يوم القدس العالمي : مأثرة جهادية إسلامية لاجتثاث الغدّة السرطانية «اسرائيل» من فلسطين المحتلّة
يوم القدس العالمي الذي اعلنه مفجر الثورة الاسلامية الراحل الأمام الخميني قدس سره ، هو يوم ملحمي يجسّد مفهوم التضامن الإسلامي لقضية إسلامية تاريخية باقية ما بقيت السموات و الأرض ، يعمل الجميع على حلّها حتى تعود القدس إلى حاضنتها الإسلامية و العربية معزّزة و مكرّمة .
و مع تعاظم الخطر الصهيوني الذي يهدّد القدس في ظل اتفاقيات الاستسلام التي وقعها النهج العربي المساوم مع العدو الصهيوني ، لا يسعنا إلاّ أن نتذكر بإجلال وإكبار الإمام الخميني رحمه الله تعالى، الذي أعلن مأثرته الثورية التي أطلق العـنان لها بتاريخ السابع من آب عام 1979 م ، باعتبار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك ، يوماً للقدس العالمي ، ليكرّس بذلك نهجا كفاحيا يجسد من خلاله النموذج الإسلامي الجهادي الحقيقي ، الذي انتصر لقضايا الأمة الإسلامية جمعاء ، و في مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرها قضية القدس الشريف ، هذه القضية التي حازت على جانب كبير من اهتماماته الجهادية في وقت مبكر قبل الثورة ، وهو يعيش في منفاه عندما عبّر عن مواقفه الثورية بشجاعة ، و لم يصمت على مسلسل الجرائم الصهيونية ضد إخوة الدين والإسلام في فلسطين المحتلة ، فأطلق صرخته المدوية لرفض هذا الواقع الإجرامي، فدعا الشعوب الإسلامية والعربية والحكّام من منفاه ، لرفع الظلم والقهر عن كاهل الشعب الفلسطيني .
و عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة سماحته ، راح يطلق العنان لمأثرته الجهادية ، ليضع الأمور في نصابها ، أمام الأمّة الإسلامية في ان تتحمل مسؤولياتها و تستشعر الخطر الصهيوني الذي يهدد القدس بدعم ومساندة الاستكبار العالمي. في هذا اليوم التاريخي أعلن سماحة الإمام الكبير الخميني الراحل انحياز الثورة الإسلامية بشكل رسمي و علني ، لفلسطين و القدس ، لتصبح الجمهورية الإسلامية في إيران ، طرفا أساسيا واستراتيجيا، في معادلة الصراع الوجودي مع القوى المعادية للإسلام لا سيما الصهاينة العدو الأول للأمة العربية والإسلامية . لقد أثبتت المأثرة الجهادية لسماحة الإمام الراحل ، نظرته الثاقبة لوضع الحلول الجذرية الجهادية المناسبة لتصحح مسار الأمة في إدارة الصراع مع قوى الاستكبار العالمي، واستحداث وعي جديد يمكنّها من استعادة دورها الجهادي في جميع الميادين بعد تغيبه لفترة طويلة. لهذا فإن انتصار الثورة الإسلامية في إيران ، كان أكبر من ثورة ، بل أنها تحوّل عالمي و مفصل تاريخي ، ما بين الانحطاط و النهوض، وما بين الحق والباطل، فكانت فلسطين و القدس في عقل و وجدان الإمام ، الذي سكن وجدان الأمة كزعيم مسلم قبل و بعد الثورة الاسلامية ، ليس لأنّه عالم دين فقط ، بل لأنّه القائد الملهم الذي استطاع بحنكته ودرايته تحطيم أهم ركائز الاستكبار العالمي وأدواته ، وبناء الدولة الإسلامية الحديثة وحمل هموم الأمّة التي عالجها وشخّصها بشكل دقيق ووضع الحلول المناسبة ، و كانت القضية الفلسطينية من أولوياته على صدر اهتماماته ، فكان الهدف من يوم القدس العالمي جمع المسلمين الذين توحدهم أولى القبلتين وثالث الحرمين، تحت راية الإسلام لمواجهة قوى الاستكبار العالمي والصهيونية، وكل من يدور في فلكهم من القوى الرجعية التي منحت العدو الاستكباري فرصة ذهبية لتحقيق أطماعه وأهدافه، التي عجز عن تحقيقها بالحروب منذ أكثر من ستين عاما، لقد استجابوا ( القوى الرجعية العربية) لشروطهم واملاءاتهم العدوانية وأطماعهم التوسعية ليجعلوا من فلسطين المحتلة والقدس نقطة انطلاق باتجاه الأمّة، لترجمة مشاريعهم ومخططاتهم العدوانية، التي تستهدف إخضاع الأمّة وتفتيتها وإثارة النعرات الدينية والطائفية والعرقية والقومية، من أجل السيطرة على مقدراتها وثرواتها وتسويق الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة، بشكل شرعي وقانوني من خلال مشاريعهم ومخططاتهم الاستسلامية، ليكون الامتداد الطبيعي للحلف الاستكباري العالمي الذي يدعم ويساند المشروع الصهيوني منذ ولادته وحتى اليوم ، لضمان تفوقه العسكري والمساهمة في تطوير بنيته الصناعية التكنولوجية، ليتحول إلى قاعدة استعمارية متقدمة لتغلغل الاحتكارات الدولية العملاقة، في أسواق المنطقة وضمان السيطرة عليها وحمايتها وفرض مشروعهم الجديد على الأمّة، تحت يافطة النظام الإقليمي الشرق أوسطي الجديد، الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من النظام الاستعماري العالمي الجديد . و ما يجري في سوريا اليوم ، الدليل على ذلك المشروع .
