إيرواني: عودة ظهور الإرهاب في سوريا لا تزال مصدر قلق


صرّح أمير سعيد إيرواني، سفير ومندوب الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدائم لدى الأمم المتحدة، بأن عودة ظهور الإرهاب في سوريا، خاصة الأنشطة السرية للخلايا النائمة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، لا تزال مصدر قلق جاد ومتزايد.

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن إيرواني قال خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن "الوضع في الشرق الأوسط: (سوريا)"، إن عودة الإرهاب في سوريا، وبالأخص من خلال أنشطة الخلايا النائمة التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش، تمثل تهديداً جدياً ومتزايداً.

وأضاف أن هذه الجماعات الإرهابية لا تزال تحتفظ بقدرتها على التواصل وتأجيج الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة. كما أن الأزمة تفاقمت بسبب وجود أكثر من 60 جماعة مسلحة، من بينها مقاتلون إرهابيون أجانب (FTFs)، بأجندات مختلفة وغالباً متعارضة، مما يعمق عدم الاستقرار ويشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والعالمي.

ونص كلمة إيرواني كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس،

أود أن أعبر عن خالص التهاني للجزائر بمناسبة توليها رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر. كما أهنئ الأعضاء الجدد في المجلس، وهم الدنمارك، اليونان، باكستان، بنما، والصومال، على انتخابهم.

وأغتنم هذه الفرصة لأعرب عن تقديري للجهود المخلصة والمميزة التي بذلها الأعضاء غير الدائمين السابقين، وهم الإكوادور، اليابان، مالطا، موزمبيق، وسويسرا، خلال فترة عضويتهم التي استمرت لعامين في المجلس.

كما أشكر السيد بيدرسون، المبعوث الخاص، والسيد فليتشر، نائب الأمين العام، على تقاريرهم القيمة.

السيد الرئيس،

فيما يتعلق بالوضع الراهن في سوريا، أود أن أؤكد النقاط التالية:

1- تجدد الجمهورية الإسلامية الإيرانية التزامها الراسخ بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها. ينبغي أن يكون اتخاذ القرارات بشأن مستقبل سوريا حصرياً بيد الشعب السوري، دون أي تدخل أو إملاءات خارجية.

تدعم إيران تشكيل حكومة شاملة من خلال انتخابات حرة ونزيهة وحوار وطني شامل يضمن تمثيل جميع المجموعات العرقية والسياسية والدينية. نحن نؤمن بشدة بأن المبادئ والآليات الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254 تشكل أساساً عملياً للتعامل مع الوضع الحالي في سوريا. الأولوية الرئيسية هي صياغة دستور جديد يعمل كأساس للحكم المستقبلي في سوريا.

إن الجدول الزمني المنصوص عليه في القرار 2254 قابل للتنفيذ والتحقيق، وأي تأخير في هذا المسار قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات الداخلية وزيادة عدم استقرار البلاد. تدعم إيران بالكامل جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد غير بيدرسون، وتثني على مشاركته الفعالة في تعزيز هذا الهدف الحيوي.

2. كان تواجد إيران في سوريا قانونيا ويتوافق مع حقوق القانون الدولي، وقد تم بناءً على طلب الحكومة السورية في ذلك الوقت. كانت إيران حاضرة بهدف تقديم الاستشارات لمكافحة الإرهاب ومنع انتشار انعدام الأمن في جميع أنحاء المنطقة. ولذلك، تم انسحاب إيران من سوريا بشكل مسؤول مع مراعاة التأثيرات المحتملة على الشعب السوري.

ومع ذلك، فإن تحقيق السلام والاستقرار والأمن في سوريا، وإنهاء الاحتلال الأجنبي، وضمان سوريا خالية من الإرهاب، لا يزال من المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الإيرانية تجاه هذا البلد.

