الشاعرالمسيحي جورج شكّور: الامام علي مثلي الأعلى في الحياة وزينب هزّت عرش يزيد وسرّ خلود ملحمة كربلاء

الشاعرالمسیحی جورج شکّور: الامام علی مثلی الأعلى فی الحیاة وزینب هزّت عرش یزید وسرّ خلود ملحمة کربلاء

اعتبر الأديب و الشاعر اللبناني المسيحي جورج حنّا شكّور الامام علي ابن ابي طالب مثله الأعلى في الحياة و اشار الى دور السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (ع) في ملحمة عاشوراء ، واصفا اياها بأنها "بطلة كربلاء و صاحبة المواقف الصلبة و مثال المرأة الشجاعة التي استطاعت أن تهز عرش يزيد ، ولولاها لما بقيت قضية الإمام الحسين (ع) خالدة إلي يومنا هذا" ، ومؤكدا : سأكمل ملحمة الإمام الحسين (ع) بملحمة للسيدة زينب (ع) .

و كشف هذا الأديب والشاعر اللبناني عن مشروع جديد سيبدأ به قريبًا ، هو ملحمة «السيدة زينب» (ع) وهو مشروع مكمل لملحمة «الإمام الحسين» (ع). و قال هذا الشاعر : 'كنت أقرأ لرجال ضيعتي من كتاب «نهج البلاغة» ، وأنا آكل العنب ، ثم أطعمت الناس من «تين الإمام علي (ع) » ، ملحمة «الإمام الحسين (ع)» هي قصيدة حياتي وبداية مسيرتي، كتبتها وكان الإمام الحسين ينام إلي جانبي' . و بهذه الكلمات تحدث جورج شكّور عن بداية مسيرته الأدبية الشعرية و اوضح ابن بلدة شيخان في قضاء جبيل البالغ من العمر 79 عامًا ، قائلا : "كنت معجبًا بكتاب نهج البلاغة منذ الصفوف التكميلية ، كنت أجلس تحت السنديانة حيث كان يجتمع رجال الضيعة وكبارها أقرأ لهم من نهج البلاغة وآكل العنب، وكانوا يصغون إليّ بإعجاب كيف أقرأ كلمات الإمام علي (ع) بشغف ومحبة" . و يبدي الشاعر اللبناني المسيحي إعجابًا كبيرًا بشخصية الإمام علي (ع) تلمس في كلماته تأثرًا واضحًا وجليًا بمواقف الإمام وخطبه وسيرته ، يكاد حديثه يكون شعرًا منظومًا . تتحدث إليه تسأله .. جوابه يأتيك أبياتًا من الشعر من قصائد وملاحم قديمة أو حديثة سبق أن جمعها ونشرها في دواوين عدة وألقي بعضها في مناسبات مختلفة، أبرزها وأكثرها شهرة: «ملحمة الرسول (ص)» و«ملحمة الإمام علي (ع)» و«ملحمة الإمام الحسين (ع)» . ويؤكد جورج شكور أن عشقه للإمام علي (ع) ولكلماته قد نما معه منذ صغره أيام الدراسة في المدرسة ، و أول قصيدة له في أهل البيت (ع) كانت للإمام الحسين (ع) عندما طُلب منه أن يشارك في مراسم عاشوراء في بيروت وأن يتحدث عن الإمام الحسين (ع) ما دفعه إلي أن يقرأ سيرته... يقول: 'صرت أنام والكتب من حولي، وعندما تسألني زوجتي عن هذه الكتب كنت أجيبها : إن الإمام الحسين ينام إلي جانبي .. وسأنظم له أجمل قصيدة كتبتها في حياتي' . و يضيف شكّور : 'بقيت شهرًا كاملاً أنظم هذه القصيدة التي سُميت مجازًا «ملحمة» .. هي عبارة عن ثمانين بيتًا من الشعر لكنها تعادل ملحمة من 800 بيت بل آلاف الأبيات ، لأنني جمعت فيها سيرة الإمام الحسين (ع) كلها و لم أخالف الأحداث التاريخية في أي منها' . و ينقل شكّور عن الشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل شهادته في قصيدته حيث وصفها بأنها «معجزة في الشعر» ، وقال له : 'أنا أوقعها وأقول عنها إنها أعظم ما قرأت في حياتي'.. يوضح شكور: 'من تلك القصيدة بدأت مسيرة حياتي الشعرية.