لهذا السبب كانت المأثرة الجهادية في هذا اليوم المجيد من شهر رمضان المبارك قبل نحو 35 عاما ، تجاوزت حدود الجمهورية الإسلامية، لتعم معظم الشعوب الإسلامية ، و لتقرع جرس الإنذار بتشكيل حلف إسلامي جهادي مواز، للحلف الاستكباري العالمي لمواجهة أهدافه ومخاطره وأطماعه العدوانية في منطقتنا ، لتحطيمها على صخرة صمود الأمة و اجتثاث الغدة السرطانية من قبلها في فلسطين المحتلة، وتحرير أرض العرب والمسلمين بشكل كامل وشامل واستعادة الحقوق المغتصبة في فلسطين المحتلة و كل فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. لقد أعلن الإمام الخميني تعيين آخر جمعة من شهر رمضان المبارك ، يوما عالميا للقدس، يوم انتصار الحق على الباطل . و في هذا اليوم يبرهن الشعب الإيراني المسلم المنجب للشهداء ، وعن طريق المظاهرات و المسيرات المليونية التي يقيمونها، عن عدائهم المبدئي والأصلي لـ«إسرائيل» هذا الكيان الزائل بإذن الله . و في هذا اليوم ضمت أغلب الشعوب المسلمة في الأقطار الأخرى أصواتها إلى الشعب الإيراني المسلم، وأقامت المظاهرات الحاشدة المعادية لأمريكا ولـ«إسرائيل» ، لكنها لم تنج من قمع ذيول أمريكا الحكومات العميلة الحاكمة . حقّا .. فإنّ يوم القدس : هو يوم انتصار المستضعفين على المستكبرين .
و في ظلال هذا اليوم العظيم – يوم القدس العالمي ، لا بدّ من وقفة في محطة الإيضاح للعلاقة بين الصهيونية كحركة سياسية استعمارية عالمية ذات برامج أممية شاملة، تشكل الشركات المتعددة الجنسيات وبعض مؤسسات المجتمع المدني المنتشرة في العالمين العربي والإسلامي أفرعها من جهة، وبين اليهودية كديانة من جهة أخرى وبلسان حال اليهود أنفسهم . فالصهيونية والحال هذه تكاد تكون مرادفه لليهودية و متساوقة بالمطلق معها, بل أنهما وجهان لعملة واحده بصرف النظر عمّا يبديه البعض من مخالفه لهذا الرأي. ولقد اعترف زعماء الحركة الصهيونية وقادة الكيان الصهيوني بهذا التطابق الموضوعي والتقني بين الصهيونية واليهودية . فالحقيقة ساطعة - كالشمس في رابعة النهار - ؛ فالذين أتوا من خلف البحار لاغتصاب فلسطين هم اليهود وليس آخرين , هؤلاء اليهود الذين قدموا لبلادنا من مشارق الأرض ومغاربها لم يأتوا مهاجرين مسالمين كما يهاجر أي إنسان إلى أي مكان , بل أتوا غزاه محتلين بالرغم منّا ، و هؤلاء اليهود الغزاة هم الذين اقتلعونا من أرضنا ومارسوا ضدنا أبشع الجرائم ورمونا بعدها بأقذع الصفات عبر وسائل الأعلام المسيطر عليها .
وعندما يذهب البعض منا إلى التفريق بين غاز يهودي وغاز صهيوني على أرض فلسطين / يجانب الصواب ويجافي الحقيقة ويخدع نفسه !!
