26 مخطوفاً حررهم الجيش السوري في "القريتين".. كيف أبعد الأهالي أبناءهم عن سكين داعش +فيديو وصور
ستٌ وعشرونَ شاباً اختطفهم تنظيمُ داعشَ بعد أن تسلّل إلى بلدة القريتين الواقعةِ في الريف الجنوبي الشرقيَ لمدينةِ حمص وسط سوريا.. طلابٌ جامعيون وموظفونَ وأطفالٌ لا تتجاوز أعمارهم خمسةَ عشرَ عاماً، ذاقوا أشدّ أنواع التعذيب والتنكيل واتُهموا بالكفر.. ذنبُهم الوحيد أنهم "مؤيدون لدولتهم" أو أنهم خرجوا بمسيرات تهتف بحياة الجيش السوري.
يقول أحد الضباط المشرفين على عملية التحرير: "أثناء متابعة عمليات تحرير مدينة القريتين، ومتابعة المسلحين في الجبال المحيطة، وعند وصول قوة من القوات المتقدمة إلى منطقة تسمى جبل "كحلة" تم رصد مجموعة مكونة من حوالي 25 شخص في أعلى الجبل، وبعد النداء عليهم من بعيد والتدقيق بهم، تبيّن أنهم لا يحملون أي سلاح"
يضيف الضباط: "بعد التحقيق الأولي معهم، تبيّن أن أغلبهم طلاب جامعات وعمال مدنيون، فتمّ تأمينهم بالطعام والشراب واللباس، باعتبار أنهم لم يأكلوا منذ يومين"
ولفت الضابط أن تنظيم داعش "كان يتخذ منهم دروعاً بشرية ويستخدمهم بأعمال السخرة لنقل المسروقات التي نهبوها من مدينة القريتين"
يقول أحد المختطفين لمراسلة تسنيم: "أنا طالب جامعي، قال لي الدواعش: أنت تدرس لدى الدولة وتؤيدهم، وقد خرجت بمسيرة تؤيد الدولة، وضعوا السلاح أكثر من مرة في رأسي وهمّوا بقتلي، كانوا يقولون لي: إذا وجدنا لك صورة في إحدى المسيرات (المؤيدة للدولة) سنقتلك فوراً"
يضيف الطالب المحرر: "قتلوا صديقي الذي كان بجانبي، كما قتلوا شخصين من جيراننا طاعنين في السن، أعمارهم تتجاوز السبعين عاماً، وهناك أطفال شاهدوا صورهم في المسيرة، لا يتجاوز أعمارهم 12 عاماً، قالوا أنهم واعين لما يفعلون، كان الأطفال يحملون صور الرئيس الأسد، لذلك قتلوهم"
يقول الشاب: "هذا العمل يخالف شرع رب العالمين، هم يدّعون الإسلام، ونحن منذ أن خلقنا على هذه الأرض نعرف ما هو الإسلام الحقيقي، هو الطيبة والأخلاق والعطف على الآخرىن.. هذا هو إسلامنا، ليس الإٍسلام هو الغصب والإكراه على كل شيء.. هذا ما حصل عندنا"
شاب آخر يروي لنا تفاصيل ما حدث: "داهموا بيتنا عند الساعة الثامنة صباحاً، خطفوني أنا وأخي، كي نعمل معهم في سرقة المنازل، سرقوا بيوتنا، وأجبرونا على حفر قبورنا، وعذبونا كثيراً"
يضيف الشاب: "هم كفار، نحن كنّا نعيش بأمان ودخلوا علينا وذبحوا أهلنا على مرأى عيوننا، وأحيي الجيش السوري الذي حمى أرواحنا وأمّننا"
نسأل شاباً صغيراً كان مختطفاً: "من أين خطفك عناصر داعش؟ " يجيبنا: "خطفوني منزلي في الساعة السادسة صباحاً، بعد أن وشى عليّ أحدهم، بعدها اقتادوني إلى السجن، وبدأوا بتعذيبي بعصا كهربائية، وهجم عليّ أربع دواعش وبدأوا يضربونني"
