محافظة "كهكيلوية وبوير أحمد"، امتزاج التراث العريق والطبيعة
محافظة كهكيلوية وبوير أحمد الايرانية بسهولها ومراتعها الشاسعة وجبالها الخضراء الشاهفة وشلالاتها الزاخرة بالمياه العذبة وآثارها التي تضرب بجذورها في قلب تأريخ البشرية، تعد مثالاً حياً لامتزاج التأريخ بالطبيعة.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء - هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم والأماكن احية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الاستطلاع شد الرحال إليها لاستطلاعها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
محافظة كهكيلوية وبوير أحمد بسهولها ومراتعها الشاسعة وجبالها الخضراء الشاهفة وشلالاتها الزاخرة بالمياه العذبة وآثارها التي تضرب بجذورها في قلب تأريخ البشرية، تعد مثالاً حياً لامتزاج التأريخ بالطبيعة، ويمكن القول إن معجزة التأريخ قد تجلت في هذه المنطقة المعروفة ببلاد شابور أيضاً.
تبلغ مساحة محافظة كهكيلوية وبوير أحمد 16264 كيلومتراً مربعاً وتقع جنوب غربي إيران، حيث تحاذيها من الناحية الشمالية محافظة تشهار محال وبختياري، وجنوباً تحدها محافظتا فارس وبوشهر، وشرقاً محافظتا فارس وأصفهان، وأما من الجهة الغربية فتحدها محافظة خوزستان.
من الميزات الفريدة لهذه المحافظة الجميلة أن الفصول الأربعة فيها تتجلى بشكل ملحوظ مما يعكس طبيعتها الغناء في إطار طبيعي هو الغاية في الروعة، لذلك أطلق عليها مدينة الفصول الأربعة، ومن الناحية المناخية فإن مناطقها تقسم بشكل عام إلى حارة وباردة.
محافظة الأربعة فصول (كهكيلوية وبوير أحمد) يصفها الناس بأنها عاصمة الطبيعة في إيران نظراً لجمالها الرائع ومناظرها الخلابة وأجوائها المتغيرة تناسباً مع فصول العام، فهي زاخرة بالشلالات والأنهار والينابيع التي ترفل بالمياه العذبة الأمر الذي جعل مراتعها وجبالها خضراء زاهية وأنعش النشاطات الزراعية فيها منذ قديم الأيام حيث تنتشر في جميع أرجائها مختلف المزارع والحدائق المليئة بكرم العنب وأشجار التفاح والجوز الشاهقة، ناهيك عن امتلاك أهلها مهارات فريدة في الصناعات اليدوية المتنوعة والجميلة، وهذه الطبيعة الغناء جعلتها من العصور السالفة موطناً لمختلف الأقوام والأمم لذلك تنتشر في كل بقعة منها مباني وآثار تراثية عريقة تضرب بجذورها في مختلف العصور والأزمنة.
هذه الأماكن الطبيعية والتراثية الفذة تستقبل الزائرين والسائحين من إيران والعالم على مر أيام السنة، والملفت للنظر في عظمة هذه المنطقة أنها تجمع بين الطبيعة الغناء والتأريخ العريق مما جعله مكاناً فريداً من نوعه، وكل سائح يقصدها يذهل من مناظرها الخلابة ولا سيما سفوح جبال زاكرس التي تضفي على نفس الإنسان طلاوة خاصة.
* مدينة كهكيلوية: من بلاد شابور إلى شلال كمر دوغ
في قلب سلسلة جبال زاكرس هناك سهل أخضر شاسع يحكي تأريخ هذه المنطقة الجميلة على مر العصور والأمم، وهذا السهل هو مدينة كهكيلوية بالتحديد والتي يمكن اعتبارها مهداً للثقافة الأصيلة في محافظة كهكيلوية وبوير أحمد، وإضافة إلى طبيعتها الغناء فهي تزخر بالآثار التراثية القديمة التي يعود تأريخها إلى مختلف العصور، وهي تسمى بلاد شابور ودهدشت وكهكيلوية أيضاً.
تفيد الوثائق التأريخية أن التصميم التأريخي لمدينة دهدشت يرجع في أساسه إلى القائد أردشير بابكان حيث شيدها كتذكار لنجله شابور، لذلك أطلق عليها بلاد شابور، وأما مدينة دهدشت الحالية فهي تقع في الجانب الجنوبي لها، كما عرفت بمدينة القبب السبعة "هفت كنبد" نظراً لوجود أضرحة سبعة من أبناء الأئمة (عليهم السلام) فيها.
على مسافة 17 من مدينة دهدشت هناك كتيبة حجرية كبيرة معروفة بـ "تنك بير زال" حيث يبلغ طولها 6 كم وعلى امتدادها هناك تلال تسمى بـ "بي بي زلي خاني" تقعد في ناحية "أدب برور سوق" التي تضم في وسطها مقبرة شخصية عظيمة في الفن الرابع، وهي شخصية حسين بناهي.
