لماذا لجأ الغربيون الى اجراء مناورات بالخليج الفارسي؟
الغريب في الامر هو عدم وجود توتر عسكري متصاعد في منطقة الخليج الفارسي وتحديدا بين ايران وجيرانها في هذا الوقت بالذات يستدعي قيام الدول الدخيلة على المنطقة باستعراض العضلات، فلماذا اجريت هذه المناورات وفي هذا التوقيت بالذات؟
خاص / تسنيم - في وقت كان يفترض ان تقلل الدول الغربية وخاصة امريكا من صولاتها وجولاتها في المناطق البعيدة بسبب تراجع دور الغرب في انحاء مختلفة من العالم ومنها الشرق الاوسط، نجد بان 4 دول غربية رئيسية هي امريكا وبريطانيا وفرنسا واستراليا بدأت مناورات بحرية في الخليج الفارسي الاربعاء معلنة انها تهدف لضمان امن الملاحة البحرية والتجارة الدولية وخطوط نقل الطاقة وما شابه ذلك.
المناورات التي تستمر اليوم الخميس ايضا تقودها القوات البحرية البريطانية وذلك في وقت اعلنت ايران انها ستجري في منتصف هذا الشهر ايضا مناورات بحرية ضخمة تجري على بعد الفي كيلومتر من ميناء جابهار في المياه الدولية، لكن الغريب في الامر هو عدم وجود توتر عسكري متصاعد في منطقة الخليج الفارسي وتحديدا بين ايران وجيرانها في هذا الوقت بالذات يستدعي قيام الدول الدخيلة على المنطقة باستعراض العضلات، فلماذا اجريت هذه المناورات وفي هذا التوقيت بالذات؟
المراقب للتطورات الجارية في الشرق الاوسط يرى فيها انكسارا لأهم المشاريع والخطط الغربية وانحسارا للدور الأمريكي بالذات، فالاتفاق النووي مع ايران جاء لصالح طهران وثبّت حقها في تخصيب اليورانيوم رغما عن الارادة الامريكية كما ازداد النفوذ المعنوي الايراني في المنطقة بشكل كبير خلافا لما كان يريده الامريكيون والبريطانيون والاسرائيليون وحلفائهم في المنطقة، اما رياح الحرب السورية فإنها ايضا لم تجري بما تشتهي السفن الامريكية والغربية وبتحرير مدينة حلب ثبت فشل المشروع التآمري على سوريا ومحور المقاومة في المنطقة، وفي العراق ايضا اصبح حلفاء ايران على قاب قوسين او ادنى من تسجيل الانتصار النهائي على الارهاب فيما عادت روسيا الى منطقة الشرق الاوسط من أوسع ابوابها ففرضت معادلة جديدة في سوريا وعززت حضورها عبر تمتين العلاقات مع ايران وتركيا، كما افقدت الصحوة الاسلامية في البلدان العربية ومنها البحرين واليمن صواب الغرب وحلفائه الإقليميين، وكأن المنطقة شهدت انقلابا شاملا في المعادلات والموازين وخرجت فجأة من القبضة الامريكية الغربية التي سيطرت على مجريات الامور لبضع سنين في اعقاب الغزو الامريكي للمنطقة بعد احداث 11 سبتمبر.
كل هذا الإنكسار دفع الساسة الغربيين الى التفكير مجددا بطريقة ما للعودة ثانية الى مسرح الاحداث في المنطقة لعل وعسى يعوضون عن خسائرهم ويعاودون التغلغل في الشرق الأوسط، فاختار هؤلاء العودة من بوابة الخليج الفارسي لعدة اعتبارات منها وجود انظمة حليفة لهم هناك تسمح باتخاذ اراضيها قاعدة للتحرك الغربي الجديد بذرائع مختلفة فرأينا قبل أيام افتتاح مركز اقليمي لحلف الناتو في الكويت، والان مناورات "ترايدنت الموحدة" ، حيث يظن هؤلاء ان استعراض القوة في الخليج الفارسي وفتح بؤرة توتر هناك وتأجيج الأجواء بين الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي وايران يمكن ان يفرض معادلة جديدة في المنطقة ويمنح الغرب بعض نقاط القوة بعد الضعف الذي اصيب به، كما يحفظ عروش حكام ينتفض ضدهم شعوبهم.
ان أمن الملاحة وممرات نقل الطاقة الى الاسواق العالمية والذي تتذرع به هذه الدول الغربية الاربعة لاجراء مناورات بحرية في الخليج الفارسي لم يكن مهددا من قبل ايران بل ان الجهة التي تلقت التهديدات دوما في هذه المنطقة هي ايران التي تنادي على الدوام بايجاد منظومة امنية تشارك فيها الدول المطلة على الخليج الفارسي من دون تدخلات اجنبية.
اما العودة البريطانية المجددة الى الخليج الفارسي برفقة فرنسا هذه المرة واتخاذ لندن لمواقف متطرفة تجاه ايران في الآونة الاخيرة فهي ايضا تندرج في هذا الاطار خاصة بعد ان قللت امريكا من قواتها في الخليج الفارسي في اطار سياسة الذهاب الى شرق آسيا لاحتواء التنين الصيني وايكال مهمة ادارة الامور في الخليج الى الاستعمار العجوز.
هذا وقد اكد وزير الدفاع الايراني العميد حسين دهقان الاربعاء ان المناورات العسكرية الغربية في مياه الخليج الفارسي لن تجدي نفعا، وان سببها هو قلق دول الخليج الفارسي على مستقبلها ومحاولات الغربيين اثبات وجودهم في هذه المنطقة.
/انتهى/