و عندما يُسأل شكّور : كيف لشاعر مسيحي أن يكتب ثلاث ملاحم إسلامية ؟ ، يجيب قائلا : 'وجد الإنسان قبل أن توجد الأديان'. وعندما تسأله: هل تهدف لجني المال من هذه القصائد أو الملاحم؟ يجيب بمقولة للسيد المسح (ع): «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» يؤكد أن الشعر هو تعبير وجداني، والهدف ليس جني المال، وإن حصل عليه، يقول : 'نعم جنيت من «ملحمة الإمام علي (ع)» ما يقارب الـ15 مليون ليرة (10 آلاف دولار) اشتريت بها كرم تين في ضيعتي (شيخان) سميته «كرم الإمام علي (ع)» ومن يسألني عمّا جنيته من القصائد الإسلامية كنت أطعمه «تين الإمام علي (ع)» .
و عن تأثير كلمات الإمام علي (ع) فيه ، يقول الشاعر جورج شكّور : 'الإمام علي (ع) هو مثلي الأعلى في الحياة' ، يذهب شكور إلي الفلسفة الوجودية، التي تصنف الموجودات وفق تراتبية الأدني فالأعلي، 'الجمادات وهي الأدني، وفوقها النباتات، وفوق النباتات الحيوان وفوقه الإنسان، وفوقه الإنسان المتفوق أو الإنسان الأعلي، والله فوق الجميع'، يضيف شكور: 'الإمام علي (ع) هو الإنسان المتفوق (فوق المخلوقات وتحت الخالق) الذي بحث عنه أفلاطون ونيتشي .. الإمام علي هو الإنسان المتفوق ولا أقولها مجاملة بل قناعةً' .
لكن كيف للمسيحي أن يعشق الإمام علي (ع) إلي هذا الحد ؟ يقول شكور : الإمام علي والسيد المسيح يتماهيان في أمور كثيرة . و يعتقد شكور أن الإمام علي هو أسمي من أن يكون إنسانًا عاديًا . يعبر عن ذلك بقوله : 'إن لم يكن الإمام علي (ع) نبيًا فكلامه كلام نبي وشخصيته شخصية نبوية' .
و يستشهد جورج شكور بأخلاقيات الإمام علي (ع) حتي ضد أعدائه ، يذهب إلي معركة صفين ، حين أمر معاوية جيشه باحتلال الماء لمنع جيش الإمام علي (ع) من الشرب ، يقول : 'الإمام علي لا يظمأ ، لكنه جند مالك الأشتر النخعي في حملة طرد فيها جيش معاوية عن الماء، لكن الإمام علي (ع) قال لجيشه لا تمنعوهم من شرب الماء.. هذا هو الإمام علي (ع) هذه أخلاقه. الإمام علي (ع) كان يتصرف كالمسيح يعفو عن عدوه' .
يفخر شكور بملاحمه وقصائده يقول : 'أنأ كتبت ملحمة الرسول (ص)، وملحمة الإمام علي (ع)، وملحمة الإمام الحسين (ع) ، وكتبت أجمل أنشودة مرتلة عن السيدة العذراء، وسأكتب ملحمة المسيح، وملحمة السيدة زينب(ع) . و يضيف : 'هذه القامات الكبيرة لا تختص بدين أو طائفة أو مذهب دون آخر، هذه القامات ملك البشرية جمعاء' .
و عن مشروعه الجديد «ملحمة السيدة زينب (ع)» ، يوضح الاديب شكور أن هذه الملحمة لا تزال مشروعًا ، و 'أحتاج إلي المراجع اللازمة'.. لا يتردد شكور بطلب المساعدة في الحصول علي 'أفضل وأنسب المراجع لتكون هي «المداميك» لهذه الملحمة' .
و عند ذكره للسيدة زينب (ع) يتوقف شكور ليبدي تأثره بموقف السبايا في كربلاء وما عاناه مسير الموكب إلي الشام .. ويعرب عن ألمه الشديد لما جري علي الإمام الحسين (ع) في كربلاء وأهل بيته قبل وبعد استشهاده . و يحز في نفسه مشهد يزيد وهو يلهو برأس الحسين (ع) أمام السيدة زينب والسبايا، يردد بيتًا من إحدي قصائده :
رأس الحسين به تلهو بمخصرة       كف يزيد كأنما لم يشفه ثار
ينطلق للحديث عن المواقف البطولية و الشجاعة التي تحلت بها عقيلة بني هاشم، و يعبر شكور عن إعجابه ببلاغة السيدة زينب (ع) في كلامها و خطبتها في وجه الطاغية يزيد ، يشبه كلماتها بأشفار السيوف و الرماح و السهام التي تنهمر علي يزيد :
غبنَ البطـولةِ آهٍ ، زينبٌ هتَفَتْ     ترمي الكلامَ كما تصطكُّ أشفارُ
أو كالرماحِ وقد حُرَّت بها حُمَمٌ    أو كالســــــهامِ إذا ما شُدّ أوتارُ
ترنو لرأسِ أخيها، الطَّرْفُ منكـ   سرٌ إلي يزيد بها للطَّرفِ أظفارُ