نسأله: "كم من الوقت بقيت مختطفاً عندهم" يقول: "بقينا حوالي 25 يوماً مسجوناً عندهم، بعدها أخرجونا إلى الصحراء، وهناك استطعنا أن تقتل أحد الدواعش عراقي الجنسية، وجئنا باتجاه الجيش السوري في منطقة البصيرة"
سألنا إن كان هناك جنسيات أجنبية بين المسلحين، يجيب الشاب: "كان هناك من كل البلدان، من السعودية من مصر والعراق، كانت معاملتهم سيئة جداً"
صبي صغير لم يتجاوز 15 من عمره قال لنا: "خطفني تنظيم داعش من منزلي لأن أعمامي وأقربائي متطوعون في الجيش السوري، وقاموا بتشغيلنا بسرقة المحال، ونهب المنازل وسرقة جرات الغاز والطحين من الفرن والأدوية من المشافي"
يؤكد الصبي: "هناك جنسيات مختلفة بينهم، من الجزائر وتونس والعراق ومنهم من قريتنا أيضاً" نسأله: "كيف كنتم تميزون جنسياتهم؟" يجيبنا: "كنا نميّز جنسياتهم من ألقابهم، فهناك شخص اسمه أبو سليمان، كانوا ينادونه: أبو سليمان السعودي، كما أنّ لهجتهم واضحة بالنسبة لنا
يطلُب المسؤول الأمني في المنطقة اجتماعاً مع الشباب المحررين.. ليخبرهم بأنهم سيغادرون هذا المكان وسيتجهون للقاء أهلهم والعودة إلى منازلهم..
رافقنا الحافلة التي تقّل المحررين المتجهين إلى بلدة القريتين.. والقلوبُ تخفق استعداداً للحظة اللقاء.
ما إن وصولنا إلى ساحة البلدة حتى وجدنا الأهالي ينتظرون أبناءهم بشوق كبير.. حان موعد اللقاء وعناق الآباء والأمهات لأبنائهم.. لتعجز الكلمات عن وصف تلك اللحظات وما يرافقها من مشاعرَ جياشة.
نبارك لأحد الآباء بعودة ابنه سالماً "الحمد لله على سلامة ولدك" يجيب: "سلمكم الله" نسأله: "هل كنت تعرف أين هو ابنك؟" يقول الأب: "لم أكن أعلم عنه أي خبر، اعتقدت أن الدواعش قد قتلوا ابني، لكنّ الله فكّ أسره من أيدي الظلّام المجرمين الكفرة"
أحد الآباء في القريتين يقول: "لدي ابن شاب، أخفيته في مجاري الصرف الصحي حتى لا يأخذه داعش، أصبحنا نخبئ أولادنا بالمجارير حتى لا يكشفهم داعش" يضيف الأب: "الشاب الذي لا يرضى بالخروج مع الدواعش كانوا يقتلونه، أقسم بالله كانوا يطلقون النار عليه أمام أهله، واسألي أهل البلدة كلهم رأوا ذلك، كانوا يطلقون رصاصتين على رأس الشاب ويكملون طريقهم"
يقول الأب منفعلاً: "لا دين لهم على الإطلاق، كل ما حدث لهم خارج عن نطاق العقل، لا أدري كيف لم نصب بالجنون مما رأيناه هنا، نحن نطلب من الجيش السوري والقوات الرديفة أن تحمينا هنا، تحيّة للجيش السوري وتحية للسيد الأسد وتحية للقوات الرديفة كلها"
نقابل إحدى الأمهات في ساحة اللقاء، تقول لنا: "ولداي الاثنان كانوا مخطوفين من قبل داعش، أخذوهم على مرآي مني، أسأل الله أن يلوّع قلوبهم كما لوّعوا قلوب أهالي هذه البلد كلها، أسأل الله بعزه وجلاله أن يحرمهم ضناهم ونظرهم"
تضيف الأم: "الحمد لله رب العالمين، بهمة الجيش السوري عاد أبنائي إليّ"
غصون ماضي - تسنيم - حمص
/انتهى/