الدكتور نافعة لـ"تسنيم": الامارات راهنت على بن سلمان لكنها اكتشفت ان النتائج لم تكن على مستوى التوقعات.. سيستمر التباعد بين ابوظبي والرياض
أكد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، ان الامارات راهنت على بن سلمان، قائلا، سيستمر التباعد بين الامارات والسعودية، فيما لفت الى ان الامارات تعرف ان هناك تحول لصالح ايران في الازمة.
و أشار استاذ العلوم السياسية والرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريح لمراسل وكالة تسنيم الدولية للأنباء، إلى ان الامارات راهنت على محمد بن سلمان و ترامب ولكن هي اكتشفت في نهاية الولاية الاولى لترامب ان النتائج لم تكن على مستوى التوقعات وبالتالي هي الان تدرك أنها تورطت بشكل او باخر وبدأت تتخذ خطوات صغيرة تؤكد أنها تراجع مواقفها السابقة.
ولفت إلى ان السياسة الامريكية ستتغير اذا حدث تغير في الرئاسة الامريكية. لذلك هذا الوقت هو وقت مراجعة لكن لا نستطيع القول ان هناك تغيير كامل في البوصلة او الاتجاه بالنسبة للامارات.
وأوضح أنه لن يؤدي اتجاه الامارات نحو ايران إلى تحالف اماراتي ايراني ضد السعودية ولكنه قد يقترب اكثر من مواقف دول مثل الكويت وسلطنة عمان.
وبيّن أن قراءة الامارات الحالية تقول ان تغيير السياسات مطلوب ولكن بدون اندفاع واتخاذ خطوات مفاجئة والتمهيد لما هو قادم وليس بالضرورة تغيير التحالفات كلياً، سوف يستمر التباعد بين الامارات والسعودية ولكن لن يحدث بالضرورة تقارب بنفس القدر مع ايران.
وأكد أن الامارات تعرف ان هناك تحول لصالح ايران في الازمة ولكن هي لا تعرف على وجه الدقة ما اذا كان هذا التحول نهائي او ايران ستخرج من الجولة منتصرة ام لا؟.
وشدد على انه من مصلحة المنطقة ابرام اتفاقيات أمنية بين دول الخليج (الفارسي) وايران وهذا سيكون الوسيلة الأنجح في تحويل الامن في الخليج (الفارسي) من قضية دولية الى اقليمية اي تهم دول المنطقة.
وفي ما يلي نص الحوار مع الدكتور حسن نافعة:
تسنيم: بعض المحللين يعتقد ان تغير الموقف السياسي الاماراتي في المنطقة خاصة في تحالفها مع السعودية في اليمن واتجاهها نحو ايران هو لفقدانها الثقة بالولايات المتحدة في منحها الضمانات اللازمة لأمنها واستقرارها الداخلي، هل توافق على هذا التحليل؟
الدكتور نافعة : إلى حد ما، ولكن هل هذا التغير في الموقف الاماراتي هو تغير نهائي؟ أم هو وقفة تعبوية بشكل أو بأخر لإعادة النظر ومن ثم اتخاذ قرار نهائي في هذا الموقف؟ من المعروف ان دولة الامارات ترتبط مع ايران ولها علاقات خاصة جدا وخاصة على الصعيد الاقتصادي، وحتى في اسوء اللحظات والازمات في المنطقة كانت الامارات تبدو حريصة على استمرار العلاقات الاقتصادية بين دبي وطهران، كانت حريصة على استمرار خطوط الطيران، وكانت حريصة على استمرار خطوط اتصال رسمية او شبه رسمية وقنوات اتصال.
من المؤكد ان الامارات راهنت على محمد بن سلمان وايضاً راهنت على ترامب ولكن هي تكتشف في نهاية الولاية الاولى لترامب ان النتائج لم تكن على مستوى التوقعات وبالتالي هي الان تدرك أنها تورطت بشكل او باخر وبدأت تتخذ خطوات صغيرة تؤكد أنها تراجع مواقفها السابقة ما يعكس انها تورطت اكثر مما ينبغي مع محمد بن سلمان الذي بدأ يتراجع وتتراجع فرصه في ولاية العرش ويدخل في مأزق خاصة بعد مقتل خاشقجي.
اذا لم يفز ترامب بالانتخابات- وهذا وارد جدا- فأشياء كثيرة ستتغير في الولايات المتحدة، خصوصا و أن الكونغرس الامريكي بما في ذلك قطاع من الجمهوريين يدفع في اتجاه تغيير سياسة امريكا تجاه السعودية ووقف الحرب في اليمن وأظن ان السياسة الامريكية ستتغير اذا حدث تغير في الرئاسة الامريكية. لذلك هذا الوقت هو وقت مراجعة لكن لا نستطيع القول ان هناك تغيير كامل في البوصلة او الاتجاه.
