قرية "ورزنه" السياحية في ضواحي أصفهان + صور وفيديو
محافظة أصفهان من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها زاخرة بالمعالم الطبيعية التي تنعش النفوس وتبهج القلوب، كما أنها محفوفة في شتى أكنافها بآثار تأريخية هي الروعة بعينها، وقرية "ورزنه" واحدة من الصور الطبيعية البديعة التي جادت بها يد القدرة الإلهية، فهي كالدرة المتألقة في قلب الصحراء وخاصة في المساء حيث السماء الصافية الرافلة بالنجوم والسكينة معاً.
خاص بوكالة تسنيم الدولية للأنباء- هذا التقرير هو من سلسلة التقارير الخاصة بوكالة تسنيم الدولية للأنباء حول أجمل المعالم الأثرية والأماكن السياحية والدينية في إيران والتي تستقطب سنوياً الملايين من السائحين والزائرين المحليين والأجانب، وهناك الكثير من المناطق التي ما زالت بكراً ولم تشيد فيها مواقع خاصة لتقديم خدمات سياحية لكن يمكن للمتكتشفين ومحبي الطبيعة شد الرحال إليها لاستطلاع معالمها عن كثب والتلذذ بمناظرها الطبيعية والجغرافية الفريدة من نوعها، وإيران هي واحدة من البلدان الأكثر أماناً في العالم وجميع السائحين والزائرين يمضون أوقات ممتعة في أجواء آمنة حين يقصدونها كما أن نفقاتهم المالية أقل بكثير مما ينفقونه فيما لو قصدوا أي بلد سياحي آخر، لذلك فإن أعدادهم تتزايد عاماً بعد عام.
القاصي والداني يعرف حق المعرفة أن محافظة أصفهان روعة جادت بها يد القدرة الإلهية على البشر، فهي تحفة إيران في الماضي والحاضر بطبيعتها الخلابة التي قل نظيرها في العالم وآثارها التأريخية الفذة التي تضرب بجذورها في شتى العصور، فجميع نواحيها من مدن وقرى تمتاز بطابع فريد من نوعه.
* قرية ورزنه
حينما نتجه نحو الحدود الشرقية للمحافظة ونجتاز آخر معالمها من مباني سكنية ومصانع وورش عمل متناثرة هنا وهناك، سوف ندخل في باطن صحراء شاسعة، وبعد أن نمضي 20 كيلو متراً تتراءى لنا قرية صغيرة فيها بعض الدور الصغيرة التي يقطنها بشكل عام كبار السن والكهلة.
الصحراء لها جماليتها الخاصة، فحتى حرارتها اللافحة في وضح النهار تضفي طلاوة خاصة على النفوس وفيها لذة فريدة من نوعها، ولكنها في المساء ترتدي حلة جديدة ليطغى عليها الصمت والسكون وسط سماء صافية رافلة بالنجوم المتلألأة من أقصاها إلى أقصاها، ووسط هذه الأجواء الرائعة تقع قرية "ورزنه" الجمية.
* الموقع الجغرافي
تقع هذه القرية الصحراوية على مسافة 105 كم جنوب شرقي مدينة أصفهان المركز، وهي تعد أقرب منطقة سكنية لمستنقع "گاوخوني" حيث يبعد عنها 30 كم ومن يتجول في أزقتها يتصور وكأنه يطوي مسيرة في عمق التأريخ البشري، ويعتبر البعض هذه القرية بأنها مدينة أيضاً.
* نواعير فريدة من نوعها في إيران
على مقربة من مقبرة الشهداء هناك مفترق طرق جهته اليمنى تؤدي إلى طريق متعرج ينتهي إلى تلال وكثبان رملية، وعلى مسافة 100 م من المقبرة هناك طريق متجهة نحو ناعور "شتر" الذي يعد الوحيد في إيران بنمطه الخاص الذي يعكس طريقة حياة الأسلاف، وبعد هذا الناعور هناك مفترق آخر جهته اليسرى تقود نحو أحد مراقد أحفاد أهل البيت (عليهم السلام) حيث يتخذه السائحين والزائرين كموقع للراحة وأداء الصلوات اليومية عندما يحين وقتها، وهذا المرقد يبعد مسافة كيلومترين تقريباً من الناعور المذكور.
على مسافة 100 م من هذا الضريح المقدس هناك مبنى يسميه السكنة المحليون "گاوگرد" وهو أيضاً فيه ناعور فريد من نوعه في إيران، حيث فيه بئر يتم استخراج الماء منه بواسطة بقرة تدور بناعور مكون من عدة جرات فخارية، وهو يذكرنا بحياة الأسلاف وطريقة استخراجهم المياه قبل الثورة الصناعية ومحركات الديزل، وهذا هو السر في قدرة أجدادنا على مر العصور على مواكبة الحياة في قلب البيداء القاحلة.
وبعد 200 م من هذا المكان وعلى جهة اليسار بالتحديد هناك بئر آخر يتم استخراج الماء منه بنفس الطريقة، أي بواسطة ناعور تديره بقرة تم تدريبها على هذا العمل.
* الرمال الناعمة الجميلة
ومن المعالم الجميلة في منطقة ورزنه، تلك الكثبان والتلال الرملية الناعمة وبما فيها رمال متحركة، وحينما يمخر السائح هذه الرمال الجميلة بمسافة 10 كم تتراءى له معالم الطريق المؤدي إلى مدينة شيراز مركز محافظة فارس، أي طريق "جرقويه" وهذه المنطقة برمتها عبارة عن منظر طبيعي لم تطله يد التغيير البشري، فهي بكر بكل معالمها الصحراوية الجملية ولا سيما أنها تفعم النفوس بطمأنينة وسكون بعيداً عن صخب وضوضاء المدن وشوارعها المزدحمة.
* محط أفئدة الرياضيين وهواة الطبيعة
بعض الشباب والرياضيين يقصدون هذه المنطقة الصحراوية لمزاولة نشاطاتهم الرياضية وهواياتهم المفضلة، مثل ركوب الدراجات الهوائية والنارية وقيادة سيارة السباق والسيارات رباعية الدفع، حيث تكتظ مختلف مناطقها بهؤلاء في فصل الربيع أكثر من أي وقت آخر، ناهيك عن وجود مركز خاص للتحليق وبإمكان السائحين تجربة ركوب الجو عبر استئجار طائرات شراعية برفقة طيار بارع، وهذا الأمر بطبيعة الحال مرتبط بالأوضاع الجوية.
* مبنى أثري على غرار معبد آناهيتا الشهير
لو اجتزنا هذا الطريق الرملي نجد أمامنا طريقاً معبداً طوله 25 كم تقريباً يؤدي إلى قرية دستجرد جرقويه، وعلى جهة اليمين نشاهد مبنى مرتفعاً مكوناً من أربعة إيوانات حيث تم تشييده على مرتفع يجاور ينبوعاً لا تتوقف مياهه عن التدفق طوال أيام العام، وهو يشابه معبد آناهيتا التراثي الشهير في إيران، وهو يضرب بتأريخه في العصور التي سبقت ظهور الإسلام لكونه بني في العصر الساساني بالتحديد.
مهما وصفنا روعة الطبيعة في منطقة ورزنه والمناطق المحاذية لها، فلا يمكن للقارئ الكريم تصور جمال الطبيعة هناك، لذا عليه شد الرحال نحوها ليلمس تلك العظمة الربانية التي تجسدت في قلب بيداء محافظة أصفهان.
/ انتهى/