مواطن سوري من منطقة الميادين .. قطعوا يدي ورجلي لأني أطعمت أطفالي.. سبعة أشهر من التعذيب قضيتها في أقبية داعش + فيديو
دير الزور/ تسنيم// "أبو محمد" هو مواطن سوري من منطقة "الميادين" جنوب شرقي دير الزور، والذي أمر القاضي السعودي "أبو مسلم الجزراوي" بقطع يده ورجله، وكان ذنبُه الوحيد أنه أطعم أطفاله من القمح الذي صادره "داعش" الارهابي في المدينة.. قصة مرعبة مليئة بالمآسي يرويها أبو محمد، اليكم التفاصيل...
يبدأ أبو محمد قصته بالقلو : السلام عليكم.. هذه هي عائلتي، هذه زوجتي وهذه ابنتي وعندي طفلي يجلس هناك، هذا الذي بقي لدي، طفلي الآخر قتله داعش عندما كان عمره 7 سنوات، دهسوه بالسيارة وتوفي، إلى اليوم يكون عمره 11 عاماً.
يتحدث أبو محمد عن معاناته مع داعش ويقول: "منعوا عنا الزكاة ومنعوا الطعام وأنا لدي أطفال تريد أن تأكل، تريد أن تعيش".
يضيف المواطن السوري : "كان الدواعش يجمعون كل محصول القمح ويضعونه بحوزتهم ويخبئونه، لا يعطوننا حتى حبة واحدة منه، كانوا يحرمون كل المدنيين، إلا الأشخاص الذين كانوا يعملون معهم، كانوا يعطونهم أكياساً كبيرة من القمح، أولئك الأشخاص الذين يعلمون معهم كجواسيس ويوصلون لهم الأخبار عن كل شيء" .
وتابع : "أنا لدي أطفال جياع تريد أن تأكل، خرجت في أحد الأيام إلى مكان القمح الذي خبأه داعش، وأخذت معي وعاءً وسكيناً، شققت الكيس وملأت الوعاء وأحضرت القمح لأطفالي، فكنا إما أن نطحنه أو نطبخه كما هو لأطعم منه أطفالي، إلى أن هجم الكلاب (الدواعش) واقتحموا البيت الذي أسكن فيه، وقاموا بضربي وإهانتي وهجموا عليّ بالسلاح وكانوا يريدون ذبحي وذبح زوجتي أيضاً".
يتابع أبو محمد: "لم يكونوا شخصاً واحداً أو اثنين فقط، بل كانوا يهجمون علينا عشرة أو خمسة عشر رجلاً دفعة واحدة، كالكلاب التي ترى فريسة وتهجم عليها، هكذا كانوا يهجمون علينا"؛ مضيفا : "في المرة الأولى التي جلبت فيها الطعام لأطفالي، قاموا بجلدي، وفي المرة الثانية كذلك، في المرة الثالثة اعتقلوني، بقيت مسجوناً عندهم سبعة أشهر قضيتها بالتعذيب و"الشبح" (تعليق الأيدي إلى الأعلى بواسطة حبال)، أبقى معلقاً يومين وثلاثة وأربعة، كانوا يسقونني ماءً وملحاً فقط".
ويقول المواطن السوري : "في شهر رمضان وفي الوقت الذي كنا فيه صائمين، أحضروا أكياساً سوداء، لم يكتفوا بوضع كيس واحد في رؤوسنا، بل وضعوا عشرة أكياس وكانوا يحكمونها حول أعناقنا ونحن صائمون، لدرجة أن أنفاسنا كادت تنقطع، فنضرب بأرجلنا في الأرض كما تضرب الذبيحة برجيلها عند الذبح".
"وفوق كل ذلك، كانوا يضربوننا بالسياط، وأيدينا مكبلة من الخلف، يضربوننا على ظهورنا، وعلى يميننا وشمالنا وآخرون يضربون على رؤوسنا، ونحن مغمضيو العينين، كان كل من لديهم في المقرات يجتمعون علينا، بعضهم أجانب والبعض من نفس قريتنا.. من كانوا من القرية منهم كانوا يضعون قناعاً على وجهوهم حتى لا نعرفهم، وكانوا يتحدثون بلهجات مختلفة؛ سعودية – تونسية – ليبية – كويتية – عراقية – مغربية حتى يموّهوا بذلك ولا نعرف من هم".