و عند سؤاله عن رأيه بالمقاومة ، يرفع الشاعر جورج شكور رأسه ليجيب بعنفوان : 'المقاومة ليست بالسلاح فقط ، بل بالفكر والشعر والثقافة أيضًا' . ويضيف قائلاً : 'أنا أعتبر أن الإمام الحسين (ع) هو جد المقاومة في لبنان، فهذه المقاومة لم تنبت هكذا عرضًا، بل وراؤها تراث جعلها تكون، وهذا التراث تكوّن وتشكّل منذ استشهاد الإمام الحسين (ع) في كربلاء' . و يستحضر الاديب شكور أبيات شعر من ملحمة «الإمام الحسين (ع)»، يصف فيها رجال المقاومة بأحفاد الإمام (ع) الذين هبوا للتضحية بأنفسهم دفاعًا عن لبنان يقول فيها :
يومَ الحسيـنِ همُ الأحفادُ أنهارُ    في العـالَمين ، لهم دِفْقٌ وتيّارُ
مذ ضيم لبنان واغتر الغزاة به   كانوا الفداء ورد الأرض ثوار
ورددوا قوله والدهر رددها       ما ضاع حق به صك وإقرار
القدس عاصمة في الأرض قائمة وفي السماء لها بالروح إعمار
ويضيف شكور : 'هذه المقاومة هي حفيدة الحسين (ع) هو الذي علمهم رفض الظلم وشربهم روح التضحية والفداء ، ولولا المقاومة لما كان لبنان' . ولا يكتفي شكور بهذا الموقف فيضيف إليه نقدًا وتنديدًا لكل من يعارض المقاومة في لبنان، قائلا : "هؤلاء المتعصبون يهاجمون حزب الله الذي يدافع عن لبنان ، و لو أن حزب الله حكم لبنان لمدة خمس سنوات لكان حكمه أفضل من هؤلاء جميعًا" .. مشيرًا بذلك إلي فريق «14 آذار» . وعندما نلفته إلي أن هذا الكلام يكشف موقفه السياسي ، لا يتردد لحظة في إعلان ولائه لرئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب الجنرال مشال عون ، فيقول : 'هذا موقفي أعلنه علي رأس السطح' ، لافتًا إلي أن كل أصدقائه هم من فريق «8 آذار» .
ويعرب شكور عن اعتزازه بعلاقته بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي زارها خمس مرات ، يتباهي بصداقاته العديدة مع شخصيات إيرانية في لبنان وإيران، تلحظ في عينيه بريقًا يحدثك عن شوق وحنين لإيران . وينطلق شكور بالحديث عن إيران بلا توقف وكأنه كان ينتظر الفرصة للبوح بمدي هذا الشوق المخبوء في قلبه، يعبر عنه بأبيات من قصيدة سبق أن ألقاها في زيارته الأخيرة خلال احتفال تكريمي له في طهران، عنوانها «والقلب شطران لبنان وإيران»، يضع فيها حبه لإيران مقابل حبه لوطنه لبنان ، يقول في مطلعها :
من الأرز آت و بي طيب وتحنان   و القلب شطران لبنان و إيـــــران
هنا الهوي والوفاء ما بيننا ذمم    بيروت أخت لها في الحب طهران
يعبر شكور في قصيدته هذه عن شكره و تقديره للدعم الذي قدمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمقاومة في لبنان ضد العدو الصهيوني، يلفت إلي أن المقاومة في لبنان انتصرت علي «إسرائيل» وألحقت بها أول هزيمة بفضل هذا الدعم، يقول في هذا السياق مخاطبًا إيران :
نصرتِنا يوم الجلّي و حاط بنا طغي و بغي وأضداد وأضغان
زودتنا بسلاح هدّ قدرتها    تلك التي لم ينلها قبل خسران
و يعرب شكور عن إعجابه بالتقدم العلمي و التكنولوجي الذي تتمتع به إيران وبتاريخها وجغرافيتها، يصفها بـ«جنة» و«نهضة أساسها العلم»، دون أن يغيب عن باله الفن الإيراني وإعجابه به فيقول:
إيران يا جنة في الشرق حالية    يا نهضة أسّها علم وعمران
وروعة من فنون زان زخرفها    ذوق نقي وإرهاف وإتقان
وفي قصيدة أخري تحت عنوان «تهيّب وغضّ الطرف أوباما» يستعرض شكور بأسلوبه الخاص قوة إيران و صمودها في وجه الحملات و العقوبات الأميركية والغربية المفروضة عليها، يصف فيها الرئيس الأميركي بـ«كافور» الإخشيدي الذي هجاه الشاعر المتنبي، يتوعده بأن يلقي جزاء ظلمه للجمهورية الإسلامية، يقول فيها :
«كافور أمريكة» يا حاكمًا وقحًا  حتمًا ستلقي جزاء الظلم آلاما
أ تشهرون علي إيران مظلمة؟    إيران أمة من صلي وصاما
تحرّمون عليها أن تباريكم وقد غدت في صفوف العلم قدّاما
إيران قبلة كل الثائرين ولا يومًا تهاب أكاذيبًا واتهاما

أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة