هل سيغير فوز ترامب هيكل النظام الدولي الحاكم احادي القطب؟
مما لا شك فيه ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب يعد من اكثر الشخصيات جدلا في الوقت الحالي وان فوزه في الانتخابات الرئاسية كان صدمة وخصوصا للطبقة الحاكمة في امريكا ويرتقب العالم سواء حلفاء الولايات المتحدة ام اعداؤها، السياسات التي سوف ينتهجها الرئيس الجديد وهل سيلتزم بما اعلنه في حملته الانتخابية او سيغير من سياساته بعد توليه سدة الحكم في البيت الابيض.
ومن اكثر الاسئلة المطروحة حاليا لاسيما في ظل السعي الروسي لاستعادة الدور والنفوز العالمي السابق هل ستؤدي سياسة ترامب الى انتهاء حقبة القطب الواحد ليحل محلها نظام الحكم متعدد الاقطاب ؟
للإجابة عن هذا التساؤل علينا تحليل القضايا والتوجهات الدولية الحالية، حيث ان العديد من الدراسات تسلط الضوء على موضوع التدخل الروسي الداعم لترامب في الانتخابات الامريكية وعلى العلاقة الجيدة التي يسعى ترامب الى تحقيقها مع روسيا.
وترى هذه الدراسات الى ان هدف روسيا من دعم ترامب هو ايصال رئيس الى الحكم يفتقر الى الخبرة السياسية يؤدي الى تعميق الازمة الداخلية الامريكية وتدهور العلاقات مع حلفائها وخاصة دول الاتحاد الاوروبي و الى انكفاء الدور الامريكي العالمي و بالتالي القبول بتقاسم النفوز مع موسكو، الامر الذي سيؤدي الى ابراز روسيا كمركز لصنع القرار ويعيد دورها السابق كاحدى القوتين العظيمتين في العالم.
وتستند هذه الدراسات الى الشعارات والتصريحات التي اعلنها ترامب خلال حملته الانتخابية حيث قال ترامب انه "لن يمانع ضم روسيا للقرم" كما صرح مرارا بضرورة التعاون مع موسكو خاصة في موضوع الازمة السورية ومكافحة الارهاب وقال ان الاولوية في سوريا هي لمكافحة الارهاب وليس اسقاط الرئيس الاسد الحليف القوي لروسيا وانه في حال التعاون المثمر مع روسيا لا يرى مشكلة في رفع العقوبات الامريكية المفروضة على روسيا بعد أزمة القرم في 2014.
اما من جهة اخرى ترى بعض مراكز الابحاث والمحللين ان العدو الحقيقي الاقوى للولايات المتحدة الامريكية في الوقت الحالي هي الصين في ظل الصعود العسكري والاقتصادي السريع الذي تحققه هذه البلاد والذي من شانه ان يضع هاتين القوتين العظيمتين وجها لوجه في منطقة شرق اسيا و يشكل تهديدا كبيرا على الولايات المتحدة باعتبارها الشريك الأمني الأول والخيار الاستراتيجي لليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والفلبين وتايوان وغيرها من دول المنطقة وخاصة بعد المشاكل بين البلدين في بحر الصين الجنوبي، فالولايات المتحدة الأمريكية تطالب بشكل روتيني كل الدول التي تتنازع على السيادة في المنطقة بوقف عمليات البناء في جزر سبراتلي ولكنها تتهم الصين بتنفيذ عمليات على مستوى يفوق بكثير أي دولة أخرى، الامر الذي قد يفضي الى صدام مباشر بين الدولتين في منطقة تعد من اهم المعابر التجارية البحرية في العالم، حيث يعبر بحر الصين الجنوبي حوالي ثلاثة أضعاف الكمية التي تعبر من خلال قناة السويس، وحوالي 15 مرة مقارنة بالكمية التي تعبر قناة بنما، و بالاضافة إلى ذلك فان حوالي ثلثي إمدادات الطاقة لكوريا الجنوبية و60% لليابان وتايوان و80% من واردات الصين النفطية تأتي عبر بحر الصين الجنوبي. لذلك لا بد على ترامب ان يتبع خطة كسنجر في مواجهة الصين، تلك الخطة التي كانت تسعى الى اضعاف الاتحاد السوفيتي في فترة الحرب الباردة عن طريق خلخلة العلاقات بينه وبين الصين اما الان فالهدف قد تغير واصبحت الولايات المتحدة تسعى لاضعاف الصين عن طريق التقارب مع روسيا.
كما ان الصراع في الشرق الاوسط وبالاخص الازمة السورية لعب دورا كبيرا في تراجع النفوز الامريكي في المنطقة حيث ان صمود محور المقاومة المدعوم من روسيا خلط الاوراق وجعل القيادة الامريكية تعيد حساباتها وتتبع الواقعية السياسية وتسلم الى انها ليست صاحبة اليد الطولى في المنطقة وانها بحاجة الى مشاركة القوى العظمة كروسيا والصين والقوى ذات الثقل الاقليمي كايران في ادارة المنطقة وانهاء هذا الصراع والقضاء على الارهاب .
وبالوقوف على هذه التحليلات ومراقبة مسار الاحداث الدولية نلاحظ ان التغير في نظام الحكم العالمي اصبح اقرب من اي وقت مضى الى التحقق و خاصة بعد النتائج الكارثية للمخططات الامريكية التى ادت الى ظهور تنظيمات ارهابية غير قابلة للاحتواء في منطقة الشرق الاوسط اصبحت تهدد الامن العالمي واصبح التخلص منها الاولوية القصوى لمختلف دول العالم.
/انتهى/