المحلل السياسي علي فرحات لـ "تسنيم": المقاومة قالت كلمتها: "لن نترك الإحتلال الإسرائيلي يستبيح أرض لبنان"
في حوار مع المحلل السياسي والإعلامي اللبناني علي فرحات تطرقنا الى الخروقات الإسرائيلية التي يمارسها العدو في لبنان وموقف المقاومة من هذه الإعتداءات المستمرة، وعن غزة وفلسطين واستمرار الإبادة الجماعية الى اليمن وجبهة الإسناد التي تحمل قضية غزة إنسانياً وتدافع عنها والضباب السياسي الذي يحكم سوريا وتحقيق حلم الكيان الإسرائيلي بتدمير البنية العسكرية والبحثية في سوريا.
بعد أكثر من 450 يوماً على حرب الإبادة في غزة لا يزال العدو الإسرائيلي يواصل سياسة الإبادة الجماعية والقتل الممنهج داخل القطاع، ورغم مرور أكثرمن شهر على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الإسرائيلي لا يزال الكيان الصهيوني يمارس يومياً العديد من الإنتهاكات والإعتداءات الجوية والبرية في كل لبنان، ويقوم بتنفيذ ضربات عسكرية دون العودة إلى لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، ذلك أن هذا الكيان يعوّل على الأوضاع الجديدة التي طرأت على الساحة السورية وحليفه الأميركي ونظرته الى الوضع القادم والمستقبلي في سوريا. وفي مقابل كل هذا لا يزال اليمن حديث العالم، الجبهة التي تضغط على الكيان وتعزز صمود الشعب الفلسطيني من خلال تزايد العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية.
حول المشهد العام في المنطقة بعد كل هذه التغيرات واستمرار حرب غزة والإنتهاكات اليومية للكيان الإسرائيلي في لبنان واستمرار جبهة اليمن واخفاقات الكيان الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة كان حوار مع الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني من البرازيل علي فرحات.
العدو الإسرائيلي يستغل الظروف السياسية اللبنانية والإقليمية لتمرير كل مشاريعه
من لبنان كانت البداية في اللقاء، مع استمرار الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، قال فرحات بأن الكيان الإسرائيلي يعقتد الآن بأن الفرصة سانحة له من أجل أمرين، إبطال جبهة الجنوب اللبناني، جبهة شمال فلسطين، والثاني إظهار صورة إنتصار بعد الإخفاقات الكبيرة التي عانى منها أثناء الحرب على لبنان، وفي كل هذه الصور يريد الإحتلال الإسرائيلي إبراز مظهر القوة وإبراز الإنتصارات التي لم يستطع أن يحققها وفرض أمر واقع على الجنوب اللبناني واستغلال كل الظروف السياسية الداخلية اللبنانية والخارجية والإقليمية أيضاً من أجل تمرير كل هذه المشاريع، لكن اعتقد بأن هذه المناورات الإسرائيلية الآن هي برسم اللجنة الخماسية ورسم المجتمع الدولي الذي يرى هذه الإنتهاكات المستمر والإعتداءات ونسف البيوت والمساجد والمؤسسات الرسمية تحت شعار بأنه يقوم بنزع السلاح في منطقة شمال الليطاني.
وفيما ما إذا كان جيش الإحتلال الصهيوني سينسحب من القرى التي يتمركز فيها تنفيذاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار بعد مرور مهلة الستين يومًا المتفق عليها، يرى فرحات بأن هناك ثلاثة سيناريوهات في هذا المجال، السيناريو الأول اجبار العدو الإسرائيلي على الإنسحاب من الأراضي اللبناني خصوصاً وأن المقاومة قالت كلمتها في هذا الأمر، صحيح أن المقاومة تراعي الأجواء الداخلية ومعاناة الشعب اللبناني، إلاّ أن المقاومة في لبنان أكدت ان بقاء العدو بعد هذه المهلة سيعيد موضوع الحرب وستكمل المقاومة مهمتها في الدفاع عن لبنان وعن الأراضي اللبناني وعن الشعب اللبناني.
