فوضى عارمة في شمال فلسطين/ صواريخ حزب الله تشل حيفا
وصفت مراكز بحثية ودوائر صهيونية الوضع الحالي للجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة في ظل الهجمات المتكررة لحزب الله بأنه "مروع ومثير للجنون"، مشيرة إلى أن حزب الله أصبح من يحدد ساعات نوم الإسرائيليين، ويوقظهم كل صباح بصوت صفارات الإنذار.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأنه مع استمرار وتوسع عمليات حزب الله ضد الصهاينة في شمال فلسطين المحتلة وحتى وسطها، أعرب "يونا ياهف"، رئيس بلدية حيفا، اليوم الثلاثاء عن قلقه العميق بشأن تواصل الهجمات المكثفة لحزب الله على هذه المدينة المحتلة، معلنًا أن حيفا تعرضت لخسائر اقتصادية غير مسبوقة.
الحياة في حيفا مشلولة
وأضاف هذا المسؤول الصهيوني قائلاً: "كل شيء هنا (في حيفا) توقف؛ الشوارع فارغة والمحلات مغلقة".
وحذر الجيش الإسرائيلي، مشددًا على أنه إذا تعرضت حيفا لضعف اقتصادي، فإن هذا سيؤثر على إسرائيل بأكملها، وأن إسرائيل ستكون قوية فقط إذا كانت جبهتها الشمالية قوية.
من جهة أخرى، أجرى مركز دراسات وبحوث بارز تابع للكيان الصهيوني دراسة حول حجم ونوعية هجمات حزب الله ضد هذا الكيان خلال الشهر الماضي، وأكد أن هجمات حزب الله وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة، وأصبحت الطائرات المسيرة التابعة للحزب ورقته الرابحة.
وفي هذا السياق، أشار مركز أبحاث "ألما" التابع للكيان الصهيوني إلى أن وتيرة عمليات حزب الله خلال الشهر الماضي ازدادت أربعة أضعاف، حيث استهدفت هذه الحركة غالبية المناطق الحدودية لإسرائيل (فلسطين المحتلة)، ووسعت هجماتها لتصل إلى مناطق أبعد.
هجمات حزب الله ستزداد حدة
وذكر موقع "والا" العبري، نقلًا عن هذا المركز الصهيوني، أن حزب الله كثف هجماته على إسرائيل في شهر أكتوبر الماضي أربع مرات مقارنةً بالأشهر التي سبقت بداية الحرب. ومع توسع أنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان، أُطلقت حوالي 300 صاروخ باتجاه مناطق شمال إسرائيل (فلسطين المحتلة)، في أماكن لم تصدر الحكومة أوامر بإخلائها سابقًا، ومن المتوقع أن تزداد حدة هذه الهجمات في المستقبل.
وأشار التقرير إلى أن حزب الله تبنى أكثر من نصف العمليات التي نُفذت ضد إسرائيل، بحيث وصل متوسط عدد عمليات حزب الله منذ أكتوبر 2023 إلى 270 عملية شهريًا. وقد أسفرت هجمات حزب الله في أكتوبر الماضي عن مقتل 54 شخصًا، بينهم 40 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا، بالإضافة إلى 10 مستوطنين في الجبهة الشمالية.
الطائرات المسيرة هي الورقة الرابحة لحزب الله
وأكد مركز "ألما" في تقريره أن 54% من عمليات حزب الله نُفذت في مناطق قريبة من الحدود على مسافة 5 كيلومترات، فيما استهدفت 18.6% منها القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان. كما وسع حزب الله نطاق هجماته الصاروخية التي استهدفت بشكل أساسي المستوطنات الحدودية.
ووفقًا للتقرير، نفذ حزب الله في أكتوبر 12 هجمة على تل أبيب ومنطقة "غوش دان"، و25 هجمة على حيفا، و21 هجمة على منطقة الكريوت شمال حيفا، و17 هجمة على كرمئيل، و21 هجمة على نهاريا، و29 هجمة على صفد ورأس الناقورة.
