دابق شمال حلب.. معركة بلا دماء وورقة جديدة في جيب التركي
"سنغزو العالم بعد دابق".. عبارة نطق بها زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في تسجيل صوتي له قبل عام تقريباً، ليأتي اليوم الذي ينسحب فيه التنظيم من دابق دون أن يطلق رصاصة واحدة.
تحتل بلدة دابق السورية، مكانة بارزة لدى تنظيم "داعش" الإرهابي، لدرجة إطلاقه مجلة تحمل اسم البلدة تصدر باللغة الإنكليزية هدفها نشر أخبار معارك التنظيم والترويج لأفكاره ومعتقداته، فدابقُ في عُرف "داعش" هي البلدة التي ستشهد في آخر الزمان "الملحمة الكبرى بين المسلمين والصليبيين"، كما أن لدابق بعداً تاريخياً أيضاً، ففيها جرت معركة "مرج دابق" منذ 500 عام بين العثمانيين والمماليك والتي انتهت بانتصار العثمانيين لتكون هذه المعركة مقدمة لضمّ كامل سوريا لحضن الدولة العثمانية لمدة تجاوزت 400 عام.
وما يزيد من أهمية هذه البلدة بالنسبة لداعش هو استقدامه حوالي 1200 مقاتل، جلب 200 منهم من جبهات حمص، كما استقدم 1000 آخرين من خارج سوريا إلى مدينة الرقة قبل أن يرسلهم إلى دابق ليعزز بذلك من تواجده فيها، لكنه أعلن اليوم انسحابه منها وسط ذهول المراقبين الذين توقعوا حرباً طاحنة مع فصائل المعارضة السورية المدعومين بشكل مباشر من الجيش التركي بما سمي عملية "درع الفرات"، حيث سبق هذا الانسحاب تصريح لزعيم داعش أبو بكر البغدادي نشرته "مجلة دابق" قبل نحو أسبوع، قال فيه "ليست هذه معركة دابق الكبرى التي ننتظرها" ليعطي بذلك مسوغاً لمقاتليه بالانسحاب دون حرج.
الانسحاب السريع لداعش من البلدة أثار شكوكاً كثيرة حول التنسيق بين التنظيم والجيش التركي، الذي يسعى لإنشاء "منطقة آمنة" شمال سوريا حسب تصريحات وزير الدفاع التركي فكري إيشيق الذي أعلن أن عملية "درع الفرات" تمكنت من "تطهير" منطقة بطول 90 كيلومتراً وعمق 20 كيلومتراً من تنظيم "داعش" على طول الحدود التركية السورية، مضيفاً أن الجيش التركي عازم على التقدم حتى عمق 45 كيلومتر.
التصريحات التركية تزامنت من تصريح المسؤول العام لفرقة "السلطان مراد" التابع لميلشيا الجيش الحر "أحمد عثمان" والذي أعلن أن "الخطوة التالية لقوات "درع الفرات" بعد السيطرة على دابق ستكون مدينة الباب شرقاً، من ثم التوجه لفك الحصار عن مدينة حلب"، ما يضعه وجهاً لوجهة في مقابل الجيش السوري، حيث أعلن عثمان أنه لا يوجد خطوط حمراء تمنع الفصائل المسلحة من الاشتباك مع الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" في حال باتوا على تماس معهم، مصرحاً أن الفصائل لن تلتزم بأي خطوط حمراء تمنعهم من المشاركة في عملية فك الحصار عن مدينة حلب، واستعادة القرى والمدن التي سيطرت عليها "قوات سوريا الديمقراطية" في ريف حلب الشمالي في المراحل القادمة بعد مدينة الباب.
التصريح المباشر بقتال الجيش السوري وسعي الفصائل لفك الطوق عن عناصر تنظيم "جبهة النصرة" المحاصرين من قبل الجيش في الأحياء الشرقية لحلب، كل ذلك يزيد من الشكوك حول نوايا تلك الفصائل التي يصفها التركي بأنها "معتدلة"، وهي في الوقت نفسه تسعى لفك الحصار عن تنظيم وصفه وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو قبل يومين بالإرهابي، مطالباً إياه بالخروج الفوري من أحياء حلب الشرقية، لتتعزز بذلك فكرة ألا وجود لفصيل معتدل على الأراضي السورية بل جميع الفصائل ترتبط ببعضها بأجندات إقليمية ودولية.
يذكر أن بلدة دابق تقع في منطقة أعزاز على بعد 10 كيلومترات من الحدود التركية وحوالي 45 كيلومتراً عن شمال شرق مدينة حلب، ضمن حدود ما يسمى "المنطقة الآمنة" التي تسعى تركيا لإنشائها شمال سوريا، وهي بلدة صغيرة نسبياً يبلغ عدد سكانها 3000 شخص، إلا أنها تحوز على أهمية معنوية كبيرة بالنسبة لتنظيم "داعش.
/انتهى/