ماهو المتوقع من سوتشي .. وكيف سيساهم في دعم العملية السياسية السورية على إيقاع المزاجات الدولية
دمشق / تسنيم // استفاقت مدينة سوتشي الروسية اليوم على إعلان بدء أعمال مؤتمر الحوار السوري السوري الذي تستضيفه قاعاتها وسط حضور كبير يضم مكونات مختلفة من الشعب السوري بهدف إطلاق حوار مباشر في سبيل إيجاد الحل السياسي للبلاد.
وفد من الحكومة السورية حضر إلى سوتشي برفقة برلمانيين ورؤساء أحزاب ووفود من المعارضة الداخلية، مصطحبين معهم أكثر من 1400 شخص من الداخل السوري، بينما سُجل حضور خجول لوفد المعارضة الخارجية التي انسحب منها أكثر من 70 من ممثلي الفصائل المسلحة المحسوبة على أنقرة والرياض، وذلك احتجاجا على اتخاذ العلم السوري ذي النجمتين الخضراوين شعارا للمؤتمر ووضعه على بطاقات المشاركة، ليحل الوفد التركي بديلا عن مجموعات المعارضة المنسحبة والتي هي بالاصل مسلوبة الإرادة.
على الرغم من العراقيل التي وضعت أمام انعقاد مؤتمر سوتشي من قبل الحكومة التركية والتي تمثلت بإعلان عمليتها العسكرية باتجاه عفرين وعدوانها المباشر على الأراضي السورية، فضلا عن عدم الرضى الأمريكي عن هذا المؤتمر، لكنّ مراقبين يجدون أنه يؤسس لعملية دستورية تهدف لإنهاء التدخلات الخارجية بغض النظر عمن سيغيب، فالمشاركون على مختلف انتماءاتهم يريدون أن يدفعوا نحو حل سياسي في سوريا. روسيا المصرة على انجاح المؤتمر بالرغم من الفجوة الكبيرة بينها وبين واشنطن والدور التركي السيء؛ وضعت عددا من المبادئ للمؤتمر وأبرزها: "استمرار العمليات العسكرية من أجل القضاء بشكل نهائي على داعش والنصرة وباقي التنظيمات الإرهابية"، وهذا ما سيتوافق عليه السوريون بشكل عام في حين من المتوقع أن يواجه هذا البند اعتراضات من قبل الفصائل المسلحة.
المبدأ الآخر الذي وضعته روسيا هو "مساعدة السوريين في استعادة وحدة البلاد والتوصل إلى حل سياسي للأزمة"، وهو مايتعلق بالعملية الدستورية والمرحلة الإنتقالية، وبالتالي فإن العملية السياسية مرهونة بالنقاشات التي سيُتفق عليها في سوتشي لإعادة نبض المفاوضات السياسية. تدرك معظم أطراف المعارضة أن حلمهم بالعودة إلى سوريا على ظهر الدبابات التركية والأمريكية انتهى للأبد، كما تدرك الدول الإقليمية والدولية التي دعمت ومولت هذه المعارضات أنها نجحت في تحويل سوريا إلى ساحة صراع للجميع وأنهم سيحصلون على حصة من الكعكة السورية وبالتالي فمن غير توافق دولي لايمكن الوصول إلى أي تسوية للأزمة فمن يحاور في سوتشي ليس فقط السوريون وحدهم، إنما المزاج الدولي والإقليمي بالكامل.
ولكن يبقى السؤال هل سيؤثر مؤتمر سوتشي على الحل السياسي في سوريا؟ رئيس الوفد الحكومي السوري الدكتور بشار الجعفري قال إن "هدف سوتشي هو حوار سوري سوري بعيدا عن أي تدخل خارجي" وهذا مايدل على أن الخطوات الميدانية التي حققتها الدولة السورية على الأرض أدخلت العملية السياسية في سوريا مرحلة جديدة وبالتالي يمكن لسوتشي أن يشكل خطوة لبدء حل سياسي جدي خاصة وأن تغيرات في التفاهمات الدولية بدأت تظهر وتؤكد على ضرورة الحل في سوريا، كما أن العدد والتنوع المشارك من كافة أطياف الشعب السوري يعطي سوتشي شرعية ونافذة أمل لجميع السوريين الذين يدركون أن الحوار السوري السوري هو الحل في النهاية، فضلا عن ان وجود طيف سوري داخلي واسع إلى جانب بعض أطراف المعارضة الخارجية سيؤدي إلى كسر حاجز وبناء جسور سورية تمهيدا لعقد حوارات مقبلة ربما تكون مقرها العاصمة دمشق بعيدا عن أي تدخل خارجي.
يؤكد المتابعون لمؤتمر سوتشي أن ما سيسهم في إنجاح أي حوار هو تمييز المشاركين بين الاختلاف السياسي المشروع، وبين العداوات والأحقاد السياسية حتى يقتنع الجميع أن الحل موجود بين أيديهم لإخراج بلادهم من أزمتها. ختاما، تبقى وجهة نظر الكثير من المراقبين للأوضاع الراهنة؛ أن العمليات الميدانية على الأرض هي التي ستفرض الشروط وهي التي سترسم المعالم السياسية لكل الأطراف إن كان في سوتشي أو استانا وحتى جنيف، وهذا بدا واضحا من خلال سياسة الدولة السورية وحلفائها.
/انتهى/