الخارجية الإيرانية تعقد ملتقى "دراسة العالم والنظام العالمي الجديد في أفق 2050"
عُقد ملتقى "دراسة العالم والنظام العالمي الجديد في أفق 2050" بمركز الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن ملتقى "دراسة العالم والنظام العالمي الجديد في أفق 2050" عقد اليوم الثلاثاء بحضور ومشاركة محمد حسن شيخ الإسلامي، رئيس مركز الدراسات السياسية، في مقر المركز التابع لوزارة الخارجية.
وتحدث شيخ الإسلامي عن الملتقى قائلاً: الفاعلون في السياسة الخارجية يعملون ضمن بيئة أكبر، بغض النظر عن رغبتهم في ذلك، ونتائج أعمالهم مؤثرة. ومن الضروري فهم البيئة الحالية والمستقبلية وفهم السيناريوهات المختلفة.
وأضاف رئيس مركز الدراسات السياسية: اليوم، يعتبر تحليل البيئة ودراسة العالم من أهم المهام التي يتولاها منظرو السياسة الخارجية. جميعنا نشعر بالتغيرات المستمرة، ونواجه شعوراً باللايقين يشغل عقولنا. فالفاعل الذي لا يعرف البيئة التي يعمل فيها محكوم عليه بالفشل مسبقاً.
وأشار إلى أن عملية اتخاذ القرار في وزارة الخارجية ينبغي أن تكون مدركة للسيناريوهات المستقبلية، فالفاعلون الأكثر نجاحاً هم الذين يفهمون البيئة المحيطة بهم، وإيران لا تُستثنى من هذه الضرورة على المستوى الإقليمي والعالمي.
وأكد رئيس المركز قائلاً: هناك حالياً عدة رؤى حول النظام المستقبلي. النظام الدولي يقوم بمراجعة آلياته لمواجهة التهديدات المحتملة. يُتوقع حدوث إعادة ضبط للنظام الحالي، مع استمرار النظام الليبرالي العالمي باعتباره الإطار السائد. هذا هو رأي المفكرين الغربيين الذين يرون أن التحدي الحالي يماثل التحديات السابقة، وأن النظام الحالي يمتلك الآليات اللازمة لمواجهته.
وأشار إلى أن المقاربة الثانية تقبل بحدوث تغييرات على المستوى العالمي، حيث يتجه العالم نحو نظام جديد بعد انهيار النظام الحالي، وستشهد هرمية القوى تعددية أكبر، مع حركة نحو نظام متعدد الأقطاب. بعض المفكرين الصينيين والروس والهنود يتبنون هذا الرأي.
وأضاف شيخ الإسلامي: يرى أصحاب المقاربة الثالثة أن عمق التغييرات سيكون أكبر، وستتغير بنية النظام الدولي بالكامل، بحيث تقوم أسس وقيم جديدة تحكم العلاقات المستقبلية. بمعنى آخر، سينشأ نظام يعتمد على فلسفة وقيم مختلفة عن الليبرالية.
وتابع: أما المقاربة الرابعة، فتنطلق من نظرية اجتماعية في العلاقات الدولية، حيث لا تكون الدول بالضرورة الفاعل الرئيسي، بل المجتمعات. يتصدر الفاعلون الاجتماعيون الساحة العالمية، وتكون القوة مدنية الطابع، تكنولوجية وثقافية بالأساس. هذه القوة الثقافية ستشكل النظام الدولي بشكل شبكي.
وأضاف، المقاربة الخامسة، رغم طبيعتها التشاؤمية، تستحق الانتباه بشكل خاص، خاصةً مع ظهور بعض ملامحها خلال العام الأخير. تعتقد أن النظام الدولي يتجه نحو نظام قائم على الفوضى أو "الأنارشية"، حيث تضعف فيه المبادئ والمعايير القائمة على الإجماع نتيجة تآكل النظم التنظيمية الحالية وفقدانها للفعالية. ويعود ذلك إلى غياب التفاهم الأساسي وعدم وجود توافق بين الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية، مما حال دون تأسيس مؤسسات ومبادئ جديدة تحكم العالم. في هذه الظروف، على الرغم من أن الجهات الفاعلة قد تلجأ إلى أساليب مثل التعددية الجزئية، التحالفات الموضوعية، وتأمين الذات، إلا أنه قد لا يظل هناك أي مبدأ يضمن بقاءهم وأمنهم سوى الاعتماد على الذات.
هذه بعض الرؤى حول التحولات الراهنة والمستقبلية في مجال السياسة العالمية. بغض النظر عن قبولنا لأي من هذه الرؤى أو طرح رؤى جديدة، هناك عدة عناصر رئيسية تتسم بها التحولات الحالية:
- تزايد الأهمية الجغرافية للمناطق،
- زيادة قدرة الجهات الفاعلة الإقليمية على التأثير وتشكيل الديناميات الإقليمية،
- تنامي الفرص لاعتماد نهج أكثر تنوعاً في اختيار الشركاء بناءً على مجالات التعاون الموضوعي،
- التركيز على سياسات الحماية وتعزيز القدرات الوطنية والإرادة،
- تآكل المفهوم التقليدي للقطبية وتغير مفهوم التسلسل الهرمي بناءً على قدرات جديدة.
وفقاً لسيناريوهات المستقبل المتعلقة بالبيئة الدولية وآفاقها، يجب أن تمتلك السياسة الخارجية رؤية واضحة؛ ينبغي أن تعرف أين هي الآن، وكيف تتأثر بالتغيرات البيئية، وكيف ستستجيب لها، وما هو الوضع الذي تخطط له في المستقبل لتحقيق رؤية مثلى. الجهات الفاعلة الناجحة هي تلك التي تمتلك القدرة على صياغة الروايات والمشاركة الفعالة في العمليات والروايات الناشئة، بالإضافة إلى امتلاك القدرة على تصميم اللعبة ثم ممارستها وفقاً لمصالحها الحيوية.
تتمتع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بميزة كبرى في هذه الديناميات الكبرى، وهي استقلالها السياسي؛ فهي لن تكون أداة لقوة أو مجموعة من القوى. لقد دخلت إيران في الأطر الجديدة الإقليمية والعالمية، وهي تحدد مستوى نشاطها ليس إقليمياً فقط بل عالمياً. لذا، من المهم أن نحصل على فهم واضح وصحيح لآفاق العالم في العقود القادمة، كي نخطط لمكانة إيران ونحدد السيناريوهات لتحقيق تلك المكانة.
ستقود الحكومة الرابعة عشرة السياسة الخارجية بفهم شامل ومترابط للظروف البيئية وأدوات القوة الإيرانية، بحيث تكون الأمن والمصلحة الوطنية هي محور سياستها وخطها الأحمر. في هذا السياق، سنتفاعل مع جيراننا ونطور نشاطاً مشتركاً إقليمياً، كما سنوسع نطاق النشاط الدولي لإيران. إن القوة الحقيقية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تستند إلى فهم التحولات البيئية ومساحات التفاعل، المنافسة، والمواجهة، وهذا سيوجهنا في سياساتنا.
/انتهى/