يتابع أبو محمد: "في أحد الليالي عند الساعة الثانية فجراً جاءني أحد القضاة، وطلبني أنا وبعض الأشخاص الآخرين، وسلمني للقاضي الثاني الذي يدعى أبو مسلم الجزراوي، كان سعودي الجنسية.. في اللحظة التي دخلت بها عليه وعيوني مغمضة بقماش ويداي مكبلتان للخلف، باشرني بالقول: "أهلاً وسهلاً.. جئت في الوقت المناسب، أريد أن أحزّ رأسك"! قلت له: "أنت تريد أن تحزّ رأسي؟! قال: "نعم أنا من سأحزّ رأسك، اجلس على ركبتيك"! ولم يسمح لي بالكلام أبداً وقال لي: "اخرس لا أريد أن أسمع منك كلمة واحدة، واسمع ما هو حكمك، لقد حكمت عليك أن تُقطع يدك اليمنى ورجلك اليسرى من خلاف".
عندما انتهى من الكلام، قال لي: "ماذا لديك من كلام الآن"؟ قلت له: "سأقول لك في وجهك أنت وكل من معك في هذا المقر، حسبنا الله ونعم الوكيل منكم" وفي هذه اللحظة بدأوا ينهالون عليّ بالضرب من الخلف بالعصي والسياط وقاموا بسحبي و وضعوني في زنزانة منفردة وأغلفوا كل الفتحات فيها، إلى أن صار الجو داخلها أحر من الجمر".
واستطرد قائلا : "كانوا في كل ساعة يسحبونني إلى التعذيب، لم أكن أعرف طعم النوم حتى لساعة واحدة، وبعد كل هذا التعذيب وبعد مضي سبعة أشهر، في أحد الأيام قبل صلاة الجمعة، أحضروا معهم بعض الأطباء، أخرجوني من الزنزانة وأغمضوا عيناي وأنزلوني من مقرهم باتجاه السيارة، في اللحظة التي صعدت بها السيارة وجدت خشبة موضوعة في الداخل وحاولت النظر إليها من تحت القماش وجدتها مليئة بالدماء، و وجدت بجانبها سيفاً وساطوراً، قال لي أحدهم: ضع القماش على رأسك! قلت لهم: إني لا أرى شيئاً، سألت أحدهم: أنتم تأخذونني الآن كي تذبحوني أليس كذلك؟ قال لي: لا بل سنأخذك للاستتابة (مكان التوبة)"!
يقول أبو محمد: "كنت أحفظ الطريق جيداً حتى لو لم أتمكن من رؤيته، أخذوني من مدينة الميادين وعبرنا جسر الميادين وصولاً إلى قريتي، وبعد أن انتهى الناس من الصلاة وجمعوهم، صغاراً وكباراً، وانتشر بعدها الدواعش كالكلاب يحملون أسلحتهم على أسطح الجوامع وفي الأزقة وحول السيارات، وبدأ أحدهم يقرأ الحُكم من روقة يحملها بيده، بعدها اقتادوني وأجلسوني على كرسي، وكانوا قد خدّروا يدي عندما كنت في السيارة، وضعت يدي على الخشبة، فضربها أحدهم، لم أشعر بأي ألم، ولكن لم يخدّروا قدمي، حتى أتعذب أكثر، وضع أحدهم الساطور وضرب رجلي، فلم تقطع، وعاد وضرها ثانية وثالثة فلم تقطع، فأمر أحد الدواعش أن يمسكوا برجلي جيداً، إلى أن تمكن من قطع رجلي، ورأيت الدم ينفر مني إلى مكان بعيد، بعدها قاموا بلف يدي ورجلي بقماش و وضعوني بالسيارة، وبقيت بعدها من الواحدة ظهراً إلى العاشرة ليلاً حتى خرجت من غرفة العمليات".
يتحيّر أبو محمد وهو يروي قصته: "ماذا أقول لك، لقد قتلوا ابني، وعذبوني وأهانوني، كيف يمكنني أؤمن لقمة العيش لأطفالي؟ لا مشكلة لي إذا متّ أنا، ولكن زوجتي وطفلتيّ وابني الذي بقي لدي، كيف سيعيشون؟ أقسم بالله أننا رأينا ما لم يره أحد قط، ولا أقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم الآن وغداً، أذلونا وأهانونا، كانوا يضربون النساء والصغار والعجائز حتى لوكان عمره مئة عام كانوا يضربونه، لماذا؟".
يختم أبو محمد قائلاً: "الحمد لله وبعونه تعالى وصل إلينا الجيش السوري، واستقبلناه أجمل استقبال، وأسأل الله أن يحمي الجيش ويحمي السيد الرئيس بشار الأسد، وأن ينصرهم على أعدائهم، هؤلاء الكلاب (الدواعش)".
/انتهى/