حسب المصادر التأريخية فالمبنى التأريخي المعروف بـ "تنك تكاب" كان ساحة معركة محتدمة بين آريو برزن والإسكندر المقدوني، وهذا المبنى يقع على حدود مدينتي كهكيلوية وبهبهان حيث يعتبر اليوم معلماً تراثياً في غاية الروعة والجمال.
ومن جملة الأماكن المقدسة في هذه المدينة، مزار السيد محمود الواقع بالتحديد في "تشار روستا" والطريق المؤدية إليه جميلة للغاية حيث تكون متعرجة وتمر في السهول والجبال الخضراء والغابات الغناء الزاخرة بأشجال البلوط، وهناك أحد الشلالات الجميلة التي يحتل المرتبة السابعة بين شلالات إيران حيث يبلغ ارتفاعه 100 م ويقع غرب جبل سيلوم ويضفي طلاوة وعذوبة على الأجواء هناك، ويطلق عليه شلال كمر دوغ، ناهيك عن وجود مناظر طبيعية خلابة أخرى هناك ولا سيما في قرية "المور" وقرية "تنكه الكن" وقرية "شوتاور" المصممة على شكل مدرجات عظيمة في سفح الجبل.
ومن جملة المناظر الطبيعة الرائعة والأماكن التراثية في مدينة كهكيلوية، ما يلي: قلعة رئيسي، جسر قلعة دختر، مبنى طوليان، قلعة ضرغام آباد، قلعة سربري، قرية "تشنكلوا" التأريخية، شلال توف خيمة، ينبوع كورسار، سد مارون، سد الكوثر، جبل خائيز.
* مدينة تشرام: من دلي ياسير إلى ينبوع بلقيس وشراب كرو
مدينة تشرام هي الأخرى تعد واحدة من المناطق التأريخية والبقاع الطبيعية الرائعة في محافظة كهكيلوية وبوير أحمد حيث يرجع تأريخها إلى العصر الذهبي للحكم الصفوي في إيران، وما يبهر أنظار السائحين هو صخورها العظيمة الجميلة المتناثرة في كل مكان ولا سيما في مدينة "تلي ياسير" التأريخية والتي تعكس تأريخ القدماء في هذه المنطقة ذات المياه العذبة والطبيعة الخضراء، وفيها بحيرة جميلة اسمها "شراب جيران" لكن الأروع من كل ذلك "يبوع بلقيس" الذي تحفه الأشجار ذات الظلال الوارفة والحدائق الغناء والجدران الصخرية الفريدة من نوعها ناهيك عن وجود عدة ينابيع أخرى تحيط بهذا الينبوع الكبير، وكل سائح يبهر هناك بتلك الخضرة الغناء والأشجار المثمرة وغير المثمرة وعلى رأسها أشجار التفاح والرمان والصنوبر والصفصاف والنخيل.
يمكن اعتبار مدينة تشرام بأنها مدينة الينابيع المتدفقة من باطن الأرض لذلك أنشئت فيها حديقة غناء سميت بـ "باغ عمران" التي تسحر الناظرين بجمالها الطبيعي الأصيل، وتحاذيها أيضاً منطقتا "آب حياة" و "جوخانه" اللتان تعتبران من أجمل البقاع الطبيعية في إيران بأسرها.
فضلاً عن ذلك فهذه المدينة فيها منطقة "بهناي ليلى" التي ينتشر فيها أكثر من20 ينبوعاً وتغطيها مساحات خضراء من أعشاب ونباتات نادرة وحدائق خضراء تعد أفضل المنتجعات الصيفية في البلاد، وإعجاز الطبيعة هناك يتجلى بشكل رائع في سفوح الجبال وأوديتها.
كما أن الضريح المبارك للسيد علي يقع في هذه المدينة، وتحفه حدائق غناء يمتلكها السادة الهاشميون هناك الذين يعود تأريخ هجرتهم إلى للقرنين السابع والثامن الهجري.
* مرقد العلوية بي بي حكيمة في كجساران وروعة منطقة شلالدون باشت
مدينة كجساران تزخر بحقول النفط وفيها مرقد العلوية بي بي حكيمة التي تؤكد المصادر التأريخية على أنها شقيقة الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، حيث يقع ضريحها على سفح جبل "زرد" على امتداد واد عظيم وطويل ويبعد عن مدينة "دو كنبدان" مسافة 100 كم، وهي منطقة سياحية معرفة بجمالها الطبيعي الفريد وتضم بين أكنافها منظراً طبيعياً جميلاً للغاية اسمه "شلالدون" الذي هو معلم سياحي لا يخلو من السائحين طوال أيام السنة.
