خاص/ تسنيم.. الضفة الغربية؛ عمليات مقاومة تهز كيان الاحتلال ومستوطنيه
تصاعدت الأحداث الميدانية في الضفة الغربية بشكل لافت خلال الأيام القليلة الماضية، واخذت منحى غير مسبوق، سواء على صعيد الاعتداءات الاسرائيلية وهجمات المستوطنين، بالمقابل سطرت المقاومة الفلسطينية انجازات ملفتة، في منطقتي نابلس وجنين على وجه الخصوص.
الحدث الأبرز، والذي قلب المعادلة راسا على عقب، تمثل بما يمكن وصفه "معركة العبوات الناسفة" يوم الاثنين الماضي التاسع عشر من الشهر الجاري، والتي ابدعت فيها المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين، عندما حولت الأرض إلى جحيم تحت أقدم جنود الاحتلال وآلياته المصفحة، جراء شدة الانفجارات التي استهدفتها، في كمين محكم. وأقر الاحتلال بإصابة 7 جنود إسرائيليين، أحدهم بجراح خطيرة، كما أن سبع مركبات تعرضت للإعطاب واستغرق سحبها إلى خارج مخيم جنين ساعات طويلة، شارك بها وحدات قتالية اسرائيلية.
ولم يعهد جيش الاحتلال سابقًا مواجهة سيناريو مماثل في الضفة؛ إذ كانت تقتصر المقاومة على الاشتباكات المسلحة بالرصاص أو العبوات بدائية الصنع. لكن عبوات جنين اعادت تسليط الضوء على المحاولات التي بذلت خلال العقد الأخير من أجل الوصول إلى هذه المرحلة. وتدفع الاحتلال لاستخدام الطائرات الحربية، وهو ما يعني تدشين لمرحلة جديدة عنوانها أن الاقتحامات الإسرائيلية في الضفة ستكون أكثر كلفة من الآن فصاعدًا.
قال القيادي في جنين جمال حويل في تصريح "لوكالة تسنيم" بأن كل المعارك هي لغته، وهو جرّب اللجوء مرة واحدة ولن يجربه مجدداً، فمخيم جنين لن يتعب.
ولم يكد أهالي جنين يوارون شهدائهم الستة، الذين قضوا برصاص الاحتلال في ذلك اليوم العصيب، حتى ضربت المقاومة من جديد، لكن هذه المرة في جنوب مدينة نابلس، حيث نفذ الشهيدان القساميان مهند شحادة وخالد صبّاح وكلاهما من قرية عوريف الواقعة جنوب مدينة نابلس عملية اطلاق نار مزدوجة في محطة محروقات تابعة لمستوطنة "عيليه" المقامة على الطريق الخارجي الرابط بين نابلس ورام الله، فقتلا اربعة مستوطنين وأصابوا اربعة أخرين
وقال محمد جعص نجل الشهيد امجد جعص في حديث "لتسنيم" ان الاحتلال يستهدف الكل الفلسطيني من صحفيين ومسعفين ومدنيين ومشافي. عندما قالوا لي والدك أصيب بالرصاص ذهبنا للمشفى فوجدته بحالة صعبة حتى اعلن عن استشهاده.
وفي وقت تراشقت الأذرع الأمنية الاسرائيلية بينها الاتهامات بالتقصير وعدم توقع العملية ومحاولة منعها، فإنها تعزز من خيبة الاحتلال وتؤكد على ضعفه وتهاوي منظوماته الاستخباراتية التي فشلت فشلا ذريعا أمام شابين يحملان بنادق بدائية، لكنهما يتسلحان بإرادة فولاذية.
حاول المستوطنون ترميم صورتهم المتهاوية، والانتقام لقتلاهم، فلم يجدوا سوى القرى والبلدات الفلسطينية لينفذوا هجوم على العديد منها، فقد استهدفوا التجمعات السكانية في جنوب نابلس على وجه الخصوص، مثل حوارة واللُبّن الشرقية والغربية وعوريف مسقط راسه الشهيدين، لكن الهجوم الاشرس تعرضت له بلدة ترمسعيا شمال شرق مدينة رام الله، أمس الأربعاء، حيث احرقوا العشرات من المنازل والمحال التجارية والمركبات، واطلقوا الرصاص صوب البيوت والمواطنين واستشهد أحد شبان البلدة بعد إصابته برصاصة في صدره. في ساعات المساء، كانت عوريف تتعرض لهجوم مماثل، قبل أن يتمكن الفلسطينيون من ردهم وإجبارهم على التقهقر والعودة من حيث اتوا، وهم مثخنين بالجراح.
وقال أحد المواطنين الذين تعرض منزله للحرق على يد المستوطنين في ترمسعيا ان المستوطنين هاجموا البلدة باعداد كبيرة ومدججين بالسلاح وحرقوا المنازل والمركبات والاراضي الزراعية وارتقى شاباً برصاصهم، وهذا كله تحت حماية مشددة من جيش الاحتلال الذي منع مركبات الاسعاف والدفاع المدني من مساعدة المواطنين.
ورغم أن فاتورة الدماء ارتفعت إلى نحو 180 شهيدا فلسطينيا منذ بداية العام الجاري، معظمهم من جنين ونابلس، إلا ان أعداد القتلى في صفوف الاحتلال والمتسوطنين وصلت إلى مستويات غير مسوقة مقارنة بالاعوام الماضية، فقد أكدت الاحصائيات أن 26 إسرائيليا قتلوا والمئات جرحوا في الفترة ذاتها.
وسط هذا كله لا شك أن المستوى الأمني والعسكري الإسرائيلي سيعيد حساباته بين الإقدام على حملة عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة، والاكتفاء بحملة محدودة تركّز على جنين ونابلس، وربما تحسين العلاقة مع السلطة الفلسطينية وحثها على تنفيذ اعتقالات، تخفف من حدة تدخل جيش الاحتلال وتوغله في أرجاء الضفة.
/انتهى/