وأكد باحثان صهيونيان في مركز "ألما"، تَل بري ودانا فولك، أن الصواريخ هي السلاح الأساسي لحزب الله ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لكن الطائرات المسيرة تُعتبر الورقة الرابحة للحزب، حيث تخدم استراتيجية الاستنزاف ضد إسرائيل. فمع إطلاق طائرة واحدة، يفر الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ.
خوف المهجرين الصهاينة من العودة إلى الشمال
من جهة أخرى، عبّرت وسائل إعلام صهيونية عن قلقها بشأن الأوضاع المضطربة في شمال فلسطين المحتلة وسط الحرائق المستمرة والواسعة نتيجة الهجمات الصاروخية لحزب الله، مشيرةً إلى أن سكان المناطق الشمالية المهجرين منذ شهور لا يرغبون في العودة.
وذكرت القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي أن حزب الله أطلق في نهاية الأسبوع الماضي 400 صاروخ باتجاه المناطق الشمالية لإسرائيل (فلسطين المحتلة)، وأن السكان لا يرغبون في العودة إلى منازلهم خوفًا من الصواريخ والطائرات المسيرة.
حزب الله يحدد مواعيد نوم واستيقاظ الإسرائيليين في حيفا
في هذا السياق، قال "غاعي آموسي"، وهو عقيد احتياط في الجيش الإسرائيلي ومسؤول سابق في منظمة الدفاع الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي يعلن عن الانتصار على حزب الله، رغم استمرار سماع صفارات الإنذار في تل أبيب. وأصبحت أصوات صفارات الإنذار جزءًا من الحياة اليومية للإسرائيليين، مما يشير إلى وضع خطير ومثير للجنون.
من جهة أخرى، صرح "أوريل واكنين"، رئيس لجنة الطلاب بجامعة حيفا، أن الطلاب يخشون الحضور إلى الجامعة بسبب الهجمات وانعدام الأمن. وأضاف أن طريق الجامعة يُعتبر خطيرًا على الطلاب بسبب الهجمات الصاروخية المتكررة من لبنان، خاصةً وأن حزب الله أعلن أن حيفا على رأس أهدافه.
ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن مستوطن صهيوني في حيفا قوله: "لقد تخلصنا من الحاجة إلى ساعة منبه؛ لأن حزب الله هو من يحدد وقت استيقاظ سكان حيفا، حيث نستيقظ كل يوم حوالي الساعة السابعة صباحًا على صوت صفارات الإنذار، ونضطر للهرب إلى الملاجئ بملابس النوم".
وأشار "أوهات خمو"، مراسل الشؤون العربية في القناة 12 الإسرائيلية، إلى أن أحدًا في إسرائيل لا يتوقع أن تتوقف هجمات حزب الله، ومن الواضح أننا سنشهد تصعيدًا مستمرًا، مما يجعل من السابق لأوانه عودة المهجرين إلى المناطق الشمالية.
أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فأشارت إلى أن المستوطنين في الشمال لا ينتظرون إعلان الجيش الإسرائيلي للسماح لهم بالعودة، بل يحتاجون إلى ضمانات أمنية. وتظهر الأدلة أن حزب الله احتفظ بقدرته الصاروخية كاملةً، وحتى بعد انتهاء هذه المعركة، ستظل الجبهة الشمالية عرضة للخطر، ومن غير الممكن العودة الآن.
بدوره، انتقد "أفيخاي سترن"، رئيس بلدية كريات شمونة، الوضع المضطرب في شمال فلسطين المحتلة في ظل المعركة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، حيث رد على تصريحات "هرتزي هليفي"، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي دعا إلى تجهيز المستوطنات الشمالية لعودة المهجرين، قائلاً: "الطريق لعودة المهجرين طويلة جدًا".
وأكدت القناة 12 الإسرائيلية أيضًا أنه حتى بعد انتهاء هذه الحرب وعودة المهجرين، لن تتمكن المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من ضمان عدم إطلاق صواريخ من لبنان. في الوقت الحاضر، سكان المستوطنات الشمالية غاضبون جداً، وادعاءات قادة الجيش الإسرائيلي حول توفير الظروف لعودة اللاجئين، وسط وابل صاروخي متواصل من حزب الله، تجعل سكان هذه المستوطنات المستوطنات أكثر غضبا.
/انتهى/