3. لا يزال الشعب السوري يواجه تحديات اقتصادية وإنسانية شديدة، حيث نزح نحو 1.1 مليون شخص منذ 27 نوفمبر 2024، غالبيتهم من النساء والأطفال. وفقًا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، تم استئناف الأنشطة الإنسانية في المناطق التي تسمح فيها الظروف الأمنية بذلك، ولكن لا يزال الوصول إلى بعض أجزاء شمال شرق سوريا محدودًا بشدة بسبب القيود على الحركة.

تقدّر إيران الجهود المستمرة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين في تقليل معاناة الشعب السوري. إن إعادة بناء البنية التحتية الحيوية، وإحياء الخدمات الأساسية، وتسهيل العودة الآمنة للاجئين والنازحين، هي خطوات أساسية نحو التعافي. في هذا السياق، فإن العقوبات الخارجية والعقوبات الأحادية التي فرضتها الدول الغربية على سوريا هي غير عادلة وغير قانونية ويجب رفعها فورًا.

إن استغلال الوضع في سوريا لفرض شروط سياسية وإضعاف سيادة هذا البلد مقابل تخفيف العقوبات قد ألحق ضررًا كبيرًا بالسكان الضعفاء، وينتهك الحقوق الأساسية للشعب السوري.

4. تؤكد إيران على ضرورة احترام حقوق جميع الأقليات في سوريا، بما في ذلك العلويين، الشيعة، والمسيحيين، وضمان حماية الأفراد والمواقع الدبلوماسية وفقًا للقانون الدولي. كذلك، فإن حماية الأماكن الدينية والتراث الثقافي السوري أمر بالغ الأهمية للحفاظ على هوية ووحدة البلاد. يجب أن تتم جميع الإجراءات بما يتماشى تمامًا مع القانون الدولي لضمان سلامة وحقوق جميع المجتمعات.

5. لا يزال عودة ظهور الإرهاب في سوريا، وخاصة الأنشطة السرية للخلايا النائمة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، مصدر قلق خطير ومتزايد. هذه الجماعات الإرهابية لا تزال تمتلك القدرة على التواصل وإشعال الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة. وقد تفاقمت الأزمة بوجود أكثر من 60 جماعة مسلحة، بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب (FTFs)، الذين لديهم أجندات مختلفة وغالبًا متناقضة، مما يزيد من عدم الاستقرار ويشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي والدولي.

إن مصير الآلاف من مقاتلي داعش المحتجزين في المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا يشكل تحديًا عاجلاً يتطلب استجابة فورية. يجب إعادة هؤلاء الأفراد سريعًا إلى بلدانهم الأصلية وفقًا لجنسيتهم وإخضاعهم للإجراءات القانونية لضمان المحاسبة. تظل إيران ملتزمة بمكافحة الإرهاب الدولي ومستعدة للتعاون مع الشركاء الدوليين الشرعيين لمعالجة هذا التحدي الحيوي.

6. لا يزال الكيان الإسرائيلي يشكل أكبر تهديد للحاضر والمستقبل في سوريا. يواصل هذا الكيان المحتل انتهاكاته لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، بما في ذلك الاعتداءات العسكرية والاحتلال المستمر للأراضي السورية. كما ينتهك الكيان الإسرائيلي قرار مجلس الأمن رقم 497 (1981) من خلال رفضه الانسحاب من مرتفعات الجولان المحتلة.

بدعم من الولايات المتحدة واستغلالًا للوضع في سوريا، وسّع الكيان الإسرائيلي احتلاله ليشمل أكثر من 500 كيلومتر مربع إضافية من الأراضي السورية، وقام بتدمير منهجي للبنية التحتية العسكرية والبحثية السورية تقريبًا بالكامل.

تشكل هذه الإجراءات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. يتعين على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الكيان الإسرائيلي على أفعاله المزعزعة للاستقرار.

7. تستند العلاقات الودية بين إيران وسوريا إلى عقود من التاريخ المشترك والروابط السياسية والثقافية القوية، وهي تستمر في التعمق على أساس المصالح المشتركة والالتزام بمبادئ القانون الدولي. تلتزم إيران بلعب دور بناء وتتعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين والحكومة السورية، التي تمثل إرادة الشعب السوري، لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في سوريا والمنطقة الأوسع.

/انتهى/