ما هو عيد النوروز في إيران وعاداته؟

ما هو عید النوروز فی إیران وعاداته؟

يبدأ اليوم العام الإيراني الجديد 1404 ووفقًا لهذا التقويم، يحتفل الإيرانيون القدماء بقدوم الربيع من خلال عيد النوروز، وهو عيد يتميز بطقوس وعادات جميلة ومميزة.

وكالة تسنيم الدولية للأنباء - نظرًا لأهمية العائلة في الثقافة الإيرانية، تجتمع الأسرة عند حلول العام الجديد حول "سفره هفت سين" (مائدة النوروز ذات العناصر السبعة التي تبدأ بحرف السين). وعند الإعلان عن بداية العام الجديد (اليوم عند الساعة 12:30 ظهرا)، يتبادل أفراد الأسرة التهاني، ويتمنون لبعضهم عامًا مليئًا بالصحة والسعادة والنجاح. كما يمنح الكبار العيدية للصغار تعبيرًا عن البركة والمحبة.

ترتيب "هفت سين" في عيد النوروز

يُعدّ تحضير مائدة العيد من التقاليد المشتركة في احتفالات رأس السنة الإيرانية، وتُعرف هذه المائدة في إيران باسم "هفت سين". وتتألف عناصرها من قسمين:

عناصر رمزية: تشمل الثوم (سير)، والنقود (سكة)، والسمنو (حلوى مصنوعة من القمح)، والسبزة (نباتات خضراء ترمز للحياة)، والقرآن الكريم وغيرها.

عناصر غذائية مخصصة للضيافة: تشمل مختلف أنواع المكسرات، والحلويات التقليدية والحديثة.

يُعد "سفره هفت سين" الرمز الأساسي للنوروز، حيث يحتوي على سبعة عناصر غذائية أو نباتية تبدأ جميعها بحرف السين، وتحمل معاني البركة والخصوبة والتجدد.

مائدة "هفت سين" وعناصرها

تتكون مائدة "هفت سين" من سبعة عناصر تبدأ بحرف السين، ولكل منها رمزية خاصة:

سنجد: يرمز إلى الحب والارتباط، وهو مرتبط بالملاك "خورداد".

سيب: يمثل الطهارة والأنوثة والخصوبة.

سبزه: يرمز إلى العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة.

سمنو: يرمز إلى الوفرة والرزق، ويرتبط بالملاك "شهريور".

سير: يرمز إلى القوة والحماية، وهو مرتبط بالإله "أهورامزدا".

سركه (الخل): يمثل الخلود ويرمز إلى الإله "أمرداد".

سماق: يرمز إلى المطر، ويرتبط بالإله "بهمن".

إلى جانب هذه العناصر الأساسية، تُزين المائدة بأشياء أخرى مثل القرآن، المرآة، الشموع، البيض الملون، السمك الذهبي، ماء الورد، العملات المعدنية، وأحيانًا الخبز والخضروات، وكلها تعبر عن الأمل والنقاء والبركة في العام الجديد.

الأطعمة التقليدية في ليلة النوروز

في العصور الماضية، كان تناول الأرز (البولو) في ليلة النوروز من العادات النادرة والمميزة، حيث لم يكن متاحًا للجميع طوال العام. كان الناس يُهدون هذا الطعام للفقراء، والحلاقين، وعمال الحمامات، ورؤساء القرى، ورجال الدين.

أما اليوم، فتختلف أطعمة النوروز حسب المناطق. ومن أشهر الأطباق التي يتم تحضيرها:

رشته پلو: طبق يتكون من الأرز مع المعكرونة الخاصة، ويُزين بالتمر والزبيب المقلي، ويُعتقد أن تناوله في رأس السنة يساعد العائلة في "إمساك زمام الأمور" طوال العام.

سبزي پلو مع السمك الأبيض: يُعتبر طبقًا شائعًا في بعض المناطق، حيث يرمز إلى بداية جديدة مليئة بالحياة والازدهار.

أطباق أخرى مثل: خورش قورمه سبزي، دلمه ورق العنب، خورش قيمه، كلم پلو، الكفته المحلية، ترشي تره مع السمك، وأيضًا آبگوشت (مرق اللحم التقليدي).

تقاليد زراعة "السبزة"

قبل أيام من النوروز، كان الإيرانيون القدماء يقومون بزراعة "السبزة" (البذور الخضراء) كتقليد يرمز إلى النمو والبركة. كانوا يستخدمون مجموعة متنوعة من الحبوب مثل القمح، الشعير، الأرز، الفاصولياء، العدس، الذرة، الحمص، السمسم، والفول، حيث يُعتبر نمو كل نوع منها فألًا حسنًا يعكس الرزق والخصوبة في العام الجديد.

زراعة "السبزة" ورمزيتها

كانت العائلات الإيرانية تقليديًا تزرع ثلاث أوعية من القمح والشعير والدُخن، ترمز إلى:

"هومت" (التفكير الحسن)

"هوخت" (الكلام الحسن)

"هوورشت" (السلوك الحسن)

وكان يُعتقد أن أرواح الأجداد تساعد في ازدهار هذه النباتات، مما يجلب البركة والنمو في العام الجديد.

تقاليد تنظيف المنزل ("خانه تكاني")

من أبرز عادات النوروز "خانه تكاني"، والتي تعني تنظيف وتجديد المنزل قبل حلول العام الجديد. لا تقتصر هذه العادة على إيران، بل تشمل أيضًا مختلف الشعوب التي تحتفل بالنوروز.