بعد شلالدون هناك منطقة تأريخية اسمها "دو كور دو با" وتقع على مسافة 7 كم من مدينة "باشت" وهي على هيئة عمودين عظيمين أبيضي اللون يرجع تاريخهما إلى العهد الساساني حيث كانا على مر العصور علامتين يهتدي بهما المسافرون والقوافل التي تتنقل في تلك المنطقة ولا سيما في جنح الليل المظلم.
ومن جملة المعالم السياحية الأخرى في مدينة كجساران ما يلي: هضبة جناوة (مدينة جناوة)، شلال رودبال، شلال موك، قرية مارين، جسر بريم التأريخي، قبة ليشتر، منطقة "دشتك ديل" السياحية، قلعة سليمان.
* مدينة بهمني
تقع مدينة بهمني على مسافة 7 كم من مدينة ليكك، وفيها العديد من الآثار والنقوش الجميلة التي يعود تأريخها إلى العهدين الأشكاني والأليماني ويحاذيها طريق مبلط بالحجر يبلغ طوله كيلومترين يمخر قلب غابة جميلة رافلة بأشجار البلوط والصنوبر، وهذه النقوش المعروفة بنقوش "تنك سولك" تعتبر أجمل الأنماط التراثية لهذا الفن في إيران بأسرها، كما أنها منتشرة في وادي "ماغر" وقرية "آب ألوان" و "كرمشاد"، كما أن الزائرين بإمكانهم زيارة مرقد السيد بابا أحمد (عليه السلام) الذي تعلو ضريحه قبة مدرجة، ويقع على بعد 15 كم من مدينة ليكك، وهناك أيضاً بحيرة جميلة اسمها "برم ألوان" بمساحة 15 هكتاراً.
* سلسلة جبال دنا الجميلة
مدينة "دنا" ذات طبيعة غناء فريدة من نوعها جميع السائحين في إيران يعرفونها جيداً، وعلى مسافة 5 كم من هذه المدينة هناك مدينة سياحية في غاية الروعة والجمال اسمها "سي سخت" التي تزخر بالينابيع والأنهر العذبة أبرزها ينبوع "ميشي" التي تبعث أصوات مياهها الجارية الطلاوة في والحيوية في النفوس، وبحيرة "كوه كل" هي الأخرى من المعالم السياحية الخلابة هناك حيث يقصدها السائحون في جميع فصول العام لكونها لوحة طبيعية باهرة الألوان في جميع الفصول.
قرية "كريك" التي هي على شكل مدرجات عظيمة وجميلة تقع على مسافة 15 كم من مدينة "سي سخت" حيث تتصف بجمالها الذي يسحر النفوس وتنتشر في أكنافها البيوت والأكواخ القروية التي تنم عن بساطة أهلها وحنكتهم في فن العمارة التقليدي والناظر يبهر حينما يرى سقوف البيوت وهي باحات لبيوت الجيران.
* مدينة بوير أحمد مهد الزهور البرية ولا سيما زهرة البوقية الإمبراطورية
كل سائح يرى بأم عينيه تلك الأزهار البرية الجميلة في محافظة كهكيلوية وبوير أحمد وأكثر ما يثير دهشته تلك الزهور الزنبقية الجميلة المعروفة بـ "البوقية الإمبراطورية" ذات الألوان الزاهية المتنوعة، ومدينة بوير أحمد التي تعد البوابة السياحية لهذه المحافظة تزخر سهولها وجبالها بهذه الزهور الرائعة الجمال، لذلك عرفت بأنها عاصمة السياحة الإيرانية، وفيها أيضاً شلال ياسوج الذي يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار حيث يعتبر قبلة سياحية لكل محبي الطبيعة في فصلي الربيع والصيف لكون أجوائه معتدلة ومياهه عذبة تضفي طلاوة على النفوس في فصل الصيف الحار بالأخص.
وأفضل مضمار تزلج في جنوب إيران يقع في هذه المدينة ويسمى "كاكان" حيث يقع على سفح سلسلة جبال زاكرس بمحاذاة قرية "كاكان"، وكذلك شلال "تنك تامرادي" يبعد مسافة 45 كم من مدينة ياسوج وينبع من قلب الصخور الجبلية الشاهقة وتتغنى أصوات خريره مع حفيف أوراق شجر البلوط المنتشر في كل مكان.
ومن جملة المعالم الطبيعية والتراثية الأخرى في مدينة ياسوج ما يلي: بحيرة مو زرد، بحيرة شرم رنك زيلائي، وادي كنجه إي، وادي مهريان، متحف ياسوج، موربيسه كاكان.
ومن المؤكد أن ما ذكر في هذا الخاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء ليس سوى غيض من فيض لتلك المعالم التأريخية والطبيعية في محافظة كهكيلوية وبوير أحمد المعروفة بمحافظة الفصول الأربعة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن سكانها معروفون بحسن الضيافة وإكرام الضيف واحترامه.
/ انتهى /