أليس كل يهودي على أرض فلسطين بغض النظر عن رغباته اليسارية أو الأنسانيه جزءً موضوعياً من المشروع الصهيوني في المنطقة وبالتالي عدو؟!. فاليهودية ليست عرقا حتّى نكون عنصريين إذا عاديناها وهي ليست قومية حتّى نكون متعصبين قومياً إذا ندّدنا بها ... اليهودية هي عقلية التقوقع والانعزال التي ابتليت بها مجموعات من عدّة أعراق وقوميات بسبب اعتناق اليهودية...وهي تتميز عن غيرها بفكرة ( أرض الميعاد) أي احتلال فلسطين . وفكرة( شعب الله المختار) أي العنصرية , هذا هو تراثهم الثقافي الموروث الذي هيّأهم للدور الذي يلعبونه لمصلحة الأمبرياليه ولذاتهم أيضا" بشكل موازي ... بعبارة أخرى الدور الذي هيّأهم ليكونوا صهيونيين.... والثابت تاريخيّاً إن هؤلاء اليهود الغزاة استقدمتهم الدول الأمبرياليه مثل بريطانيا ليصبحوا قاعدة لها في بلادنا وهذا ثابت تاريخيّاً ... وهنا لا نبرئ الأمبريالية, فهي عدوه لنا مع اليهود أو بدونهم . ان مشكلتنا كمسلمين و عرب مع اليهودية عامة و مع اليهود في فلسطين خاصة ، هو الصهيونية , وانّ الموقف الذي لا يميز بين اليهودي والصهيوني , بالنتيجة هو الأقرب للمنطق ومصلحة الأمة حتّى دون النظر إلى أي اعتبارات شرعية . ((فالصهيونية هي الوليد اللامشروع لليهودية ))
و خلاصة ألخلاصة نقول : غير تلك المعلومات ( غير المؤطرة علمياً ) التي تشير إلى وجود ما يسمّى الشعب اليهودي , الذي لم يعرف التاريخ رؤية واضحة لسماته وعناصر تكوينه ومناطق سكناه , إلاّ أنّ قبولنا الديني ( القرآن الكريم) بوجود ديانة وأنبياء ورسل مع معجزاتهم وقصص بعبر ودروس .... ننزع إلى أن الديانة _ أي ديانة _ هي الهوية لكل من أعتنقها دون وجود خصائص انثروبولوجيه محدّده لهؤلاء المعتنقين أو جغرافيا لمناطق السكنية . فالديانة هي من أعطت الهوية مع ما رافقها من طقوس لأداء الصلوات , وعادات فرضتها مناسبات اجتماعية حتّى تراكم الموروث بأذهان هؤلاء وانتشرت هذه الديانة في المناطق العالية _ الشمال _ من قارة أوروبا , وبسبب هذه الديانة وقتامتها بعد التحريف لم تلقى قبولاً من المجتمعات الجديدة الأوروبية ... فانطووا على أنفسهم هؤلاء وامتهنوا مهناً لم تكن تلقى رواجا"في تلك المجتمعات , وامتهانها دليل ضعف .
وفي غفلة بدأت أدوار سرية لمعتنقي هذه الديانة .. تتعاظم بسبب الأموال التي راكموها بحيث بدئوا يبحثون/ فيها وبها/ تعبيرات سياسية لممارسة السلطة وفق منظومة دستوريه / شعب , أرض , وحكومة / فبدئوا يتصلون ويتخيرون حتّى جاءت اللحظة المناسبة بعد تراجع دور الخلافة العثمانية و انكسارها ... ففي غفلة جاء الوعد المشؤوم و تدفق هؤلاء سرطاناً في جسد هذه المنطقة و ابتدأوا المذبحه للتخويف والترويع , ودفع المعتنقين لليهودية إلى هذه المنطقة فكانت المأساة لديانة هائمة محشوة محرّفة لبشر لا سمة سيكولوجية واضحة لهم / كتل بشرية مهاجرة لا يجمعها إلاّ الخوف – و لخوفهم ثقافة عنصرية أخرى - والترّويع الذي مارسته عليها(أي على هذه الكتل البشرية الأنف ذكرها ) منظمات يملؤها الشوق والخرافة لبناء حكومة و شعب على أرض فلسطين , والتي لا يمكن قلعها ( أي الدولة اليهودية ) من فلسطين إلاّ عبر خلافة إسلامية راشدة للمسلمين آتية بقوّه من الشرق ... لأمّة تملك سمات القوة والعزة وتعشق الموت في سبيل الله كما تعشق الحياة ...أمّة قادرة على إيجاد نموذج يفوق خلافة الأتراك للأمّه وقيادتها .