اما السيناريو الثاني هو عمليات الممطالة وتمديد هذه المهلة وهو ما يحاول أن يلمح إليه الإسرائيلي الآن وبالتالي يمكن أن يلجأ العدو الإسرائيلي الى مثل هذه الأمور الآن، خصوصاً وأن كل تاريخ هذا العدو يدل على أنه لا يلتزم لا بقرارات ولا بإتفاقات، اما السيناريو الثالث وهو الأخطر، الذي حاول بعض المسؤولين الأوروبيين التلميح له في لبنان بأن العدو الإسرائيلي قد يلجأ إلى استمرار الحرب في لبنان خصوصاً وأن هناك ظروف موضوعية يراها فيما خص إقفال الممر السوري الذي كان ممراً استراتيجياً للمقاومة اللبنانية وهناك احتمالية بأن يعاود نتنياهو وجيشه عبر الخروقات الكثيرة التي يمكن أن يستفز فيها الطرف اللبناني، مع اني اعتقد أن الحسابات الإسرائيلية والأميركية بالتحديد قد لا تتلاءم مع الخيار الثالث مع أن كل الخيارات مطروحة مع أنه لا يوجد ثقة بهذا العدو.
العدو الإسرائيلي يرسم مصيراً تدميراً لكل شيء في فلسطين
وإلى غزة وفلسطين ومواصلة العدو الصهيوني ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، واستمراره بهذا الجنون، قال فرحات أن العدو الإسرائيلي يسعى الى عملية ابادة جماعية في غزة، ويريد أن يحتل هذه المنطقة ويريد ان يحولها كما قال بنيامين نتنياهو وكثير من وزراءه الإرهابيين، لا أؤيد مسألة المتطرفين لأن هناك تطرفاً إسرائيلياً بشكل كامل، لكن هؤلاء الوزراء الإرهابيين الذين يدعون الى قتل جماعي في غزة، هم لا يريدون لهذه المنطقة أن تقوم قيامتها من جديد، ولا يريدون للشعب الفلسطيني أن يقاتل أو أن يكون لديه روح المقاومة، وبالتالي هي صورة يريدون أن يصدرونها الى الضفة الغربية والى كامل الأراضي الفلسطيني بأن اي مدينة فلسطينية أو قرية فلسطينية تريد أن تقاوم الإحتلال الإسرائيلي أو المدّ الإستيطاني أو الإستفزازت الإسرائيلية سيكون مصيرها كمصير غزة، مصير تدميري ومصير قتل جماعي.
وفيما يخص ملف الأسرى واستشهاد الأسرى داخل سجون العدو يومياً، وعمل هذا العدو على تصفية الأسرى بشكل ممنهج وعلني وتداعيات هذه الخطوة، اكّد فرحات ان هذه الخطوات والممارسات هي من سلسلة الإرهاب الإسرائيلي الذي يمارسه على المقاومة وعلى المقاومين، وأيضاً رسالة ترهيبية، لكن السؤال الأساس هو للإدارة الأميركية التي دائماً تتحدث عن وجوب إطلاق الإسرى الصهاينة من قطاع غزة، ألا تنظر هذه الإدارة الى الأسرى الفلسطينين والمعاناة المستمرة منذ اغتصاب ارض فلسطين حتى الآن، "اسرائيل" لا تهاب اي شيء في العالم وبالتالي هي تمارس كل هذه الممارسات الوحشية لأنها تعرف ان العالم يدافع عن "اسرائيل" والعالم لا ينظر الى الفلسطينيين بنفس النظرة التي ينظر فيها الى الإسرائيليين.
اليمن يرفع صوت مناصرة فلسطين إنسانياً والكيان الإسرائيلي يجند حلفاءه للضغط على حركات المقاومة
وفي اليمن، مع تكثيف القوات المسلحة اليمنية من عملياتها المساندة لغزة في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد بوتيرة غير مسبوقة عمقت مدى الإحباط لدى العدو الإسرائيلي، وكيف تكرس هذه العمليات العسكرية المتواصلة في عمق الكيان الصهيوني معادلة إسقاط الردع الصهيوني، يرى فرحات أن اليمن يريد أن يقول الآن بأن استفراد العدو الإسرائيلي بشعب غزة في فلسطين المحتلة هو ممنوع، ويجب أن يكون في هذا العالم طرف يدافع عن هذه القضية ويرفع الصوت في هذا الأمر مع التخاذل العربي الكبير والتآمر العربي والإسلامي للأسف الشديد، يبقى محور المقاومة على الرغم من التضحيات الكبيرة بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية واليمن والمقاومة في لبنان، لذلك أعتقد أن اليمن في هذه الرسالة يكسر هذا الصمت العالمي ويكسر الصمت الإسلامي المتواطىء مع المجازر الإسرائيلية رغم كل الظروف والأثمان التي يدفعها اليمنيون، وعلى الرغم من هذه الصورة الإرهابية التي يصدرها العدو الإسرائيلي من خلال الردّ اللامتناسب على اي عملية تستهدف الكيان الإسرائيلي، إلاّ أن الشعب اليمني رغم أوضاعه الإقتصادية والحصار عليه ورغم الإعتداءات الأميركية والعربية عليه هو يحاول الآن أن يناصر هذه القضية الفلسطينية وبالتالي أعتقد انها من اللمعات الكبيرة التي يمكن لليمنين أن يفتخروا بها حيث كانوا من الذين ناصروا القضية الفلسطينية ودافعوا عن الفلسطينين بل دافعوا عن الإنسانية في ظل هذه المجازر في ظل تواطىء عربي غير مبرر على الإطلاق.
