«جسر الدز» في مدينة دزفول التراثية قلب محافظة خوزستان النابض + صور وفيديو
محافظة خوزستان ذات مساحة مترامية الأطراف وطبيعتها متنوعة في مختلف نواحيها، وهذا التنوع المذهل كان سبباً على مر العصور لتنوع معالمها التأريخية، ومدينة دزفول تتألق فيها كالجوهرة الثمينة بتراثها العريق وآثارها التي تضرب بجذورها في شتى العصور من تأريخ إيران، وبما في ذلك جسرها القديم الذي عمر لأكثر من سبعة عشر قرناً من الزمن.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء - هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
محافظة خوزستان بمساحتها الشاسعة تتصف بميزات فريدة من نوعها من ناحية المناخ والطبيعة الجغرافية، وهذا التنوع المذهل قد أسفر عن تنوع الحضارات في شتى أرجائها ونواحيها واختلاف معالمها في كل بعقة من بقاعها، ومدينة دزفول هي إحدى المدن الأثرية في هذه المحافظة، وفيها جسر هو الأقدم من نوعه حيث يتجاوز عمره 1700 سنة وقد تم تشييده في عهد الملك الساساني شابور الأول الذي سخر الأسرى الرومان آنذاك لبناء هذا الجسر الضخم.
* الموقع الجغرافي
تقع مدينة دزفول شمالي محافظة خوزستان ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر بمقدار 143 م ومساحتها تتجاوز 4762 كيلومتراً مربعاً، وتحتل المرتبة الحادية والثلاثين من حيث الكثافة السكانية في الجمهورية الإسلامية وتعد ثاني أهم مدينة في المحافظة بعد الأهواز التي هي المركز، لذا فهي تحظى بأهمية بالغة من جميع النواحي وما زاد من أهميتها وجود نهر الدز فيها إلى جانب المعالم الأثرية التي تضرب بجذورها في العهود السحيقة.
محافظة لرستان تحد مدينة دزفول من الناحية الشمالية، ومدينة مسجد سليمان ومحافظة جهار محال وبختياري تحاذيانها من جهتها الشرقية، ومن الناحية الشمالية الغربية تجاورها مدينة أنديمشك، ومدينتا شوشتر والأهواز يجاورنها من ناحيتها الجنوبية، والشوش تحدها من الجهة المدينتا شوشتر والأهواز يجاورنها من ناحيتها الجنوبية، والشوش تحدها من الجهة الغربية، كما تبعد عن العاصمة طهران مسافة 700 كم تقريباً في حين أنها تبعد عن مركز محافظة خوزستان أي مدينة الأهواز مسافة 155 كم.
* جسر دزفول التأريخي
نهر الدز هو أحد أهم الأنهار في الجمهورية الإسلامية، وهو بعد أن يمخر نواحي محافظة لرستان يدخل مشارف محافظة خوزستان من بوابة مدينة أنديمشك ومن ثم يواصل طريقه في مدينة دزفول ليلتحق فيما بعد بنهر الكارون في مدينة شوشتر.
لقد حظي هذا النهر منذ سالف العصور بأهمية بالغة لكونه عصب الحياة في تلك الديار، إذ تعتمد عليه الزراعة ويوفر مياه الشرب العذبة طوال أيام السنة لسكنة المناطق التي يمر من خلالها، وفي العصر الراهن أصبح قطباً سياحياً واقتصادياً هاماً في الجمهورية الإسلامية، وإضافة إلى القرى والمدن التي تستقر على ضفتيه في هذه الأيام، فقد كان في سالف العصور ملاذاً للعديد من الأمم لذلك تنتشر على أطرافه الآثار القديمة المتنوعة من حيث الشكل والنوع والتأريخ، ولا أحد ينكر بأن مدينة الشوش الأثرية لم تشيد في العصور الغابرة إلا بفضل مياه هذا النهر الحيوي.
في سنة 260 م أمر الملك الساساني شابور الأول ببناء جسر عظيم يربط بين ضفتي نهر الدز، وقد سخر لذلك الأسرى الرومان الذين كانوا محتجزين في إيران بعد الحروب التي دارت بين الطرفين آنذاك، ويذكر المؤرخون أن عددهم كان يفوق 70 ألف أسير.
يتكون هذا الجسر الأثر من 14 بوابة وتم تشييده بالأحجار الجبلية الصلدة والجبس، حيث اتبعت فيه أساليب معمارية متطورة آنذاك بحيث يتمكن المارة من عبور النهر المتلاطم الأمواج من فوقه كما أن المياه تجري نحو مقصدها من تحته بعد أن تجتاز بواباته الأربعة عشرة.
في العهد الصفوي تم ترميم هذا الجسر الفريد من نوعه، لذا يجده الناظر وكأنه يجمع بين فنون عمارة ثلاث حقب تأريخية تفصلها عشرات القرون، فالدعام السفلى التي يرتكز عليها تجسد النمط الساساني، والأطواق التي تعلو بواباته تعكس فن العمارة الصفوي الجميل، إضافة إلى بعض المعالم الأخرى فيها والتي تجسد العمارة الإسلامية وكذلك نلمس فيه ترميمات أجريت قبل أكثر من ستين عاماً وفي عهد الملك الإيراني رضا شاه بهلوي، ويؤكد المؤرخون على أنه جسر منقطع النظير ولا مثيل له في العالم بأسره.
وقد تم ترميم هذا الجسر عدة مرات، وبما في ذلك عهد الملك عضد الدولة الديلمي والعهد الصفوي والعهد البهلوي، وهو اليوم يعد أحد أبرز المعالم التراثية والسياحية في محافظة خوزستان فهو رغم السيول والزلازل وسائر الكوارث الطبيعية التي عصفت بالمنطقة بقي راسخاً ولم ينهدم.
* إعادة ترميم جسر الدز
أعلن المدير العام لدائرة التراث الثقافي والحرف اليدوية والسياحة في مدينة دزفول السيد حجت الله آريائي عن وجود مشروع لإعادة ترميم هذا الجسر التراثي، حيث قال: الميزانية التي لدينا في دائرة التراث الثقافي لا تكفي حالياً لإنجاز هذا المشروع ونحن بحاجة إلى ميزانية إضافية لكي نبدأ بتنفيذه، وهناك بواشر خير تدل على ذلك ونأمل أن تنطلق عمليات الترميم في أسرع وقت ممكن.
وأضاف: نرجو أن تكتمل عمليات الترميم بأفضل شكل، فهي تشمل إعادة تأهيل الجسر وإصلاح الأضرار الخارجية فيه، وهناك برنامج لإقامة معرض للحرف اليدوية بقربه لكي تكون المنطقة المحاذية له قطباً سياحياً متكاملة المعالم.
وأكد المدير العام لدائرة التراث الثقافي في مدينة دزفول أن هذه المدينة تزخر بالآثار التأريخية في جميع نواحيها ولديها قابليات كبيرة لاستقطاب أكبر عدد من السائحين طوال العام.