"بلاد شابور" تراث عريق من العهد الصفوي وصورة لتأريخ مدينة "كهكيلوية"+صور وفيدئو
هذا المعلم الأثري الذي يقع في جنوب غرب إيران يعد أحد أكبر البقاع التأريخية وزينة فن العمارة الصفوي تتألق فيه بأروع الصور.
هذا التقرير هو السابع في سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن لمحبي الاستطلاع شد الرحال إليها لاستطلاعها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
محافظة "ياسوج" فيها الكثير من المواقع التأريخية العريقة وبما فيها منطقة "دهدشت" التراثية التي تشير الوثائق التأريخية أنها شيدت بأمر من "أردشير بابكان" وبعد ذلك أطلق عليها عنوان "بلاد شابور" إكراماً لذكرى ابنه "شابور" وتقع هذه البقعة التأريخية في الجهة الجنوبية لمدينة دهدشت الحالية وتبلغ مساحتها 34 إلى 40 هكتاراً.
إحدى الوثائق الموروثة من العهد الصفوي إبان حكموة الملك "عباس الصفوي" المعروف بـ "شاه عباس"، والتي يرجع تأريخ تدوينها إلى عام 1086 هـ أُشير فيها إلى أن اسم هذه المدينة سابقاً هو "قرية الدشت" وقد بلغت ذروة الرقي والتحضر في العهد السلجوقي.
نظراً إلى المكانة الجغرافية الهامة التي تحظى فيها هذه المدينة بصفتها جسراً رابطاً بين الموانئ الجنوبية الواقعة على سواحل الخليج الفارسي وبين مدينة أصفهان التي كانت عاصمةً للدولة الصفوية آنذاك، فقد حظيت بأهمية بالغة ناهيك عن وجود العديد من الطرق المبلطة بالحجر فيها والكثير من الجسور مما جعلها مركزاً تجارياً هاماً آنذاك، وما جعلها أكثر أهمية إضافة إلى ما ذكر أنها كانت إحدى المسالك الفرعية لطريق الحرير الشهير.
بلاد شابور هي مدينة دينية وتجارية تمتزج فيها الفنون المعمارية مع المعالم الدينية لذلك شهدت أراضيها روائع فنية لا نظير لها كما دفن فيها سبعة من أولاد الأئمة ومدرستان تراثيتان ونزل وأربعة مساجد وسوق كبير وما زالت أطلال منازلها باقيةً حتى اليوم، وبتأريخ 8 / 8 / 1985 م تم تسجيلها في قائمة الآثار الوطنية وهي حالياً في قائمة الانتظار لتسجيلها ضمن التراث العالمي لمنظمة اليونسكو الدولية.
وقد أطلق على هذه المدينة اسم "هفت گنبد" أي مدينة السبعة قباب وذلك لوجود أضرحة سبعة من أولاد الأئمة فيها وهم: السيد جابر، السيد سلطان مهدي، العلوية بي بي عصمت، السيد معصوم، السيد جعفر المعروف بـ (پير غازي)، السيد جابر، السيد معصوم. ومن جملة المعالم الأثرية الأخرى فيها: حمام كهيار، حمام الجانب الشرقي، حمام المسجد الجامع المعروف بـ (حمام محمد)، النزل، سوق السيد جابر، المسجد الجامع، قلعة محمد خاني، مسجد مورك، قبر النبي الخضر، برج الإرصاد، دار ضيافة السيد معصوم، السوق التجاري، (سه دختران)، مخزن المياه، العديد من المنازل التراثية. وجميع هذه المباني الأثرية تم إدراجها في قائمة الآثار الوطنية، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تم تشييدها من الأحجار والجبس والإسمنت والتراب والقصب والخزف والفخار.
* الجدار القديم للمدينة
الصور الجوية الملتقطة لهذه المدينة التراثية تدل على وجود برج وحصناً يحيط بها في قديم الأزمنة وما زالت بعض آثار هذا الجدار موجودة إلى اليوم قرب مرقد العلوية بي بي عصمت جنوبي المدينة كما هناك آثار أخرى منه في المرتفعات الشمالية، كذلك كانت فيها بوابتان أصليتان على أقل تقدير تقع إحداهما في الجدار الكبير من الناحية الغربية والبوابة الأخرى تقع في الجانب الغربي أو في القلعة القديمة الواقعة في الجانب الشمال شرقي.
* القلعة القديمة
القلعة القديمة تقع في أعلى نقطة في المدينة وفيها جداران مستقلان يقسمانها في قسمين، ومدخلها الأصلي يقع وسط الجانب الغربي ومن المحتمل أن تكون سابقاً مقرّاً للحكومة.
* حمام كهيار (زينة مباني مدينة القباب السبعة)
حمام كهيار يقع في الجانب الغربي من مدينة دهدشت التأريخية على مسافة 40 م من النزل، وهو يتكون من قسمين أحدهما للاستحمام والآخر لتسخين المياه كما فيه قبو وبئر ومحل لإشعال الوقود، وهذه الأجزاء مرتبطة مع بعضها بواسطة ممر ملتو، وفي الزوايا الأربعة لصالة الحمام الواقعة تحت القبة التي تعلو سقفه هناك نقوش هندسية متقارنة جعلت من زواياه الأربعة قبة لذا يمكن القول إن هذا الحمام هو زينة المباني التأريخية لمدينة القباب السبعة.
* مخزن المياه
يقع مخزة المياه في الجانب الشرقي لمدينة القباب السبعة على سفح "آبريز" المشرف على المدينة والذي يبعد مسافة 120 م عن القلعة التأريخية في دهدشت وفيها أربعة أحواض تم تشييدها بشكل متدرج بحيث يرتفع كل حوض عن الآخر من حيث المكان، وتصميمه الأساسي على شكل مستطيل وتم استخدام الجبس والحجر والإسمنت في تشييده، وهو يعد أهم مخزن للمياه العذبة من تلك المخازن التي تم بناؤها في القلعة القديمة إبان العهد الصفوي.