أما كيف تترك العمليات العسكرية أثرها على حلفاء الأمريكان والصهاينة، يقول فرحات بانه بلا شك الآن الولايات المتحدة الأميركية، او الكيان الإسرائيلي يحاول أن يجند كل حلفاءه من اجل الضغط على حركات المقاومة التي تؤذي المشروع الإسرائيلي وتناصر القضية الفلسطينية، والمقاومة اليمنية احرجت كثيراً الدول العربية والإسلامية التي تأتي في ضوء التحالف الأميركي الإسرائيلي، وهذا الإحراج الكبير الذي تسببت به هذه المقاومة بهذه القيادات السياسية أمام شعوبها جعل منها عدواً أساسياً أمام هذه الحملات الإعلامية الكبيرة وشيطنة حركات المقاومة من بعض الدول العربية والإسلامية من أجل تسخيف العمل المقاوم الذي تقوم به المقاومة في لبنان والعراق واليمن.
هذه عملية التسخيف تأتي ضمن مشروع الرد والإحراج أسستها، حيث أن الدول العربية والإسلامية كانت تقول بأن لا قدرة لها على الحرب ضد الكيان الإسرائيلي وضد الولايات الأميركية، وأثبتت حركات المقاومة بان هذا الكيان يمكن أن تهزمه هذه الدول إذا ما اجتمعت في محاربته أو على الأقل في دعم حركات المقاومة، لكن اعتقد ان تجييش كل هذا الحلف يأتي من أجل تسخيف العمل المقاوم الذي أصاب العدو الإسرائيلي وأصاب الولايات المتحدة.
الضباب السياسي يحكم سوريا وأميركا تريد نظاماً ينفذ أجندتها
وفي المشهد السوري وما يجري داخل سوريا والمعادلة التي ستحكم السيناريوهات المقبلة، قال فرحات بأن الصورة حتى الآن ضبابية جداً، لكن ما نستطيع قراءته من المشاهد الأولى، بأن المشروع التركي الذي يسيطر على الإدارة السياسية السورية في هذا الوقت قد حدد استراتيجيته بتحييد سوريا عن القتال او مجابهة الأطماع الإسرائيلية أو مساندة القضية الفلسطينية، وبالتالي اعتقد أن ما يحكم سوريا هو ضبابية سياسية، عدم وجود مشروع سياسي جدي حتى الآن، وعملية فوضى في الداخل، ونرى العمليات الإنتقامية داخل سوريا وتفلت للمجموعات المسلحة في الداخل السوري وهو ما يؤثر على هذا النسيج السوري وهذه التعددية السورية وبالتالي يؤسس لفتنة داخل سوريا ولتقاتل داخلي قد يعيد سوريا الى مشهدية مظلمة جداً من التقاتل والتناحر والحرب الأهلية.
وحول الرؤية الأميركية لسوريا بعد الأسد وأولويات واشنطن في المنطقة، قال فرحات أن الأهم بالنسبة لواشنطن في هذا الأمر هو أمن "اسرائيل"، فطالما الأمن الإسرائيلي محفوظ فالولايات المتحدة الأميركية تعتبر بأن اي منظمة أو اي مجموعات تحكم سوريا ليس لديها مشكلة في الأمر، نحن نعرف أن أميركا تحمل شعار الديمقراطية في العالم، وهي في الوقت نفسه تؤسس للإنقلابات العسكرية، وما شاهدناه في أميركا اللاتينية من عدة انقلابات يقول بأن أميركا لا تهتم بالموضوع الديمقراطي، لذا ما تريده أميركا في سوريا هو حماية أمن "إسرائيل" والمصالح والحفاظ على مصالحها وبالتالي هي تلجأ الآن الى عملية ابتزاز للإدارة السورية الجديدة من خلال تمديد قانون قيصر، لذلك أعتقد اذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تقول بأن النظام السابق في سوريا كان متورطاً في عمليات "اسرائيل" وبالتالي استحق قانون قيصر فما هو المنطق والحجة لبقاء هذه العقوبات الآن، خصوصاً وأن هناك تطمينات من داخل الحكومة السورية الحالية بأنها تريد سلاماً مع "اسرائيل" وانها لا تريد أن تدخل في الصراع معها خصوصاً ما قاله قائد ما يسمى "الثورة السورية" احمد الشرع بأن الثورة السورية منعت حرباً إقليمية على "اسرائيل" وبالتالي أعتقد أن الأميركيين الآن يقومون بحسابات دقيقة فيما يخص سوريا، هم يريدون نظاماً مطواعاً كاملاً لأميركا ينفذ الأجندة الأميركية وبالتالي هم يستطيعون دعمه او حمايته في المنطقة.