يقوم الناس خلال هذه الفترة بتنظيف شامل لكل أركان المنزل، وغسل الأثاث، وأحيانًا إعادة طلاء الجدران، لا سيما في الغرفة التي توضع فيها مائدة "هفت سين". كما كانوا في الماضي يتخلصون من الأدوات القديمة واستبدالها بالجديدة، وكسر الأواني الفخارية اعتقادًا بأنها تحمل طاقة سلبية من العام الماضي. وكانوا يُعيدون صقل الأواني النحاسية، وتلميع الفضة، وتنظيف السجاد لإزالة غبار السنة الماضية.

إشعال النار (مراسم "چهارشنبه سوري")

من الطقوس القديمة المتبعة في بعض المناطق إشعال النار، وهو تقليد ما زال متبعًا في إيران، أذربيجان، وأجزاء من أفغانستان. يتم الاحتفال به في آخر أربعاء من السنة الفارسية، ويُعرف باسم "چهارشنبه سوري"، حيث يشعل الناس النيران ويقفزون فوقها مرددين عبارات تدل على التخلص من السلبيات واستقبال العام الجديد بطاقة إيجابية.

العيدية في النوروز

يُعد تقديم العيديات للأطفال والصغار من أجمل تقاليد النوروز. العيدية قد تكون نقودًا جديدة غير مطوية، أو هدايا مغلفة مثل الملابس، الكتب، أو الألعاب، ويحرص الكبار على تجهيزها مسبقًا لمفاجأة الأطفال وإدخال الفرح إلى قلوبهم.

الزيارات العائلية 

تُعد الزيارات العائلية من أهم سمات الثقافة الإيرانية، وتصبح أكثر أهمية خلال احتفالات النوروز. يزور الصغار أفراد العائلة الأكبر سنًا احترامًا لهم، ويتبادلون التهاني والدعوات بعام سعيد ومبارك.

إحياء ذكرى المتوفين

كان الإيرانيون القدماء يؤمنون بأن أرواح الأجداد ("فروهر") تعود إلى الأرض خلال النوروز. لذلك، كانوا يحرصون على تنظيف المنازل، وإشعال البخور مثل المسك والعنبر، وإضاءة الشموع والمصابيح للترحيب بأرواح أحبائهم الراحلين.

كما كانت العائلات تطهو أشهى الأطعمة وتقدمها عند قبور أحبائهم، ويُعرف اليوم السابق للنوروز بـ "عرفه" أو "علفه"، حيث يزور الناس من فقدوا فردًا من عائلتهم خلال العام المنصرم للدعاء له. لا يزال جزء من هذا التقليد حاضرًا، حيث يزور الإيرانيون المقابر في آخر ليلة جمعة قبل النوروز، حاملين الزهور، لا سيما زهرة السنبل، للدعاء لأرواح أجدادهم وطلب الرحمة لهم.

ارتداء الملابس الجديدة

يُعبر ارتداء الملابس الجديدة عن بداية عام جديد مليء بالحيوية، وهو تقليد مستوحى من تجدد الطبيعة في الربيع.

إضاءة المصابيح 

إضاءة المصابيح والفوانيس كانت من العادات القديمة في احتفالات النوروز. في العصور الآرية، كان الناس يشعلون المشاعل على أسطح المنازل والقلاع، أو يعلقون المصابيح عند مداخل بيوتهم احتفالًا بحلول السنة الجديدة.

حاجي فيروز: مبشّر النوروز

يُعرف "حاجي فيروز" بأنه شخصية تقليدية تظهر مع اقتراب النوروز، وهو رجل بوجه أسود يرتدي ملابس حمراء، يغني الأغاني الشعبية ويبشر الناس بقدوم العيد، بينما يحصل على هدايا ومكافآت رمزية من الناس.

نوروز خواني (الإنشاد التقليدي للنوروز)

يُعد "نوروز خواني" تقليدًا غنائيًا قديمًا كان منتشرًا في أنحاء إيران، وما زال مستمرًا في محافظات مثل مازندران وجيلان. يقوم "نوروز خوانان" بالتنقل بين القرى والمدن قبل حلول الربيع، ويرددون أشعارًا تمدح النوروز وتصف جمال الطبيعة، غالبًا باللهجة الطبرية أو الجيلكية.

الحلويات الخاصة بالنوروز

في الماضي، كانت العائلات الإيرانية تخبز الحلويات التقليدية والخبز الخاص بالنوروز قبل العيد، ترحيبًا بأرواح الأجداد. اليوم، مع انتشار الحياة المدنية، يشتري الناس الحلويات والمكسرات الجاهزة لاستقبال الضيوف، بينما لا تزال بعض العائلات في القرى تحافظ على تقليد إعداد الحلويات في المنازل.

"سيزده به در": توديع النوروز بالطبيعة

يُختتم النوروز في إيران بيوم "سيزده به در"، وهو اليوم الثالث عشر من شهر فروردين، حيث يخرج الناس إلى الطبيعة للاحتفال، إذ يُعتقد أن البقاء في المنزل في هذا اليوم يجلب سوء الحظ.

يتوجه الإيرانيون إلى الحدائق، والغابات، والمناطق الريفية، حيث يقيمون النزهات، ويستمتعون بالألعاب والرقص والأطعمة التقليدية. ومن الطقوس الشهيرة في هذا اليوم "ربط العُشب" (گره زدن سبزه).

/انتهى/

الأكثر قراءة الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
أهم الأخبار ثقافة ، فن ومنوعات
عناوين مختارة