* النُّـزل
يقع النزل في الجانب الغربي من مدينة دهدشت التأريخية وقد تم تشييد في العهد الذهبي إبان الحكومة الصفوية، وفيه 37 غرفة و 30 رواقاً تقع في مقابل هذه الغرف وحول أطراف الباحة، كما هناك أربعة أروقة كبيرة واقعة في زواياه الأربعة بنيت بشكل متقارن وكل واحد منها فيه ثلاث أو أربع غرف، وقد كان قديماً محلاً لمحط رحال التجار المسافرين.
* السوق
السوق التأريخية لمدينة دهدشت التراثية تمتد من النزل إلى القلعة ويبلغ طولها 1000 م وهو يصل بين جانبي المدينة الشرقي والغربي، وقد كان أحد المراكز الحيوية وممراً يربط بين جميع الطرق الأساسية في المدينة والمباني العامة كالنزل والحمامات ومراقد أولاد الأئمة والمدارس والمباني السكنية والتجارية.
ونظراً للمكانة الاستراتيجية التي تحظى بها مدينة دهدشت التراثية في تلك الآونة فقد كان هذا السوق موقعاً اقتصادياً منتعشاً وهاماً في المنطقة الجنوبية والجنوب غربية في إيران حيث كان حلقة وصل بين بلدان الخليج الفارسية والهند والصين.
* المباني الدينية
في الأزمنة السالفة حظي بعض الناس باحترام وتقدير كبير من قبل الناس، لذلك بقي شأنهم رفيعاً حتى بعد وفاتهم وبادر الناس إلى بناء مراقدهم المقدسة فبقيت أسماؤهم تتألق في التأريخ البشري الناصع وأصبحت أضرحتهم محطاً لرحال الزائرين، وهؤلاء هم أبناء الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
هذه المراقد التي تم تشييدها في مدينة دهدشت اتصفت بعمارة رائعة تشابه ما تم تشييده في سائر المناطق، حيث يعلو الضريح بناء على شكل قبة، وتحيط به أروقة لإقامة الصلاة وسائر الطقوس الدينية، وبما أن الزائرين قديماً كانوا يقصدونها من كل حدب وصوب فقد شيدت حولها عدة دور للضيافة والحمامات العامة.
* السيد بير غازي
مرقد السيد بير غازي يقع في منطقة الرواق التأريخية لمدينة دهدشت، حيث تم تشييده على هيئة مبنى منفرد ويمكن تشبيهه بقبة مرقد النبي دانيال (عليه السلام) في مدينة "شوش" والسيد عبد الله في مدينة "شوشتر" والسيد محمود المدفون في نفس المدينة، ومن المرجح أنه شيد في العهد السلجوقي.
* السيد معصوم
مرقد السيد معصوم يقع في جنوبي المدينة على مسافة 100 م من الناحية الجنوبية للمسجد الجامع وفي غرب الحمام الواقع شرقي المدينة، وقبته مرتفة بحيث يمكن رؤيتها في مختلف مناطق المدينة ويمكن اعتبارها علامة وميزة بارزة في البنية القديمة للمدينة ويعود عهد تشييد بنائه إلى عهد الإيلخانيين.
كما هناك العديد من مراقد أبناء الأئمة في مدينة دهدشت، منها مرقد السيد جابر الأنصاري والسيد إبراهيم والسيد السلطان مهدي و(سه دختران).
* المسجد الجامع
المسجد الجامع في هذه المدينة يعتبر أقدم المساجد المشيدة في مدينة دهدشت، ويقع في الجانب الشرقي للبنية القديمة فيها حيث يقع بين محوري المدينة الأصليين وهما السوق والممر الشمالي، ويبدو أن هذا المسجد هو أول مسجد تم تشييده في مدينة القباب السبعة كما يحتمل أن يرجع تأريخه إلى العهد الذي سبق تأسيس الحكومة الصفوية.
* مسجد مورك
مسجد مورك يقع في الجانب الغربي للبنية التأريخية في مدينة دهدشت وقد تم تشييده في أوائل العهد الصفوي، وعمارة الرواق الموجود فيه عبارة عن تقليد لفن العمارة في المساجد القديمة التي تم تشييدها في العهد الإسلامي الأول جنوبي البلاد.
* مقام الخضر
في جنوبي المدينة هناك بقعة مقدسة يطلق عليها مقام الخضر، حيث يقصدها أصحاب الحوائج والمتدينون وهي مكونة من مبنى فيه عشرة زوايا صغيرة تم ترميمها عدة مرات.
وخلال الحفريات التي أجريت في المدينة القديمة عثر علماء الآثار على قطعات أثرية كثيرة بما فيها الزجاج الصيني والأزرق والأبيض وقطع زجاجية وحجرية وخضل كبيرة وصغيرة وعملات معدنية مصنوعة من النحاس، والأواني التي تم العثور عليها من أنواع عديدة كالأطباق والدوارق والجرار والقوارير والأباريق والمواعين بمختلف الأحجام، إضافة إلى اكتشاف العديد من الأواني الفخارية خضراء اللون.
الأواني الفخارية التي تم اكتشافها في مدينة دهدشت القديمة يرجع تأريخها إلى العهد الصفوي، وفيها قطع أثرية أخرى يرجع تأريخها إلى باكورة هذه الحقبة الزمنية من تأريخ إيران، بل وبينها آثار تشير إلى أن تأريخها يسبق تلك الحقبة الزمنية التي انتعشت فيها إيران في ظل الحكومة الصفوية.
/انتهي/