر متجدد للدعم المالي في الكيان، في ظل استنزاف مالي لتكاليف الحرب.

فبعد إبلاغ عائلة القتيل وتقديم المواساة، تّقدّم لهم استمارة تتضمن بنود التعويضات ويستلم الجيش قرار العائلة النهائي بعد اسبوع، وفي حال وافقت العائلة على عدم الإعلان الرسمي عن الإسم، تبدأ الخطوات الإجرائية مرفقة بإستمارة تتضمن خطة تعويض إضافة مختلفة عن تعويضات جيش العدو الإسرائيلي ووزارة الدفاع تقدمها منظمة "بيث اسرائيل"الصهيونية لعائلات القتلى، تبلغ 67 ألف دولار لكل عائلة تختار جنازة عائلة لا تشارك فيها اي جهة رسمية أو ممثلين عن الجيش وتتم المراسم بعيداً عن الإعلام على أن يتم نعي الجنود القتلى بما يخدم مصلحة "الدولة العليا" ويجب على العائلة إلتزام السرية التامة لمدة 5 سنوات.

اما فيما يخص الجنود المنفردين او الجنود الوحيدين، الذين لا يملكون عوائل ينتمون إليها أو أيتام او طلاب من المدارس الداخلية أو عائلتهم خارج الكيان او مهاجرون لا يمتلكون اي خلفية عائلية فإن عددهم في الجيش حسب يديعوت أحرنوت يبلغ عشرات الآلاف، كما أن 40 بالمئة منهم تطوعوا في هذه الحرب في الخدمة الإحتياطية ، لذا فإن عملية إخفاءهم هي الطريقة الأسهل والأكثر أماناً، إذ تخلو من المسائلة أو الملاحقة، ولا تتطلب تعويضات مالية ضخمة مقابل الصمت.

/انتهى/