ضرب البنية العسكرية السورية كان جزءاً من الحلم الإسرائيلي وتم تحقيقه
في موضوع الكيان الصهيوني، واعترافات الكيان بمجموعة من النقاط المهمة، من عدم قدرة المستوطنين من العودة الى الشمال وإخفاقات الحكومة الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، أكّد المحلل السياسي علي فرحات بأن المستوطن الإسرائيلي المحتل لا يرى أمناً في هذه المناطق وأصبح يعتبر من كل ما حصل في غزة وما حصل في لبنان، ويعرف أن الإسرائيلي يكذب عليه وان حكومته تكذب عليه، وبالتالي يعرف ان المقاومة في لبنان لم تنته، وحتى آخر لحظة ما قبل وقف اطلاق النار كانت صواريخ المقاومة تصل الى كل المناطق الإسرائيلية بأهداف محددة وبأهداف تصيب بشكل دقيق جداً، لذلك المستوطن الإسرائيلي مدرك أن عودته لا يمكن أن تكون إلاّ ضمن ضبابات كبيرة جداً، لذلك يلجأ العدو الإسرائيلي الى هذه التجريفات التي يمارسها على أرض الجنوب لإيصال صورة الى المستوطن الإسرائيلي بأنه أصبح آمناً، لكن دعيني أقول بأن المستوطنين الإسرائيليين بدأوا ينظرون الى هذه المنطقة كمنطقة غير آمنة، وبالتالي هذا سيهدد حتى الموضوع الإقتصادي خاصة أن المنطقة الشمالية لفلسطين المحتلة هي منطقة إقتصادية كبيرة جداً، لذلك المستوطن الإسرائيلي فقد الأمل في هذه المنطقة.
وعن الممارسات الإسرائيلية تجاه سوريا من تدمير للقدرات الإستراتيجية للجيش العربي السوري الى انهاء اتفاقية فضّ الاشتباك مع النظام السوري والموقعة عام 1974، الى احتلال ما يقارب 440 كم² من الأراضي السورية، أضاف فرحات بأن ما حصل هو جزء من الصفقة، ولا استطيع ان افهم كيف يقول بنيامين نتنياهو "لقد اسقطنا نظام الأسد" ومن ثم يقول وزير خارجيته أيضاً ان " اسرائيل" أسقطت نظام الأسد" ، وهنا السؤال من أسقط نظام الأسد؟ يبدو انه كان هناك اتفاقاً تركياً – اسرائيلياً - أميركياً على اسقاط هذا النظام من خلال ضخّ الكميات الكبيرة من الأموال والترهيب للجيش السوري السابق، وان جزء من الثمن الذي يتقاضاه كل الأطراف الآن هو احتلال الأراضي السورية (440 كلم) وأيضاً التدخلات اليومية في الداخل السوري، أما عن ضرب البنية العسكرية السورية هذا كان جزءاً من الحلم الإسرائيلي من أجل تحويل كل دول المنطقة المحاذية لهذا الكيان الى دول ضعيفة جداً على غرار الدولة اللبنانية حيث يمنع الجيش اللبناني أن يتسلح بأي سلاح ثقيل يمكن ان يؤثر على الكيان الإسرائيلي، هم يريدون ان تكون هذه الدول المحيطة بالكيان الإسرائيلي دولاً هشّة وضعيفة وليس لها اي امكانيات عسكرية واستغلت "اسرائيل" هذه الفترة وهذا الإتفاق الذي اعطاها واؤكد ان هناك صفقة معينة في هذا الموضوع، اعطاها الحق بتدمير هذه الإمكانيات العسكرية السورية حيث كان هناك صمتاً مريباً، حتى موضوع الإدانة لم نجد ادانة وازنة في هذا الأمر وهذا ما يدل على ان "تحكمون سوريا مقابل أن تأخذ كل الأطراف التي شاركت في اسقاط النظام السوري حصتها"، تركيا اخذت حصتها والكيان الصهيوني أخذ حصته والولايات المتحدة الأميركية عززت وجودها وبالتالي أصبح الأمر واضح ومكشوف بأن كل من ساعد الإطاحة بالنظام السابق استطاع أن يأخذ أجره.
إنتهى/