تسنيم: هل يمكن اعتبار التقارب الاماراتي الايراني ولو كان نسبياً، على أنه يمثل ابتعاداً من قبل الامارات عن السعودية أم لا؟
الدكتور نافعة : هو لن يؤدي إلى تحالف اماراتي ايراني ضد السعودية ولكنه قد يقترب اكثر من مواقف دول مثل الكويت وسلطنة عمان وهو يبتعد عن السعودية ولكن ليس بالضرورة انه يتقارب نفس القدر مع ايران، هو تحرك بطىء لأن المرحلة حاسمة ونهائية، الشهور الستة القادمة ستكون حاسمة، حول اذا ما سيكون ترامب مرشحا قوياً ام لا.
هذه الشهور الستة القادمة تشبه الصندوق الاسود بشكل او بأخر ويحاول كل طرف ان يقرأ ما بداخله وبالتالي قراءة الامارات الحالية تقول ان تغيير السياسات مطلوب ولكن بدون اندفاع واتخاذ خطوات مفاجئة والتمهيد لما هو قادم وليس بالضرورة تغيير التحالفات كلياً، سوف يستمر التباعد بين الامارات والسعودية ولكن لن يحدث بالضرورة تقارب بنفس القدر مع ايران.
تسنيم: هل سينعكس هذا الاتجاه الجديد الذي سلكته الامارات على تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة؟
الدكتور نافعة : هذا يتوقف على قدرة ايران على الصمود، حتى هذه اللحظة تلعب ايران اوراقها بشكل جيد جداً ولكن لا احد يعرف الى اي مدى ستستطيع ايران ان تصمد في مواجهة العقوبات الامريكية وكلما نجحت ايران في الصمود والتحدي وكلما تبين ان الولايات المتحدة الامريكية قررت نهائيا ان لا تدخل بصدام عسكري و أنها ستعيد حساباتها.
الامارات تعرف ان هناك تحول لصالح ايران في الأزمة ولكن هي لا تعرف على وجه الدقة ما اذا كان هذا التحول نهائي او ايران ستخرج من الجولة منتصرة ام لا لان الاستراتيجية الامريكية تتمثل في ممارسة اكبر قدر من الضغط على ايران وبالتالي تأثير العقوبات الاقتصادية والحصار السياسي لن يظهر الا بعد وقت. اظن ان المرحلة القادمة والستة اشهر القادمة ستكون كافية لتتبين مواقف الامارات والدول الاخرى.
تسنيم: هل عسكرة المنطقة من قبل امريكا والسعودية وبريطانيا يمكن ان يؤدي الى استتباب الامن والاستقرار في الامارات ام ان هذه الخطوة ستكون لها نتائج عكسية على الامن والاستقرار في الامارات حيث ستكون الامارات ضحية لأي مواقف غير مدروسة ستصدر من قبل واشنطن والرياض؟
الدكتور نافعة : ليس هناك عسكرة في المنطقة من دون السعودية فهي تابعة وليس لها سياسة خارجية مستقلة عن أمريكا وبالتالي المشكلة هي في التواجد الامريكي والبريطاني والغربي بشكل عام، هذه قضية تهم النظام الدولي ككل، كيف ستتصرف روسيا والصين؟ وكيف سيتركان المنطقة للنفوذ الامريكي بالكامل؟ هذا مستبعد في واقع الامر، لكن في جميع الاحوال، من مصلحة الامن في المنطقة ان لا تتوغل القوات الامريكية والغربية ومن مصلحة المنطقة ابرام اتفاقيات أمنية بين دول الخليج (الفارسي) وايران وهذا سيكون الوسيلة الانجح في تحويل الامن في الخليج (الفارسي) من قضية دولية الى اقليمية اي تهم دول المنطقة.
أنا شخصياً من انصار ان يكون هناك حوار سياسي شامل بين ايران والدول العربية وان يكون هناك اتفاق على نظام للأمن في المنطقة وخاصة الامن في الخليج (الفارسي) والمضيق وفي منطقة البحر الاحمر وباب المندب لأن هذا يؤثر على دول اخرى كمصر.
اتمنى ان يكون للدول العربية الوعي والرؤية الاستراتيجية ما يدفعها لاتخاذ خطوة للتقارب مع ايران وابرام اتفاق مع ايران يكون ضاغطا على الوجود الامريكي والبريطاني في المنطقة. الامن في هذه المنطقة يشكل وحدة واحدة وأمن منطقة قناة السويس وباب المندب لا ينفصل ابدا عن امن مضيق هرمز.
تسنيم: في القانون الدولي هل يحق لأمريكا وبريطانيا وفرنسا ان تتدخل في أمن الخليج الفارسي؟
الدكتور نافعة : للأسف العلاقات الدولية لا تدار بالقانون الدولي والدول لا تلتزم دائماً في قواعد القانون الدولي لذلك منطق القوة هو المنطق الغالب وفي جميع الاحوال عندما يتعلق الامر بأعالي البحار من حق كل الدول في أعالي البحار التواجد لكن هذا التواجد يجب ان يكون مساعدا على تنمية العلاقات الودية بين الدول ولا يساعد على اثارة الاضرابات والحروب.
حاوره / سعيد شاوردي
/انتهى/